ماري هنري بيل من أشهر وأهم الروائيين الفرنسيين في القرن التاسع عشر وعرف باسمه المستعار »ستندال« الذي كان ينشر به أعماله الأدبية كان ضابطا بالجيش واشترك مع نابليون في حروبه وغزواته وبعد هزيمته وحل الجيش قرر التقاعد والتفرغ للكتابة التي بدأها بالسير والتراجم والمقالات الصحفية لمدة ثلاث سنوات كانت روايته الأولي التي سجلت اسمه في تاريخ الأدب »الأحمر والأسود« وفيها ظهرت قدرته علي التحليل النفسي لشخصيات أعماله.. ولأنه عاد والتحق بعمل حكومي فقد رأي عدم نشر كتاباته حرصا منه علي منصبه ولقد رأي الكاتب العراقي علي الشوك وهو من أكثر المعجبين بستندال أن يكتب عنه كتابا من جزءين بعنوان ستندال إعادة اكتشاف، وفيه ذكر أنه مر في حياته بمرحلتين الأولي مرحلة الثورة الفرنسية عام 9871 ووصولها للنابليونية والواقع الاجتماعي والسياسي وقتها، والثانية حرمان الطبقة الوسطي من الترقية إلي مافوق رتبة الملازم وبدأت الجماهير تطالب بتخفيض الضرائب التي كانت هي وحدها تدفعها ولاسيما الضرائب الاقتصادية التي كانت من مخلفات الماضي ولم يعد لها معني مع أنه وضع يذكر بماجاء في إنجيل متي »من معه يعطي ويزداد ومن ليس معه يؤخذ منه«. وحول هاتين المرحلتين دارت غالبية كتابات ستندال الذي ذكر عن نابليون أنه قال: إذا هزمت فماذا ستكون فائدة أجهزتي الحربية بالنسبة لي يتحين علي أن أتركها في الحال وإذا أفلحت في قهر العدو فسأعود إلي مانتو لأجد مدفعي بانتظاري وقال تولستوي عن المعركة نفسها ونابليون إن عدم كفاءة زملائه وضعف وتفاهة خصومه وخبراته وكذبه وثقته العالية بنفسه رغم مقدرته المتوسطة ورفعته إلي قيادة الجيش والنوعية العالية للجيش الذي أرسل إلي إيطاليا ورغبة خصومه في القتال وغطرسته وغروره الطفوليين حقق له النصر العسكري ثم إن ستندال كجمهوري النزعة تأسف بشدة لتتويج نابليون إمبراطورا وقال جاء الدين ليقدس الطغيان وهذا كله باسم سعادة الناس. وتبقي تعليقات ستندال علي نابليون أكثر ولاء في رسائله التي كتبها بعد أن دخل في خدمة الإمبراطورية فهو ملتزم أخلاقيا تجاه النظام الذي يعمل في خدمته وهذا ينسحب علي موقفه من عودة الملكية حيث تردد في نشر روايته »لوسيان فان« المعارضة لها، لأنه يري أنه كان بإمكان مجلسين إنقاذ الجمهورية قبل استيلاء بونابرت علي الحكم وقد سقطت حكومة المديرين ليس لأن الجمهورية ليست ممكنة في فرنسا بل لعدم وجود مجلس أعيان محافظ ليحافظ علي التوازن بين مجلس العموم وحكومة المديرين تميزت كتابات ستندال وشخصيته باستقلالية لا مثيل لها رومانسي وكان متخذا موقعا بعيدا عن الرومانسيين. ومناوئا لنزعة الاستبداد وحالم ومتحمس تجمع كتاباته بين الاندفاع والشاعرية والعقلانية، وله منهج تحليلي مختلف عن معاصريه ويري أن كل عمل فني هو كذبة جميلة كان بوضوحه وصراحته وفهمه للواقع من الراصدين المعاصرين ويعتبر أفضل ناقد معاصر لأدب المرحلة التي عاشها.