في الحقيقة مصر تفتح عهدا جديدا في علاقاتها الخارجية .. وتبحث عن بسط كامل سيادتها علي قرارها الخارجي . اللافت كان هو الموقف الأمريكي الذي يحاول حتي هذه اللحظة فهم الموقف المصري الجديد والرد علي الموقف المصري الذي أصبح يأخذ ويرد علي المطالبات الأمريكية ولم تجد أمامها رغم الهجوم الشديد علي مؤسساتها العاملة في مصر حيث أكد السفير سامح شكري سفير مصر في واشنطن - أن هناك قدراً من القلق من الآثار المترتبة علي إحالة عدد من المتهمين للمحاكمة الجنائية وأغلبهم أمريكان ومنظمات علي صلة بالولاياتالمتحدة وأهداف تشير إلي دعم التحول الديمقراطي والحريات في القاهرة، إلا أنه لم يرق إلي مستوي الأزمة الدبلوماسية. ونفي، شكري التقارير الإعلامية الغربية التي تحدثت عن مقاطعة الأمريكان للوفد العسكري المصري، أو رفض مقابلتهم، لافتاً إلي أن الوفد التقي عدداً من النواب في الكونجرس الأمريكي وأعضاء الإدارة الأمريكية والخارجية هناك واستمرت اللقاءات الأكثر من 13 يوماً وكان مخططاً للقاءات أكثر لكن تم الاكتفاء بذلك. وحول ملف التمويل الأجنبي وتأثير ذلك علي المعونة الأمريكية، قال السفير المصري، إن هناك تقارير إعلامية أشارت إليه لكن لم يتم التطرق إليه رسمياً، والحقيقة أن الأمر بعيد حتي الآن عن أخذ قرار بشأن ذلك، والموضوع يتعلق بمطالبات نواب الكونجرس والقضية محل دراسة بين حكومتي البلدين. وعلي مستوي المؤسسات الحقوقية قال نجاد البرعي رئيس المجموعة المتحدة ومحامي ممثلي المعهدين الأمريكيين ومؤسسة فريدوم هاوس المتهمين في قضية التمويل الأجنبي إن القضية لها بعد سياسي خطير وليست قانونية بحتة مستطردًا أنها تأتي في إطار صراع مصري - مصري علي السلطة بهدف إفساد التحالف الحالي بين المجلس العسكري والإخوان المسلمين. وأضاف البرعي بعد قرار إحالة 43 متهماً لمحكمة الجنايات علي ذمة قضية التمويل الأجنبي لاتهامهم بتأسيس فروع لمنظمات أجنبية داخل مصر وتلقي أموال من الخارج وإنفاقها علي أنشطتهم دون الحصول علي موافقة الحكومة المصرية، إن المؤسسات الأمريكية سعت للحصول علي مقرات لها في مصر لكي تثبت جديتها في هذا الشأن حسب النصوص القانونية مشيرا إلي أن ال20 مليون دولار التي حصل عليها المعهد الجمهوري ال IRI هي مجمل ميزانيته خلال فترة عمله في مصر منذ سبع سنوات. واستطرد البرعي قائلاً: القضية ستسفر عن أزمة مرتقبة بين مصر وأمريكا حيث لجأ المتهمون أصحاب الجنسية الأمريكية لأول مرة إلي سفارتهم في مصر وهذا أمر لم يحدث منذ عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر. وأكد البرعي أن هناك من يريد توريط الحكام الجدد في مصر للدخول في صراعات داخلية وخارجية سواء من خلال تشتيت الرأي العام وانشغاله بالمظاهرات العديدة التي تحدث بالداخل أو من خلال الدخول في صراعات خارجية مع أمريكا والاتحاد الأوروبي، فهذه عملية معقدة ومتشابكة للصراع علي السلطة، علما بأن ال20 مليون دولار المنسوبة للمعهد الجمهوري تم إنفاقها علي مدار عملها في مصر خلال السبع سنوات الماضية وليست في الوقت الأخير كما يقال ولكن هناك من يريد أن تصل الرسالة بهذا الشكل لأغراض أخري فإذا افترضنا أن كل ما قيل عن هذه الدورات صحيح فكيف يمر هذا الموضوع علي خير وسلام بهذه الطريقة الغامضة وكيف لم يتم التحقيق مع الصحفية التي فجرت هذه القضية وإعلان تفاصيل التحقيقات للرأي العام، المشكلة أننا نصفي حساباتنا