مستقبل وطن يعقد اجتماعًا مع نواب الحزب الجدد بمجلس الشيوخ     محافظ قنا يستعرض ملفات التقنين والتصالح والمتغيرات المكانية    خبيرة: نجاح المالية في جذب اكتتابات تتجاوز 9 مليارات دولار دليل على تحسن رؤية المستثمرين للاقتصاد المصري    وزير المالية: قانون الحياد التنافسي ساعدنا في ترسيخ ثقافة المنافسة العادلة.. 67.4 مليار جنيه حجم الإيرادات الضريبية المستحقة بشكل أولى عن عام 2024 والشركات التابعة للجهات السيادية سددت ضرائب 16.4 مليار جنيه    موعد انتهاء العمل بالتوقيت الصيفي وبداية تطبيق التوقيت الشتوي 2025    الكرملين: المفاوضات بشأن التسوية الأوكرانية متوقفة وآفاق استمرارها غامضة    بوتين: خطة ترامب لغزة ربما تشير إلى «ضوء في نهاية النفق»    "الديموقراطي الأمريكي": الجمهوريون يسعون لفرض هيمنتهم عبر الإغلاق الحكومي    فيفا يعلن منح أذربيجان وأوزبكستان حق استضافة مونديال الشباب 2027    حازم هلال يستقيل من منصبه استعدادا للترشح في انتخابات الأهلي على قائمة الخطيب    منتخب ناشئات البادل يصعد لربع نهائي مونديال إسبانيا    مفاجآت مدوية في قائمة منتخب ألمانيا لمواجهتي لوكسمبورج وأيرلندا بتصفيات كأس العالم    «بنتي انهارت».. عمرو زكي يرد على شوبير: «أنا بخير.. وكان أولى يتصل عليا» (خاص)    السكة يحقق انتصاره الأول بدوري المحترفين.. وأبوقير للأسمدة يتعادل مع مسار    مصدر أمني يكشف فيديو بثته الجماعة الإرهابية لحوار بين فرد شرطة وضابط    معلم يعتدى على زميله بمدرسة فى قليوب.. وتعليم القليوبية تحيل الواقعة للتحقيق    السكة الحديد: تعديل مواعيد بعض القطارات على بعض الخطوط بدءا من السبت    «ديستوبيا روبلوكس»| أطفالنا في خطر.. شهادات مرعبة من داخل الغرف المغلقة    محمد الدماطي يودع زملاءه في مجلس إدارة الأهلي: سنفتقدكم كثيرا.. وأجيال تسلم أجيال    هيفاء وهبي تطلق 5 أغنيات من ألبومها الجديد «ميجا هيفا» (تفاصيل)    «عملتها من ورايا».. نجل غادة عادل يعلق على إجراءها عملية تجميل    5 أفلام عربية تتألق في مهرجان ريو دي جانيرو السينمائي بالبرازيل    بعد اختفاء 15 سنة.. سمية الألفي تظهر في كواليس «سفاح التجمع»    خالد الجندى: كثير من الناس يجلبون على أنفسهم البلاء بألسنتهم    رئيس لجنة تحكيم مسابقة بورسعيد: الدكتور عبد الكريم صالح شخصية العالم القرآنية في جائزة ليبيا الدولية    ما حكم التنمر بالآخرين؟ أمين الفتوى يجيب أحد ذوى الهمم    أوقاف الفيوم تنظم قوافل دعوية لمواجهة التنمر المدرسي    محافظ الغربية يستقبل نائب وزير الصحة عقب جولة ميدانية مفاجئة على المستشفيات    طريقة عمل كيكة الشوكولاتة، ألذ طعم وأسهل وصفة    وظائف خالية اليوم.. فرص عمل جديدة في الأردن بمجال الصناعات الخرسانية    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 2أكتوبر 2025 في المنيا.... تعرف عليها    المنشاوي يعقد اجتماعًا لمتابعة المشروعات الإنشائية بجامعة أسيوط    وزير الخارجية يتوجه إلى باريس    مبابى على رأس قائمة فرنسا استعدادًا لمباراتى أذربيجان وأيسلندا    «النار دخلت في المنور».. كيف امتد حريق محل ملابس إلى عقار كامل في الهرم؟ (معايشة)    استشهاد 53 فلسطينيًا فى قطاع غزة منذ فجر اليوم    حزب العدل ينظم تدريبًا موسعًا لمسئولي العمل الميداني والجماهيري استعدادً لانتخابات النواب    ضبط طن مخللات غير صالحة للاستخدام الآدمي بالقناطر الخيرية    «الوزراء» يوافق على تحويل معهد بحوث السادات إلى كلية التكنولوجيا الحيوية    تركيا.. زلزال بقوة 5 درجات يضرب بحر مرمرة    وزير الإسكان يتابع موقف تنفيذ وحدات "ديارنا" بمدينة أكتوبر الجديدة    إعلام فلسطيني: غارات إسرائيلية مكثفة على مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة    إخلاء سبيل سيدتين بالشرقية في واقعة تهديد بأعمال دجل    المجلس القومي للمرأة يستكمل حملته الإعلامية "صوتك أمانة"    طرق الوقاية من فيروس HFMD    «أطفال بنها» تنجح في استخراج مسمار دباسة اخترق جدار بطن طفل    المصري يختتم استعداداته لمواجهة البنك الأهلي والكوكي يقود من المدرجات    بقيمة 500 مليار دولار.. ثروة إيلون ماسك تضاعفت مرتين ونصف خلال خمس سنوات    ما يعرفوش المستحيل.. 5 أبراج أكثر طموحًا من غيرهم    المصرف المتحد يشارك في مبادرة «كتابي هديتي»    وزير الري يكشف تداعيات واستعدادات مواجهة فيضان النيل    الكشف على 103 حالة من كبار السن وصرف العلاج بالمجان ضمن مبادرة "لمسة وفاء"    حمادة عبد البارى يعود لمنصب رئاسة الجهاز الإدارى لفريق يد الزمالك    جاء من الهند إلى المدينة.. معلومات لا تعرفها عن شيخ القراء بالمسجد النبوى    استقالة 14 عضوا من مجلس الشيوخ لعزمهم الترشح في البرلمان    وزير الخارجية يلتقي وزير الخارجية والتعاون الدولي السوداني    جامعة بنها تطلق قافلة طبية لرعاية كبار السن بشبرا الخيمة    انهيار سلم منزل وإصابة سيدتين فى أخميم سوهاج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مرقص:نحتاج إلى ريئس صاحب برنامج ورؤية
نشر في الوفد يوم 05 - 06 - 2011

الدكتور سمير مرقص أحد المفكرين المصريين أكد في بداية حواره ل»الوفد‮« أن مصر دولة حديثة ذات مرتكزات مدنية بمؤسساتها،‮ بالإضافة إلي أن الدين كان موضوعاً‮ في موضعه،‮ ولكن حدث نوع من التديين بما تم من تصنيف مصر علي أساس ديني‮.. وذلك بإصباغ‮ المجال العام بصيغة دينية‮.‬
ويطالب بالمحافظة علي المجال العام الذي يلتقي فيه المختلفون‮.. مع أنه يري أن نسبة الاتفاق أكثر بكثير لأن المصريين تنفق علي ثورة‮ (‬19‮)‬،‮ وعلي الشرف والأمانة وعلي النظرة المستقبلية لمصر،‮ وقد يكونوا يؤيدون نادياً‮ رياضياً‮ واحداً،‮ ومن طبقة اجتماعية واحدة ولكن تم اختصار الاختلاف في العنصر الديني فقط مع أنه عنصر وحيد‮.‬
