فوضى الباعة الجائلين فى شوارع المدن ناصر أمين : الحل يكمن في القضاء علي مشكلة البطالة بعد صدور القانون 105 لسنة 2012 (بتعديل قانون الباعة المتجولين رقم 33 لسنة 1957) الذي سيطبق علي خمسة ملايين شخص وفقا للتقديرات في شتي أنحاء الجمهورية، يعانون في الأصل من الفقر، وضعف التعليم. هذا القانون الذي لم يضف أكثر من مادة وحيدة نصت علي تغليظ العقوبات علي مخالفات الباعة الجائلين الذين يعملون بدون ترخيص أو يتسببون في تعطيل حركة المرور في الشوارع والميادين بزيادة مدة الحبس المقررة من مدة لا تتجاوز شهرا وغرامة لا تزيد علي خمسة جنيهات إلي الحبس لمدة ثلاثة أشهر أو غرامة قدرها ألف جنيه. كما قامت المادة ذاتها بتغليظ العقوبة في حالة العودة لارتكاب نفس المخالفات من الحبس لمدة ثلاثة أشهر أو غرامة قدرها ألف جنيه إلي الحبس ستة أشهر أو غرامة تصل إلي خمسة آلاف جنيه مع مصادرة البضاعة المضبوطة والسؤال الآن هل يمكن لهذا القانون أن يحل مشكلة الباعة الجائلين وما الحكمة من إصداره في هذا التوقيت؟. يجيب ناصر أمين رئيس المركز العربي لاستقلال القضاء أن مشكلة الباعة الجائلين لن يتم حلها إلا في إطار حل شامل لأزمة البطالة التي يعاني منها الشباب المصري فلا يجد بديلا غير بيع البضائع علي الأرصفة للحصول علي قوت يومه. فأي محاولة لتغليظ العقوبة لن تفيد في القضاء علي هذه المشكلة فلابد من إيجاد بديل لهم بدلا من مطاردتهم من قبل الشرطة، فالحل الجنائي لايفيد في مثل هذه الأمور. وأضاف: كل الحلول التي تقدمها الحكومة قديمة ولا تتناسب مع حجم المشكلة. فهذا القانون وقانون الضرائب وغيرها من القوانين المشابهة التي تهدف لشيء واحد فقط هو جباية الأموال من المواطنين الغلابة كانت موجودة بلجنة السياسات بالحزب الوطني المنحل فقد كانت هذه القوانين جاهزة وصدرت الآن دون أي تعديل. فهذه الحكومة حتي الآن لم تعمل علي مساعدة الشباب في إنشاء المشاريع الصغيرة والمتوسطة كثيفة العمالة فكل ما تسعي إليه هي محاولات الاقتراض من الخارج أو زيادة الضرائب التي يدفعها المواطنون . مشكلاتنا لن تحل بالقوانين الجديدة فنحن لدينا ترسانة من القوانين لكن المشكلة فيمن يطبق هذه القوانين . وأضاف ينبغي علي الحكومة أن تعرف أن أنشطة الباعة الجائلين هي جزء من الاقتصاد غير الرسمي أو غير المسجل والذي يمثل نحو 50٪ من الناتج المحلي ويولد ما يزيد علي 60٪ من الوظائف وفرص العمل أي أن نصيب القطاع غير الرسمي يفوق القطاعين العام والخاص الرسميين وهو ما يستوجب تنظيم هذه الأنشطة بدلاً من تجريمها. وفي نفس السياق أعلنت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، في بيان لها عن رفضها قانون تغليظ العقوبات علي مخالفات الباعة الجائلين. وأعربت المبادرة عن دهشتها من إقدام رئيس الجمهورية علي استخدام سلطته التشريعية الاستثنائية - التي تعهد سابقا بعدم استخدامها إلا في أضيق الحدود- لتشديد حدة تجريم الأنشطة الاقتصادية للفقراء في الوقت الذي كانت البلاد تمر فيه بإحدي أعنف أزماتها السياسية التي وصلت إلي ذروتها في نفس يوم صدور هذا