مئات المليارات هربت من مصر بعد الثورة بعيدا عن أعين الجهات الرقابية! "الأربتراج" نظام وآلية بالبورصة المصرية يسمح بتحويل الأسهم بين بورصتي مصر ولندن بحيث يمكن شراء الأسهم من إحدي البورصتين وبيعها في الأخري.. مع إمكانية تحويلها من الجنيه إلي الدولار بإجراءات سهلة وبسيطة.. مما يعد بمثابة –البوابة الذهبية-للفاسدين لإجراء عمليات غسيل وتهريب الأموال للخارج بعيدا عن أعين الجهات الرقابية، لأنه لا ينم عن حجم العمليات التي تتم من خلالها.. كما أن العملية لا تتم باسم صاحبها ولكنها تتم باسم شركة سمسرة الأوراق المالية. ومن الواضح أن هذه هي الطريقة التي تم بها تهريب مئات المليارات الدولارية للخارج عن طريق البورصة من بعد الثورة ، خاصة وسط هوجة اتجاه المستثمرين لبيع الأسهم ومغادرة مصر وبالتالي لم يظهر حجم الأموال التي تم تهريبها من مصر في تلك الفترة. خبراء سوق المال يطالبون بإيقاف العمل بآلية "الأربتراج" والذي يعد فرصة كبيرة للفاسدين لإخراج أموالهم من مصر وهو الأمر الذي يتعارض مع مطالب الثورة بملاحقة الفساد وإعادة الأموال المنهوبة إلي خزينة الدولة خاصة في ظل الغموض وعدم الإفصاح عن حجم عمليات "الأربتراج" التي تتم بين بورصة مصر ولندن، ويتم من خلاله إجراء عمليات غسيل وتهريب الأموال مع تحويلها من الجنيه إلي الدولار بإجراءات سهلة وبعيدا عن أعين الجهات الرقابية وذلك علي الرغم من تشديد إجراءات عمليات التحويل . وتتم من خلال طلب يقدم للبنك المركزي وهيئة الرقابة المالية ليتم مراجعته قبل الموافقة عليه علي أن تتم عملية التحويل بعد مرور خمسة أيام عمل بالإضافة إلي فترة التسوية الخاصة بعملية البيع والشراء وهو ما يؤدي إلي حصول الهيئة علي الوقت الكافي لمراجعة عملية التحويل للتأكد من عدم وجود أي شبهة لتهريب الأموال بالخارج . وعلي الرغم من ذلك -كما يؤكد محمد سعيد خبير أسواق المال- لا تتوافر لها آليات الرقابة الكافية التي يمكن من خلالها إجراء عمليات تهريب الأموال بسهولة خاصة أن اسم العميل البائع في بورصة لندن لا يمكن معرفته حيث تتم عمليات البيع باسم شركة السمسرة. كما أن نظام "الأربتراج "يسمح لشهادات الإيداع الدولية بالتحكم في أسعار الأسهم المصرية وبالتالي فإن المستفيد الأكبر هو المستثمر الأجنبي الذي له صلاحيات وآليات واسعة في بورصة لندن تتيح له تحقيق أكبر نسبة ربح ومن أهمها أن بورصة لندن تطبق آلية البيع علي المكشوف بحيث يمكن للمستثمر بيع أسهم لا يملكها علي أن يقوم بعد ذلك بشرائها وتسديد ثمنها في خلال شهر وبالتالي فإن العديد من الأجانب يقومون ببيع شهادات الإيداع الدولية لبعض الشركات المصرية في بورصة لندن علي سعر محدد يتسبب في انخفاض سعر أسهم تلك الشركات في بورصة مصر ثم يقومون بشراء تلك الأسهم من السوق المصرية بسعر منخفض وتسديدها لصاحبها في بورصة لندن علي السعر المرتفع والذي تم تحديده من قبل محققين أرباحا كبيرة. ويرفض محمد صلاح خبير أسواق المال عودة آلية "الأربتراج" نظرا لأنها من الممكن استخدامها عن طريق أشخاص ما زالوا يخضعون للمساءلة