عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير.. أسعار الذهب اليوم الإثنين 29 أبريل في مصر بيع وشراء    شهداء وجرحى بينهم أطفال ونساء جراء قصف إسرائيلي لمنزل غرب قطاع غزة    "بلومبرج": الولايات المتحدة تضغط من أجل هدنة في غزة وإطلاق سراح الرهائن    ميدو: سامسون أكثر لاعب تعرض للظلم في الزمالك    بسبب واقعة «الشورت».. عمرو أديب يهاجم نجما الأهلي والزمالك ويطالب بمعاقبتهما (فيديو)    إخلاء سبيل سائق سيارة الزفاف المتسبب في مصرع عروسين ومصور ب قنا    الأرصاد الجوية تكشف حالة الطقس اليوم الإثنين وتُحذر: ظاهرة جوية «خطيرة»    خلال 24 ساعة.. أمن قنا ينجح في تحرير طفل مختطف ويضبط الجاني    أشرف زكي: الفن مفهوش واسطة وإذا تدخلت لتشغيل الممثلين إهانة لهم (حوار)    «حياة كريمة».. جامعة كفر الشيخ تكرم الفريق الطبي المشارك بالقوافل الطبية    الاقتصاد الأمريكي يحتاج لعمال.. المهاجرون سيشكلون كل النمو السكاني بحلول 2040    وزير الاتصالات: 170 خدمة رقمية على بوابة مصر الرقمية    ربان الكنيسة السريانية الأرثوذكسية في مصر يحتفل بعيد الشعانين ورتبة الناهيرة    البابا ثيودروس الثاني يحتفل بأحد الشعانين في الإسكندرية    مقتل 3 من قوات الاحتلال وإصابة 11 آخرين بانفجار عبوة ناسفة في غزة    مناطق روسية تتعرض لهجمات أوكرانية في مقاطعة كورسك    فيصل مصطفى يكتب: عجلة التاريخ    معاداة الصهيونية.. انقسام جديد يهدد النواب الأمريكي    حزب الله يعلن استهداف 4 مواقع عسكرية إسرائيلية على حدود لبنان    سرايا القدس تعلن قصف تجمع لجنود الاحتلال في جنود غزة    الاستعداد للعريس السماوي أبرز احتفالات الرهبان    بالصور.. الوادي الجديد تستقبل 120 طالبًا وطالبة من كلية آداب جامعة حلوان    الاتحاد المغربي: نُهنيء نهضة بركان بالتأهل لنهائي الكونفدرالية أمام الزمالك    "مضغوط بقاله فترة ".. الزمالك يعلن موقفه من شلبي بعد احتفاله أمام دريمز    كواليس جلسة استماع محمد الشيبي أمام لجنة الانضباط    ميدو: لو كنت مسؤولًا في الأهلي لعرضت عبد المنعم على أخصائي نفسي    بعد المشادة مع كلوب، ليفربول يفتح باب العروض لبيع محمد صلاح    تعليق لميس الحديدي على وصول الزمالك لنهائي كأس الكونفدرالية الإفريقية    هل يؤثر تراجع الطلب على الأسماك في سعر الدواجن.. مسئول بالاتحاد العام للدواجن يجيب    مصطفى عمار: الدولة خلال 2024 تضع على عاتقها فكرة التفكير في المستقبل    المهندس خالد عباس يكشف عدد سكان العاصمة الإدارية    مصرع شاب في انقلاب سيارة نقل بالوادي الجديد    إصابة 12 شخصًا اختناقاً بالكلور داخل محطة مياه في قنا    مصرع 5 أشخاص صدمهم ميكروباص على الصحراوي الشرقي جنوبي المنيا    حالة الطقس اليوم الإثنين 29_4_2024 في مصر    ضربة للمحتكرين.. ضبط 135 ألف عبوة سجائر مخبأة