ويؤكد أن عبقرية مصر في تعدد ديانتها وليس في حب الناس في قوالب جامدة باسم الدين بل نجعله طاقة وقوة للمواطن لتحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية ولا يكون الهدف إقامة دولة دينية تقوم علي إقصاء الآخر،‮ لأن مصر لن تنهض إلا بتنوعها‮.‬
‮ كيف تري الواقع المصري بعد ثورة‮ 25‮ يناير؟
‮- نحن في لحظة انتقالية في حركتها وقلقها وتوترها والرؤية لازالت‮ غائمة ربما لأن الإنجاز كان كبيراً‮ والشباب المصري لم يصبح راضياً‮ عن واقع مصر فحدثت الموجة الأولي من الحراك الشعبي الثوري،‮ ويجب أن يستتبعها بموجات أخري،‮ ولكنه لم يحدث،‮ وسعدنا بما حدث واعتبرنا الأمور منتهية،‮ بينما الواجب لم ينتهي بعد،‮ مع أنها المرة الأولي في تاريخ مصر الحديث أن نسقط حاكماً‮ بقرار شعبي قاعدي أتي من أسفل وأصبح لدينا حاكم سابق منذ محمد علي فنحن أمام مشهد‮ غير مسبوق لكن يجب أن يعقبه موجات أخري‮!‬
‮ لماذا؟
‮- يوجد مهمة أخري لم تنجز بعد وهي التعامل مع القاعدة الاجتماعية والاقتصادية التي كانت تمثل القاعدة للنظام السابق والتي وصفت بالفلول فقد أسقطنا النظام ولم نسقط هذه القلة الثروية التي كانت تحكم مصر،‮ وتحتكر الاقتصاد والاستثمارات ولازالت لها مصالح ومن هنا يأتي القلق من التعاطي الجديد مع القضايا بالأسلوب والنمط القديم نفسه،‮ وعدم استثمار ما حدث من حراك للتعامل برؤية وفكر وثقافة مبتكرة ولكن يوجد من يشدنا للتعامل القديم مع القضايا ولذلك نحن في احتياج لحسم أمور كثيرة جديدة لصالح التقدم والنهضة والتنمية للمستقبل‮.‬
‮ هذه ملفات فما هي كيفية التعامل معها؟
‮- كما تقول هي ملفات ويجب التعامل معها علي هذا الأساس،‮ بألا تتعامل مع الملف بشكل مستقل أو بمعزل عن الملفات الأخري مثل ملف المياه الذي يرتبط بالسياسة الخارجية والزراعة والري والأمن القومي وثقافة التعامل مع المياه فكل الملفات مركبة ومتداخلة‮.‬
التوترات الدينية
‮ وماذا عن الملف الديني؟
‮- لا يجب التعامل معه باعتباره ملفاً‮ يتعلق بالمسلمين والمسيحيين المصريين لأنه به مستويات أكثر تعقيداً‮ والتوترات الدينية تجد رواجاً‮ وتربة خصبة في المناطق الأكثر فقراً‮ والأقل تنمية،‮ وكلما صعدنا السلم الاجتماعي تقل التوترات الدينية إذن،‮ فلابد من ربط الملف الديني بالخطط التنموية والخدمات والمرافق والمشاريع الاقتصادية،‮ وابتكار حلول جديدة وعدم الاعتماد علي الخبرات السابقة فقط بتستيف الملفات،‮ كما كان يحدث‮.‬
‮ ثورة يناير ألغت الأيديولوجية السياسية الواحدة فما هي مرجعية ثورة‮ 25‮ يناير؟
‮- ثورة‮ 25‮ يناير استطاعت أن تؤسس لأمرين تجديد الدولة الحديثة التي أصابها الوهن والخلل والتفكك في مؤسساتها،‮ فلا يصح لمصر التي عرفت الحداثة منذ عصر محمد علي أن تدار بمنطق القبيلة أو العزبة‮.. والدليل علي ذلك أن ثورة يناير التقت فيها مصالحات كثيرة بين شباب الفيس بوك وغيرهم من الشباب،‮ وبين المسيحيين والمسلمين والرجال والنساء،‮ والطبقات والفئات ودائماً‮ لا تتم المصالحات إلا إذا تقبل الناس فكرة التخلي عن مصالحها الأولية لصالح المجموع‮.‬
