مطلوب شراكة حقيقية لبناء الوطن عنف في مقابل عنف، لغة ثورية جديدة في مقابل نظام جديد، تحميل الخطأ علي فريق دون آخر هو الخطأ بعينه، وترك الظاهرة بدون علاج يفاقم من وجودها، ويزيد من اشتعال الموقف ويقدم دعوة لحرب شوارع لا ينتصر فيها أحدهم ويخسر من خلالها الوطن في كل مرة. كان منظر المواطن الذي يتم سحله علي أيدي ضباط وجنود الأمن المركزي صادماً، بينما إلقاء المولوتوف علي قصر الاتحادية يصوّر الثورة علي أنها مدعومة بالبلطجية. ارتداء العباءة الثورية مكّن أطراف الصراع من التحدث باسم ثورة لا تحتاج إلي متحدثين سياسيين بقدر ما تفتقر إلي مشروع اقتصادي ينهض بالبلاد من كبوتها، ومشاركة في إدارة شئون البلاد تجعل الكل في موقع المسئولية لمواجهة فساد استمر ل 03 عاما وآن له أن ينتهي. ولم يكن معرض الكتاب الذي استضاف عددا من المفكرين بعيدا عن الأحداث وحسب الروائي بهاء طاهر فإن المشكلة تكمن في أن كل فريق متمترس خلف آرائه السابقة، لا أحد ينتقد نفسه، وكل منهما يعتقد أنه يمتلك الحقيقة المطلقة. يؤمن بهاء بالاتجاه المدني ويري أنه من سينقذ مصر من كوارث كثيرة ويقول: انا خصم فكري لتيار الإسلام السياسي ولكن لا يجب إغفال وجوده وقواعده التي لا نقبلها، وفي المقابل عليه هو أيضا أن يعترف بوجودنا وقواعدنا ولا يرفضنا، وكان لا ينبغي أن يفرض علينا جمعية تأسيسية ومجلس شوري انتخب ب 2٪ من الشعب، وأضاف بأن التيار الحاكم أخل بصيغة التعاقد بين الناخب والسلطة وخاصة من خلال مجلس الشوري الذي لا يحق له التشريع، ولكنه مارس بالفعل هذا الدور وفرض قانون انتخابات لم يخضع لنقاش مجتمعي أو تتدارسه الأحزاب السياسية. ووصف الخلاف الآن بأنه يدور في الأسرة الواحدة ولن يتم التغلب عليه إلا باعتراف الطرفين بالحق المشروع في الوجود حتي لا نصل إلي الحالة في لبنان أثناء الحرب الأهلية التي اقتتل فيها الإخوة! ويضيف الدكتور عمرو حمزاوي أستاذ العلوم السياسة بجامعة القاهرة إننا نقف أمام دولة مأزومة في مؤسساتها، تتسم بالضعف، ولا تقدم المطلوب منها أمام مجتمع يواجه استقطابا، بجانب سياسة أفسدت الثورة وحمّل حمزاوي الفشل لكل من السلطة والمعارضة، حيث باعد كل منهما بيننا وبين تحقيق المطالب! وقال: نحن في دولة لا تؤدي المهام المنوطة بها، فلم تعد هيكلة الأجهزة المختلفة وخاصة الداخلية، بينما صارت الخدمات المقدمة أسوأ مما كانت عليه، في حين تتهم الغضب الشعبي الذي تعبر عنه قطاعات واسعة بأنها مدفوعة من الخارج، بينما ساهم الاستقطاب الذي ازدهر عقب الانتخابات الرئاسية ووضع الدستور إلي تعميق الجرح. وتساءل: ألسنا مع رئيس مدني أعاد الاستبداد، وتوظيف الآلة الأمنية في مواجهة الغضب الشعبي، وآلته الإعلامية تشوه المعارضين كما كان يحدث في السابق؟! ويري أن أسباب تعثرنا يعود لمجموعة من العوامل مثل النخبة السياسة حكما ومعارضة في المجمل أعادت إنتاج ذات تفاعلاتها في النظام القديم. فمن أصبح في الحكم يعيد بناء الاستبداد من الهيمنة والسلطوية والسيطرة علي مفاصل الدولة وهو يناقض مبدأ تكافؤ الفرص والحيادية، ونجد لدي المعارضة إعادة البحث عن مواقع وتقسيم التورتة الانتخابية. إن نخبة السياسة أعادت تصوّر البحث عن توافق علي أنه جريمة كبري وذلك سعيا وراء الانتخابات. إننا أمام حكم يشوه المعارضين، ويعول علي الآلة الأمنية، ومعارضة مهمومة بالرفض والرفض فقط ولا تقدم بديلا والمنطقي إذا كنت أرفض الحوار لابد أن أدعو أنا إلي حوار ولا يجب تحميل الجانب الآخر بشكل أحادي! وهاجم الكاتب والمفكر سمير مرقص - مساعد رئيس الجمهورية المستقيل الخطاب الديني وقال إنه يظهر في الفترات الضعيفة ومرتبط بالأساس بحركة الدولة وأصبح يعيد إحياء التدهور في مصر، وعندما تطور المجتمع ودخلت الليبرالية بدأ الخطاب الديني يهتم بالانسان ونوعيته وعندما دخلنا في مرحلة الاهتمام بالحالة الاقتصادية اهتم الخطاب الديني بالإنتاج والتنمية واهتم بالهوامش ذلك لأن الخطاب الديني تنعكس عليه الحالة التي تمر بها الدولة. وقارن بيننا وبين الغرب الذي تطور بنمط التفكير الشبكي ودراسته لأي ظاهرة بالرؤية