لرفع الأسعار    4 مليارات جنيه لاستكمال المرحلة الثانية من مبادرة حياة كريمة لعام 24/25    على مدار نصف قرن.. سر استمرار الفنان سامي مغاوري في العمل بالفن    صورة نادرة للإعلامية منى الشاذلي بالجامعة والفنانة فاطمة محمد علي تكشف قصتها    ندوة حول تطور أذواق المستهلكين بالمؤتمر الدولي للنشر بأبوظبي    كانت هتعيط.. أول تصريح من ياسمين عبد العزيز على انفصالها من العوضي|فيديو    حدث بالفن| وفاة والدة فنان وأزمة بين بسمة وهبة وفنانة شهيرة وإيران تمنع مسلسل مصري من العرض    نجوى كرم تشوق الجمهور لحفلها في دبي يوم 3 مايو    عمرو أديب يكشف تفاصيل إصابته ب جلطة في القلب    الإفتاء توضح حكم تخصيص جزء من الزكاة لمساعدة الغارمين وخدمة المجتمع    دعاء في جوف الليل: اللهم جُد علينا بكرمك وأنعم علينا بغفرانك    3 حالات لا يجوز فيها الإرث شرعًا.. يوضحها أمين الفتوى    وزير الاتصالات: التعاقد مع 60 شركة لتوفير 65 ألف وظيفة للشباب    أبرزها كورونا.. أستاذ مخ وأعصاب يكشف أسباب زيادة معدلات الإصابة بجلطات المخ والقلب    طريقة تحضير بودينج الشوكولاتة    الكشف المبكر عن سرطان الكبد.. أسترازينيكا مصر: فحص 30 مليون مصري بحلول عام 2030    محافظ بني سويف يلتقى وفد المجلس القومي لحقوق الإنسان    وظائف خالية ب الهيئة العامة للسلع التموينية (المستندات والشروط)    في أحد الشعانين.. أول قداس بكنيسة "البشارة" بسوهاج الجديدة |صور    محمد أبو هاشم: حجاج كثر يقعون في هذا الخطأ أثناء المناسك    منها تناول السمك وشرب الشاي.. خطوات هامة للحفاظ على صحة القلب    بروتوكول بين إدارة البحوث بالقوات المسلحة و«التعليم العالي»    خلال افتتاح مؤتمر كلية الشريعة والقانون بالقاهرة.. نائب رئيس جامعة الأزهر: الإسلام حرم قتل الأطفال والنساء والشيوخ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كل عام والفرحة أكثر
نشر في المصريون يوم 19 - 11 - 2010

أستأذ ن القارئ الكريم أن أبدأ مهنئا و مذكرا، فأزف إليه التهنئة بالعيد قبل أن تنتهي فرحته. كما أزفها أيضا لأسرة التحرير ولكل العاملين في " المصريون" صحيفة الكلم الطيب والقلم الحر والفكر النظيف والجاد.
وأذكرالقارئ بأن إدارة التحرير تفضلت مشكورة فمنحتنى شرف توجيه التهنئة للقراء بمقال إضافي خلال هذا الإسبوع، هو هذا المقال ، ومن ثم فإن الجزء الثانى من مقال : "لسنا هناك.... ولكنا معهم" سينشر إن شاء الله في موعده المحدد يوم الخميس القادم .
• فى حياة كل أمة مجموعة من الثوابت التقت عندها إرادة الأفراد تلاقيا حراً ، واجتمعت عليها إرادة الأمة بحيث أضحت هذه الثوابت تشكل القسمات العامة لهذه الأمة ، وحين يذكر العيد عيد فطر أو عيد الأضحى تستدعى الذاكرة على عجل تلك المعاني العظيمة التى ارتبطت فى وجدان الإنسان وتاريخه بهذه المناسبة.
