ترامب: نشكر مصر والإمارات والسعودية وقطر والدول التي دعمت القرار الأمريكي بمجلس الأمن    مواعيد مباريات منتخب مصر في كأس العرب 2025 والقنوات الناقلة    تعرف على المنتخبات المتوّجة بلقب كأس العالم منذ انطلاقه عام 1930    حماس: قرار مجلس الأمن يفرض الوصاية الدولية على غزة وآلية لتحقيق أهداف الاحتلال    روبيو: قرار مجلس الأمن تاريخي من أجل بناء قطاع غزة يحكمها الفلسطينيون دون حماس    ترامب يستفسر كم ستربح الولايات المتحدة من تنظيم كأس العالم 2026    اليوم.. استئناف محاكمة المتهم بهتك عرض الطفل ياسين داخل مدرسة خاصة بدمنهور    السيطرة على حريق داخل مستودع بوتاجاز في أبيس بالإسكندرية دون إصابات    كريم الشناوي: محظوظ بجدي ووالدي... وقيم تربّينا عليها ما زالت تعيش فين    نجاة الفنان فادي خفاجة من حادث سير    الهيئة الوطنية للانتخابات تُعلن اليوم نتائج الجولة الأولى لانتخابات مجلس النواب 2025    وزارة الداخلية: فيديو شخص مع فرد الشرطة مفبرك وسبق تداوله في 2022    ممثل الجزائر لدى الأمم المتحدة: دعمنا القرار الذي يهدف إلى وقف إطلاق النار في غزة    روسيا تنتقد قرار مجلس الأمن بشأن غزة    إثيوبيا تؤكد تسجيل 3 وفيات بفيروس ماربورج النزفي    فلوسي: "أول منصة رقمية لشراء واسترداد وثائق صناديق الاستثمار عبر الهاتف المحمول"    راية لتكنولوجيا المعلومات: حققنا معدل نمو يتجاوز 65% خلال التسعة أشهر الأولى من عام 2025    فترة نقاهة بالأمر وفحوصات جديدة، تفاصيل الحالة الصحية ل تامر حسني بعد خضوعه لجراحة في ألمانيا    ارتفاع تدريجي في درجات الحرارة... حالة الطقس المتوقعة اليوم الثلاثاء 18 نوفمبر 2025    اتجاه لإعادة مسرحية الانتخابات لمضاعفة الغلة .. السيسي يُكذّب الداخلية ويؤكد على التزوير والرشاوى ؟!    عاجل – حماس: تكليف القوة الدولية بنزع سلاح المقاومة يفقدها الحياد ويحوّلها لطرف في الصراع    ضبط 400 كجم لحوم غير صالحة للاستخدام الآدمي ضمن حملة رقابية على الأسواق بمدينة أوسيم    قتلوه في ذكرى ميلاده ال20: تصفية الطالب مصطفى النجار و"الداخلية"تزعم " أنه عنصر شديد الخطورة"    كامل الوزير: القطار السريع سيغير وجه مصر    "هواوي كلاود" و"نايس دير" توقعان عقد شراكة استراتيجية لدعم التحول الرقمي في قطاعي التكنولوجيا الصحية والتأمين في مصر    شاهين يصنع الحلم.. والنبوي يخلده.. قراءة جديدة في "المهاجر"    مديرية صحة الفيوم تنظم تدريبًا متخصصًا في التحول الرقمي والأمن السيبراني للموظفين.. صور    رئيس منطقة بني سويف عن أزمة ناشئي بيراميدز: قيد اللاعبين مسؤولية الأندية    أكرم توفيق: الأهلي بيتي.. وقضيت بداخله أفضل 10 سنوات    فرنسا تواجه كولومبيا وديا قبل مواجهة البرازيل    ندوة البحوث الإسلامية تسلط الضوء على مفهوم الحُرية ودورها في بناء الحضارة    الكنيسة الإنجيلية اللوثرية بالأردن تستقبل وفدًا من قادة كنائس أمريكا اللاتينية والولايات المتحدة    رئيس حي شرق شبرا الخيمة بعد نقل مكتبه بالشارع: أفضل التواجد الميداني    الكشف عن أول طائرة عمودية كهربائية في معرض دبي للطيران.. فيديو    90.2 % صافي تعاملات المصريين بالبورصة خلال جلسة الإثنين    مصرع شاب وإصابة 2 آخرين بطلق ناري في ظروف غامضة