ثانياً‮: ثورة يناير قامت بمصالحة تاريخية بين العدالة الاجتماعية وبين الحرية السياسية لأن قدر مصر أن تطير بجناح واحد،‮ مثلاً‮ في ثورة‮ 1919‮ بدأت التأسيس للحرية المدنية والسياسية والمواطنة،‮ ثم جاء عبدالناصر وانقطع عن الحرية السياسية والمدنية،‮ لكنه اهتم بالعدل الاجتماعي،‮ وكأن مصر لابد أن تكون هذا أو ذاك‮!!‬
‮ لكن ماذا حدث حيث التراجع إلي التقوقع الأيديولوجي؟
‮- لأن الإنجاز كان كبيراً‮ ولم نلتفت إليه حتي يكتمل ونستتبعه بموجات أخري‮.. فوقعنا في فخ الثنائيات مرة أخري مثل دولة دينية أم مدنية أم ديمقراطية أم شريعة أم مواطنة أم ذمية؟ وحدث الاستقطاب الحاد ورجعت ريما إلي عادتها القديمة‮!! كما لو أننا لم ننجز شيئاً‮ لأننا لم نفكك القاعدة الاجتماعية والاقتصادية التي كان يقوم عليها المشروع السياسي القديم،‮ فحدثت الفجوات في المساحات السياسي واستدعت الذاكرة ما اعتادت عليه وفقدنا التحدي وعاد الكل إلي موقعه الأول وبدأت الانشقاقات والصراعات كما في سابق عهدها أو أقوي‮.‬
مصر دولة مركبة
‮ هذا ظهر في الاستفتاء علي التعديلات الدستورية؟
‮- للأسف الشديد حدث هذا التحول في الاستفتاء وأصبح التحول من حراك وطني إلي عراك ديني لأن التعبئة قامت علي أساس ديني إسلامي أو مسيحي،‮ وأيضاً‮ علي أساس ثقافي سياسي علماني،‮ وهذا به خطورة علي أمن الوطن‮.. وفي مراحل الانتقال ما أحوجنا لاستكمال الموجات الأخري من الحراك،‮ لأن الأوطان لا تبني بالغلبة أي يشعر تيار ما أنه‮ غالب علي الآخرين،‮ والغلبة هذه تعبير ديني من فقه التغلب وأي تيار يشعر بأنه يستطيع بناء الوطن بمفرده فهو واهم ولا يفهم التركيبة المصرية الآن،‮ الأوطان لا تبني إلا بالتكاتف والتعاون،‮ فمصر ليست مجتمعاً‮ بسيطاً،‮ وبهذه الخفة التي يظنها البعض‮.‬
‮ تقصد عدم قياس المواقف علي أساس ديني أو أيديولوجي؟
‮- بالطبع لا يكون الدفاع عن الأيديولوجيات،‮ إلا في الانتخابات ولكن بعد الاستقرار والتنمية والبناء سنصل إلي مرحلة الاسترخاء التي تتقبل هذا التنافس والصراع بين الأيديولوجيات،‮ والدليل علي هذا أن فترات النهوض التي جاءت علي مصر منذ‮ »‬محمد علي‮« أو خلال ثورة‮ 1919‮ أو المد الثوري ليوليو بشكل عام نجد حضور ألوان الطيف المصري حاضراً‮ بدون إقصاء،‮ فمثلاً‮ نجد سعد زغلول ومعه أحمد لطفي السيد في أقصي اليمين الليبرالي وعلي يساره مصطفي عبدالرازق والكل خارج من عباءة الشيخ محمد عبده،‮ التي أخرجت لنا قماشة وطنية واسعة تحتوي الكل ولم نجد طرفاً‮ يقصي الآخر‮.. فعلي كل أيديولوجية أن تقدم أفضل ما لديها من أجل الوطن‮.‬
‮ ومتي بدأت عمليات الإقصاء في التاريخ المصري الحديث؟