• غير أن هذه المعاني تختلف عن كل معنى يرد إلى الذهن أو يدور فى الخاطر، ذلك لأنها معان لم تلتق فيها إرادة البشر فقط ،وإنما التقت فيها إرادة الله التشريعية بإرادة البشر طاعة وامتثالا، فكونت تلك الصورة الرائعة والنموذج الفذ لإرادة الإنسان في الارتقاء والسمو والاستعلاء على أقوى الغرائز الضرورية وأكثرها ضغطا، كما يحدث عقب الصيام في عيد الفطر، وسواء كان الثمن تضحية بالطعام والشراب والجنس ، كما هو الحال في عيد الفطر، أو كان الثمن تضحية بالزوج والولد وتركهما في صحراء جرداء بغير طعام أو شراب ، ثم الاستجابة للأمر الإلهى بذبح الإبن بعدما بلغ معه السعى كما حدث لخليل الله إبراهيم، وتلك بعض المعانى من عيد الأضحى تسجل تخليداً لدور الصبر في سمو الإنسان وقدرته على تغيير نفسه من جهة، وتغيير البيئة المحيطة به من جهة ثانية إذا امتثل لأمر الله وأطاع ورضى في نفسه وأهله بقدر الله وقضائه.
• نتذكر تلك المعاني فنزهو ونعتز ونفتخر بإنسانية هذا الدين العظيم وقدرته على التغيير والتحويل والتبديل ، ونعود لحاضرنا فنخجل وتغص منا الحلوق حين نرى أننا قد ضيعنا أنفسنا يوم أن فرطنا في هذا الدين ، وأن أمم الأرض قد تنكرت لنا يوم أن أهملنا تعاليمه وتوجيهاته ، وعشنا على هامش الحياة غرباء عنه ننتمي إليه بالهوية شكلا ، ونتنكر له عملا وتطبيقا وموضوعاً .
• تروح بنا الذاكرة إلى الماضي الأغر والأعز ، وتجيء بنا الى حاضر ذليل مملوء بالحيرة والحسرة والضياع .
• تروح بنا الذاكرة عبر أريج ماضينا ، يوم أن كنا العالم الأول نحمى الحقوق ونصون الكرامات ، ونهدى الدنيا أجمل ما فقدته الدنيا حين غاب عنها الإيمان بالله، فغابت عنها طمأنينة النفس وسكينة الفؤاد ، وغاب عنها عقلها الواعي وضميرها الحي فتحولت إلى غابة، وحولت الحضارات إلى كيانات هامدة مثخنة بالجراح ، ثم جاء الإسلام فأيقظ بالنور أجفان الحياة ، وأعاد إليها توازنها المفقود ورشدها الغائب وضميرها الذي كاد أن يموت في زحام الصراعات وتحت ركام الخرائب التى خلقتها الحروب والأحقاد والضغائن .
• تروح بنا الذاكرة عبر تاريخنا التليد فنرى الأرض مشرقة بنور ربها، يقودها المسلمون وفى أيديهم كتاب تخشع منه الجبال، وتلين له الجلود ،وتنفتح له الصدور والقلوب ، فيحيل خرابها إلى عمران، وصحرائها إلى روضات وجنات ، فإذا الهوى أسطورة ، وإذا الهدى تسبيحة ،والكائنات صلاة . {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ }النور41
• وتجيء الذاكرة إلى الواقع حيث يستدير التاريخ فى غيبة الإسلام وخيبة المسلمين كهيئته الأولى، فتكون الغلبة للهوى ، واليسيطرة للشيخ المطاع، فئات من الناس تضل على علم ، وأخرى يختم لله منها على القلب والسمع ، ويجعل على البصر غشاوة ، فلا ترى إلا منافعها الخاصة ومصالحها الذاتية وشهواتها المتدنية ، وتضحي في سبيل ذلك بالمصلحة العامة أو مصلحة الأمة دون أن يقض لها مضجع أو يؤرق لها ليل أو حتى تخشى أن تتعرض للحساب والمؤاخذة، وكأن ضميرها قد مات، وكأن إحساس الأمة بضرورة الضرب على أيدي الظالمين والمحتالين قد تخدر وانحدر . نتذكر ذلك كله ونحن نستقبل فرحة العيد فتتوارى البسمة وتخجل الفرحة ويغيب السرور .
• نستقبل فرحة العيد مسرورين بتمام الطاعة فنتذكر إخوة لنا يئنون من الجوع أنين الملسوع ، يطوون بطونهم على فراغ، كما يطوون نفوسهم على حرمان ، ولا يسألون الناس إلحافا، نتذكر هؤلاء فنعرف أن تمام الطاعة لا يكتمل إلا بأداء الواجبات ، وأن الفرحة بقدوم العيد لا تكون ولا كانت ما لم يقتسمها الإنسان وأخيه الإنسان .
