نجحت ضحي عاصي في التعبير عن الطبقات الكادحة في المجتمع المصري، في حين أنها لم تكتب عن "روسيا" التي درست فيها وأتقنت لغتها وأدارت مركزها الثقافي بالقاهرة. لم تستطع أيضا الكتابة عن والدها الشيخ المستنير مصطفي عاصي أمين لجنة الدعوة والفكر في الاتحاد الاشتراكي، وعضو المجلس الأعلي للشئون الإسلامية، الذي واجهت أسرته حربا شرسة من قبل المتشددين. تظن أنها فاشلة في الكتابة عن الأشياء التي تعرفها جيدا، إضافة إلي حبها المتجدد للمغامرة واكتشاف العوالم الخفية. لم يكن لدي ضحي النية لتصبح كاتبة، في حين كانت تتحرك طيلة الوقت داخل عوالم الكتابة دون أن تعرف ماذا تريد، مشدودة دائما إلي الكتب، والثقافة، والمعرفة، كان طموحها أن تصير أستاذة جامعية، أو صحفية، ومع ذلك درست الطب في موسكو ولم تكمل الدراسة عقب أحداث البيروسترويكا. ولأنها تجيد اللغة الروسية والفرنسية إضافة إلي الإنجليزية دخلت كلية السياحة والفنادق وعملت في الترجمة وحصلت علي دبلومات في الفنون الشعبية والنقد الفني.. طيلة الوقت وأنا أبحث عن نفسي وفجأة وجدتني أكتب قصة والناس تشجعني. تقول: بدأت الكتابة في جريدة كان يصدرها حزب التجمع ويرأس تحريرها الدكتور أحمد الحصري الذي تعرفت عليه في موسكو (حيث كان يعد رسالة الدكتوراه حول الإعلام) من خلال الأسابيع المصرية وأنشطتي الصحفية والإعلامية وترجمتي الروسية لفيلم الأرض. ضغط عليّ الحصري لأكتب، وترك لي حرية اختيار الموضوعات، فكتبت قصصا كانت تنشر بشكل أسبوعي، إلي أن وجدت الناقد شعبان يوسف يثني علي القصص وأنا في حالة من عدم التصديق لأنني أعتقد أن الكتابة الأدبية شيء أكبر مني.. ونصحني بتجميعها وإصدارها داخل كتاب فكان "فنجان قهوة" أول مجموعاتي القصصية. فوجئت بسيل من الكتابة النقدية (64 مقالا) حول المجموعة من داخل مصر وخارجها وتتم دعواتي إلي الندوات والمؤتمرات وأنا في حالة ذهول، ورغم ذلك اتخذت قرارا بالتوقف عن الكتابة. • ما الذي أعادك للكتابة؟ - تقول ضحي: عم محمد كامل أشهر قارئ في مصر.. اتصل بي ليوصيني بأن أشتري مجلة "صباح الخير" وأقرأ ما كتبته د. عزة بدر عني وكان ذلك بعد صدور المجموعة بعامين، وهو ما جعلني أصدر "سعادة السوبر ماركت" والتي تم اختيار قصة (حلاوة شمسنا) في المجلد الذي صدر عن المجلس الأعلي للثقافة في مؤتمر القصة القصيرة (عيون علي تاريخ القصة المصرية) ووجدت اسمي وفقا للترقيم الأبجدي قبل يوسف إدريس وهو ما سبب لي الرعب، حينها صدقت أنني كاتبة بجد! وبعد ثورة يناير أصدرت كتاب "محاكمة مبارك بشهادة السيدة نفيسة" وهو ما وضعني في مكانة كبيرة داخل علم الاجتماع السياسي من خلال الأصداء التي حظي بها إعلاميا وصحفيا. • وماذا عن روايتك (104 القاهرة) التي صدرت مؤخرا؟ - بدأت الكتابة فيها منذ عام 2008 وكلما قابلني ناقدا يسألني عنها، وهو ما جعلني أخاف بشدة، وهو ما أجبرني علي ترك عملي منذ عام ونصف لأتفرغ تماما للانتهاء من الرواية. • وماذا عن الترجمة؟ - عملت 22 عاما في الترجمة في كل ما يخص الروسية داخل مصر عملت مديرا للمركز الثقافي الروسي ومترجمة لسفارات: أوكرانيا، وكازاخستان، ووزارتي الخارجية والدفاع. تضحك ضحي: لا يتخيل أحد أن الكاتبة التي خطت بيدها شخصيات تعيش في "الدرب الأحمر" هي هذه الإنسانة التي كانت طيلة الوقت تتعامل مع ثقافة أخري ولكنه الكاتب الذي لديه دائما الرغبة للمغامرة والاكتشاف.