‮- تم هذا في مطلع السبعينيات وباختيارات واعية بإقصاء الحركة الوطنية وإعادة تقسيم مصر علي أساس ديني‮ (!!) بثقافة وهابية وافدة تعيدنا إلي عصر ما قبل الحداثة،‮ وأنا لست ضد الوهابية بالمعني الديني بل ضدها بالمعني الثقافي المعقد المركب،‮ لأن مصر النيل والخضرة وليست الصحراء وأنا لا أتكلم بمنطق استعلائي شيفوني،‮ وفي ذلك الفترة كان الدين يقوم بدور التعبئة أو التخديم،‮ وأصبح طرفاً‮ في اللعبة السياسية وأصبحنا في مأزق لأنه مقدس ومطلق وعملياً‮ تم تقييد الحراك السياسي لأن ينطلق،‮ مع أن الإمام محمد عبده،‮ قال‮: يجب أن يكون هناك مسافة بين الديني والسياسي وإلا تحولت الدولة إلي ثيوقراطية‮.‬
الوفد وليبراليته المصرية
‮ تستشهد بالإمام محمد عبده وكأنه لا يوجد في مصر ما نبني عليه من أسس مدنية لمواطنة كاملة؟
‮- هذا بالضبط ما أقصده فنحن نعيد الكرة مرة أخري ومن البداية بمناقشات كما لو أننا لم نقطع شوطاً‮ كبيراً‮ في هذا المقام،‮ وكأن البديل لابد أن يكون في خصومة مع الدين وهذا‮ غير صحيح،‮ وهل يستطيع أحد أن يقول إن‮ »‬الوفد‮« في خصومة مع الدين،‮ أو أن سعد زغلول الذي خرج من عباءة محمد عبده أو النحاس باشا المتدين في خصومة مع الدين،‮ لكنهما نجحا مع الوفد في أن يجعلا الدين في الحياة،‮ ولم يجعلاه في السياسة وجعلا مصر الليبرالية تحافظ علي مدنية المجال العام‮. ومصر سارت في المسار الطبيعي منذ الشيخ حسن العطار،‮ مروراً‮ ب»الطهطاوي‮« و»الأفغاني‮« و»محمد عبده‮« ثم تجربة الوفد وليبراليته المصرية التي حافظت علي حضور الدين ولكنها جعلت مسافة واضحة بين الدين والسياسة ولم تلغ‮ ِالدين كليبرالية الغرب‮.. وجاء‮ »‬السادات‮« وقال‮: أنا رئيس مسلم لدولة مسلمة فأدخلنا في تصنيف المصريين علي أساس ديني‮.‬
‮ وماذا عن عصر الرئيس السابق؟
‮- مبارك مسار بتنويعة ما علي الفترة الساداتية قد تكون تحت مظلة كلام عن المواطنة ولكنها كانت شعاراً‮ ينص عليها في الدستور،‮ ويوجد مسافة كبيرة بين الحديث عن المواطنة وبين الواقع الأساسي للحياة في الممارسة والمعايشة ولا يمكن أن تستمر مصر في هذه الخصومة‮.‬
‮ مع هذا توجد خلطة سياسية مصرية تشكل مرجعيتها الحضارية؟
‮- أنا مع هذا ودائماً‮ استند للإمام‮ »‬محمد عبده‮« في المسار المصري،‮ فمن الذي أعطي الشرعية ل»محمد علي‮« لكي يحكم،‮ أعطاها‮ »‬عمر مكرم‮« ورجال الدين الأزهري ولم يحكموا لأنهم رجال دين وتوجد مرجعية حضارية مبتكرة لمصر تضفر علاقتها وتغلفها‮.. لأن الدين مركزي ومحوري منذ الفراعنة،‮ والخبرة المصرية جعلت الدين حاضراً‮ في الحياة بتدين ناعم‮.. لأن المصريين ظلموا وعانوا من الحاكم الوافد فقاموا بنظام تكافلي وتم بناء الدولة مع بعضهم بصرف النظر عن اختلاف الدين مع إنه كان حاجزاً‮ ولكنه لم يتدخل في السياسة‮.‬
الدولة الإسلامية
‮ تأثير مشروع الإخوان المسلمين علي المواطنة؟