الشاملة وعلاقة المشكلات ببعضها البعض وتحدث عن ثورة الكمبيوتر وترسيخها لفكرة التفكير الشبكي والأجيال الجديدة وهو ما يجعلها مدربة بشكل فطري لكثرة تعاملهم مع التكنولوجيا الحديثة. وأشار إلي نخبة غير قادرة علي الاستجابة للمستجدات السريعة للغاية مع كتل شبابية تمثل ثلث المجتمع وهم مصر القادمة ولابد من الاستجابة لهم، وأكد أن الأوطان لا تبني بالأعمال الخيرية وإنما بمعدل تنموي ودول كالهند والبرازيل وماليزيا قدمت ما يسمي بنموذج الدولة، والتنمية ليست مشروعات استثمارية ساذجة ومتخلفة. ولفت إلي أنه سمع حديثا لمذيع مع شاب من شباب 6 إبريل قال له: رفعتم شعار "سلمية" سلمية فماذا عن المندسين؟.. فرد عليه ببساطة: إنها مسئولية الشرطة.. وهو ما يؤكد أننا أمام رؤية جديدة لشباب يلخص الحل في جملة بسيطة. ورفض مرقص تخريب المنشآت العامة في الوقت الذي ترك فيه الحرية للمواطن أن يدافع عن نفسه ضد العنف.. وقال: لا يجب أن نحكم أحكاما أخلاقية علي الحالة الثورية ولا يصح أن نقيمها بمنطق الحلال والحرام ولابد أن تدرس علميا وفق تغيير جذري شامل وتقاسم الوطن بهذا الشكل والحلول الجزئية تجعلنا في حالة قلقة دائما.. وحذر الدكتور سعد الدين الهلالي رئيس قسم الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون من تحويل الدين إلي قانون وقال إن هذا يفسد الدين. فالتعامل بين الحاكم والشعب يكون بالاتفاق.. "عندما تمنعني عن الطعام والشراب فهل تظن انني صمت لابد من النية".. وشرح ما يقول: لا يجب أن نقول لمن لا ترتدي الحجاب أنت خارجة عن أصل دين الله.. قال تعالي" وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها" فالإنسان لا يصلي بالسباب واللعان والزندقة ويعد من لا يصلون بأنهم خارجون من الملة. فلا يصح لأحد أن يزايد علي أحد في هذا الدين. نعم يجب أن نسترد قلوبنا فلا يسيطر عليها أحد وعندما يسيطر عليها أحد فهو شرك بالله.ولا بد أن نعبد الله بتوحيد خالص والعلاقة بين الناس ببعضهم بحسب الاتفاق والشروط والعلاقة بيننا وبين الله هي بالنيات. واتهم المفكر الدكتور وحيد عبد المجيد المجلس العسكري الذي أدار الفترة الانتقالية والرئيس مرسي بما وصل إليه حال البلاد في اللحظة الراهنة الحرجة وقال إن تراجع الرئيس عن وعود قطعها للقوي المدنية أثناء جولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية، وأشار إلي أن التركة الثقيلة التي ورثتها السلطة من النظام السابق كانت في حاجة إلي شراكة حقيقية في الحكم حتي يتم البناء وفق أسس سليمة وآلية يتنافس فيها الجميع علي بناء ما تم هدمه. وأضاف بأننا مازلنا في مرحلة انتقالية مرتبكة فيها الكثير من التخبط والصدام أكثر مما فيها من حوار، رغم كل الجهود التي بذلت في الفترة الماضية وهو ما يجعلنا أمام منعطف شديد الخطر يختلفون في تقدير حجمه وأبعاده ولكن لا أحد يختلف أننا بحاجة إلي مخرج مما أُدخلنا فيه. حدد عبد المجيد جوهر الأزمة التي نمر بها وما يرتبط بها من أخطار تحتاج إلي شيئين: رؤية جديدة ومراجعات لكثير من الأطراف، وقال إن جوهر الأزمة أننا لدينا تركة ثقيلة تراكمت عبر سنوات ولا يستطيع أحد أن يحملها منفردا، وهذا ما كان واضحا منذ يوم 21 فبراير 1102. ولو أن هذه الرؤية توفرت في الماضي وأديرت المرحلة الانتقالية الأولي بطريقة أفضل لاختلف المشهد، فكلنا يذكر الثورة الأولي والروح العالية واستعداد المصريين لبناء المجتمع وصنع المعجزات. وأوضح أننا أمام مجتمع شاب يستطيع أن يعتمد علي طاقة متوفرة لديه بينما أديرت الأمور في اتجاه الانفراد ووضع المجلس الأعلي القاعدة واعاد الإخوان صيغة الانفراد بالسلطة وعدم الالتزام بما تم الاتفاق عليه. تراجعوا عن وثيقة التحالف الديمقراطي بوصفها برنامجا للعمل في المستقبل فضلا عن سلسلة من التراجعات، وكان لا بد أن يعرفوا أنه لا يمكن بناء ما هدم في الوطن علي عقود من الزمن بدون أن يضع الناس أيديهم في أيد الإخوان بدلا من الصراع والتنافس.. لابد من وضع الأساس لأي بناء ليتحمل ما يوضع فوقه، وأي بناء يقام علي أساس هش يصبح بالضرورة عرضة للانهيار.