نزيف الاسفلت لايزال مستمراً فى حوادث كارثية تشهد مصر العديد من حوادث الطرق يومياً ، فما بين الطرق السريعة وغيرها غالباً ما تقع حوادث مأساوية تخلف وراءها العديد من المصابين والقتلي ، مما جعلها الأعلي بين دول إقليم الشرق الأوسط في عدد وفيات وتصادمات الطرق، "آخر ساعة" تطرقت إلي هذه المشكلة في محاولة لكشف أبعادها وإيجاد حلول جذرية. أكد الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في تقرير أخير له ، أن مصر الأعلي في إصابات ووفيات تصادمات الطرق بين دول إقليم شرق المتوسط. وأوضح التقرير، أن عدد الوفيات الناجمة عن التصادمات بلغت 7115 بمعدل 8.8 حالة لكل 100 ألف نسمة أي مايقارب 19.5 متوفي يوميا، وأن عدد إصابات التصادمات تبلغ 27479 حالة بمعدل مايقارب 75.3 مصاب في اليوم، أي أن في كل ساعة يتوفي شخص واحد، ويصاب 3 آخرين بسبب حوادث الطرق. وأشار التقرير إلي أن عدد حوادث المرور التي شهدتها مصر تجاوزت 25 ألف حالة في عام 2012.. وراح ضحيتها نحو 7700 قتيل، وأصيب أكثر من 40 ألفاً، مؤكداً أن أغلب أسبابها سلوكية. ولفت التقرير إلي أن المسئولية عن حوادث الطرق تتوزع بنسبة 73٪ علي السائق و22٪ علي المركبة و3.75٪ علي العوامل الجوية و1.25٪ علي حالة الطريق. علي الجانب الآخر كشف آخر تقرير أصدرته منظمة الصحة العالمية حول الوضع الحالي للصحة والسلامة علي الطرق لعام 2012 والذي تضمن معلومات من 182 بلدا منها 19 من إقليم شرق المتوسط ، وتشكل بمجملها ما يقرب من 99٪ من سكان العالم أو6.8 مليار إنسان، أكد أن معدلات حوادث الطرق في مصر تفوق المعدلات العالمية حيث تصل إلي نحو12 تصادما يوميا يترتب عليه وفاة نحو12300 شخص وإصابة نحو154 ألفا آخرين . وأشار التقرير إلي أن وتيرة التغيير التشريعي تحتاج إلي التسريع حتي يمكن بلوغ هدف عقد الأممالمتحدة للعمل من أجل السلامة علي الطرق2011 2020 والمتمثل في إنقاذ حياة 5 ملايين شخص. وحسب دراسة لبعض عوامل الخطر الرئيسية أجريت عام 2011 بالتعاون بين منظمة الصحة العالمية، وجامعة جونز هوبكنز، ووزارة الداخلية المصرية، والجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، في الطريق الدائري بالقاهرة الكبري وطريقي الكورنيش وجمال عبد الناصر بالإسكندرية. فإن 84٪ من قائدي السيارات بالطريق الدائري، و81.5٪ بطريق الكورنيش، و86.3٪ بطريق جمال عبد الناصر لا يرتدون حزام الأمان. كما أوضحت الدراسة، أن 22.6٪ من المركبات تتخطي السرعات المقررة علي الطريق الدائري بالقاهرة الكبري، أكثرها سيارات النقل الكبيرة ثم الميكروباص ثم السيارات الخاصة ثم سيارات النقل الخفيف ثم التاكسي، وأن 39.5 من المركبات تتخطي السرعات المقررة علي طريق الكورنيش بالإسكندرية، أكثرها الأوتوبيسات ثم السيارات الخاصة ثم التاكسي ثم الميكروباص ثم سيارات النقل الكبيرة والنقل الخفيف، وأن نسبة العربات التي بها كرسي أطفال من جملة العربات التي بها أطفال فقط 2.5٪ علي الطريق الدائري، و3.6٪ علي طريق الكورنيش و1.7٪ علي طريق جمال عبد الناصر. من جانبه أكد الدكتور عمرو رشيد، مدير الإسعاف والأزمات بهيئة الإسعاف، أن حوادث الطرق والطوارئ تشكل أكثر من 70٪ من عمل سيارات الإسعاف بالهيئة، لافتا إلي أن الإحصائية السنوية للهيئة لعام 2012 كشفت أن حوادث الطرق تتسبب في وقوع 300 إصابة و20 حالة وفاة يوميا. وأوضح أنه يوجد في مصر العديد مما يسمي ب"النقاط السوداء"، وهي الطرق التي تشهد وقوع أكبر نسبة حوادث، من بينها طرق "القاهرة-الإسكندرية" الصحراوي والزعفرانة ووادي النطرون . كما أكد مجدي بكر مسئول مبادرة السلامة علي الطرق بمنظمة الصحة العالمية بمصر، أن حوالي 270 ألف شخص حول العالم لاقوا حتفهم بسبب حوادث الطرق، كما أن جميعهم كانوا من "المشاة"، موضحا أن 28 دولة فقط من بين 182 لديها قوانين تضمن السلامة علي الطرق، في حين نجحت 88 دولة في خفض نسبة الوفيات الناتجة عن تلك الحوادث. وأضاف أن حوادث المرور وكوارثها التي لا يمكن