بقنا    القبض على عاطل سرق مليون جنيه ومشغولات ذهبية بعد اقتحام شقة بالشيخ زايد    ضبط التيك توكر دانا بتهمة نشر الفسق والفجور في القاهرة الجديدة    عاجل – مجلس الأمن الدولي يقر مشروع القرار الأمريكي حول غزة ويسمح بنشر قوة دولية لمرحلة ما بعد الحرب    عبد اللطيف: نهدف لإعداد جيل صانع للتكنولوجيا    أوقاف البحيرة تنظم ندوة حول مخاطر الذكاء الاصطناعي بمدرسة الطحان الثانوية    نتيجة وملخص أهداف مباراة ألمانيا ضد سلوفاكيا في تصفيات كأس العالم 2026    الصحة ل ستوديو إكسترا: تنظيم المسئولية الطبية يخلق بيئة آمنة للفريق الصحي    شاهد.. برومو جديد ل ميد تيرم قبل عرضه على ON    صدور ديوان "طيور الغياب" للشاعر رجب الصاوي ضمن أحدث إصدارات المجلس الأعلى للثقافة    اليوم عيد ميلاد الثلاثي أحمد زكى وحلمى ومنى زكى.. قصة صورة جمعتهم معاً    هولندا تضرب ليتوانيا برباعية وتتأهل إلى كأس العالم للمرة ال 12    مستشفى الشروق المركزي ينجح في عمليتين دقيقتين لإنقاذ مريض وفتاة من الإصابة والعجز    أفضل أطعمة لمحاربة الأنيميا والوقاية منها وبدون مكملات    توقيع الكشف الطبى على 1563 مريضا فى 6 قوافل طبية مجانية بالإسكندرية    توقيع الكشف الطبي على 1563 مريضًا خلال 6 قوافل طبية بمديرية الصحة في الإسكندرية    غيرت عملة لشخص ما بالسوق السوداء ثم حاسبته بسعر البنك؟ أمين الفتوى يوضح    أحمد فوقي: تصريحات الرئيس السيسي تعكس استجابة لملاحظات رفعتها منظمات المتابعة    موعد شهر رمضان 2026 فلكيًا .. تفاصيل    دار الإفتاء: فوائد البنوك "حلال" ولا علاقة بها بالربا    بث مباشر.. مصر الثاني يواجه الجزائر للمرة الثانية اليوم في ودية قوية استعدادًا لكأس العرب    لكل من يحرص على المواظبة على أداء صلاة الفجر.. إليك بعض النصائح    الفجر 4:52 مواقيت الصلاه اليوم الإثنين 17نوفمبر 2025 فى محافظة المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجميع يتوافدون علي الكنائس اليوم للتهنئة

‏..‏ والمسلمون أيضا يحتفلون بميلاد المسيح توافد منذ صباح اليوم كبار علماء الازهر وأئمة ودعاة وزارة الأوقاف وآلاف المسلمين الي الكنائس لتقديم التهاني‏,‏ ومشاركة الاخوة المسيحيين احتفالاتهم وفرحتهم بعيد الميلاد‏, استجابة لنداء الدين الإسلامي الذي أوجب علينا حمايتهم ورعايتهم والتعايش معهم‏.‏
وإذا كان الشرع الإسلامي قد أوجب تلك الزيارات‏,‏ فإن علماء الدين يؤكدون أن اختلاف المعتقد لا يتعارض مع الاخوة في الوطن‏,‏ بل يتفق معها ويؤكدها‏.‏ وأن الاديان السماوية جاءت لإسعاد البشرية وتحقيق التعايش ونبذ الخلاف‏,‏ مطالبين المصريين جميعا بالاحتكام الي الفعل ونبذ الفتنة التي تهدد الوطن الواحد مؤكدين أن كل الأنبياء والرسل كانت رسالتهم واحدة تدعو للفضيلة والعفة ومكارم الأخلاق‏,‏ وتحترم الآخر وترعي الحقوق وتحترم العقائد‏,‏ ولعل احتفال المسلمين مع إخوانهم الأقباط بهذه المناسبة الدينية يعد من دعائم الأخوة التي طالب بها الإسلام‏,‏ فالأخوة الإنسانية والأخوة في الوطن تجعلنا نسمو فوق كل الصغائر‏,‏ وإذا كنا نحتفل بمثل هذه المناسبات الدينية التي تجمعنا وتوحدنا فإننا مطالبون بأن نبعد عن نقاط الاختلاف وننشد ما يقربنا ونبعد عن كل ما يؤدي لتوتر واحتقان بين أبناء الوطن الواحد‏.‏