والتحقيق وتوجد عليهم شبهات وبالتالي قد يصبح "الأربتراج" منفذا لتهريب أموالهم بالإضافة لموقف الدولة الاقتصادي والسياسة النقدية المتعثرة التي تجبر البنك المركزي علي اتباع سياسة تقنينية للتحويلات مما يجعلنا نطالب بإعادة وقف آلية الأربتراج وحتي تحسن الوضع الاقتصادي للدولة ولابد أن يتخذ القرار من قبل البنك المركزي. إن إعادة العمل "بالأربتراج " كان مفاجأة لجميع المتابعين لسوق المال المصرية خاصة أنها تعد أحد الطرق التي يمكن استخدامها في تهريب الأموال إلي الخارج مشيرا إلي أن إلغاء الإجراءات الاحترازية مع عودة الأربتراج سيؤدي إلي توفير المناخ المناسب لكبار المستثمرين لتصريف الأسهم.. بجانب عدم القدرة علي مراقبة التعاملات علي هذه الأسهم في بورصة لندن نظرا لعدم وجود أي سلطة للبورصة المصرية علي هذه الأسهم مطالبا البورصة وهيئة الرقابة المالية بإعادة النظر في القرارات والاتفاقيات الحاكمة لعملية القيد المزدوج خاصة بعد الأضرار التي لحقت بالمستثمرين نتيجة لإيقاف التعامل علي سهم شركة أوراسكوم تليكوم القابضة في البورصة المصرية وقت تقسيم الشركة في الوقت الذي كان يتم التداول علي السهم في الخارج في لندن وهو ما يعد تجاوزا ومخالفة لمبدأ تكافؤ الفرص بين المستثمرين. وعلي النقيض تماما يري خبير أسواق المال عُمر رضوان عدم وجود تأثير سلبي لعمليات "الأربتراج" في البورصة المصرية، رافضا الانتقادات التي وجهت إليها في الفترة الماضية..مشيرا إلي أن هذه العملية عبارة عن شراء أسهم في مصر، في مقابل بيع عدد مماثل من شهادات الإيداع الدولية أو العكس في نفس اللحظة، ثم تحويل الأسهم المصرية المُشتراة إلي شهادات إيداع دولية لينتهي الحال بالمستثمر إلي امتلاك نفس عدد الأسهم وشهادات الإيداع الدولية التي كان يمتلكها قبل بدء عملية الأربتراج؛ محققاً الاستفادة بفرق السعر بين شراء الأرخص وبيع الأغلي في نفس اللحظة. وقال إن الخطر يأتي عند استخدام عملية الأربتراج بشكل غير مكتمل من خلال تحويل الممتلكات بالجنيه المصري إلي الدولار؛ وهذا يسمي عملية تحويل – التي هي جزء من الأربتراج وإحدي مراحله- وليس عملية أربتراج كاملة، لافتا إلي أنه في معظم العمليات يكون الاستخدام شرعيا ومنطقيا وله أسبابه، ولكن قد يستغله البعض في عمليات تهريب الأموال. مؤكدا أن عمليات الأربتراج تخضع لعدد من الجهات الرقابية التي تستطيع ضبط أي عمليات تهريب تتم من خلال الاستخدام السيئ غير المكتمل لها؛ حيث يراقب عليها البورصة المصرية، ومصر المقاصة، والهيئة العامة للرقابة المالية، والبنك المركزي بالإضافة إلي بنك الإيداع، مشيراً إلي أنها كانت قبل ثورة يناير تتم عمليات التحويل في يومين، وبعد الثورة قام البنك المركزي بمد فترة التحويل إلي خمسة أيام حتي تتم عمليات المراقبة، وحظر أي مخالفات. أما عن مميزات الأربتراج فإنها تسمح للأجانب بدخول استثماراتهم للبورصة المصرية، مع حرية الحركة للمستثمر الأجنبي التي إذا عرقلناها ستؤدي إلي سحب تلك الاستثمارات من مصر؛ الأمر الذي قد يعرض مصر للخروج من المؤشرات الدولية.