التشريع. ولم يتضمن القرار بقانون رقم 105 لسنة 2012 (بتعديل قانون الباعة المتجولين رقم 33 لسنة 1957) أكثر من مادة وحيدة نصت علي تغليظ العقوبات علي مخالفات الباعة الجائلين الذين يعملون بدون ترخيص أو يتسببون في تعطيل المرور في الشوارع والميادين بزيادة مدة الحبس المقررة من مدة لا تتجاوز شهرا وغرامة لا تزيد علي خمسة جنيهات إلي الحبس لمدة ثلاثة أشهر أو غرامة قدرها ألف جنيه. كما قامت المادة ذاتها بتغليظ العقوبة في حالة العودة لارتكاب نفس المخالفات من الحبس لمدة ثلاثة أشهر أو غرامة قدرها ألف جنيه إلي الحبس ستة أشهر أو غرامة تبلغ خمسة آلاف جنيه مع مصادرة البضاعة المضبوطة. وتجدر الإشارة إلي أن هذه هي المرة الثانية التي يتم فيها تغليظ العقوبة علي الباعة الجائلين، بعد أن كان تعديل مشابه قد صدر في عام 1981 وهو ما يعني أن كافة التعديلات التي أدخلت علي هذا القانون منذ صدوره في عام 1957 انحصرت في مواد العقوبات فحسب، في إشارة بالغة الدلالة علي اقتصار معالجة الدولة لظاهرة الباعة الجائلين علي التجريم والعقاب دون النظر للجوانب الاقتصادية والاجتماعية الأخري للظاهرة. وأكدت المبادرة المصرية أنه كان الأحري إدخال تعديل شامل لقانون الباعة الجائلين، الذي مر علي صدوره خمسة وخمسون عاما ليلائم اتساع الظاهرة وينظمها، بل ويشجع نشاط الباعة الجائلين بعد تنظيمهم وتسجيلهم باعتبار أن نشاطهم الاقتصادي هو إسهام في جهود مكافحة الفقر والبطالة، وهو الخط الذي انتهجته بالفعل حكومات كالهند وجنوب إفريقيا وتايلاند وبيرو والبرازيل عبر تطوير سياسات لاستيعاب وتنظيم الاقتصاد غير الرسمي كأداة من أدوات التنمية. كما شددت المبادرة علي أن استعادة الدولة لما يسمي هيبتها في السياق الحالي لن يأتي عبر إرهاب الباعة الجائلين باسم فرض النظام ومحاربة الفوضي، وإنما بكفالة حقوق الفئات الأكثر فقراً وتهميشا في المجتمع، ولاسيما أن أغلب الباعة الجائلين، الذين يتجاوز عددهم طبقا لبعض التقديرات الملايين الخمسة في شتي أنحاء مصر، يعانون في الأصل من الفقر، وضعف التعليم وغياب فرص العمل اللائقة في الاقتصاد الرسمي. نزلنا لاستطلاع رأي من سيطبق عليهم هذا القانون.. قابلنا محمد عبدالسلام الذي يبيع ملابس علي أحد أرصفة وسط البلد فقال حتي لوصلت الغرامة لعشرين ألف جنيه لن أترك هذا المكان الذي أعمل به منذ عشر سنوات تقريبا ولن أدفع شيئاً فإذا كانوا يريدون أن أترك هذا المكان عليهم أن يجدوا لي وظيفة أخري بمرتب معقول أستطيع أن أصرف به علي إخوتي. أما حسن الكوتش الذي يبيع ساعات بميدان رمسيس فقال: كل الأفكار التي تقدمها الحكومة بخصوصنا غير عملية ولايمكن تطبيقها فمثلا نظام سوق اليوم الواحد أثبت فشله لأنهم يريدون أن يصادروا بضاعتنا ودفع مبلغ يصل آلاف جنيه هذا ظلم واضح فهم لا يفكرون إلا في التخلص منا دون أن يفكروا في حل مشاكلنا. في حين قال أمين محمد الذي يبيع الموبايلات الصيني فهذه الحكومة مثل الحكومات السابقة لايهمها الغلابة أمثالنا ، فبدلا من توفير مكان لنا تطاردنا الشرطة ومهما زادت مطارتهم لنا لن نترك أكل عيشنا.