مع الصحف ولذلك أنا سعيد بهذه القضية لأنها تعد الأولي من نوعها التي اتخذت إجراءاتها الطبيعية نحن نريد أن نصل إلي المحكمة لنقطع الشك باليقين وتصبح الأمور واضحة أمام الجميع. كلام البرعي علي الرغم من وجاهته وقوته لم يستطع أن يطمئن المؤسسات الحقوقية المصرية التي تعيش حالة من الرعب بعد عمليات المداهمة التي قامت بها ، منذ أن داهمت السلطة المصرية عددا قليلا من مقرات المنظمات الأجنبية والمصرية أبرزها المعهدان الجمهوري والديمقراطي ومنظمة فريدوم هاوس ، وأغلقتها بعد مصادرة محتوياتها ، كما أحالت بعضا من القائمين علي تلك المنظمات إلي قضاة تحقيق وجهوا لها تهم إنشاء وإدارة فروع لمنظمات "دولية" داخل البلاد دون ترخيص من الدولة وتلقي أموال أجنبية. وأسفرت التحقيقات عن ضبط ملفات في مقر جمعية (سهم الثقة) 7أبريل توضح رصد مواقع الكنائس في مصر، بالإضافة إلي تقارير عن رصد مواقع القوات المسلحة بالإسماعيلية والسويس، وخرائط مفصلة لمصر ويوجد عليها تدخل يدوي برموز كتبت باللغة الإنجليزية كما أن المتهمين الأمريكيين في قضية التمويل مختبئون داخل السفارة بالقاهرة خوفا من القبض عليهم حيث إن السلطات المصرية لن تستطيع الدخول للسفارة للقبض عليهم وقال المستشار أشرف العشماوي إن ملف التمويل الاجنبي الذي تسلمه قضاة التحقيق من لجنة تقصي الحقائق في 3 أكتوبر الماضي هو عبارة عن مجموعة من الملفات الفرعية من بينها التمويل الأمريكي موضحا أن جزءا منها يخص المنظمات الدولية الخمسة التي أحالها قضاة التحقيق يوم 5 فبراير الجاري . وأضاف العشماوي أنه تم إحالة هذا الملف بناء علي الأدلة التي تجمعت وتنحصر في67 دليلا ما بين شهادة شهود وتقارير فنية ومضبوطات وحوالات مالية بالملايين تم تحويلها من الخارج لداخل مصر دون إفصاح عنها للحكومة مؤكدا أن نشاطها ليس له علاقة من قريب أو بعيد بمنظمات حقوق الإنسان أو العمل الأهلي المتعارف عليه دوليا. وأوضح أن القضاة التحقيق أحالوا 43 متهما إلي محكمة استئناف القاهرة.. مشيرا إلي أن القرارات التي تم اتخاذها يوم 5 فبراير الجاري وفقا لقانون العقوبات المصري وليس قانون الجمعيات الأهلية. وأكد المستشار أشرف العشماوي أن إحالة المتهمين إلي المحكمة ستكون بتهمة تلقي تمويل أجنبي من الخارج، مؤكدا أنه نشاط غير مشروع ويخل بالسيادة المصرية، وعقوبة هذه الجريمة تصل إلي السجن 5 سنوات. وأضاف أنهم متهمون ايضا بإنشاء وتأسيس وإدارة مقرات كفروع دولية لهذه المنظمات في مصر.. وعقوبة تلك الجريمة "جنحة" تصل إلي الحبس والغرامة.. بالإضافة إلي المادة الأخيرة من قانون العقوبات التي تنص: "علي المصادرة للأجهزة والأدوات التي استخدمت في ارتكاب هذه الجريمة، وإغلاق المقرات التي كانت تستخدم في مصر لممارسة هذا النشاط غير المشروع وغير المرخص به من الحكومة المصرية". وحول آخر تطورات القضية تكشف لدي قضاة التحقيق المنتدبين من محكمة استئناف القاهرة المستشارين أشرف العشماوي وسامح أبوزيد بشأن قضية التمويل الأجنبي غير المشروعة تلقت بعض المنظمات غير القانونية وبعض الأفراد نصف مليار جنيه وذلك خلال ال 5 شهور الماضية وبالتحديد بعد ثورة 52 يناير شملت التحقيقات كل أنواع التمويل الأجنبي سواء جمعي5ات أهلية أو حكومية أو تيارات سياسية جديدة. كما حصل المعهد الديمقراطي في أبريل 2011، علي منحة مدتها عامان تبلغ قيمتها 14 مليون دولار أمريكي لدعم جهود الإصلاح الديمقراطي