الغريب ان الناس تعارفوا علي أن الصوفي هو رجل رث الثياب.. كسول.. قليل العلم.. متسول؟ يفترش الأرض ويلتحف السماء في الموالد والطرقات. واستقر هذا المعني عند البعض حتي أنهم إذا ما رأوا رجلاً نظيف الثياب يحافظ علي هندامه ونظافته ويقول انه صوفي ينتقدون هذا أيضاً.. ويواجه بالقول: ما هكذا ينبغي ان يكون الصوفي.. المعني الخطأ استقر عندهم فأصبح قاعدة..قاعدة قعدوا عليها.. ويريدون ان يقدعوا الآخرين مثلهم. كان سيدنا أبوالحسن الشاذلي مشهوراً بأنه يركب أعلي الجياد ويلبس أنظف الثياب.. وقد التقي ذات يوم برجل يلبس الخيش الخشن.. لم يكن الرجل يعرفه.. وقد فوجيء به.. فقال له: "إن ما أراك عليه من نظافة الثياب وحسن المنظر لا يدل علي الصوفية" أي ليس فيك من الصوفية شيء.. واستطرد: "لو كنت صوفياً للبست مثلما ألبس ولزهدت في متع الحياة".. فقال له الشاذلي: "يا هذا إن الزهد ليس كما تعلم.. الزهد أن تملك فتعف.. ألا تملك ما في يدك.. يا هذا كم ملكت من جناح البعوضة "البعوضة إشارة إلي الدنيا" حتي تزهد فيه فالدنيا كلها إن ملكتها لا تساوي جناح بعوضة ولو كانت تساوي جناح بعوضة لما سقي الله الكافر منها شربة ماء.. يا هذا إن منظر العبد يدل علي غني سيده وهيئتي هذه تدل علي أن ربي غني كثير الفضل والله يحب ان يري أثر نعمته علي عبده.. أما ثوبك هذا فإنه يتهم الله سيدك بالفقر وكأن من خلقك لا يستطيع كسوتك.. يا هذا عرفت معني الزهد فالزم.. فلو ملكت ما زهدت.. ولكن لا ينغبي ان تزهد فيما لم تملك. ما هو أهم من المظهر ان الصوفية قائمة علي ذكر الله تعالي والصلاة علي روسوله صلي الله عليه وسلم وحب آل البيت رضوان الله عليهم الذي هو من أكد "شدة علي الألف" الفروض كقول الإمام الشافعي رضي الله عنه: "يا آل بيت رسول الله حبكم.. فرض من الله في القرآن أنزله" وفي بيت آخر يضيف: "يكفيكم من عظيم الفخر أنكم.. من لم يصل عليكم لا صلاة له" هذه صوفية الشافعي الذي يرد علي من يتهمون الصوفية بالبدعة في بيت ثالث: "لو كان حبي آل أحمد بدعة.. فإني بتلك البدعة العمر مكتف". وقد كرر شيخ الرفاعية سيدي أحمد الرفاعي رضي الله عنه ما قاله الشافعي عندما اتهم بأنه من الفرق الضالة. أو فرق الرافضة.. قال الرفاعي: "إن كان رفضاً حب آل محمد.. فليعلم الثقلان أني رافض". إن حب آل بيت رسول الله يربط المؤمنين بقواعد الدين ولا يخرجهم عنها.. فأمة لا يربط بينها الحب لا شك ان ما سيربط بينها هو الكره.. أو البغض.. وستظل متنافرة.. متناثرة.. متناحرة.. متباعدة. وللحديث بقية إن شاء الله تعالي