في الحقيقة إن حادث الإسكندرية أصاب الجميع بالفزع والهلع وإعادة الذاكرة إلي التفكير في الماضي في عقدي الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي وإن كنت أري أنه ليس هناك أوجه شبه بين ما حدث في الماضي وما حدث في الإسكندرية وأن حديثنا في الماضي كان عن التطرف الديني الذي أصاب بعض المسلمين والمسيحيين علي السواء وكان ضحايا التطرف في الماضي من رجال الشرطة المحترمين الذين قاوموا هذا التطرف بشتي الوسائل ولم يفرِّق الإرهاب وقتها بين رجل الشرطة المسلم و المسيحي وبين مسجد أو كنيسة ووقتها غيب عن الأفكار الإسلامية المتشددة معاني التسامح والمحبة التي أرساها الأنبياء جميعهم موسي وعيسي ومحمد صلي الله عليهم وسلم أجمعين. وحل مكانها النظرة للآخر بأنه كافر أو مشرك وتعاملت من منطلق العدوان علي شركاء الوطن بطريقة فيها عصبية وهياج وتغييب للعقل والحكمة. فكان الخطاب الديني وقتها مناسباً بأن نبين للناس ونبرز سماحة الإسلام مع الديانات السماوية الأخري سواء المسيحية أو اليهودية ونعلم الجميع بأن من كمال الإيمان بالله "أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره" وأن الإيمان برسالة عيسي عليه السلام مكمل للإيمان برسالة محمد صلي الله عليه وسلم وتحدثت وسائل الإعلام وقتها ودعاة الإسلام الوسطي من الأزهر والأوقاف عن ذلك. وأوضحت أن نجاشي الحبشة عندما تلا عليه جعفر بن أبي طالب المتحدث الرسمي للوفد الذي أرسله رسول الله صلي الله عليه وسلم وتلا قوله تعالي آيات من سورة مريم: "كهيعص ذكر رحمة ربك عبده زكريا إذ نادي ربه نداء خفياً قال رب إني وهن العظم مني واشتعل الرأس شيباً ولم أكن بدعائك رب شقياً".. وحتي قوله تعالي "ذلك عيسي ابن مريم قول الحق الذي فيه يمترون"... إلي آخر الآيات. وقتها قال النجاشي رحمه الله والذي نفسي بيده "إن الذي جاء به عيسي ومحمد ليخرج من مشكاة واحدة". وعرف الجميع أن الذي خرج من مشكاة واحدة لا يختلف عليه اثنان وعاد الجميع إلي رشده وعلمنا أن المسيحي أخو المسلم في الوطن وفي البشرية بل شركاء في نبوءة عيسي عليه السلام وعشنا ردحاً من الزمن لايفرِّقنا أحد وعاد بعض أبناء مصر إلي رشدهم بل عندما حدثت الاعتداءات المتكررة علي الأجانب سواء في الأقصر أو في الأزهر أو في المتحف أو الحسين تحدث الخطاب المسيحي بنفس لغة الخطاب المسلم كان الخطاب الديني وقتها عن عقد الأمان الذي دخل به الأجنبي وعن حرمة قتل النفس البشرية وبرزت الآيات الكريمة: "لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين"... إلي آخر الآيات. وأوضح الدعاة إلي الإسلام أن هذا العمل الإجرامي العبثي ليس من الدين في شيء.