أكدت الدكتورة كوثر حفني رئيسة الإدارة المركزية للأزمات والكوارث البيئية بوزارة البيئة، أن الوزارة تعمل علي تطبيق خطة قومية لمكافحة التلوث النفطي الذي تتعرض له السواحل البحرية، مشيرة في حوارها ل»آخرساعة» إلي أن هذه الخطة تستهدف حماية البيئة البحرية من التأثيرات السلبية للتلوث بالمواد البترولية، موضحة أن الوزارة بدأت بالتوسع في اتباع نظام رقابي يعتمد نظام البصمة النفطية لتحديد مصادر التلوث، وقالت إن خطة الوزارة لمكافحة الكوارث البيئية تمتد إلي تأهيل المنشآت الصناعية للتعامل مع الكوارث الطبيعية مثل السيول والظواهر المناخية الحادة، لمواجهة المخاطر التي يُمكن أن تترتب عليها، مؤكدة علي أننا نُعاني من خلل في تطبيق معايير السلامة والصحة المهنية داخل هذه المنشآت. المواد النفطية تؤثر علي الشعاب المرجانية والأسماك والطيور البحرية خطة قومية للمكافحة.. وأجهزة قراءة البصمة النفطية لتحديد الشركات المُلوثة ما طبيعة عمل إدارة الأزمات والكوارث البيئية؟ هذه الإدارة تم إنشاؤها لتتولي مسؤولية إعداد خطة قومية لمكافحة الأزمات والكوارث البيئية، وذلك وفق ما نصت عليه المادة الخامسة من قانون البيئة رقم 4 لسنة 1994. ونعني بهذه الأزمات جميع الكوارث الطبيعية التي يُمكن أن تحدث مثل السيول والظواهر المُناخية الحادة، غير حوادث التلوث الناتج عن الأنشطة البشرية التي يُمكن أن تتسبب في تدمير النظم البيئية الحساسة، أو الإخلال بالتوازن البيئي في الهواء أو الماء أو التُربة، بحيث تؤثر علي التنوع البيولوجي في الطبيعة أو علي الصحة العامة للمواطنين. فالاستراتيجية التي نتبعها لمواجهة ذلك تعتمد علي عدة محاور، تبدأ من الخُطط التي نُعدّها لمرحلة ما قبل وقوع الكارثة، وهي التي تهدف إلي رصد المخاطر البيئية المُحتملة والمناطق المُعرّضة لها وتقييم حجم الضرر المتوقع عنها، لتحديد الوسيلة الأمثل لمجابهتها بما يكفل الحد من الخسائر المُترتبة، حيث نقوم بتنفيذها بالتعاون مع جميع الوزارات والهيئات المعنية. كما أنشأنا غرفة عمليات مركزية تتولي مهمة تلقي البلاغات الخاصة بالحوادث البيئية، وتُعد حوادث التلوث بالمواد البترولية التي تتعرض لها السواحل البحرية من أخطر الملفات التي نعمل علي مواجهتها، من خلال خطة الطوارئ الوطنية التي أعددناها لذلك. ما حجم تأثير حوادث التلوث النفطي علي البيئة البحرية؟ يجب أن نُشير أولاً إلي أن الخطوط الملاحية التي تُحيط بالمناطق الساحلية يعبرها كميات هائلة من النفط. ويُعد خليج السويس نُقطة ارتكاز لصناعة النفط في مصر، حيث يُستخرج منه حوالي 85% من النفط المُنتج لدينا. وتتنوع حوادث التلوث ما بين حوادث تسرب الزيت من الأنابيب أو المنصات الموجودة في هذه المناطق، أو الانتهاكات التي ترتكبها السُفن العابرة بتصريف المخلفات البترولية بشكل غير قانوني. وهُناك مناطق بعينها دائمًا تتكرر بها حوادث التلوث منها منطقة رأس غارب بالبحر الأحمر. هذ الحوادث تهدد البيئة البحرية التي تُعد ثروة قومية لما لها من أضرار كبيرة علي المصائد كما تؤدي إلي تلوث الشواطئ ونفوق أنواع من الطيور والكائنات الحية البحرية غير أضرارها البالغة علي الأسماك، وما تُحدثه من تدمير للشعاب المرجانية. وأخطر هذه الحوادث التلوث بالزيت الخام لارتفاع نسبة اللزوجة التي تجعله يُكوّن طبقة عازلة علي سطح البحر، ويُساعد في ذلك أن كثافة النفط أقل من كثافة الماء. مما يؤثر علي عملية التوازن الغازي والتمثيل الضوئي، التي تؤدي بدورها إلي اختلال المنظومة الغذائية لهذه الكائنات ما يتسبب في نفوقها. كما يُمكن أن يؤثر هذا التلوث علي منظومة الحياة النباتية الساحلية وبخاصة أشجار «المانجروف» التي تنتشر علي سواحل البحر الأحمر. كيف يتم مواجهة هذه الحوادث؟ نعمل علي مواجهة حوادث التلوث النفطي بحسم من خلال الخطة القومية التي نتعاون فيها مع الهيئة العامة للبترول وهيئة سلامة الملاحة البحرية، والمعهد القومي لعلوم البحار والمصائد وغيرها من الجهات المعنية. وفي سبيل ذلك أنشأنا مركزًا لمكافحة التلوث البحري بمدينة شرم الشيخ، يضم أحدث معدات في مجال التحكم بالملوثات الزيتية، تتضمن مركبًا بمعدات متطورة تشمل أجهزة فصل الزيت عن المياه، غير الكواشط والحواجز المطاطية والمواد الماصّة اللازمة لمواجهة ذلك بشكلٍ عاجل. فعدم التدخل السريع لإزالة التلوث يُمكن أن يترتب عليه تغير في الخواص الفيزيائية للزيت، ما يزيد من آثاره علي البيئة البحرية ويجعل التخلص منه أكثر صعوبة. كما نُلزم جميع شركات البترول بإعداد خطة طوارئ مصغرة للسيطرة المبدئية علي حوادث تسرب الزيت. وهُناك إجراءات قانونية يتم اتخاذها ضد الشركات المُخالفة. ما الإجراءات القانونية التي تُتخذ ضد الشركات المُخالفة؟ بالتوازي مع إجراءات السيطرة علي التلوث، هُناك لجان تحقيق تتولي مسؤولية تتبع الحوادث ميدانيًا للتوصل إلي المُتسبب، تمهيدًا لاتخاذ الاجراءات القانونية التي تتراوح ما بين الحبس أو الغرامة، وفقًا لما ينص عليه قانون البيئية رقم 4 لسنة 1994، والتي تتحدد حسب حجم الأضرار البيئية المُترتبة علي الحادث. وبما أن التلوث البحري كان في السابق يصعب تحديد المسؤول عنه نظرًا لتشابك العوامل التي تتحكم فيه، قُمنا باستحداث نظام البصمة النفطية عن طريق تزويد مراكز المكافحة بقوائم بيانات تحمل البصمة الخاصة بكل شركة تعمل في مجال البترول، والتي يتم قراءتها من خلال أجهزة متخصصة نعمل علي التوسع في إمداد جميع الفروع الساحلية بها. كما نتبع برامج محددة لمُحاكاة هذه الحوادث تتضمن قياس اتجاهات الرياح والتيارات البحرية وعوامل المد والجزر، ما يُمكننا من التنبؤ بالسيناريو الأقرب لحادث التلوث. وتمتد خطة مكافحة الكوارث البيئية إلي السيطرة علي التلوث الناتج عن المصانع والتعامل مع المخاطر الناتجة عن المنشآت الصناعية المُختلفة. ماذا عن المخاطر الناتجة عن العمليات الصناعية؟ المنشآت الصناعية بالطبع تُمثل أحد مصادر الكوارث البيئية المُحتملة، خاصة التي تقوم بإنتاج أو تداول المواد الخطرة أو السّامة أو القابلة للاشتعال والانفجار. وفي هذا الصدد نتولي مسؤولية معاونة الجهات المعنية بالسيطرة علي هذه الحوادث، وفق ما تنص عليه الخطة الوطنية لمكافحة الكوارث البيئية، والتي يأتي علي رأسها إدارة الحماية المدنية التابعة لوزارة الداخلية. فوزارة البيئة معنية بما يؤثر علي البيئة الخارجية للمصنع والآثار البيئية المُترتبة علي الأنشطة الصناعية، وفي إطار ذلك أيضًا نقوم بتطبيق خطة للحد من التلوث الصناعي، من خلال شبكة قومية لرصد الانبعاثات الملوّثة الصادرة عن المصانع. هذه الشبكة تعمل بالأساس علي الرصد والمراقبة اللحظية لانبعاثات الصناعات الثقيلة خاصة مصانع الأسمنت والحديد والصلب، كما نعطي الأولوية في الرقابة أيضًا لمصانع الأسمدة والبتروكيماويات، لما يصدر عن عملياتها الصناعية من غازات يُمكن أن يكون لها تأثيرات سلبية علي البيئة والصحة العامة للمواطنين. إلا أن عملية الحد من المخاطر المترتبة علي الأنشطة الصناعية يجب أن تعتمد علي تطبيق معايير السلامة المهنية، وهو ما يتولي مسؤوليته بالأساس جهاز السلامة والصحة المهنية التابع لوزارة القوي العاملة، حيث إنه المنوط به الحفاظ علي بيئة العمل داخل المنشآت الصناعية، من حيث إلزام هذه المنشآت باشتراطات الأمن الصناعي والصيانة الدورية للماكينات والغلايات وخطوط الإنتاج وغيرها من المعدات. هل لدينا خلل في تطبيق معايير السلامة المهنية؟ بالطبع لدينا خلل كبير في تطبيقها، وهذا الخلل يأتي من عدم التفعيل الكافي للدور الرقابي لهذا الجهاز، خاصة في الرقابة علي المصانع غير المرخصة التي تعمل «تحت بير السلم». هذه الصناعات تتمثل خطورتها بالأساس في حوادث الانفجار والحرائق وتسرب المواد الكيميائية الذي يمكن أن يحدث، نتيجة عشوائية عملية التخزين والمعالجة الصناعية لهذه المواد، وتزيد درجة الخطورة في مخازن المواد الملتهبة والمواد الكيماوية التي تتخلل المناطق السكنية. غير أن إحكام الرقابة علي المنظومة الصناعية لا يمكن أن يتم بمعزل عن تأهيل هذه المنظومة لمواجهة الكوارث الطبيعية المُحتملة مثل السيول الناتجة عن ظاهرة التغيرات المُناخية التي نتعرض لها، والتي يُمكن أن تُضاعف من المخاطر المترتبة عليها. فموجة السيول غير المسبوقة التي شهدناها خلال فصل الشتاء الماضي، دفعتنا إلي البدء بتأهيل المنشآت الصناعية لمواجهة آثار هذه الكوارث الطبيعية. عن طريق برامج توعية تقديم الدعم الفني ومراجعة خطط المصانع والشركات للاستعداد لمواجهتها. كما بدأنا بمراجعة تقارير تقييم الأثر البيئي للمنشآت الواقعة في مخرّات السيول.