الدوران حول العروس أشهر طقوس الزواج اليهودى أهارون كروز، وعروسه ريبيكا حنا أن يحتفلا بزواجهما وفق الطقوس اليهودية القديمة المتبعة منذ قرون، ما جعل الأهل والأصدقاء يشاهدون صورة كربونية مما كان يحدث في الماضي، أقيم الاحتفال في ضاحية لليهود الأرثوذكس في مدينة القدس داخل حي "ميا شعاريم"، وهو واحد من أقدم الأحياء اليهودية في القدس، حيث أنشئ عام 1874، تحتجب العروس وراء ستار لتتفرج علي مراسم الزفاف أما العريس فلم يختلط أيضاً بأحد, وأظهرت صور الفرح القواعد اليهودية المتشددة التي سار عليها كلا الزوجين، حيث ارتدي العريس الزي اليهودي التقليدي، بينما أخفت العروس وجهها وشعرها خلال الحفل. انقسم حفل الزفاف إلي مرحلتين، شملت الأولي حفل خطوبة، والتي أعطي فيها العريس شريكته خاتم الزواج، ولوحظ امتناع العروس عن التحدث مع أي رجل في الحفل ثم قضي العروسان ساعة بمفردهما، ويظهران بعد ذلك مرة أخري للاحتفال وسط الضيوف بالزفاف الفعلي. وتقتضي التقاليد اليهودية العتيقة أن يلبس الرجال أزياء سوداء وقبعة تقليدية مخصصة لحفلات الزواج، ويتم فصل الرجال عن النساء، وتشاهد السيدات الاحتفال من وراء ستار أبيض. وتقف العروس ساكنة تمامًا، وهي ممسكة بطرف وشاح أبيض طويل، بينما الحاخامات ووالد العريس ووالدها أو جدها بالتناوب أمسكوا الطرف الآخر من الوشاح ورقصوا معها. وعندما انتهي الحفل، عادت ريبيكا إلي مكانها وراء الستار الأبيض للانضمام للنساء للاحتفال معهن، في حين احتفل أهارون مع أصدقائه الذكور والأقارب، وسمح للأطفال بتدخين السجائر مثل الكبار! عادات الزواج عند المتزمتين اليهود تتشابه في بعض طقوسها مع عادات المتزمتين من السلفيين المسلمين، فالأفراح التي تنتمي لهذه الجماعات تتميز بالفصل الكامل بين الرجال والنساء، كما أنها لا تتضمن أي موسيقي أو أغانٍ، كما لا تري العروس عريسها إلا بعد كتابة عقد القران وانتهاء مراسم الحفل، لأن كشف وجهها علي العلن مرفوض في زعمهم، خاصة أن العروس عادة ما تكون منقبة، ورغم عدم التزام الزوج بارتداء بدلة الفرح. يشير الدكتور محمد الهواري أستاذ الديانة اليهودية بجامعة عين شمس، إلي أن الأسر اليهودية تتفق علي المهر ولا تحصل عليه المرأة إلا بعد الطلاق، علي عكس ما يحدث في المجتمعات الإسلامية حيث يدفع العريس المهر للعروس قبل الزفاف. ويضيف: من العادات المتبعة في الأفراح اليهودية أن يعقد المتدينون من اليهود قرانهم بحضور القاضي الشرعي أو من ينوب عنه وبوجود شاهدين، ويتم الزواج بأن تدور الفتاة حول الرجل سبع مرات تحت المظلة، ويعلن العقد خلالها علي الملأ، ومن ثم تقرأ سبع أدعية علي كأس من الخمر يشرب منه العروسان، يتم بعدها كسر الكأس، ويعتبر هذا تقليداً لتذكير الحاضرين باليهود المنفيين عن أوطانهم حول العالم، أما المسلمون فيعقد قرانهم بوجود القاضي الشرعي أو من ينوب عنه، وبوجود شهود، ويحق للفتاة توكيل ولي الأمر بتزويجها. ويعلن عقد الزواج علي الحضور وبهذا يتم الزواج، وعادة ما يتبع ذلك حفل الزواج. وتتشابه الديانتان في تعدد الزوجات، بينما لا يسمح لليهودي بالزواج من غير يهودية، ويجوز للمسلم الزواج من غير المسلمة. تسمح الديانة اليهودية بالطلاق من خلال وثيقة يوقعها الرجل ويشهد عليها شخصان وترسل للمرأة، أما المسلمون فالطلاق مسموح لديهم ويقر بلفظ الرجل لكلمة الطلاق وتأكيدها ثلاث مرات. ويوضح: يمكن للزوجين اليهود المطلقين أن يتزوجا مجدداً ما لم يتزوج أحدهما من شخص آخر، أما المسلمون لا يمكن أن يتزوجا بعد الطلاق ثلاث مرات إلا بعد أن تتزوج المرأة رجلاً آخر والطلاق منه، لا تستطيع أن تتزوج المطلقة من رجل آخر إلا بعد انقضاء عدتها. ويقول: تتميز أفراح اليهود المتدينين بوجود طقوس غريبة وأولها أن العروس ترتدي نقاباً شبيهاً بالنقاب الإسلامي من اللون الأبيض. ويظهر العريس وهو يقوم بطقوس غريبة أهمها الدوران حول العروس وهو ممسك بحبل مربوط بها بينما يتم ترتيل أغانٍ دينية باللغة العبرية، كما يمنع الاختلاط في داخل تلك الأفراح ويمنع تشغيل الأغاني المعتادة، تماماً كما يحدث في الأفراح الإسلامية، لافتاً إلي أن الفتاة عند اليهود تتزوج في سن صغيرة 19 عاماً وربما أقل، وفي يوم الزفاف ترتدي فستاناً محتشماً بأكمام طويلة وغطاء للرأس يخفي معظم الوجه، وتقتصر مظاهر الاحتفال علي الأناشيد اليهودية ولا يسمح بسماع أي من أنواع الموسيقي الغربية أو حتي الموسيقي اليهودية الصاخبة، تماماً كما يحدث مع السلفيين الذين ينهون عن سماع أي نوع من الموسيقي ويكتفون بإلقاء بعض الأناشيد دون السماح بأي آلات موسيقية. ويذكر عرفة عبده علي في كتابه "يهود مصر منذ الخروج الأول إلي الخروج الثاني": أن الفتاة تتزوج عادة في سن مبكرة وفقاً للتقاليد اليهودية وتقاليد شعوب البحر المتوسط عامة، والعريس في الغالب أكبر من العروس سناً، إلا أن الفارق لا يكون كبيراً جداً، وشجعت التقاليد اليهودية والشريعة أهل العروس علي تقديم مهر في شكل مال وأشياء ضرورية مما أسهم في زواج رجال في مقتبل العمر حيث تكون قدرتهم علي إعالة أنفسهم وجمع الثروة مازالت محدودة. وأقرت التقاليد اليهودية بأن الزواج واجب ديني لكل قادر عليه، وأن من يحجم عن الزواج مع القدرة عليه لا يقل جرمه عن جرم القاتل لأن كليهما "يطفئ نور الله، وينقص ظله في الأرض، ويبعد رحمته عن إسرائيل". يبدأ الاحتفال بالزواج عادة بإعلان الخطبة، ثم يتقدم الرجل الراغب في الزواج بطلب رسمي إلي الحاخام موضحاً به لقبه واسمه وعمله وتاريخ ميلاده وقيمة المهر والمؤخر الذي يرغب في تسجيله، ثم يحدد له سكرتير الحاخام موعداً لا يتجاوز خمسة عشر يوماً لتوقيع وثيقة الزواج، قبل الاحتفال بالزواج الديني.