ارتفاع الحد الأدني للقبول بكليات القمة وفقا لما أسفرت عنه نتيجة المرحلة الأولي للتنسيق للثانوية العامة أصاب الجميع بالحيرة، فقد وصل الحد الأدني للقبول في بعض كليات القمة إلي أكثر من 100٪، هذا الأمر أصاب طلبة الثانوية العامة بالإحباط. فالطالب الذي يحصل علي مجموع 98٪ في شعبة العلوم، ولا يلتحق بالكلية التي يرغبها يشعر بالفشل رغم تفوقه العلمي الباهر.. وهذا يعني أن نظام التنسيق.. رغم عدالته في تطبيق نظام تكافؤ الفرص المعمول به منذ سنوات طويلة ماضية، لم يعد يناسب المتغيرات العديدة التي طرأت علي نظام التعليم في مصر.. فقد تغيرت خريطة التعليم الجامعي.. فإلي جانب الجامعات الحكومية الشهيرة، مثل جامعات القاهرة وعين شمس والإسكندرية، ظهرت الجامعات الإقليمية التي تغطي مختلف أقاليم الجمهورية، وظهر داخل بعض هذه الجامعات نظام الساعات المعتمدة بمصروفات.. هذا بخلاف ظهور الجامعات الخاصة بالمصروفات.. بالإضافة إلي الجامعات الأجنبية، مثل الجامعة البريطانية والجامعة الألمانية، والجامعة الفرنسية وغيرها. ومع ارتفاع المصروفات والتكاليف الباهظة للتعليم الجامعي الخاص، ليس أمام أبناء جموع الشعب إلا السعي للتفوق للالتحاق بالجامعات الحكومية التي توفر التعليم شبه المجاني.. إلا أن هذه الفرص تتضاءل سنة وراء أخري مع ارتفاع الحد الأدني للقبول بالكليات المميزة التي يتم شغل معظم أماكنها في المرحلة الأولي للتنسيق.. وهذا يقتضي أن يعاد النظر في قضية التعليم عموما، والتعليم الجامعي بشكل خاص، باعتبار ذلك استثمارا في البشر، وأحد محاور التنمية البشرية، فمعظم دول العالم تنظر للتعليم باعتباره استثمارا طويل الأجل له مردود إيجابي علي المجتمع، ويسهم في تحسين نوعية الحياة، وتحقيق التقدم والتنمية المستدامة، وإلي جانب التوسع في الجامعات الخاصة، يتعين علي الدولة أن تنشيء المزيد من الجامعات الحكومية لاستيعاب الأعداد المتزايدة.. فالجامعات بمثابة مراكز إشعاع حضاري تحقق نقلة نوعية للمجتمعات في سنوات قليلة وتسهم بفاعلية في تغيير ثقافة وعقلية تلك المجتمعات بما يحقق المزيد من النهضة والتقدم!