يأتي الحوار مع الإذاعية القديرة آمال فهمي وسط حالة أزمة يعيشها الإعلام المصري حاليا وانقسام بين مختلف القوي السياسية وموجات عنف متزايدة في الشارع في غياب لدور الدولة.. وقد شعرت أثناء حواري مع الإعلامية آمال فهمي بأنها حزينة وغاضبة لما تمر به مصر من مشاكل وأزمات وعدم استقرار، وللرجوع قليلا نجد أن برنامج علي الناصية الذي تقدمه علي أثير البرنامج العام ظهر كل يوم جمعة من أفضل البرامج الإذاعية حرصت الأسرة المصرية لسنوات طويلة علي الاستماع إليه، وظل حتي وقت قريب محافظا علي مكانته في عقول وقلوب المجتمع المصري رغم عشرات البرامج الإذاعية والتليفزيونية، وقد نجح برنامج علي الناصية في متابعة حملات إعلامية للكثير من القضايا التي كانت تشغل الرأي العام والمجتمع .. وبسبب نجاح البرنامج حصلت آمال فهمي علي جائزة مصطفي أمين في الصحافة وهي الإذاعية وربما التليفزيونية الوحيدة التي حصلت علي هذه الجائزة.. وقد عاصرت نجوم وعمالقة الصحافة علي مدي أكثر من نصف قرن من الزمان.. وعندما سألتها عن حال الصحافة المصرية وما وصلت إليه أجابتني بأن الصحافة اليوم تتنافس علي اتخاذ مواقف غير محايدة وسؤال عن الإعلاميين قالت إن هناك من باعوا مبادئهم بملايين الجنيهات.. وأضافت أن الكتاب الذين كانت حريصة علي القراءة لهم غير موجودين الآن واعترفت بأن برنامج علي الناصية لا يتمتع بنفس الإقبال الذي كان يتمتع به من قبل لقلة عدد المستمعين له واتجاه رجل الشارع إلي مشاهدة التليفزيون.. وكشف الإذاعية آمال فهمي عن قضايا شائكة ومثيرة من خلال هذا الحوار .. الثورة اختلطت بالبلطجية والقتلة كيف ترين الأوضاع حاليا في مصر؟ الوضع في مصر مرتبك مقلق ويدل علي عدم وجود مقومات الدولة، فالمؤسسات لم تقم علي رعاية المواطنين.. وأقول إننا نعاني من الفوضي ومن الوقفات الاحتجاجية وقطع الطرق والخطف والاعتداء علي المؤسسات ومهاجمة أقسام الشرطة فهناك أشكال متعددة لما يطلق عليه العنف. هل نحن في مخاض ثوري عصيب أم في فوضي خلاقة ستؤدي إلي انقسام كما تخطط أمريكا وإسرائيل؟ لم أسمع عن دولة قامت فيها ثورة وحدث فيها ما يحدث في مصر الآن، وأقول إن الثورات لها تاريخ علي مستوي العالم، لكن أن تختلط الثورة باللصوص والقتلة والبلطجية فهذه مشكلة.. فلم أسمع عن ثورة تحولت إلي فوضي وصراعات واشتباكات. كيف يمكن تحقيق عدالة حقيقية تعيد السكينة للمجتمع المصري؟ يتحقق هذا بإعادة النظر في كل ما صدر وما يصدر من قوانين وقرارات منذ بداية ثورة 25يناير فيجب أن نبدأ من جديد وبصورة مختلفة عما حدث في العامين الماضيين وأن تحدث مصالحة بين مختلف فئات الشعب.. وأن تلغي الأحزاب والتي وصلت لأكثر من 70 حزبا وأن نجتمع علي كلمة واحدة وهي مصلحة مصر فوق كل اعتبار. تطهير الإعلام والقضاء شعارات رفعت كثيرا خلال المرحلة الماضية فهل يصعب تطهير هذه المؤسسات من العناصر التي كانت تنتمي للنظام السابق؟ بالنسبة للإعلام فأنا غير راضية عن دوره خاصة القنوات الفضائية والتي تضم إعلاميين تخلوا عن مبادئهم مقابل ملايين الجنيهات فهم غير حياديين، كما أنهم يعدون من أسباب استعداء الناس علي الدولة.. أما بالنسبة للقضاء فمقامه محفوظ ولا يقبل أي إنسان عاقل المساس بهيبته وقدسيته.. فالذي يقال عن القضاة كلام فارغ يجب عدم الالتفات له. هل ترين أن المجلس القومي للمرأة حقق للمرأة المصرية ما تصبو إليه؟ هذا المجلس في حاجة لإعادة تشكيله بعناصر تضع مصلحة مصر ومقدساتها وتقاليدها في المرتبة الأولي. من خبرتك كإذاعية كبيرة ماهو الواقع الحقيقي للإعلام المصري الآن؟ - يجب أن تعرف أن هناك نوعين من الإعلام، إعلام رسمي يحاول تقليد الإعلام الخاص للأسف وإعلام فوضوي ونجومه معروفون، والشعب يتخذ موقفا مضادا بالنسبة له. فنجوم الإعلام الفوضوي يعتقدون أن البطولة هي استعداء الشعب ضد الدولة والسخرية منها وهذا شيء لايقبله أي إنسان وأكرر للمرة الألف إن الشعب يريد استقرارا وأمانا ويريد من الإعلام أدبا ولغة راقية. ومرة أخري أقول إن الإعلام الخاص غير محايد ويعرض السلبيات ولايعرض الإيجابيات. ألا ترين أن القنوات الفضائية استحوذت بشكل كبير علي اهتمامات المشاهد بينما تضاءل البث الأرضي؟ - الإنسان بطبيعته يحب الإعلامي الذي (يشتم) ويسب ويقذف الناس وهذا الأسلوب متوفر في القنوات الفضائية. وجعل المشاهد يقبل عليه ويتابعه باستمرار فعلي سبيل المثال ظهور باسم يوسف علي إحدي الفضائيات وخروجه علي الآداب أغري المشاهد بالالتفاف حوله ومشاهدة برنامجه.. وأقول إن هذا شيء مكروه ولايليق بالإعلاميين المحترمين أيضا نلاحظ وائل الإبراشي وبرنامجه الذي يتضمن إساءة وهدما وسخرية من القائمين علي الدولة. ما الذي ينقص التليفزيون المصري ليستعيد مكانه مرة أخري؟ - أولا أن يضع مصلحة مصر فوق كل شيء وألا يجعل القنوات الفضائية نموذجا يحتذي به لأن نجوم الفضائيات سيسحقهم التاريخ بأقدامه. كيف ترين محاصرة مدينة الإنتاج الإعلامي؟ - محاصرة مدينة الإنتاج الإعلامي يؤكد لنا بأن الدولة غائبة فلا توجد دولة ولا مؤسسات، فكان ينبغي علي القائمين علي الحكم التصدي لهذه الوقفة ومحاسبة كل من يحاصر مدينة الإنتاج الإعلامي لأن هذه فوضي. هل اختلفت البرامج بعد الثورة وبعد صعود الإسلاميين إلي للحكم؟ - مازال التخبط وعدم وجود رؤية واضحة هو النظام الذي يعتمد عليه التليفزيون وهذا شيء كان موجودا قبل ثورة 25 يناير وأصبح لايحتمل الآن. هل الصحافة الآن في تقدم سواء في الشكل أو في المضمون؟ - الصحافة والفضائيات يتنافسون بنفس الطريقة والأسلوب وقد لاحظنا أن رؤساء تحرير بعض الصحف الخاصة أصبحوا الآن مقدمي برامج في الفضائيات وأصبحوا أصحاب ميكروفونات وهذا شيء غريب. عاصرت نجوم الصحافة علي مدي نصف قرن هل حدث اختلاف بين صحافة زمان وصحافة اليوم؟ - الصحافة والإذاعة تختلف اليوم عما كانت عليه في الماضي.. فكانت هناك أسماء ونجوم لامعة من الكتاب أمثال مصطفي وعلي أمين وموسي صبري وسلامة أحمد سلامة وكثيرون. أما الآن فلانجد مثل هذه الأسماء. هل تقرأين الصحف الخاصة؟ - لا أحرص علي قراءة أي صحيفة لأن هذه الصحف تتنافس علي اتخاذ مواقف غير محايدة وأقول إنني أرفض الإعلام الآن سواء أكان إعلاما مسموعا أو مرئيا أو مكتوبا. أين الإذاعة الآن وسط هذا الزخم من الفضائيات وبرامج التوك شو؟ - الإذاعة الآن شأنها شأن التليفزيون الرسمي لأن الإدارة واحدة. بصراحة هل برنامج (علي الناصية) مازال يتمتع بنفس الإقبال الذي كان يتمتع به من قبل؟ - بالطبع لايتمتع بنفس الإقبال لأن عدد المستمعين قل بصورة كبيرة نتيجة لوجود التليفزيون. ماهو سر نجاح برنامج (علي الناصية)؟ - لأنني أقول الحقيقة وقلت في حلقة يوم الجمعة الماضية إن الناس (كرهت) الثورة نتيجة للأحداث التي نشاهدها يوميا من سرقة السيارات وحرق البيوت وخطف المواطنين.. وعدم شعور المواطن بالأمن والاستقرار. ماهي أهم الصفات التي يجب توافرها في الإذاعي الناجح؟ - الأمانة في الكلمة وأن يجعل حب مصر ومصلحتها فوق كل اعتبار. كيف ترين وضع المرأة المصرية الآن؟ - المرأة الآن في حالة رعب من الأحداث المحيطة حولها وخطف أبنائها والتهجم علي مسكنها.. فهي تحتاج إلي الأمن والأمان. هل مازالت علي رأيك بأن دور المرأة الحقيقي هو في البيت؟ - مكان المرأة هو البيت حتي تقوم علي تربية أبنائها وإذا كانت تمتلك وقتا كافيا تخرج إلي العمل. ماهي التحديات التي ترين أنها ستواجه مصر في المستقبل؟ - لا نستطيع أن نصل إلي المستقبل إلا بعد أن تستقر الأمور والاطمئنان علي البلد وأقول لا أستطيع أن أجيب علي أي سؤال خاص بالشأن السياسي. فأنا في حالة خوف دائم وأجد أن الأمور متضاربة ولايوجد استقرار مما يجعلني لا أفكر كما يجب.. ودعني أقول إما أن تستقر الأمور وإما فنحن إلي هلاك. ماهو تقييمك للرئيس مرسي منذ توليه الرئاسة وحتي اليوم؟ - أريد من الرئيس مرسي احترام أحكام القضاء وتطبيق القانون وأن يعيد النظر في أسلوب الحكم خلال الشهور الماضية بحيث يتحاشي الأخطاء التي وقع فيها. ويحسن اختيار المستشارين المحيطين به. كيف ترين دعوات البعض بعودة الجيش للحياة السياسية مرة أخري؟ - هذه دعوات من إنسان يائس من إصلاح الأوضاع في الظروف الراهنة. فالمفروض أن تقوم الدولة بتفعيل دور المؤسسات وإعمال القانون ووضع دستور يتوافق عليه الجميع.. فالقوات المسلحة لها رسالة ودور يتمثل في حماية الوطن من الأعداء.