في هذا التحقيق يستعرض علماء الدين نظرة الإسلام للديانات السماوية ومنهجه للتعامل مع أهل الكتاب‏,‏ وكيف أن الوطن الواحد عاش فوق ترابه أبناء العقائد المختلفة أخوة متحابين‏,‏ ولطالما تعايشت الأخوة الوطنية والإنسانية وعلت فوق جميع الفتن والأحقاد الداخلية والخارجية‏.‏
الرسالات السماوية هدفها واحد
في البداية يؤكد الدكتور مبروك عطية الأستاذ بجامعة الأزهر‏:‏ أن الرسالات السماوية كلها تهدف لمعني واحد وغاية واحدة‏,‏ فكل نبي جاء برسالة تخص قومه وتجمعت هذه الرسالات في منهج واحد يهدف لمكارم الأخلاق وتصحيح مسار الناس من الاعوجاج إلي الطريق القويم‏,‏ ويعالج كل هموم الناس ومشكلاتهم‏,‏ وفي ذلك يقول الرسول صلي الله عليه وسلم إنما بعثت لأتمم مكارم الاخلاق فكل الرسالات كانت تهدف لإصلاح السلوك الذي ينبغي أن يكون عليه الإنسان في أفعاله‏,‏ والإيمان في الإسلام لايكتمل دون الإيمان بكل الأنبياء وبكل الرسالات السماوية السابقة علي الإسلام‏,‏ كما أن الأخوة بين جميع الرسل مبدأ مشترك‏,‏ فالأنبياء أخوة لعلات أبوهم واحد وأمهم شتي‏,‏ والأب هنا يتمثل في الدعوة التي تعد قاسما مشتركا بينهم‏,‏ والأم مختلفة لأنها تتمثل في الأقوام التي أرسل اليها الأنبياء‏,‏ فالدعوة واحدة وإن اختلف الزمان والمكان والأشخاص‏,‏ والنبي صلي الله عليه وسلم أكد إخوة الأنبياء عندما خرج من الطائف وجلس بجوار بستان وقدم له حارس البستان عنقودا من العنب سأله النبي صلي الله عليه وسلم من أي البلاد أنت؟ فرد الغلام من نينوي‏,‏ فقال له النبي‏:‏ بلد يونس بن متي‏,‏ قال نعم‏,‏ فسأله الغلام‏:‏ وهل تعرفه؟ فقال صلي اله عليه وسلم‏:‏ هو أخي أنا نبي وهو نبي‏.‏ كما أن النبي صلي الله عليه عندما كان يتعرض لأي أذي كان يقول‏:‏ رحم الله أخي موسي لقد ابتلي بأكثر من ذلك فصبر‏.‏ وخاطبه الله عز وجل في القرآن الكريم قائلا فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل وفي ليلة الاسراء والمعراج كان من دواعي سرور النبي صلي الله عليه وسلم أنه رأي سيدنا عيسي عليه السلام وابن خالته يحيي بن زكريا وأطلق عليهما ابني الخالة‏.‏ وقد وصف النبي صلي الله عليه وسلم شكل سيدنا عيسي عليه السلام لأصحابه‏,‏ وفي قصة سيدنا شعيب نجد أن الله أرسله إلي قومه ليعالج قضية نقص الكيل والميزان‏.‏ وهذا ورد في القرآن كما ورد في كل الديانات والرسالات السماوية‏,‏ وحث عليه جميع الرسل والأنبياء‏,‏ وقد كان الرسول صلي الله عليه وسلم دائما يوكد وحدة الرسالات ويبين أن هدفها واحد فقال صلي الله عليه وسلم في الحديث الشريف‏:‏ مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بني بنيانا فأحسنه واجمله إلا موضع لبنة من زواياه فجعل الناس يطوفون به ويعجبون له ويقولون هلا وضعت هذه اللبنة فأنا هذه اللبنة وأنا خاتم النبيين‏..‏ وقد روي عن الإمام البخاري أن التبي صلي الله عليه وسلم كان يحب موافقة أهل الكتاب إلا إذا أنزل عليه جديد‏,‏ وقد صام رسول الله صلي الله عليه وسلم يوم عاشوراء‏,‏ وأمر بصيامه لأن هذا اليوم نجي الله فيه سيدنا موسي من فرعون‏..‏ وهذا الموقف يؤكد ويرسخ مبدأ الإخاء الديني الذي تنادي به جميع الرسالات‏,‏ كما أن مواقف النبي صلي الله عليه وسلم عندما استقبل وفد نصاري نجران وإستضافهم وسمح لهم بالبقاء علي عقيدتهم تؤكد لنا هذه المعاني‏,‏ وكذلك عندما وضع الرسول عليه الصلاة والسلام وثيقة المدينة وأقام أول دولة مدنية في التاريخ وعاش فيها المسلمون وغير المسلمين تجمعهم وحدة الوطن بعيدا عن النظر لاختلاف الدين‏,‏ فعاش المسلمون وغير المسلمين تحكمهم نصوص هذه الوثيقة التي أعلت من شأن المواطنة وحرصت علي الحفاظ علي الحقوق‏.‏