‮- المشكلة في مشروع الإخوان أنه يضع نصب عينيه مشروع الدولة الإسلامية وبهذا جاء خروجاً‮ عن المسار الطبيعي الذي كانت تسير مصر فيه‮.. والدليل هو موقفهم من قضايا كبري تشغل المصريين مثل موقف هم من الأقباط ومن الدولة الحديثة والولاية العامة والمرأة،‮ فهذه أمور لم يحسمها مشروع الإخوان المسلمين ثم إن حديثهم عن الدولة المدنية ملتبس فهم يفهمونه بطريقة ما ونحن نفهمه بطريقة أخري وهذه إشكالية‮.. حتي التجربة الوفدية الليبرالي والتي تستطيع التعامل مع كل الأفكار والأيديولوجيات عانت كثيراً‮ مع الإخوان المسلمين قبل‮ 1952.‬
‮ وماذا عن الاستقطاب الدائر بين العلمانيين والإسلاميين؟
‮- هو واحدة من الخروج عن المسار الطبيعي للتجربة المصرية،‮ ومن الدهشة أن مصر تدخل القرن العشرين والإمام محمد عبده يفتح حواراً‮ مع‮ »‬فرح أنطون‮« وتخرج من القرن العشرين وأحد باحثيها ومفكريها يكتب لماذا أنا ملحد؟ ويرد عليه آخر لماذا أنا مسلم؟ والمجتمع يقبل هذا بأريحية هائلة‮.. مع إن التركيبة المصرية كانت تقبل وجود‮ »‬العقاد‮« وفي المقابل تقبل صلاح عبدالصبور وتحتضن في أقصي اليمين لأقصي اليسار‮ »‬خالد محمد خالد‮« و»لويس عوض‮« وأيضاً‮ »‬الفريد فرج‮« و»رشاد رشدي‮« وهذه النقائض كانت تتعايش بحوارات ثرية عميقة وعظيمة‮. مع إن مصطلح العلمانية كان أعقد مما هو مطروح الآن‮.‬
‮ ما حدث في لجنة الحوار الوطني يؤكد أننا كمصريين لا نتمتع بثقافة الحوار؟
‮- دائماً‮ ما تكمن المشكلة في الإعداد للحوار،‮ وفي إدراكنا للخريطة المعرفية للعناصر الحوارية لأن الحوار علم،‮ ولبنان سبقتنا في الحوار وينقصنا البعد الثقافي والحضاري،‮ وكذلك فكر الخريطة الحوارية،‮ وعمل أجندة حوار واستحضار أفضل العناصر لتعبر عن ألوان الطيف المصرية‮.‬
الزخم الثوري
‮ لماذا تؤيد فكرة الدستور أولاً‮ ثم الانتخابات؟
‮- أؤيدها لاعتبارات موضوعية وليست دينية لأن الدستور الذي يوضع في الزخم الثوري‮ غير الدستور الذي يأتي بعد الانتخابات السياسية لأنه سيوجد طرف حائز علي الأغلبية‮.. وهذا ما أخشاه لأنه بالطبع سيكون دستوراً‮ وفقاً‮ لموازين القوي السياسية التي حازت علي الأغلبية‮.. لكن في الزخم الثوري الكل متساوٍ‮ وشارك في الثورة وقدم تضحيات وبهذا عند وضع الدستور سيتم التراضي عليه بالتوافق العام‮.‬
‮ وكيف نحمي الدستور من الحزب الحائز علي الأغلبية حتي لا يقوم بتغييره حسب ما يتراءي له؟
‮- بأن توجد وثيقة ما قبل الدستور ولتكن وثيقة‮ 25‮ يناير والكل يتفق عليها وبها مبادئ أساسية لا يمكن الحياد عنها لتأسيس مبادئ جمهورية جديدة وتنص علي العدالة الاجتماعية والحرية السياسية وهوية مصر كمركب ثقافي حضاري،‮ لأن مصر بها ثقافات فرعونية،‮ مسيحية،‮ إسلامية بالإضافة إلي الدولة الحديثة‮.‬
‮ في السابق كانت توجد مطالبات بتحويل الإخوان المسلمين إلي حزب سياسي وبعد الإعلان عن ذلك يتخوف الكل؟
