قبل مدة وجيزة مرت الذكري الأولي لرحيل الكاتب الكبير أسامة أنور عكاشة الذي شعرنا بعد رحيله بفراغ شاسع بعد أن كان له الفضل في تطوير أدب الدراما التليفزيونية المصرية هذا بالإضافة إلي أنه في أوائل الثمانينات تمكن من إرساء بداية جديدة لشكل الرواية التليفزيونية وأرسي خلالها قواعد مسلسلات الأجزاء ولم تعد مجرد حكاية تسلينا وهذا ليس انتقاصا من التسلية لأن عكاشة قدم لنا التسلية في دراما تطرح الأسئلة وتطالبنا بوقفة تأمل بل إنه قدم أيضا دراما تعيد قراءة التاريخ من خلال نظرة شمولية لأصل الأشياء ومراقبة دؤوبة لحركة التحول الاجتماعي والسياسي من داخل نبض المجتمع.. والمتابع لأعمال الراحل عكاشة سيجد بين سطورها النقيضين »المبدع والناقد« لكن الغريب أنك ستصدق الاثنين في نسيج كتاباته لرواياته التي تحولت لدراما تليفزيونية وسينمائية منها علي سبيل المثال لا الحصر »رحلة أبوالعلا البشري عصفور النار مازال النيل يجري كناريا وشركاه المصراوية الراية البيضاء الشهد والدموع وليالي الحلمية لما التعلب فات ضمير أبلة حكمت أميرة من عابدين زيزينيا. وكذلك الأفلام السينمائية »كتيبة الإعدام تحت الصفر الهجامة«.. وفي رأيي مع الآخرين أن كل أعمال أسامة أنور عكاشة كانت تحارب كل أنواع الفساد في المجتمع وكأنه كان مشاركا في التبشير لثورة 52يناير خاصة أن كتاباته واكبت أحداث ظلم وكبت وضغوط علي الشعب المصري ونادت أيضا بالوقوف ضد الظلم والسعي لتطهير المجتمع من الفاسدين من خلال تكاتف الشعب وشباب ثورة قادر علي الصمود لإحداث التغيير وذلك في نسيج تناوله للدراما الإبداعية التي خرجت من عباءته بخلاف كونه صاحب مدرسة متخصصة في كتابة الدراما التليفزيونية التي ظلت تبارز طواحين الظلام بحروف من نور بدليل جرأته الشديدة في تلميحه بوضوح عن نجلي الرئيس السابق والمناخ الفاسد في الجزء الأخير من ليالي الحلمية هذا بالإضافة إلي أن أعماله أفرزت مواهب فنية كثيرة مازالت تعتلي عرش الدراما المصرية بلا منازع.. ولكن هل يستحق هذا المبدع الذي رحل عنا لكنه موجود في قلوبنا بأعماله المتميزة العالقة بالوجدان والأذهان والتي غير من خلالها وجه الدراما في مصر وكل الدول العربية.. أن يتجاهله التليفزيون وقنوات فضائية أخري في الاحتفال بالذكري الأولي لوفاته.. أهكذا تكون معاملة رائد قلعة الدراما في مصر والعالم العربي ياوزير الإعلام ومسئولي القنوات الفضائية.. أنتم في مأزق لأن كبار المبدعين أقلية.