تجنبها أصبح بالإمكان في هذه الأيام الحد منها فالخبراء وصانعو السيارات يهتمون بهذا الاتجاه في صناعة السيارات، فإضافة بعض الأجزاء الجديدة في السيارات تقلل بلا شك من الخسائر الجسدية فمثلاً حزام الأمان وساند الرأس والمنفاخ الهوائي أمام السائق والراكب الأمامي جميعها تخفف من تأثير الحادث، ومن أجل السلامة المرورية وتجنب حوادث المرور يجب الاهتمام بمشاكل المرور إلي أعلي مستوي، فنحن بحاجة إلي الانضباط المروري في المجتمع وذلك حرصاً علي سلامة المواطنين، والتوعية المرورية للجماهير أساس السلامة المرورية، لأن العقوبة ليست السبيل الوحيد لخلق المجتمع الآمن وإنما الأساس في عملية النهوض هو شعور كل فرد بأنه يساهم في هذا البناء الشامخ المطلوب بناؤه، والشعور بالمسئولية الوطنية بضرورة الانضباط كوسيلة للتقدم والرقي وأن هذا الانضباط يقوم علي أساس القناعة الذاتية والالتزام الطوعي، ومن المؤكد أننا سنتمكن من تخطي المشكلة عندما يساهم أوسع عدد من دوائر الدولة الرسمية وشبه الرسمية وجميع المواطنين في وضع حد لحوادث الطرق. من جانبه يقول أسامة عقيل أستاذ هندسة الطرق بعين شمس إن حوادث الطرق في مصر تسبب خسائر سنوية تقدر ب 12 مليار جنيه تتمثل في تلفيات المركبات والملكيات التي تصطدم بها المركبات وتكلفة أعطال المرور والخدمات الشرطية وخسائر شركات التأمين وغيرها من الخسائر هذا بالإضافة إلي الخسائر البشرية، وتسببها بفقدان 9 آلاف قتيل و40 ألف مصاب ومعاق لذلك فإن وضع خطة استراتيجية وطنية للأمان علي الطرق في مصر أصبح أمرا حتميا علي أن تكون ذات أهداف محددة وقابلة للتنفيذ ومحدد فيها دور كل قطاع من قطاعات المجتمع كالصحة والتخطيط العمراني والبيئة والحكم المحلي والداخلية والإعلام. وأضاف أنه لابد من اتخاذ إجراءات ضرورية لضمان السلامة علي الطرق منها وأهمها إنشاء طرق منفصلة للشاحنات حيث إنها مسئولة عن نصف عدد الحوادث و65 من عدد القتلي وخاصة المحاور التي تتركز عليها حركة الشاحنات في نقل البضائع والمرتبطة بالموانيء والمدن والمناطق الصناعية والمحاجر ومناطق التعدين ومراكز الإنتاج والتصنيع والتجارة الداخلية، هذا بجانب أهمية إنشاء تحويلات لكل الطرق المخترقة للمدن والتجمعات العمرانية بحيث تمر خارجها وتشجيع وتنظيم نقل البضائع بالحاويات وقصر الترخيص بالنقل للشاحنات المجهزة لذلك ووضع قواعد تنظم حركة النقل بالشاحنات من حيث عدد ساعات القيادة وأقصي حمولة وحالة السائق الصحية والنفسية وانشاء هيئة لرفع مستوي سائقي الشاحنات صحيا واجتماعيا وتدريبيا ومراقبتهم ومراجعة تراخيصهم. وأشار إلي أنه منذ أكثر من 20 عاما طالبت بعمل طرق حرة، وعندما استجابت الدولة تم تنفيذه بطريقة خاطئة،ويجب أن نفرق بين طريق حر وأي طريق آخر لان الطريق الحر له شروط وقواعد، مع أنه وفي اعتقاد البعض أن الطرق الحرة تقلل الحوادث لكن وجهة نظري هذا غير صحيح بل تؤدي إلي زيادة الحوادث نتيجة السرعة الزائدة، والحل الوحيد لتقليل الحوادث عمل طريق منفصل للعربات النقل ، لأن السير علي الطرق الحرة له قواعد أهمها رصد عدد عربات النقل وألا تزيد علي نسبة معينة، مثلما حدث في طريق القطامية العين السخنة. وأشار إلي أهمية تطوير إدارة الطرق أثناء الشبورة وتجهيزها بمعدات الإنقاذ السريع وتكثيف الرقابة علي الطرق بكاميرات المراقبة والوحدات الثابتة والمتحركة ووضع حواجز حماية علي جوانب الطرق الواقعة علي مجار مائية وإنارة كل الطرق خاصة عند التقاطعات والمنحنيات الحادة والخطرة، مع ضرورة سحب الترخيص ممن يرتكب حوادث متكررة ووضع نظام لذلك يبدأ بإعادة التأهيل ثم بالمنع لفترة محددة ثم بالمنع النهائي. وأيضا بوضع غرامات كبيرة علي أصحاب المركبات التي تخالف القواعد والقوانين المنظمة للأمان علي الطرق لتكون رادعة ووضع قيود وضوابط مشددة علي صرف الشهادات الطبية للسائقين لضمان صحتها ودقتها، بالإضافة إلي أهمية إنشاء بنك معلومات لحوادث الطرق يساعد في تطوير البحوث في هذا المجال.