"الشباب هم بناة المستقبل" ولكن بات الوضع في مجتمعنا مغايرا لهذه المقولة، خاصة أن 18٪ من أطفال المجتمع يتعرضون للتحرش، هذا بالإضافة إلي أن قرابة نحو 2 مليون طفل يطلق عليهم "أطفال الشوارع"، يتعرضون لمخاطر العنف والاستغلال الجنسي، فضلا عن كونهم مهددين بالإصابة بفيروس نقص المناعة المكتسبة "الإيدز" ، وهو ما ينذر بأن هناك ناقوساً يدق معلنا أن أطفالنا في خطر ما بين المنزل والشارع. حيث أجريت دراسة تابعة للمجلس القومي للأمومة والطفولة عن التحرش الجنسي بالأطفال والتي أثبتت أن 18٪ من الأطفال تعرضوا لتحرشات جنسية وأن 35٪ من الحوادث يكون الجاني له صلة قرابة للطفل وأشارعمرو إبراهيم بوحدة البحوث الاجتماعية بالمجلس إلي أنه يحدث ذلك علي الرغم من أنه المسئول عن حمايته وأكد أهمية حماية الأطفال من كافة أشكال العنف خاصة التحرش والاعتداءات الجنسية التي يتعرضون لها سواء في المؤسسات أو الشارع أوأماكن العمل أو في الأسرة . وأكد أن النصيب الأكبر من حظ أطفال الشوارع نتيجة لتواجدهم المستمر في الشارع ومما يعرضهم بشكل أكبر عن ذويهم لحوادث العنف والتحرش الجنسي من جانب الكبار، بجانب تعرضهم لحوادث الطريق وللأمراض وسوء التغذية كما أن عنصر الخطورة يتمثل أيضاً في طريقة المعاملة التي يلقاها هؤلاء الأطفال عند القبض عليهم، من حيث احتمالات تعرضهم للإيذاء البدني والنفسي داخل الحجز من أفراد الشرطة ومن المجرمين الكبار أيضا، مما يضخم من المشكلة ومن إمكانية إنقاذ الأطفال من حياة الشارع والاعتداءات . وأشار إلي أن أهم التحديات التي تواجه مجتمعنا للتصدي لهذه المشكلة هو الموروث الاجتماعي تجاه الاعتداء الجنسي الذي في بعض الأحيان يعاقب الضحية وهو أحد المعوقات لفضح المسكوت عنه في قضية الاستغلال الجنسي للأطفال إلي جانب غياب الثقافة الجنسية داخل الأسرة والمجتمع والمدرسة، واعتبار الاعتداء الجنسي شأنا عائليا بالإضافة لنقص الدراسات التي ترصد حجم الظاهرة وأسبابها وأنواعها والحاجة لمراجعة القوانين بحيث تضمن تنفيذها وتوفيرها للحماية الكاملة للأطفال وضرورة منح الطفل الثقة بنفسه وبوالديه حتي يتطرق لكافة الموضوعات مع والديه دون خوف وأن تتوفر برامج توعية في المدرسة والمؤسسات بسبل الحماية مع وجود آلية متاحة وسهلة لكل الأطفال للتبليغ عن التحرش أو الاعتداء الجنسي. ومن جانبه يقول سامي عبدالله مسئول متابعة وتقييم بجمعية أطفال بلا مأوي: أصبح الاستغلال الجنسي للأطفال أمرا طبيعيا في مصر وأصبح التعامل معه علي أنه أمر عادي جري الاعتياد عليه من كثرة وقوع جرائم التحرش والاستغلال الجنسي لهؤلاء الضحايا الذين تخصصوا في اصطياد أطفال الشوارع الهاربين من أسرهم والاعتداء عليهم جنسيا، واستغلالهم في أعمال الرذيلة والسرقة وتجارة المخدرات. كما أننا وحتي الآن لا تملك الحكومة أرقاماً حقيقية عن واقعهم وتقوم بالتقليل من عدد أطفال الشوارع تخفيفاً من حدة الأزمة، لكن غالبية التقارير تشير إلي وجود أكثر من 2 