ان رعاية الوالدين للأبناء تكليف من الله رب الأرض والسماء ولم يترك سبحانه أمر رعايتهم للفطرة أو الغريزة أو الأهواء وقد ضبطت حكمته العلاقات بتكاليف شرعية وأوامر ربانية ونبوية تضمن للجميع العدالة وعدم الجوار وتحقق لهم الأمن والسعادة والاستقرار. وتعد من أهم التكاليف والأوامر والحقوق بناء الابناء من جانب القوة الجسدية والتي تتمثل في غذاء وكساء وألوان الرياضة واللياقة البدنية والمنافسة في ذلك كما كان يديرها النبي صلي الله عليه وسلم بين الحسن والحسين بقوله صلي الله عليه وسلم: "ارموا بني إسماعيل إن أباكم كان راميا" وقول ابن الخطاب "علموا أولادكم السباحة والرماية وركوب الخيل". أيضا البناء ا لنفسي ويتمثل في السكن الطيب من الأم والدار والعدل مع الأولاد وعدم الجوار وحسن مصاحبتهم واللباقة معهم في الحوار والدعاء لهم بالخير والبركة كدعاء إبراهيم لبنيه: "ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا منا سكنا وتب علينا إنك انت التواب الرحيم "128" ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلوا عليهم اياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم" 128 129 البقرة. بل مجرد أن وجد خيراً جاءه من عند الله قبل ان يجيب عن نفسه سأل مثله لذريته: "وإذ ابتلي إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماماً قال ومن ذريتي ..." 124 البقرة وتوفير السياج الامني والخوف عليهم من الحسد ورعاية وايواء وتوجيه من الاب لبنيه باتباع المنهج الذي ينجيه ويحفظه من عدوه الذي يحيط به ويحاول ان يؤذيه. ويتجلي ذلك في نصائح نوح لابنه وخوف يعقوب علي بنيه.. "ونادي نوح ابنه وكان في معزل يا بني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين". "يا بني لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة. "إلا حاجة في نفس يعقوب قضاها" 67.68 يوسف وبناء عقلي بتعليمه كتاب الله وسنة رسول الله وتعريف بالله وقدرته ومكانة رسوله وعظمته وشتي ثقافات الحياة. ودعوته ليغذي عقله بالتفكر في آيات الله وآلاء الله. وبناء روحي بربطه بالله وبكتاب الله وبسيرة حبيبه ومصطفاه وبالمساجد والصلاة وتلاوة القرآن والذكر والدعاء. وكل ما يحيي القلوب حلالاً ويحقق لها الطرب والاكتفاء. وبناء عقائدي بتوضيح كل أمر ديني يصحح مسار العقيدة في وجدانه كوعظ لقمان لابنه ويعقوب لبنيه "يا بني لا تشرك.. يا بني إنها.. يا بني أقم الصلاة" لقمان. "أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلاهك وإلاه أبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلاهاً واحداً ونحن له مسلمون" 133 البقرة وبناء أخلاقي باكسابهم كل خلق سوي يرضي الله ورسول الله كتوجيه لقمان لابنه والنبي صلي الله عليه وسلم للمسلمين "وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر علي ما أصابك "17" ولا تصعر خدك للناس ولا تمش في الارض مرحا إن الله لا يحب كل مختال فخور "18" واقصد في مشيك واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير 17. 18 19 لقمان وبناء سلوكي بتعليم الأب أبناءه آداب الاستئذان كما جاءت في سورة النور وآداب التعامل والتفاعل والتعايش كما جاءت في سوة الحجرات. وكذلك كل سلوك يرضي ربنا ويتعدي نفعه من الدنيا للآخرة كاللين والسماحة والصبر والأناه والرضا والقناعة والقيادة والشجاعة وتحمل المسئولية والعدل مع المسلم وغير المسلم.. إلي آخر ذلك. "يا أيها الذين امنوا ليستئذنكم الذين ملكت ايمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث.. " 58 النور "يا أيها الذين أمنوا لا يسخر قوم من قوم "11" يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن.. " 11.12 الحجرات فحق الوالد علي أبيه حسن اختيار أمه وأن يتخير له اسما حسناً وأن يعترف بنسبه ونسبته إليه.. وينفق عليه ما دام يتعلم حتي يصل إلي القدرة علي الكسب ولا يطعمه إلا من حلال ويساوي بينه وبين بقية اخوته ويتحري العدل معهم ويحسن تأديبه وتربيته ورعايته ويعلمه الكتاب كما يعلمه السباحة والرماية والفروسية وركوب الخيل ويعلمه الصلاة ويعينه علي الصيام ويعلمه آداب المعاملة ويدخر له إن امكنه ذلك ولا يتركه يتكفف الناس ويوصيه ولا يتركه للأحوال مقلاً للتجارب بل ينصح له ويصدق معه ويكن أميناً معه ولا يكذبه ويعينه علي تقوي الله ويربطه دوماً بالجنة.