أخوة الوطن لاتتعارض مع اختلاف العقيدة
ومن جانبه يقول المفكر الإسلامي الدكتور طارق البشري‏:‏ إننا نشأنا علي المقولة التي وحدت الشعب المصري وهي‏(‏ الدين لله والوطن للجميع‏)‏ وأن الجماعة الوطنية في عمومها وبكل مكوناتها من ذوي الإنتماءات الدينية المختلفة وذوي الطبقات والحرف المختلفة والمذاهب المتنوعة عليها أن تراعي المصالح المختلفة وتحفظ الأمن والأمان في الوطن الذي نعيش فيه‏,‏ وعليها أن تحافظ علي العلاقة المتوازنة بين عناصرها بعضها وبعض‏,‏ وأن تراعي واجبات الانتماء الوطني‏,‏ وأول هذه الواجبات بالنسبة لذوي الأديان والمذاهب المتعددة أن يقروا فيما بينهم باحترام عقائدهم والنزول علي مقتضيات المساواة الكاملة والمشاركة في كل الحظوظ والإمكانيات التي يوفرها الوطن لأبنائه جميعا علي اختلاف أديانهم وعقائدهم‏,‏ وأقصد بالحظوظ أن تكون المساواة كاملة في الفرص المتعلقة بالتعليم والعمل والمناصب الحكومية وغيرها‏,‏ وهذه المسألة حسمتها الجماعة الوطنية المصرية من بدايات القرن العشرين وقامت بحلها علي المستوي السياسي والفكري والعقدي الإسلامي والمسيحي أيضا‏,‏ فالوحدة المصرية في مصر صف واحد علي مر التاريخ يتصدون للعدو الأجنبي‏,‏ فواجهوا معا التتار‏,‏ والحملة الفرنسية والاستعمار البريطاني والاحتلال الاسرائيلي‏,‏ وبداية الوحدة الوطنية تزامنت مع بداية فتح مصر فلا يأتي الفتح الإسلامي قسرا أو غزوا‏,‏ بل صلحا ينعقد في معاهدة كشفت عن أصالة البعد الديني المصري سواء بين المصريين الذين يعانون من اضطهاد الرومان لعقيدتهم المسيحية‏,‏ أو المسلمين الذين يلتزمون بعقيدتهم الإسلامية بأنه لا إكراه في الدين‏,‏ وقد شرفت مصر بالوصية النبوية المشرفة فيما حدث به عبد الله بن وهب أن رسول الله صلي الله عليه وسلم وهو علي فراش المرض سئل فقال‏:(‏ قبط مصر فإنهم أخوال وأصهار وهم أعوانكم علي عدوكم‏,‏ وأعوانكم علي دينكم‏),‏ وهذا هو أول دستور يحكم مصر منذ بداية الفتح الإسلامي أقباطا أخوالا ومسلمين أعماما في أسرة واحدة متعاونين في أمور الدنيا متساندين في شئون الدين‏,‏ تكريسا لحكم الدين الحنيف بأن الدين واحد والشرائع شتي‏,‏ وإيمانا بجميع الرسالات السماوية وستظل مصر تدعم العدالة والسلام‏,‏ والاحترام المتبادل بين المسلمين والمسيحيين ودعم روح الاخاء والتضامن والمعرفة وتبادل المعلومات‏,‏ وتتصدي للتطرف الديني بوصفه تعبيرا عن النبذ ومصدرا للكره والعنف والارهاب‏,‏ فمصر دائما أرض الحضارات وملتقي الرسالات ومسار الرسل والأنبياء‏.‏
للإسلام منهج في التعامل مع الآخر
