(مكرمة خليفة) .. كلمتان مختصرتان بالصوت النابع من القلب واللسان، إلا أنهما بالصدي لم تعد سُباعية الأصداء ضمن الحدود الجغرافية للإمارات السبع .. الشجرة المثمرة وإن كانت سُباعية الأغصان، فإن ثمارها لم تعد تتساقط علي رؤوس المواطنين الإماراتيين الغرقي بالمعيشة الكريمة فحسب، بل امتدت ينابيع نهر العطاء لمكرمة خليفة وشلاّلاتها، بصداها بين البحار إلي ما وراء البحار. مكرمةُ خليفة لم تعد بامتدادها الجغرافي الطبيعي من أبوظبي إلي الفجيرة، ومن رأس الخيمة إلي السلع فحسب، بل ومكرمته صوت وصدي من صنعاء وعدن، إلي مقديشو وبربرة، وجلال آباد وقندهار، كما كانت بالصوت والصدي يوما بين زلازل كشمير وألغام بيروت والمستشفيات المتنقلة ببصرة العراق ومخيمات بوسنة وهرسك. شعبانُ هذا العام هلّ علينا بأخبار ليست غريبة من القيادة الإماراتية، ولا هي جديدة علي شعب الإمارات، فأثلجت قلوب الإماراتيين بأخبار سارة من أراض ومنح وتمويلات وقروض بلا فوائد وغيرها .. شعبان يا شهر العباد والبلاد ورب العباد، يامن سبقه رجب ويليه رمضان، ونحن في شهور الخير وبلاد الخير ومع أشبال زايد الخير وراشد الرشد، بوعي ومكارم وحكم ويقظات، نقف أمام الله عاجزين عن الشكر له علي تلك القيادة الرشيدة التي يرأسها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد رئيس الدولة، وأخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد نائب رئيس الدولة رئيس الوزراء حفظهما. الإماراتيون اشتهر عنهم حكومة وشعبا، الطيب والتواضع والكرم والأخلاق الحسنة، والعيشة الكريمة أيضا سمة سماوية أكرم الله بها هذا الشعب الكريم، كما إن القيادة الرشيدة هي الأخري من نعم السماء للإمارات الرحبة العامرة التي ما إن دخلها الزائر سالما بسلام آمنين، إلا وأحبّها وطنا، وأحب مواطنيها فأحبوه ضيفا كريما دائما. سيدي مكرماتكم الدائمة يُلزم المواطن أن لا ينسي الوطن، ولن يفقد انتماءه وولايته، أينما ذهب تعيده مكرمتك ليساهم في بناء الوطن، ليضع خبرات عمره رهن إشاراتك في مشاريع الوطن، لن يسأل كم تعطوني راتبا، وإنما كم ساعة إضافية يحتاجها مني الوطن يا طول العمر، لا يهمه موديل سيارته، بل تهمه مواقع المشاريع التنموية أينما توجد يصلها ولو بالحافلة او مشيا بالأقدام، ولايهمه التخت والسرير بالحرير، إنه يقبل الخيمة الصحراوية موقعا للعمل، ليحول منها الصحراء الي واحة غنّاء. المكرمة الجديدة كلها أرقام، منحة وقروض مساكن تشمل 0002 مستفيد بقيمة 0000000004 مليارات درهم، تتوزع علي 7821 مستفيداً في أبوظبي والمنطقة الغربية، و317 مستفيداً في المنطقة الشرقية .. هذه الأرقام تنطق بنفسها عن الإمارات وشعبها وقيادتها في زمن باتت الدنيا كلها أرقاما، لكنها أي نوع من الأرقام؟ هناك شعوب تحكمها السياط والكرباج، وحكّام يحوم حولهم المنافقون والدجالون والطبالون .. الدنيا كبيرة وبكبرها شعوب وشرائع وسلاطين، شعوب محكوم عليها برمتها بالمؤبد أو الإعدام قبل أن يولد، هناك قضاة يحكُم عليها لصوص، وأحرارٌ يتحكّم بهم العبيد.. ففي هذه الدنيا الّلاهبة الملتهبة، يجب أن نركع لله ساجدين شاكرين كلما رأينا الإمارات تزدهر بجنان واخضرار وشعبها بالخيار والأخيار. أرقامٌ تُفرح القلوب، وهي تتزايد تفاقُم رذاذات أمطار الخير، هذه الأرقام من المفترض أن تجعل منا مواطنين يؤدون أعمالهم بذمة وأمانة وإخلاص، ونصمد بالعطاء للوطن مقابل عطاءات قادة الوطن، هذه الأرقام قد تتحول من اليمين إلي الشمال إن لم نُقدّر قيمتها المادية والمعنوية، وأرقام إلي الشمال لايحسب لها حساب، إذن ليست البطولة في أنك تبني بهذه الأرقام بيتا جميلا دون أن تفكر كيف تجعل بلاد غدك أجمل من بلاد يومك، صدقوني كما أن القائد العام للقوات المسلحة يؤذيه ما يؤذي جنوده ويشفيه ما يشفي جنوده، والطيار في الجو وقبطان السفينة في البحر يأنسان ويتأذيان من طاقمهما ، كذلك قائد الوطن يؤنسه المواطن المعطاء البنّاء ويؤلمه الكسول الخمول. إننا إستلمنا الإمارات عامرة بفضل سهر الليالي من الآباء والأجداد الذين صبّوا العرق علي كل لبنة من لبنات بنائه أيام التعب والمشقة، واليوم من واجبنا أن نسهر عليها بأبنائنا وأحفادنا، المواطن الذي يريد أن يشكر رئيس دولته علي مكرمته، عليه أن يساهم في أصفار بلاده من اليمين زمن الكساد الاقتصادي الذي عانينا فيه من عيون مستعارة لم تكن تبك علينا بحرارة، وإنما غادرتها شامتة ساخرة مستهزئة وفي جعبتهم الملايين من خيرات البلاد .. الأزمة الاقتصادية باتت عالمية، والإمارات لكونها عالمية الخُطط والخُطي، عانت هي الأخري مع العالم جزءا من هذا الكساد، فزاد الكلام علينا من الأصدقاء قبل الأعداء، وأكثر الناس ضجّة وضجيجا كانوا من الذين عاشوا علي خيرات الامارات وغادروا بها في حقائبهم، وهم يمسحون علي شواربهم ساخرين شامتين.! وفي النهاية مهما تكرّم علينا الوطن وقادة الوطن من الأرقام، فإنه من غير المعقول أن يبقي المواطن صفرا، بل يجب عليه أن يبقي في وطنه رقما كبيرا، يعمل ويكد، يبني ويشيّد، ويحافظ علي وحدة الصف والولاء الوطني ويتواجد دائما في خط الدفاع الأول، لايسمح للشيطان من الداخل أن يُنمّي فينا الكسل والخمول ولا يفسح الطريق للدخلاء من الخارج التسلّل بالدجل والذيول .. وهكذا يصدُق فينا القول غدا وبعد غد، ما صدق بالأمس القريب والبعيد (إن كانت الإمارات هكذا، فهكذا يبقي الإماراتيون.!)