• نستقبل فرحة العيد مسرورين بتمام الطاعة فنتذكر إخوة لنا هم هنا بالقرب منا ، يعيشون تحت الحصار الظالم، يتطلعون لحياة طبيعية وملاذ آمن كسائر البشر ، فإذا بهم يقعون آسري فى أكبر سجن عرفه التاريخ ، مدينة تكتظ بالسكان ، تتحول إلى معسكر اعتقال لم تر الدنيا له شبيها أو نظيرا ، وعيون العالم تتعامى عن مأساة قرابة مليونين من البشر ، تهدم بيوتهم وتجرف أرضهم ويتعرض شبابهم للاغتيال في كل لحظة ، ومن سلم أو نجا من رصاصات العدو ،يموت جوعا ولا يجد حبات الدواء، حيث تغلق المعابر و ومعها تغلق منافذ الحياة ، فلا طعام ولا شراب ولا كهرباء .
• حياة أشبه بالموت تحت حصار العدو والشقيق، وليل يطول ظلامه الدامس تحت حراسة لا ترحم وتسويف يطول ويمتد وكأنه ليل الشتاء – نتذكر هؤلاء وواجبهم علينا فنستشعر حمق التقصير وفداحة الخطأ وعظيم الجرم، حين يسلم الأخ أخاه فيخذله ولا ينصره ، ويتخلى عنه ولا يؤدى له واجب الدفاع والبحث عن حل لمشكلته، فندرك ساعتها أن الإسلام سلوك قبل أن يكون كلاما وشعاراً، وأن الاهتمام بهموم الآخرين ودفع الأذى عنهم وإدخال السرور عليهم إنما هو لب الإسلام وصحيحه .
• نستقبل فرحة العيد مسرورين بتمام الطاعة فنتذكر إخوة لنا عضهم الفقر بأنيابه ، وساعد غياب التخطيط وغياب مآسيهم وهم ملايين عن بال السادة الكبار الذين يتنعمون في أبراجهم العاجية، فتركوا هؤلاء الفقراء يعيشون في المقابر، ويجاورون الموتى، وهم لا يزالون على قيد الحياة ويسكنون عشوائيات لا تصلح حتى للحيوانات ، يفتقدون فيها كل ضرورات العيش الطبيعى، فندرك أن كرامة العيش أول حقوق الإنسان ، وأن واجب أهل اليسار والسعة حق للآخرين وليس مجرد عطاء يجود به البعض إذا شاء ويمنعه إذا شاء ، نتذكر ذلك فتخجل الفرحة في قلوبنا وتفارق البسمة شفاهنا وتتحول الفرحة إلى منغصات وكدر.
• وندرك أن طراوة الحياة ورخاوة البيئة ورغد العيش الذى يستمتع به البعض ، لا كان ولا يكون إذا استمتع به من لا مروءة لهم ، ولا إنسانية لديهم ، ومن لم يشعر بمعاناة وظلم الآخرين ولا يهب لأداء واجبه تجاههم ، والدفاع عن قضاياهم لا يصح أن ينتمى إلى جنس البشر ، حتى لو ارتدى أعظم الثياب، وسكن أعلى القصور، واقتنى أحدث موديلات الجاكور والمرسيدس، لأن العبرة بالقلوب وما تحتويه من رحمة .
• طراوة الحياة ورخاوة البيئة ورغد العيش هنا يتحول قنطرة تصل بأصحابها في الآخرة إلى سواء الجحيم ، ثم هى لا ترد عنهم في الدنيا وصف الخيانة والعار ، مهما كانت أبهة القصور وزخارفها ،ومهما بلغ رصيد الحسابات السرية والمهربة في بنوك العم سام .
