ليس معني انتهاء أيام العيد أن ينصرف الناس عن حكمة العيد وآدابه. فآثار العيد يجب أن تظل باقية مع الإنسان حيث يحل بالبشرية عيد جديد والعيد الذي قضينا أيامه في هذه الآوانة هو عيد للإنسانية جمعاء ولأنه يعني التضحية من أجل طاعة الله تعالي حيث قال سيدنا إبراهيم عليه السلام لابنه إسماعيل عليه السلام: "يا بني إني أري في المنام أني أذبحك فانظر ماذا تري" وإبراهيم لم يكن يعني بهذا السؤال أخذ رأي ابنه في الواقعة التي أوحي إليه بها لأنه سيذبحها طاعة لأمر الله حيث إن رؤيا الأنبياء حق. وإنما كان يريد أن يؤنسه بالحدث الذي ينفذه كما أمره الله به في منامه. وهذا إيناس بالفاجعة التي تحولت إلي نعمة من نعم الله علي الأب وابنه معا حيث أنعم الله عليهما بالقبول فخفف عنهما الموقف وأنعم عليهما بنعمة القبول حيث أطاعا أمر الله سبحانه وتعالي. وعجبا ألا تكون طاعة الله موضع اختبار من العبد فالطاعة لله أمر يجب أن يحفه القبول والرضا حتي ولو كان في مثل هذا الاختبار الصعب إذ ليس أشق علي الإنسان من أن يذبح ولده وفلذة كبده الذي يري نفسه فيه وكل أب يحب أن يري ابنه يكبر ويشب ويصبح صالحاً لتحمل الرسالة من بعده. وطاعة الله لا تؤدي إلا إلي خير حتي ولو كانت محفوفة بالمشقة الغالبة. والله سبحانه وتعالي يأمرنا مثلاً بالجهاد في سبيله. والجهاد يعني القتال بكل ألة من شأنها القتل. وكل قتيل في الجهاد من أجل رسالة الله. موعده الجنة. فالجهاد يعني المشقة حتي القتل وتسليم الروح ولكنه يؤدي بعد ذلك إلي الجنة التي أعدها الله لمن يموتون في سبيله. ونحن الآن في الأيام التالية ليوم العيد ولا يزال نعيش في ذكريات هذا العيد الذي أطلق عليه في الإسلام عيد الأضحي. والمسلمون في هذا العيد أراقوا دم الحيوان الذي أحله الله للإنسان بديلاً عن إراقة دم الأبناء كما أنعم الله علي سيدنا إبراهيم فشرع الأضحية في رسالته. وظلت هذه الشعيرة باقية في الإسلام وستظل باقية حتي يرث الله الأرض ومن عليها. وعيد الأضحي منارة للإنسان المسلم يهتدي بها في حياته فسيضحي بالغالي والنفيس من أجل طاعة ربه. وهي طاعة تعني سعادة الإنسان في الدنيا والآخرة.