بينما تباشر نيابة أمن الدولة العليا تحقيقاتها مع عدد من منظمات المجتمع المدني في قضايا تلقي تمويلات أجنبية دون الإفصاح عنها ومخالفات أخري أرتكبتها منظمات "صغيرة " وغير معروفة للمادتين 16 و17 من قانون الجمعيات الأهلية قانون رقم 84 لسنة 2002 حيث صرفت تمويلات دون موافقة الحكومة بعد الثورة ، بدأت جهات التمويل الأمريكية والأوروبية في رسم خريطة جديدة للتعامل مع الوضع الراهن في مصر ، وبدأت حكومات عديدة في إرسال رسائل تطمينية إلي المجلس العسكري وحكومة الدكتور عصام شرف من أجل التأكيد علي عدم رغبتها في التدخل بالشئون الداخلية لمصر حسبما تروج تيارات الإسلام السياسي. الخريطة الجديدة لمؤسسات التمويل الدولية ستركز بشكل أكبر علي الشفافية في التعامل مع منظمات المجتمع المدني حيث سيتم الإعلان الكامل عن نشاطها علي غرار ما فعلته السفارة الأمريكية التي أعلنت في الصحف للمرة الأولي عن فرص لتمويل أنشطة المجتمع المدني المصري ، كما أنها ستلتزم بنتائج التحقيقات التي يقوم بها الدكتور جودة عبد الخالق وزير التضامن الاجتماعي الذي سيعلن قريبا عن المخالفات التي ارتكبها عدد من المنظمات والجمعيات للشروط الموضوعة في القانون . القائمة الجديدة لمؤسسات التمويل التي ستعمل في مصر تضم الوكالة الأمريكية للتنمية USAID والمعهد الديمقراطي الأمريكي ويتبع الحزب الديمقراطي مباشرة، وميبي " صندوق الشراكة الأورومتوسطية " وصندوق المستقبل الأمريكي والذي يعمل من الأردن ومنظمة "الميديست" وتتبع للحكومة الأمريكية مباشرة وتختص بشئون التعليم ونشر الثقافة الأمريكية عن طريق الدورات التدريبية، وفورد فاونديشن، وجلوبال فند الأمريكية، والاتحاد الأوروبي وسيدا الكندية، ودانردا الدينماركية، وفنيدا الفنلندية، وتورادا النرويجية ، وسيدا السويدية، وتوفت الهولندية، ، وكونراد و ادينار وريدرش البرت، والمنظمات الألمانية فريدرش ناومن و"رديور" التابعة للحزب الديمقراطي المسيحي. وكان من اللافت أن ترفع كل هذه المؤسسات من المخصصات الموجهة للعمل مع مصر وقررت ضخ أموال كثيرة في مجالات دعم الديمقراطية والتواصل مع الحركات والأحزاب والنقابات الجديدة في مصر . ويشير مارك فرانكو سفير الاتحاد الأوروبي في القاهرة إلي أنه لا نية للتراجع عن تمويل مؤسسات المجتمع المدني في مصر لافتا إلي أن لدي الاتحاد خبرة طويلة في تمويل منظمات المجتمع المدني في مصر عندما كنا مع مبارك كان هناك مشاكل من حيث صعوبة تسجيل منظمات المجتمع المدني مشيرا إلي أنه هناك ميثاق شرف حيث إننا نعمل مع المنظمات الموثقة وتعلم الحكومة بالتمويل ولا نورط الحكومة في أخذ القرار ". وتعمل في مصر حاليا 30 ألف جمعية هي عدد جمعيات المجتمع المدني في مصر، ويحاول الدكتور جودة عبد الخالق وزير التضامن والعدالة الاجتماعية، تعديل قانون الجمعيات الأهلية لتحريرها من سيطرة الدولة، علي أن يتم تفعيل الجمعيات والمؤسسات الأهلية لتحقيق الأهداف التي أنشئت من أجلها وتحسين العلاقة بين الجمعيات و الدولة، ففي النظام الحالي مازالت الدولة تسيطر علي الجمعيات الأهلية حتي أصبح هناك خليط بين كيانات غير متجانسة من الجمعيات، فمثلاً جمعية مستثمري العاشر من رمضان أو 6 أكتوبر ليست جمعيات أهلية، وإنما هي منتدي