مليون طفل مشرد في مصر وبالتالي فإنهم عرضة للاستغلال في كافة أنواع الجرائم بما فيها الاتجار في المخدرات، ناهيك عن الاستغلال الجنسي لهم، حيث تشير الإحصاءات إلي تعرض نحو 80٪ من أولاد الشوارع للاعتداء الجنسي. وطبقا للتقارير الدولية مثل تقرير الخارجية الأمريكية الذي أشار إلي تهريب أطفال الشوارع في مصر واستغلالهم لأغراض مختلفة تتعارض مع حقوق الإنسان مثل التسول والجنس والعمل كخادمات بالنسبة للفتيات،وأن مصر تتذيل دول الفئة الثانية في قائمة الخارجية الأمريكية التي تتعلق بالدول التي تحتاج إلي تحركات أكثر إيجابية في مواجهة الظاهرة. ومن جانبه يقول رشاد عبداللطيف أستاذ علم الاجتماع، أن ظاهرة أطفال الشوارع مثل أي ظاهرة اجتماعية ترتبط بالظروف الاقتصادية والاجتماعية والثقافية السائدة في المجتمع في لحظة تاريخية معينة، وتعتبر هذه الظاهرة عرضاً اجتماعياً لأسباب اجتماعية واقتصادية أعمق من هذا العَرض، ولذلك فإن التصدي لها لا يمكن أن يحقق أهدافه إلا إذا كان علي أساس نظرة شمولية تحلل وتعالج الظاهرة وأسبابها الجذرية في نفس الوقت، كما يجب أيضاً النظر إلي الظواهر الاجتماعية علي أساس ترابطها في شبكة من علاقات السببية المتداخلة. ومن قبيل ذلك تتداخل ظاهرة أطفال الشوارع مع عمالة الأطفال والدعارة والتعاطي وإدمان المخدرات والاتجار فيها والتسرب الدراسي. وأشار إلي أن ظاهرة أولاد الشوارع بحجمها وسماتها الحالية في مصر ارتبط ظهورها بتزايد معدلات الفقر والاستقطاب والاستبعاد الاجتماعي كإحدي النتائج السلبية لسياسات الإصلاح الاقتصادي والتنمية غير المتوازنة بين الريف والحضر التي زادت من معدلات الهجرة الداخلية. وأضاف لقد أوضحت الدراسات حول هذا الموضوع أن كل أو الغالبية العظمي من الأطفال الذين يدخلون تحت مسمي "أطفال الشوارع" في مصر قد أتوا من عائلات تقع تحت خط الفقر المدقع وأن معظم هؤلاء الأطفال يأتون من الريف أو من المناطق الحضرية الفقيرة حيث هاجرت إليها عائلاتهم من الريف للبحث عن فرص أفضل للعيش. غير أنه نظراً لعدم توافر فرص العمل فقد أصبحت حياتهم أكثر شقاء وفقرا. وأكد أن مواجهة أي ظاهرة اجتماعية تستلزم إمكانية رصدها، وذلك بمعرفة حجمها وسماتها التي تميزها عن غيرها من الظواهر، حتي يمكن تحديد التدخلات الملائمة والحلول الفعالة، ولذلك يجب أن يكون هناك دراسة وتحليل للمشكلة لتجنبها والاهتمام بهؤلاء الأطفال وعدم معاملتهم علي أنهم شيء يجب بتره من المجتمع بل يجب إصلاحه . أكدت الدكتورة عزة كريم مستشار علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية أنه لا توجد إحصائيات رسمية في مصر حول العدد الحقيقي لأطفال الشوارع. وأشارت إلي أن القضاء علي ظاهرة أطفال الشوارع لا يتحقق سوي من خلال الالتزام بحماية هؤلاء الأطفال ومواجهة الظروف التي دفعت بهم إلي الشارع، وتوفير آليات إعادة تأهيلهم وتمكينهم من الاندماج في المجتمع بالشكل السليم الذي يمكنهم من الحصول علي حقوقهم كافة.