• المال الحرام هنا قد مال بأصحابه وانحرف بهم ، ولأنه تَكَوَّن من زواج بالسلطة غير شرعي استمتع به بعض المتنفذين فقد انتج فسادا في التصرف وسوءا في التوزيع ، وبدل أصحابه نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار ، وخسارة الأمة بهم فادحة ، فما كان يجب أن يصرف في إغاثة الفقراء وسد حاجتهم وإنقاذ سكان العشوائيات ،ونهضة الشعوب وتقدمها ،وحماية كرامة الإنسان، ونصرة المظلومين والمحاصرين ،وبناء المعاهد العلمية والمستشفيات ، ما كان يجب أن يصرف في كل ذلك تحول بالسفه والإسراف وسوء التربية وسوء الخلق ليكون وقودا لسهرات اليالي الحمر بين أحضان البغايا، فصرفت الملايين في تدليلهن تارة ، وإرضائهن بعد غضب تارة ثانية، ثم صرفت الملايين مرة ثالثة في الانتقام والثأر منهن بعد عصيان وهجران
• زواج رأس المال بالسلطة هنا أتاح الفرصة لطلاب المتعة الحرام والثراء السريع أن يغتصبوا أموال الدولة وأرضها في طول البلاد وعرضها بعقود تحمل معنى الاستهبال والاستعباط واستحمار الشعوب ، ثم تعالج الفضائح بمجرد حديث من بعض الرموز عن الفساد وأنه قد وصل الركب ، وهو تصريح لا يعدو إلا أن يكون نوعا من الاستهلاك المحلي يستعمل كمانعة الصواعق للتنفيس والتخدير والتسكين وامتصاص شحنات الغضب المقدس حتى لا تنفجر.
• وإذا تحدثت عن رخاوة القوانين الوضعية وافتقادها للحزم في معاملة المجرمين ، وافتقادها للرحمة في معاملة المجنى عليهم، وشرحت حاجتنا الضرورية لعدالة ديننا ، إذا تحدثت عن ذلك فأنت متطرف تستعمل شعار الإسلام هو الحل، ومن ثم تدخل في قائمة المرفوع والمنصوب والمجرور والمحظور.
• ملهاة ومأساة تلك التى تعيشها شعوبنا في بلادنا الحرة المستقلة تغتال منا فرحة العيد وتجعل لنا في كل لحظة أنس خجلا يخاصم الفرحة ويعكر حتى صفو الطاعة .
• نستقبل العيد فرحين بتمام الطاعة فنتذكر الأطفال في فلوجة العراق وقد دكتهم آلة الحرب دكا وحصدتهم حصداً ، واستعملت ضدهم قوى الشر أعتى وأشرس ما أنتجته مصانع الدمار فى حضارة العم سام ،لا بقصد معاقبة النظام الحاكم كما يدعون ويروجون وإنما بقصد إبادة شعب مسلم وتركيع أمة محروبة، والتنسيق يقوم على قدم وساق بين ما يحدث فى العراق وما يحدث فى فلسطين حيث آلة الحرب واحدة ، والهدف واحد والشيطان الذى يخطط ويعبث واحد أيضا
• وينظر المسلم يمنة ويسرة فلا يرى فى هيئة الأمم ومجلس الأمن إلا طنين الذباب، يغضب ويتحرك ويطبق عقوبات التجويع والحصار حين يكون الهدف بلدا مسلما، بينما تتحطم عظام البشر وتدمر البيوت على أصحابها ، وتحرق المدن والقرى ، ويحرم من بقى على قيد الحياة من وسيلة إسعاف ولو بحبة دواء واحدة، ثم لا تغضب هيئة الأمم ولا يتحرك مجلس الأمن – نتذكر ذلك فندرك أن من قيم الإيمان الصحيح أن تقرر أنت مصير ذاتك ، وأن تأخذ أنت المبادرة بالدفاع عن نفسك ودينك، وأن يكون لديك من الوسائل ما تفرض به احترامك على الآخرين، وأن تتعلم من خلال دينك والتجربة خير برهان، أنهم لن يسمعوا لك وأنت ضعيف ، ولن يحترموك وأنت هزيل، ولن يكفوا عن آذاك وإيذائك إلا إذا كنت قويا فى دينك ودنياك معاً.
