بداية أعتذر للقارئ الكريم عن عدم الكتابة لثلاثة أعداد متتالية لظروف خاصة، خارجة عن إرادتي.. وخلال هذه الفترة نُشر لي حديث بالزميلة مجلة "الأهرام العربي" المحترمة، التي تقوم بحملة صحفية موضوعية ورائعة لمواجهة الفساد الذي استشري بالمؤسسات الصحفية القومية علي مدي ثلاثين عاما بما فيها الأهرام ذاته ونتج عن ذلك تجريف ونهب تلك المؤسسات حتي أصبح معظمها يعاني بشدة، بشهادة مالكها مجلس الشوري، الذي يتولي دفع كامل مرتبات العاملين ببعض تلك المؤسسات، المنهارة منذ عدة أشهر.. الغريب أنه في ظل هذه الفضائح والنتائج الظاهرة للعيان مازال البعض يملك الجرأة علي نفي الحقائق المُثبتة بالواقع الفعلي وبالأدلة والمستندات، ظانا من خلال حماية خفية، عميقة يتمتع بها حتي الآن رغم هربه بالخارج أنه استطاع "تستيف" أوراقه أو أن مستشاره القانوني الذي لازمة طوال تلك العقود (الزمنية والورقية) لاتفوته فائتة.. هيهات هيهات، وعشم إبليس في الجنة! (1) ردا علي المجلة المحترمة تعطف وتفضل وتكرم الأستاذ إبراهيم سعده (بتواضع جم) بالتعليق علي بعض ما قدمه لها كاتب هذه السطور من وقائع ومستندات دون بعضه الآخر. قال: " إنه لم يعرني أدني اهتمام طوال عشرين عاما لم أتوقف خلالها عن كيل الاتهامات والأكاذيب والافتراءات ضده وأنا جالس علي مقهي ب"الباطنية"، وأنه لم يفكر في الرد أو رفع دعوي سب وقذف ضدي اقتناعا من جانبه ببعض المقولات التي يتقن أصحابها توصيف أمثالي من الشتامين المتطاولين.. وحاول الإيهام بأنه ليس هاربا بسويسرا رغم أنه يكتب مقالا يوميا عن مصر دون وجوده بها طوال 17 شهرا(!) وأنه استأذن الأستاذ محمد بركات رئيس المؤسسة وقتها في السفر دون علاقة عمل رسمية فهو بالمعاش لمرافقة زوجته لإجراء عملية جراحية (ما الجراحة التي تحتاج لأكثر من سنة ونصف السنة).. وللأمانة فقد دخل مصر مرة سرا (حتي لايجبر علي الذهاب للتحقيق معه أمام نيابة الأموال العامة في البلاغ المفتوح فعلا وقدمت فيه أقوالي، وذلك ليثبت شكليا فقط بأنه ليس هاربا).. وياللمصادفة العجيبة، فالأستاذان سمير رجب وإبراهيم نافع (ضلعا مثلث أباطرة الصحافة الآخرين) تلقيا الاتهامات ضدهما وهما بالخارج.. ومن المؤكد أنهما يعتبران نفسيهما غير هاربين أيضا.. فمن ينبه هؤلاء قبل اتهامهم أو إعلانهم بالتحقيق (2) أشار الأستاذ سعده إلي شهادة مقدمة من إدارة المؤسسة، وقد عرضها عليه سيادة المستشار المحقق تفيد بأنه لم يستفد من أموال الإعلانات، كما أشار في فقرة تالية لما يعني أنه لم يستفد كذلك من مال الهدايا التي تشتري أيضا من مال الإعلانات، وتقدمها المؤسسة للمعلنين.. وذكر أيضا علي غير الحقيقة أن مجلس الإدارة حدد بوضوح وحزم ألا تزيد قيمة الهدايا عن خمسة في المائة من حصيلة الإعلانات، علما بأن أرقام ميزانيتي آخر سنتين له كرئيس لمجلس الإدارة تقول إنه خصص 25 و33 مليون جنيه للهدايا علي التوالي، فنرجو أن يثبت لنا أن حصيلة الإعلانات سنتي 2004، 2005 كانت 500 مليون ثم 660 مليونا علي التوالي.. وكان الأستاذ سعده أول من أضاف عادة تقديم الهدايا لغير المعلنين (وعلي رأسهم رئيس الدولة وأسرته وكبار المسئولين الذين أبقوا علي بعض رؤساء الصحف بمناصبهم وهو منهم لمدد زادت علي ربع القرن، وتميزت بالفساد غير المسبوق!).. وهو ينسي أن كلا من مال الإعلانات والهدايا أيا كانت مكانة المسئول المقدمة إليه مال عام، ممنوع إهداره قانونا، ناهيك عن تقديمه كرشاوي.. فقد لايحاسب المتلقي للهدية جنائيا وإنما الذي يحاسب بكل تأكيد هو المهدر للمال العام.. ونسي كذلك الأستاذ سعده