منذ أيام قليلة.. دخلت القوات العراقية في معركتها لتحرير الموصل، إلي مسجد النوري الكبير، وكان ذلك انتصارا حقيقيا ليس للعراقيين وحدهم بل لكل من شاركوا في حرب تحرير الموصل وغيرها من المدن العراقية، فالمسجد هو وببساطة المسجد الذي أعلن منه أبو بكر البغدادي دولة الخلافة في الأراضي الخاضعة له في العراق وسوريا، وكان ذلك منذ عامين بالكمال والتمام، أما أهمية ذلك فلا تقتصر علي مجرد تحرير الموصل عاصمة الخلافة من قبضة الدواعش، ولكنها إشارة إضافية لزحف العراقيين ومن ورائهم قوات التحالف من 68 دولة تقودها أمريكا، لتحرير باقي الأراضي الخاضعة لخلافة داعش، وأبرزها الرقة السورية التي تعد المسمار الأخير في نعش الدواعش. وتقدم القوات العراقية في عملية تحرير الموصل وبالتحديد غربها، وتمكنها من بسط نفوذها علي نحو 65 بالمائة من مساحة الموصل كلها، واكبه تصريحات خرجت هذه المرة من الأكراد وبالذات المنتمون لوحدات حماية الشعب الكردي التي تساندها أمريكا في حربها ضد داعش في كلٍ من العراق وسوريا، وتعتبرها تركيا منظمة إرهابية تهدد كيان الدولة التركية وتعد جزءا من حلم الدولة الكردية التي تضم أكراد العراق وإيران وتركيا وسوريا، أما التصريحات فجاءت علي لسان المتحدثة باسم هذه القوات التي أكدت أن البغدادي هرب من الموصل قبل وصول القوات الكردية - مؤيدة من الأمريكان والجيش العراقي - إليها، وأنه يرجح أن يكون الرجل قد هرب للصحاري المتاخمة للموصل، وأنه يتنقل بين أكثر من مكان في اليوم الواحد، ولا يستخدم أي وسيلة للاتصال، خشية العثور عليه بسهولة من أجهزة الاستخبارات الأمريكية بالمنطقة. ويأتي ذلك.. وسط ترقب تركي من تنامي نفوذ قوات حماية الشعب الكردي، التي تعتبرها تركيا منظمة إرهابية لاتختلف كثيرا عن القوات الكردية المساندة للزعيم الكردي التركي المعتقل عبد الله أوجلان، وتطالب أمريكا بوقف مساعداتها لها بل وتهدد بضربها داخل كلٍ من الأراضي السورية والعراقية، إذا دعت الضرورة ذلك، كما يأتي ذلك وسط انتصارات من طرف ثالث يحققها الجيش السوري النظامي خاصة علي الحدود السورية - التركية، التي جعلته يقترب أكثر وأكثر من مدينة الرقة أحد أهم معاقل الدواعش في المنطقة، وهو ما ينذر بصدام محتمل، إما بين تلك القوات والقوات الكردية أو مع قوات خاصة أمريكية مساندة لها في حربها المرتقبة بالرقة. والسؤال هنا: لماذا الرقة الآن بعد الموصل؟.. والإجابة.. كما تقول صحيفة الإندبندنت البريطانية علي موقعها الإلكتروني، هي أن الرقة هي أول منطقة سيطرت عليها المعارضة السورية مع بدء الحرب الأهلية السورية، وبالتحديد في مارس 2013 إلي أن نجح داعش في الحصول عليها في يناير 2014 بصورة كاملة وحتي الآن، وهي العاصمة الفعلية للتنظيم ويعيش فيها أغلب قادته كما يوجد بها الآلاف من الأتباع للتنظيم من جنسيات مختلفة هم وأسرهم، وداخلها تدار الأمور كدولة ويتم تحصيل الجزية من المسيحيين المقيمين فيها. الرقة.. شهد سكانها أبشع المجازر من قتل وإعدام للعشائر المعارضة لداعش، وفيها تفرض الضرائب وتمنح الرواتب لأعضاء التنظيم والموالين له. وحسب شبكة فوكس الإخبارية الأمريكية: فإن معركة تحرير الرقة لن تكون سهلة بأي حال من الأحوال، ولن تكون مجرد نزهة لأمريكا وحلفائها ولا حتي لقوات الجيش السوري. بل ستكون مقبرة لهم إذا لم يحسنوا الإعداد الجيد لها. فالمدينة نموذج مثالي لما أراده البغدادي لدولة الخلافة، كما أنها ستكون معقلهم الأخير بعد السقوط المتوقع والنهائي لدولة الخلافة في الموصل العراقية، ومن هنا ستكون المعركة صعبة للغاية وستستغرق وقتا ليس بالقليل. وستحشد داعش لها كل إمكانياتها الباقية.