• نستقبل العيد فرحين بتمام الطاعة نمد يد السلام للآخرين ونملأ الدنيا بحديث عنه كخيار استراتيجى، وحيد، ونصر على المفاوضات العبثية ؟ فإذا بهم يستهدفون وجودنا وحياتنا، ويطلبون رؤوسنا فى كل ميدان، حتى وهم يسنون القوانين ، فندرك أننا نعيش عصر التناقض بالثقافات والسخافات ، وأن القوانين التى تسن ضد الإرهاب قد خصصت للمسلمين فقط وحجزت لهم وحدهم دون سواهم.
• نستقبل العيد مبتهجين بتمام النعمة ، فنتذكر أن جراحنا لازالت تنزف فى القدس الشريف، وفى العراق وفي أفغانستان وفي كثير من بقاع الأرض، فندرك أن الشيطان قد أطل برأسه مشرئباً ، لا يرضى غرور القوة فيه إلا كل رؤوس المسلمين، وندرك أيضا أن من تمام الطاعة لله أن نكسر السكين قبل أن تجرى على عنق الضحية، وأن نقطع يد المعتدى ليدرك أن النار التى يشعلها ستحرق فى البداية أصابعه وتمتد إلى قلبه وأحشائه كلها إذا تجاوز أو تعدى ، وأن رجولة الإيمان لم تغب أبداً عن مجموع الأمة، وإن غابت عن بعض أفرادها فوقعوا من خوف الموت أسري للموت نفسه .
• نستقبل العيد مسرورين فننظر حولنا لننشر العطر والأزهار فى وجوه الآخرين، فلا نرى إلا التربص وتعمد الإساءة وزيادة الاستفزاز ،وكأن الآخرين قد أدركوا أن الأمة قد تاهت عن طريقها وانسلخت من دينها، وتلك فرصة الانقضاض والقضاء على ما تبقى ... نرى ذلك ونحسه ونستشعره فندرك انه لا طاعة إلا بالالتزام بقيم هذا الدين ، ولا خلاص إلا باللجوء إليه ،ولا سلام إلا بالعيش فى ظل مبادئه وشرائعه، ولا احترام لنا دون التمسك به والتشبث بتعاليمه وتوجيهاته .
• نستقبل فرحة العيد مسرورين بتمام الطاعة فنتذكر إخوة لنا وهم يستقبلون كل يوم وسائل القذف والتدمير وآلات الحرب، تسطو في بلادهم على كلى شئ ، فتدمر ما تبقى من دار، وتحرق ماتبقى من حقل، وتشق بقنابلها صدور ما تبقى من أطفال يتامى ونساء أرامل، وتلك آثار وثمار حضارة القوة المغرورة بغير حدود ، والتى باسم محاربة الإرهاب تشيع الإرهاب في كل موقع ، وتصدره لكل مواطن وتدفع بوصفه على كل من يعارضها .
• نستقبل فرحة العيد فنرى غرور القوة الظالمة وقد بلغ مداه ،فلم تعد تعمل إلا للتقسيم والتمزيق والتفريق والعبودية ،وتجند وتجرد كل ما لديها من أسلحة الدمار وأسلحة التدليس والكذب بالصوت والصورة ، فترفع شعارا تدعى به حماية الحريات وهى تغتال كل الحريات، وترفع شعار العدالة المطلقة لتغتال به كل عدالة الأرض ،وتستفرغ الهمة لإعزاز الأقوى وإذلال الأضعف وإشاعة الرعب والفتن بين الأمم والشعوب.
• شعار المسلم في أيام عيد الفطر وعيد الإضحى هو التكبير، وهو الهتاف الذى يملأ الوجود كله، وقبل أن يملأ الوجود كله تمتلئ به نفس المؤمن وكيانه ووجوده . الله أكبر الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلا الله ، الله اكبر ولله الحمد .