أن الشهادة من مرءوسين له عليهم أفضال بالتأكيد مسألة سهلة ومردود عليها بمستندات ممهورة بتوقيعه الكريم (موجودة)، وقت أن كان يذهب بنفسه حتي وهو رئيس مجلس إدارة لمحل الهدايا "خ..." بالزمالك، ويختار مايريد بنفسه ويشاركه في التوقيع عليها مدير الإعلانات السابق السجين حاليا في قضية فساد وكسب غير مشروع! وكان سعده هو أول من خالف القانون وجدد الخدمة لهذا المدير السجين بعد خروجه للمعاش، وأسند له نفس العمل التنفيذي الذي كان يتولاه قبل المعاش، وذلك لأكثر من عشر سنوات، بما يحمله ذلك من مخالفة صارخة للقانون ومن شبهة المصلحة المشتركة، فيما اتهم فيه نفس مدير الاعلانات ورئيس المؤسسة التالي للأستاذ سعده وأدي بهما لذلك الحكم بالسجن. (3) وفي رد له علي سؤال من سيادة المستشار المحقق قال الأستاذ سعده: إنه لم يستفد من أموال الإعلانات سيرا علي سنة الكبار الذين سبقوه في رئاسة المؤسسة وعلي رأسهم التوأمان علي ومصطفي أمين.. وفي الحقيقة أنه ينسي أنه حتي إذا تمكن من إخفاء وتغيير مسمي حصوله علي مبلغ مقطوع (ثابت) من الإعلانات قبل أن يطور مدير الإعلانات السجين تلك الطريقة بجعلها مبالغ متغيرة بنسب مئوية من الحصيلة، فإن الأستاذ سعده ينسي أن تربيح الغير من نفس أموال الإعلانات هو جريمة أكبر في المال العام، فهي تحمل عدة اتهامات جنائية بإهدار المال العام وتربيح الغير وشبهة التربح للنفس باحتمال اقتسام نفس المال تحت توقيع الآخر الذي قام بتربيحه.. وهنا مستند دامغ سجله جهاز المحاسبات بأنه قام بتربيح ابن أقرب أصدقائه الذي استقبله ببيته بعد غضب عبدالناصر عليه واستدعائه له من سويسرا لسبب يتصل باهتمامه البالغ باقتناء أحدث موديلات السيارات، وقد وقع قرارا مشتركا مع نفس مدير الاعلانات السجين بمنح ذلك الابن نسبة 1٪ من أسعار السيارات التي تباع كبضائع للعاملين بالمؤسسة وحقق ذلك عدة ملايين لابن الصديق منذ عام 2001 وحتي2012 والذي اعترف وقام برد أول دفعة منها للمؤسسة عن مدة سنتين، بدون غرامة أو تصعيد في الإجراءات لحصوله عليها بحسن نية، بينما الشق الجنائي يتحمله الموقعان علي قرار التربيح (سعده وهاني كامل السجين عن قضية مماثلة بالضبط.. وبالرغم من ذلك لم توجه لسعده اتهامات في هذا الشأن للآن. (4) من المؤكد أن السؤال يفرض نفسه: من يحمي سعده وييسر له الهروب وعدم فتح أو استكمال التحقيق في الاتهامات مثله مثل إبراهيم نافع وسمير رجب وشركاء سعده في كل مايخص مغارة علي بابا أو »شركة أخبار اليوم للاستثمار« علي مدي عشرين عاما.. وهذه الشركة قصة أخري تستحق إخراجها من هذا التعقيب ومعها ما أشار إليه رد سعده بنفي بيعه أو تنازله عن أي أراض من هذه الشركة سواء لعلاء أو جمال مبارك.. فالمسألة تدخل دائرة الجريمة المنظمة باللعب مع الكبار في المليارات وتشمل معها بقية أنشطة الشركة التي لم تجلب مشروعا أو جنيها واحدا من خارج المؤسسة، وكان كل نشاطها امتصاص دم وموارد المؤسسة من أموال سائلة ومن اقتسام خفي للإعلانات التي ترد للمؤسسة علي سبيل التحديد، بالإضافة لأنشطة أخري.. وهو ما يستحق مقالا قائما بذاته كما يستحق بلاغات جديدة كانت مؤجلة لتقديمها للنائب العام الذي يفترض أنه سيفتح كل البلاغات والملفات بإذن الله. (5) من جانب ثان أعطي الأستاذ سعده امتيازات أخري لتربيح ابن الصديق ذاته، ومنها نسب عمولات ومكافآت وحوافز وبدلات سفر لعدد كبير من الدول من خلال المنصب الضخم رغم صغر السن حينما أسند له رئاسة تحرير مجلة "أخبار السيارات" ومعها ملحق سيارات "أخبار اليوم" الإعلاني بالرغم من أنه يعلم أن