المصرية، وقد وافق الكونجرس علي أموال دافعي الضرائب الأمريكيين التي خصصتها وزارة الخارجية الأمريكية والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية. تمثل برامج المعهد الديمقراطي أقل من نصف في المائة من إجمالي الدعم المالي الأمريكي المقدم لمصر خلال نفس الفترة التي تبلغ عامين وقد نشرت السفارة الأمريكيةبالقاهرة علي موقعها الإلكتروني بيانا تحت عنوان "حقائق حول المنظمات غير الحكومية في الولاياتالمتحدة " أشارت فيه إلي أن واشنطن تؤمن إيمانا راسخا بأن المجتمع المدني القوي هو ضروري لازدهار الديمقراطية. وجاء في البيان أنه منذ الأيام الأولي من تاريخ الولاياتالمتحدة، لعبت منظمات المجتمع المدني دورًا رئيسيًا في حماية حقوق الإنسان وكرامته وتقدمه. وكما قالت وزيرة الخارجية هيلاري رودام كلينتون "إن المجتمع المدني لم يساعد في تأسيس أمتنا فحسب، بل ساعد أيضًا في الحفاظ علي أمتنا وتزودها بالقوة والطاقة لتنطلق إلي آفاق المستقبل." وأشار البيان إلي أن المجتمع المدني في الولاياتالمتحدة يضم مجموعة واسعة من المنظمات التي تسمح للأفراد بتحقيق تطلعاتهم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية من خلال تنظيم أنفسهم دون عوائق، وفقا لمصالحهم واحتياجاتهم وأولوياتهم الخاصة بهم. وأستطرد البيان القول.. إنه يعمل في الولاياتالمتحدة حوالي مليون ونصف المليون منظمة غير حكومية. وهذه المنظمات غير الحكومية تقوم بمجموعة واسعة من الأنشطة، بما في ذلك الدفاع والمناصرة السياسية لقضايا مثل السياسة الخارجية، والانتخابات، والبيئة، والرعاية الصحية، وحقوق المرأة، والتنمية الاقتصادية، وقضايا أخري كثيرة. وأكد أن مصادر تمويل هذه المنظمات تشمل التبرعات من الأفراد العاديين (أمريكيين أو أجانب)، أو من شركات القطاع الخاص التجارية (التي تبغي الربح)، أو من المؤسسات الخيرية، أو من المنح الحكومية الفيدرالية أو الولائية أو المحلية. وقد تشمل مصادر التمويل أيضًا حكومات أجنبية حيث لا يوجد حظر في القانون الأمريكي علي التمويل الأجنبي للمنظمات غير الحكومية، سواء كان ذلك التمويل الأجنبي يأتي من حكومات أو من مصادر غير حكومية. وأوضح البيان أنه لا توجد هناك أي نظم تقيد المنظمات غير الحكومية الأمريكية وتمنعها من حضور المؤتمرات في الخارج أو العثور علي متبرعين مانحين في الخارج أو ممارسة أي عمل علي الصعيد الدولي. ويؤكد المعهد الديمقراطي الوطني أنه يتلقي 81٪ من تمويله من وزارة الخارجية والوكالة الأمريكية للتنمية (يو إس إيه). وترأس مادلين أولبرايت وزيرة الخارجية خلال إدارة بيل كلينتون لمجلس إدارة المعهد . وأكد شريف منصور المدير الإقليمي لفريدوم هاوس وأحد المتهمين الرئيسيين بالقضية وهو مقيم بأمريكا ونجل أحمد صبحي منصور زعيم القرآنيين الهارب لأمريكا أيضا ، استعداده لتقديم نفسه للسلطات في مصر إذا ما حوكم غيابيا وكانت هناك ضمانات بتحقيقات عادلة، وقال من واشنطن: إن أنصار النظام السابق وراء القضية، وإنه مؤمن ببراءته من التهم الموجهة إليه ورفاقه وإن لديه من الأدلة ما يثبت ذلك. وأضاف شريف منصور أنه ناشط حقوقي مصري يعمل في منظمة "فريدوم هاوس" الأمريكية ويكرس وقته للدفاع عن الحرية والديمقراطية ونهضة بلده الأم مصر سياسيا واجتماعيا. وقال: إنه لم يخطر بباله يوما أنه سيكون متهما فيما يعرف في مصر الآن بقضية التمويل غير الشرعي لمنظمة حقوقية.