• هذا هتاف يتردد بين مضارب الخيام في منى أيام الحج، ثم هو يتردد على لسان المسلم في العيد في كل أرض الله ، ويردده معه الوجود والكون بأكمله ليؤكد أن الإيمان أقوى وأكبر من الزمن المخرب ، وأنه لا دين ولا مروءة لمن لا تشمئز نفسه من الدناءة بأنفة طبيعية ، ولا دين ولا مروءة لمن لا يحمل هموم الآخرين بقوة ثابتة,
• الله اكبر الله أكبر الله اكبر ، شعار نردده فندرك أنه لا طاعة إلا بالالتزام بقيم هذا الدين، ولا خلاص إلا باللجوء إليه ، ولا سلام إلا بالعيش فى ظل مبادئه وشرائعه ،ولا احترام لنا دون التمسك به والتشبث بتعاليمه وتوجيهاته.
• إن الاحتفال بالعيد يأتى بعد تمام الطاعة لله بالصيام والحج ، والفرحة به تجسد المعانى الكبيرة في الفداء والتضحية من أجل الحق ، بكل غال وعزيز، وتلك هى المواقف التى أرسى قواعدها وكان أول من تحملها كل من الجد والحفيد نبي الله إبراهيم ، وحفيده ووريثه خاتم الأنبياء محمد عليهم جميعا صلوات الله وسلامه.
• والمقتدى بهما والمقتفى لأثرهما يمشى في الحياة إلى الجنة بخطوات مسددة، لاتنحرف ولا تزيغ، مهما اشتدت حوله الخطوب ومهما أحاطت به المحن، يبتلى في نفسه وماله وولده فيصبر، ولا يعرف فيه معنى الذل أو الانكسار ، لا يضطرب ولا يخاف من شئ، وكيف يخاف وملؤه الطمأنينة.
• لقد أصبح من أخص خصائص المسلم الحقيقي الثبات على الحق وإن لم يتحقق، واحتقار الظالم وإن وحكم وتسلط ولو كان نمروذا ، ومقاومة الباطل وإن ساد وغلب ، ولوكان فرعون ، لقد أضحى المسلم غير محدود بحدود جسده الضعيف، وإنما يمتد بامتداد الحقائق التى يحملها، وبالنور الذى يملأ كيانه كله
• هذا هو العيد ، عيد الفرد وعيد الأمة، ينعتق فيه الفرد من أسر الأنانية وعشق الذات وجنون العظمة فيتحرر ،من شهواته الدنيئة، ويعيش إنسانيته في سمو وارتقاء .
• وعيد الأمة الحقيقي يوم حريتها وانعتاقها من أسر التبعية للآخرين ، عيدها يوم أن تزرع أرضها وتبنى مصانعها ومعاملها، وتأكل طعامها من أرضها ،وتلبس ثيابها من صنع أبنائها، وتتناول دواءها من أيدى أبنائها.
• عيد شباب الأمة يوم أن يفرح بحصوله على أعلى الشهادات العلمية ويتبوأ بالكفاءة لا بالواسطة أٍرقى المراتب وأعلى المواقع والمناصب ويعيش عصره دون أن يفقد دينه وهويته.
• عيد الآباء يوم أن يجعلون من أنفسهم المثال والقدوة لأبنائهم في فعل الخيرات والإقبال على الطاعات وبذل الجهد الحلال بعيدا عن التبطل والتعطل .
في العيد معان كثيرة غابت عنا وافتقدناها، فهل نقول كما قال الشاعر ..؟ :
عيد بأية حال عدت ياعيد .....بما مضى أم لأمر فيك تجديد ؟
1. في العيد معنى للوحدة أطاحت به الانقسامات.
2. في العيد معنى للعلم غيبه الجهل.
3. في العيد معنى للكرامة غيبته المذلة .
4. في العيد معنى للبذل والتضحية غيبه الجبن والخوف.
5. في العيد معنى للحرية غيبه القهر والاستبداد وقوانين الطوارئ.
6. في العيد معنى للبراءة غيبه الخبث والدهاء ومؤامرات الليل الأسود.
7. في العيد معنى للوفاء غيبه الغدر والخيانات.
8. في العيد معنى للتسامح غيبه التعصب الممقوت .