الصحفي عضو نقابة الصحفيين لا يحق له الاستفادة من الإعلانات، وقد تنازل عن العضوية في واقعة فريدة للهروب من القانون فيما يخص ماهو آت من ملايين!.. كما أتاح الأستاذ سعده لأول مرة بعلانية ووضوح أكثر من أي رئيس مؤسسة سابق لرؤساء التحرير ولجميع صحفيي المؤسسة جلب الإعلانات، وقرر رفع نسب العمولة التي تقدم لهم مع تغيير مسماها كما فعل لنفسه هروبا من القانون 96 لسنة96، وتكررت عملية تربيح الغير من الأستاذ سعده لمراسل للمؤسسة بإحدي الدول الأوربية مقرب منه جدا فرفع له نسبة العمولة من (2.5٪ 5٪) التي تصرف داخليا إلي 25٪ باعتبارها إعلانات خارجية رغم أن معظمها يأتي من السوق المحلية بعلم سعده ومعه مسئولو الإعلانات، واستمر علي نفس المنوال رؤساء المؤسسة الذين تعاقبوا بعده.. والمستندات متوافرة! ومن عجائب عالم الصحافة أن يستكمل سعده ممارسة هواية حبه الجنوني لأحدث موديلات السيارات بإنشاء مركز أو ورشة لإصلاح وصيانة سيارات فيات (مؤسسة صحفية تعمل في إصلاح السيارات!).. وأسند عملية التأسيس لنفس المراسل ووصل البذخ في المصاريف لحوالي عشرين مليون جنيه.. واستمرارا لنفس النهج من شبهات تربيح الغير أمر بتأثيث المركز من محلات "موبيكا" التي يمتلكها زوج ابنته ويتعامل معها سعده ومعاونوه باستمرار، وقد وقعت حادثة صغيرة لكنها فاضحة.. فقد اكتشفوا عدم وجود 82 كرسيا فخما من الأثاث الذي طلب من موبيكا لمركز السيارات، وقد وجدت للأسف في كافيتريا فخمة بالمهندسين يملكها نفس المراسل وربما معه شركاء، لكن سعده استبعد هذه الكراسي من الصفقة فورا وسرا، دون تحقيق أو عقاب المرتكب للجريمة. (6) في ختام ما أكتفي به من تعقيب علي بعض ما رد به الأستاذ سعده علي "الأهرام العربي" أشكره علي ما ذكره من تفرغي طوال عشرين سنة لاختلاق الأكاذيب ضده.. ولسوء حظي أو حظه لا أعلم فإنني بالصدفة البحتة لست من رواد المقاهي لا في الباطنية" حيث "..." الذي يعنيه ولا غيرها، كما أنني لست من رواد بارات نادي العاصمة حيث "..." الذي أعنيه.. ولسوء حظي أيضا وربما لسوء حظه أنني لم أحصل علي مناصبي الصحفية داخل المؤسسة والتي وصلت لأعلي مما حصل عليه هو قبل أن يختاره الرئيس السادات رئيسا لتحرير أخبار اليوم بكذبة بيضاء معلنة وشهيرة من المرحوم الأستاذ موسي صبري إضافة إلي جهات عميقة تحقق "لبن العصفور" للبعض وربما تيسر دخول نقابة الصحفيين علي الرغم من أن المؤهل قد يكون أقل من الجامعي والذي يضعه القانون كشرط حاكم. (7) كما أنني سأظل أعير الأستاذ سعده ما يستحقه من اهتمامي متجاهلا الأخطار الجادة التي بدأت تلوح حولي، ومنها نقل أحد فردي الحرس الخاص به (محمد وعلي) خلال هروبه الحالي بسويسرا للعمل بالصدفة بالعمارة التي أقيم بها.. فمرحبا بالحارس محمد علي كل حال.. أما السنوات التي يعتقد أنني تفرغت له فيها فإنني أذكره أن نصف تلك المدة تقريبا كنت ومعي زملائي مهتمين ببعض المسئولين الآخرين الفاسدين بالمؤسسة وقد أدي اهتمامنا بهم إلي كشفهم وتقديمهم للعدالة وسجنهم واسترداد ملايين الجنيهات منهم لمؤسستنا الحبيبة.. ومع كل إهمال الأستاذ لي ولأمثالي (سبحان الله)، فقد فصلني ومعي أربعة زملاء محترمين بعد أن لفق لنا هو ومستشاره القانوني الأستاذ فريد الديب اتهاما مضحكا ثم منعني بمفردي من الكتابة عشر سنوات.. وفي مرحلة ما قبل هروبه مباشرة جرب أن يرسل لي ومعه شريكه في لعبة الأراضي عرضا برئاسة التحرير في وجود عدد كبير من الزميلات والزملاء واعتذرت أمامهم.. فماذا عساه أن يفعل أكثر من ذلك لو أعرني بعض اهتمامه؟.. كان الله في عوننا جميعا.