‮- تكمن الإشكالية في عدم فك الارتباط الدعوي بالسياسي،‮ وبين الديني والمدني،‮ ولابد من فك الارتباط بين الجماعة المنغلقة بطبيعتها علي دين واحد طالما أنها دخلت المجال العام الذي له قواعد وشروط فعليها أن تلعب بقواعد المجال العام وليس بقواعد اللعبة الدينية‮.. وبالتالي عدم استخدام المرجعية الدينية،‮ بل استلهام القيم الدينية للإسلام وترجمتها في أمور دنيوية زمنية قابلة للاختلاف،‮ ولكنهم يقولوا إن الإسلام هو الحل وهو شعار ديني وإلا ماذا يقول هذا الشعار في مشكلات البطالة والإسكان والزراعة؟ فهذه تعتمد علي وجهات نظر ورؤية وتتغير ولكن الدين ثابت،‮ والإخوان المسلمين تقول‮: لهم ما لنا وعليهم ما علينا،‮ ولم يفسروا في ماذا بالضبط؟ ويتركوا كثيراً‮ من القضايا التي تخيف المصريين كالألغام القابلة للانفجار دون إبداء الرأي وتقديم حلول مقنعة،‮ ويضعوا علي موقعهم بعض كلمات ل»حسن البنا‮« تقول‮: »‬لا بأس في الاستعانة بغير المسلمين عند الضرورة القصوي في المناصب العامة‮« ثم يقولوا‮: »‬لقد تجاوزنا كلام حسن البنا فلماذا لا يؤكدون علي ذلك بأفعالهم وليس بأقوالهم؟
الأقليات والملل
‮ هل يوجد من يلعب في الشأن القبطي؟
‮- طبعاً‮ وقد درست مسيرة المسألة الدينية وعلاقة الغرب بها ووجدت دوراً‮ للغرب منذ الدولة العثمانية بإذكاء فكرة الأقليات والملل،‮ بالإضافة إلي دور إسرائيل لأن التناحر والضرب في هذا الشأن يقويها ويساعد علي تفتيت ما حولها علي أساس مذهبي في الدين الواحد،‮ أو علي أساس ديني أو قومي‮ (‬كردي عربي‮) ورئيس المخابرات الإسرائيلية،‮ قال هذا في شهادته،‮ وهذا لا يمنع وجود مستفيدين في الداخل في لعبة التناقضات لأننا لم نقدم حلولاً‮ علي مدي‮ (‬40‮) سنة وهذا شيء مريب لأن يصبح هذا الملف مفتوحاً،‮ بالإضافة إلي دفاع بعض العلمانيين والليبراليين عن الملف القبطي كان يزيد من تشبث الطرف الإسلامي مع سوء إدارة،‮ الإدارة السياسية بالبيروقراطية الأمنية‮.‬
‮ وماذا يخيف الأقباط؟
‮- توجد مشاكل ذات طبيعة دينية مثل الخطاب الديني المتشدد الذي يطالب بإعادة النظر في الوضع القانوني لغير المسلمين‮ (!!) والخطاب السلفي أو الجماعات تتحدث عن أن الأقباط أهل ذمة واستخدام تعبير النصاري مع إنه تعبير قرآني ولكنه‮ غير مستخدم في الأدبيات المصرية،‮ وكأن الأقباط جنس آخر أو وافدون‮!! أو أن المسيحي المصري ينظر للمسلم المصري باعتباره عربياً‮ وضيفاً‮ علي مصر‮!! مع إن الأصل العرقي للمصريين واحد والذين دخلوا المسيحية أو الإسلام هم مصريون‮.. وكأن الخطاب الديني استحضر خطاباً‮ من خارج سياقنا وبالتالي وجدت بعض الممارسات التي ترتبت عليها بعد ذلك أحداث توتر وقلاقل،‮ بالإضافة إلي الإخلال بمبدأ تكافؤ الفرص في الوظائف القيادية العامة،‮ وعدم النظر إلي معايير الكفاءة،‮ بالإضافة إلي مشكلة بناء الكنائس وعدم وجود قانون للمتحولين إلي ديانات أخري‮.‬
‮ هل يعقل أن تحول سيدة إلي ديانة أخري يهدد بإحراق الوطن؟