في العيد معنى لرحابة الصدر واتساع القلب ليكون ملء الوجود، غيبته الأحقاد والضغائن، والعدوان بلا سبب، والقتل بلا مبرر.
9. في العيد معنى رحيب لصلة القربى والأرحام وذوى الحاجات، غيبته الأنانية وشح النفس.
10. في العيد معنى للرجولة غيبه أنصاف الرجال.
11. في العيد معنى للاستقلال غيبه احتلال الأرض والثقافة، واحتلال الضمائر والمشاعر، وحين تحتل
الضمائر والمشاعر يهون التفريط في الأرض والعرض والمقدسات.
12. في العيد معنى لا لتزام الأمة تجاه أفرادها ومصالحها العليا، وقضاياها الحيوية، غيبته الاحتكارات
والامتيازات والمساومات.
13. في العيد معنى لانتصار الإرادة، غيبته هزيمة النفس أمام شهواتها .
14. في العيد معنى لجمال الكل في الكل واهتمام الكل بالكل، غيبته المصالح الخاصة والمنافع الشخصية
ودوران النفس اللئيمة حول مغانمها فقط .
15. في العيد معنى للقناعة غيبته الأطماع المسعورة بلا حدود..
16. في العيد معنى جميل ورائع لوقوف الإنسان بجانب الحق ونصرة المظلوم والدفاع عنه، غيبته
المساومات والتحالفات غير الشريفة ، وأطاح به أؤولئك الذين باعوا انفسهم لشياطين العصر ، وتحولت المبادئ والثقافات في حياتهم إلى سلع وأسواق وتاجر وسمسار.
17. في العيد معنى لانعتاق النفس من أسر المادة، غيبه ألئك الذين سجنوا أنفسهم في نطاقها وتحولت
الأموال في حياتهم إلى سجن وسجان .
18. في العيد معنى لأنس النفس بربها وطاعتها له، غيبته المعصية والغفلة والبعد عن الله.
عزيزى القارئ: نعيش بهجة العيد وقد تولد لدينا يقين قاطع بأننا لن نستطيع إن ننقذ أنفسنا وننقذ العالم من حولنا إلا بطهارة النفس فى الداخل والخارج معاً، فى الداخل بالإقلاع عن الذنوب والآثام.
وفى الخارج بتطهير البيت ممن ينتسبون إلي الإسلام ويعيشون عليه ولا يعيشون له ، ويحملهم الإسلام ولا يحملونه ،ويحققون من خلاله مصالحهم الخاصة ويضيعون فى سبيل ذلك مصلحة الأمة العامة ، ويساهم بقاؤهم في استمرار نزيف الأجيال واستمرار الضياع ... هذا هو سبيل التغيير إذا أردنا، والله تعالى لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم .
• الله أكبر ،الله أكبر، الله أكبر ، نداء يقول لكل المؤمنين لا تخافوا من غرور القوة وإن جندت الجيوش
فالله أكبر.
• لاتخافوا من حماقة العدوان، فالله اكبر.
• لا تضطربوا ،فالله أكبر .
• لاتنحرفوا ،فالله أكبر.
• لا تفرطوا ،ولا تتراجعوا، فالله أكبر.
• هذا هو الشعار، وهذا هو الشعور ، وما دام هذا هو الشعار، وهذا هو الشعور، فلن يغلبكم شئ مادامت عقيدتكم الله أكبر ،وما دام شعوركم وشعاركم الله أكبر .
• كل عام وكتابنا الشرفاء الأحرار الأبرار بألف خير
• والقراء الذين يبحثون عن الفكر الأصيل والكلمة الطاهرة والقلم النظيف كل عام وهم بألف خير .
• كل عام والفرحة أكثر، والحسرة أقل ، كل عام والوعى أكثر والجهل، أقل ، كل عام ودين الله فى نفوسنا أعظم وأجل .
حينئذ وحينئذ فقط نقول بحق: كل عام وأنتم بخير .
• رئيس المؤسسة الأسترالية للثقافة الإسلامية
• ورئيس إذاعة القرآن الكريم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.