لرجال الأعمال، مما يتطلب إعادة النظر في القانون، علي أن يبقي تحت مظلة قانون الجمعيات و التشكيلات المبنية علي مبادرة الأفراد التي تسعي إلي تحقيق النفع العام. إلا أن الأزمة التي ستواجه منحي الدول والمؤسسات المانحة للتمويلات سيبقي هو توفيق أوضاع المؤسسات المنشأة علي هيئة شركات غير هادفة للربح والتي أثارت ازمة كبيرة في التعامل مع طلب الكشف عن حساباتها في البنوك حيث رفض الناشط الحقوقي نجاد البرعي - رئيس المجموعة الاستشارية للمحاماة - الإفصاح عن ميزانية وتمويل المجموعة الاستشارية التي يترأسها؛ وذلك بعد طلب البنك التجاري الدولي في مصر cib) ) الكشف عنها.. وأوضح البرعي أن هناك سببا قانونيا لرفضه تلبية استفسار البنك حيث إن قانون البنك المركزي الذي يستند إليه في هذه الحالة ينص في مواده من ال79 إلي 101علي وجوب وجود بلاغ للنائب العام عن واقعة معينة ضد جمعية أهلية مثل شبهة غسيل الأموال، حتي يطلب النائب العام من محكمة الاستئناف الكشف عن أموال الجمعية أو الشركة المشكوي ضدها. ولفت البرعي إلي أن القانون هنا ينطبق علي الجمعيات غير الحكومية أو منظمات حقوق الإنسان والشركات، مؤكدا أنه ليس من سلطة وزارة التضامن والعدالة الاجتماعية أيضا الكشف عن أموال المنظمات الحقوقية علي الرغم من أنها الوزارة المنوط لها التعامل مع الجمعيات الأهلية غير الحكومية. اللافت أن التغيير في الخريطة لم يتوقف كثيرا في محطة التمويل الأمريكي الذي يحظي بأكبر قدر من الاتهامات في الشارع المصري ليظهر مؤخرا "التمويل السويدي " حيث قدمت السويد للمرة الاولي تمويلا لمؤسسة تعمل علي مراقبة الانتخابات وهي مؤسسة النقيب للتدريب والمحاماة والتي حصلت علي مبلغ 10 ملايين و400 ألف جنيه من المعونة السويدية وهي المرة الأولي التي يظهر للسويد مثل هذا التوجه في مصر حيث كان من المتعارف عليه أن تمويل الانشطة التي لها صبغة سياسية يتوقف علي الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي وهي المرة الاولي التي تظهر فيها السويد وتقدم مثل هذا التمويل الضخم لنشاط مراقبة الانتخابات . حملة هجوم ويستنكر "بهي الدين حسن" مدير "مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان" الحملة الموجودة الآن علي منظمات المجتمع المدني موضحا أن المنظمات تعمل في ظل قيود كبيرة إضافة إلي اتهامها بالعمالة ردًا علي انتقادات هذه المنظمات السياسية وانتهاكات حقوق الإنسان بعد خلع الرئيس مبارك، وطالب "أحمد فوزي" مدير "مشروع الديمقراطية بالجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية" الحكومة بالاعتذار عن حملة التشهير بمنظمات المجتمع المدني . وأكد الدكتور يوسف ابراهيم مدير مركز الاقتصاد الإسلامي بجامعة الأزهر علي ضرورة إخضاع التمويلات الاجنبية لرقابة البنك المركزي المصري، فهي تأتي عبر السفارات ومن ثم يتم توزيعها مباشرة للمنظمات أو أفراد بعينهم، أو تأتي عبر بنوك أجنبية لا تخضع لرقابة البنك المركزي مشيرا إلي أن غالبية هذه المؤسسات تعمل علي أساس أنها شركات مدنية وبالتالي لا تخضع للرقابة وتودع معظم أموالها في البنوك الأجنبية مثل بنوك "اتش إس بي سي" وعدد من البنوك الأجنبية العاملة في مصرولا تخضع لرقابة البنك المركزي المصري.