‮- لأنه لا يوجد لدينا قانون للمتحولين من المسيحية للإسلام أو العكس،‮ وهذا يحتاج إلي حوار مجتمعي حتي يستريح الشعب من أزمات وفتن المتحولين إلي ديانات أخري،‮ مع أن أسباب التحول‮ غالباً‮ ما تكون اقتصادية أو عاطفية ولكن المجتمع ينجرف بكل جهده إلي هذه الأمور‮.. والخطورة تكمن في أن لدينا كتلة شبابية في مصر تبلغ‮ 80٪‮ من سكان مصر تحت سن الأربعين نصفهم تحت سن ال15‮ ومن الممكن أن يضعونا علي حافة الهاوية إذا أراد الكثيرون منهم أن يتحولوا إلي أي ديانة فكيف سيتعامل معهم المجتمع ولا يوجد حوار مجتمعي أو قانون ينظم هذه الأمور إذا ظهرت‮.‬
الرئيس الأب
‮ متي يتم بناء مصر من خلال المؤسسات وليس بالاعتماد علي الزعامات؟
‮- أولاً‮ بإعادة تكوين البنية الثقافية والمعرفية للمصريين،‮ ونبدأ بتغيير مناهج التاريخ التي نجد أنها تتحدث عن تاريخ الحكام وليس عن تاريخ الحركة الوطنية،‮ وتاريخ المصريين في ثوراتهم وحركاتهم‮.. وهل من المعقول يكون نصيب‮ »‬سعد باشا زغلول‮« سطرين في التاريخ وأن نصيب ثورة‮ (‬19‮) بعض السطور في منهج الابتدائي الذي يشكل التشكيل الثقافي والمعرفي للطالب ونؤكد أن الحاكم هو الوالد،‮ والراعي وكبير العائلة فهذه ثقافات ما قبل الدولة الحديثة التي تقوم علي الفرد القائد والزعيم‮.. لكن الدولة الحديثة تقوم علي المؤسسات ومرجعيتها القانون والدستور ونحن في مرحلة انتقالية فيها التناقض الجذري الحاد وبانتخاب الرئيس سننهي علي فكرة الرئيس الأب لأننا في احتياج إلي الرئيس صاحب البرنامج والرؤية‮.‬
هوية مصر
‮ ملامح العقد الاجتماعي الذي تحتاجه مصر بعد‮ 25‮ يناير؟
‮- توجد مجموعة من الملامح التي نطلق عليها مبادئ الجمهورية الجديدة أولاً‮ لابد من إعادة صياغة العلاقة بين الحاكم والمحكوم‮.. في اللحظة ذاتها التي أسقط الشعب فيها الحاكم دخلت مصر مرحلة جديدة لم نشعر بأهميتها الآن،‮ ولكننا سنشعر بقيمتها فيما بعد بأن يكون لدينا رئيس سابق،‮ فالمواطن المصري أصبح لديه حقوق كثيرة،‮ ولابد أن نضمن له التشكيلات المدنية بالمطلق كالنقابات ومنظمات المجتمع المدني والجمعيات الأهلية و‮..... وهذا لم نفكر فيه بعد‮.. ثانياً‮ لابد من الاتفاق علي شكل الدولة وهل نحن سنكون مع الحداثة أم لا؟ ثم نري ما هو نموذج التنمية التي نريدها لمصر،‮ وعلي المصريين أن يقيموا حوارات مطولة عن طبيعة الدولة التنموية التي نحتاجها‮.. لأن اقتصادنا كان في الغالب اقتصاد ريعي قائم علي الحظ والصدفة والسمسرة والتوكيلات،‮ مع أهمية التأكيد علي هوية مصر ولنعرف من نحن؟ ولا نقول فراعنة ونصمت لأنه لا توجد هوية ثابتة طوال العمر،‮ مع إعادة النظر في فكرة الثراء الحضاري في مصر لأن مصر مركب حضاري متعدد العناصر بغض النظر عن الأوزان النسبية لهذه العناصر‮.. والاهتمام بفكرة إعادة النظر في دولة المواطنة فنحن في احتياج إلي مصالحات والبحث عن مشتركات وتفاهمات للمستقبل بدون سجالات ضيقة‮.. وعلي النخبة تقديم النموذج أمام الشعب في لغة الحوار وتقديم أفضل ما لديها من أجل الوطن‮.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.