الدكتور حذيفة المسير مدرس العقيدة والفلسفة بكلية أصول الدين جامعة الأزهر يقول‏:‏ حين أراد الإسلام أن يبني المجتمع المتماسك جمع مقاصده في حفظ مايعرف ب الضرورات الخمس وهي‏:‏ حفظ الدين فلا يكره أحد علي أن يترك دينه بأي شكل من أشكال الإكراه‏,‏ وحفظ النفس وحفظ العرض لطهارة المجتمع وسلامته‏,‏ وحفظ العقل لأنه مناط التكريم والتكليف‏,‏ وحفظ المال فلا يؤخذ منه إلا بحق‏..‏ وحفظ هذه الضرورات واجب علي المسلم تجاه غيره من الناس بغض النظر عن مذهب أو عقيدة‏..‏ فالإسلام لايسمح لأحد بأن يجعل مجرد الخلاف في المذهب أو العقيدة سببا لترويع الآمنين أو حرمانهم من حقوقهم في العدل الكامل‏,‏ وقد أمر الإسلام بالبر والود وحسن الصلة والعشرة مع جميع الناس‏,‏ فقال تعالي لاينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين‏.‏ كما أن النبي صلي الله عليه وسلم أول شيء فعله عندما هاجر من مكة إلي المدينة المنورة أقام عهدا مع اليهود يحدد فيه الحقوق والواجبات‏,‏ وبالرغم من كثرة المخالفات التي حدثت في عهده صلي الله عليه وسلم مع المخالفين إلا أنه ماكان ليؤثر يوما علي حسن المعاملة واحترام الآخرين‏..‏ كما أن الإسلام حريص علي تحقيق العدالة في كل وقت وعدم مجاوزته لأي سبب من الأسباب وفي أي ظرف من الظروف وفي هذا يقول الله تعالي ولايجرمنكم شنئان قوم علي ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوي‏,‏ كما يحرص الإسلام علي عدم تعميم الأحكام وألا يؤخذ أحد بجريرة غيره‏,‏ ولنتأمل عندما نقضت بعض قبائل اليهود في المدينة العهد مع الرسول صلي الله عليه وسلم لم يحاسب غيرها من القبائل علي مافعلت‏,‏ ولم يحارب المعتدي لكونه من اليهود لكن لكونه نقض العهد معه‏..‏ فلم يتعد بالعقوبة إلي غير مستحقها‏,‏ والإسلام يوصي بضرورة التفرقة بين أصول الشرع وثوابت الدين وبين مايمكن الحوار حوله والتسامح فيه والتجاوز عن بعضه مع حفظ حقوق كل من الطرفين كاملة غير منقوصة‏,‏ كما أن الإسلام يوصي عند التعامل مع الآخر بالإبتعاد عن التسرع في إصدار الأحكام حتي يستبين الحق ويظهر الصواب فقال تعالي ياأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا علي مافعلتم نادمين‏,‏ وكذلك يأمر الإسلام عند التعامل مع الآخر بضرورة الإبتعاد عن الأحكام المسبقة والإستماع لجميع الآراء والأطراف بعمق وفهم‏,‏ وأيضا ينصح الإسلام بحسن الكلمة وهدوء الطبع وعدم الطعن والتجريح فقال تعالي ولاتجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم‏,‏ كما قال تعالي ادع إلي سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن‏.‏
كيف نحتوي الفتن؟
وبرغم كل التعاليم السمحة التي جاء بها الإسلام‏,‏ ونادت بها أيضا جميع الديانات السماوية‏,‏ إلا أن الأمر لايخلو أحيانا من إثارة بعض الفتن من قبل بعض المتطرفين والمتشددين من الجانب المسلم أو المسيحي‏..‏ فكيف نتعامل مع تلك الفتن وماموقف الإسلام منها؟
الدكتور أحمد كريمة أستاذ الشريعة الإسلامية جامعة الأزهر يقول‏:‏ من المقرر شرعا أن الفتنة محرمة ومجرمة وفي ذلك يقول الحق سبحانه وتعالي والفتنة أشد من القتل وقال أيضا الفتنة أكبر من القتل‏,‏ ومن المأثور أن الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها‏,‏ كما أن السلام هو الأصل في الإسلام‏,‏ فقال تعالي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف‏,‏ والإسلام يؤمن الناس علي السواء‏,‏ فيحفظ الأموال والأعراض‏,‏ والرسول صلي الله عليه وسلم قال‏:‏ إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام‏,‏ والقرآن الكريم يوصي بالتعايش مع الآخر فقال تعالي‏:‏ قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلي إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وماأوتي موسي وعيسي وماأوتي النبيون من ربهم لانفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون‏,‏ وقد وضح القرآن الكريم أن الأقباط هم أقرب الناس إلي المسلمين فقال تعالي ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصاري‏,‏ كما أن الرسول صلي الله عليه وسلم وصي بحسن التعامل مع أصحاب الديانات الأخري فقال صلي الله عليه وسلم في الحديث الشريف من آذي ذميا فأنا حجيجه يوم القيامة‏,‏ كما أنه صلي الله عليه وسلم أوصي وصاية خاصة بأقباط مصر فقال ستفتح لكم مصر من بعدي فاستوصوا بأهلها خيرا‏,‏ ومن كل هذا يتضح لنا أن حسن معاملة أصحاب الديانات الأخري من الواجبات الشرعية في الإسلام‏.‏
ويضيف د‏.‏ أحمد كريمة‏:‏ وحتي نتغلب علي أصوات الفتنة التي تظهر بين الحين والآخر علينا جميعا مسلمين وأقباطا أن نحكم صوت العقل لأن كل الأديان تحض علي السلام والرحمة والبر‏,‏ وأشار إلي أن احتفال المسلمين بصوم يوم عاشورا الذي مرت مناسبته قبل ايام طاعة لله عز وجل‏,‏ واحتفالا واحتفاء بنجاة سيدنا موسي عليه السلام من عدوه‏,‏ وكذا مشاركتهم اليوم في الاحتفال بميلاد عيسي عليه السلام‏,‏ يؤكد منهج الإسلام الذي يأمر بألا نفرق بين الرسل والانبياء‏,‏ وإذا كنا نحتفل بمثل هذه المناسبات الدينية التي تجمعنا وتوحدنا فإننا مطالبون بأن نبعد عن نقاط الإختلاف وننشد مايقربنا ونبعد عن كل مايؤدي لتوتر وفتنة بين أبناء الوطن الواحد‏.‏
مسئولية علماء الدين
ويشدد الدكتور حذيقة المسير علي أهمية دور علماء الدين في وأد الفتنة وحسم الخلافات‏,‏ فالعلماء هم أقدر الناس علي فهم الصواب والاحتكام إلي أسس الشرع وقواعده‏,‏ كما أنهم الأقدر علي معرفة وقت الحوار وموطنه وكيفيته وأهدافه‏,‏ وآدابه‏,‏ وهم الذين يستطيعون أن يربطوا بين الناس ودينهم‏,‏ وبالتالي القدرة علي تذكيرهم بقواعد الدين وأصوله وليس هناك ماهو أقوي من الدين سلطانا علي النفوس والصدور والعقول‏,‏ ويؤكد أن الأمر ليس مقصورا علي علماء الدين الإسلامي فحسب‏,‏ بل وعلي رجال الدين المسيحي أيضا للقيام بدورهم القوي في التقريب بين الناس وتوضيح صحيح الدين ومنهج التعامل مع الآخر‏,‏ وخصوصا وقت الخلاف والأزمات‏.‏
وأوضح أن دور رجال الدين يتمثل في تقريب وجهات النظر وحسم الخلافات بما يحفظ الحقوق ويزيل سوء الفهم واللغط الذي ينتشر وقت هذه الأزمات التي تظهر لأسباب بسيطة يمكن بالعقل والتفاهم والحكمة أن نبتعد عنها‏,‏ فالكثير من القواسم المشتركة تجمع أبناء الوطن الواحد بغض النظر عن اختلاف الدين أو العقيدة‏,‏ وكل هذه المعاني لابد أن تكون في ذهن الناس من خلال رجال الدين ومن خلال نشر قيم المودة والبر والتعاون والمحبة ونرسخ هذه المفاهيم بالتعامل اليومي في شتي المواقع والأحداث‏,‏ فعندما تغرس هذه القيم لدي الأجيال الجديدة ويكتسبونها من خلال دور العبادة والأسرة والمدرسة فإننا نحفظ أنفسنا لنعيش إخوة متحابين‏.‏ تحقيق‏:‏ تحقيق‏:‏ راوية الصاوي
نادر أبو الفتوح
مروة البشير


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.