بمرور الوقت تتنامي مشاعر القلق لدي الشارع المصري من التأثيرات السلبية المتوقعة جراء تشييد سد النهضة الأثيوبي، الذي يقلص حصة مصر المائية من نهر النيل، حول هذه المخاطر أجرت «آخرساعة» هذا الحوار مع الدكتور أحمد الشناوي الخبير الدولي في تصميم السدود بالأمم المتحدة وصاحب تصميم مشروع قناتي «مشار وبحر الغزال» لتوفير أكثر من 10 مليارات متر مكعب من المياه كما صمم ونفذ أكثر من ثمانية سدود بسيناء لتخزين المياه الجوفية وحمايتها من السيول ويعتبر صاحب فكرة مشروع نهر الكونغو، الذي فكر فيها في سبعينات القرن الماضي. ما حقيقة ما يثار حول احتمالية انهيار سد النهضة وتأثير ذلك علي مصر؟ - من المؤكد أن الانهيار بات حقيقة مؤكدة خاصة أنه بني علي فالق أرضي خطير تسبب في وجود البحر الأحمر عند انفلاقه، كما تكونت 11 دولة أفريقية بفعله إضافة الي فصل مدغشقر عن القارة الأفريقية لتصبح جزيرة مستقلة وقد بني هذا السد علي فالق نشط أي منطقة زلازل وبراكين وهو من النوع الترابي كالسد العالي المبني أيضا علي فالق أراضي «كلابشة» لذا فإن انهياره وارد وتعاني أسوان في الفترة الأخيرة من زلازل أرضية كما، أنه يفقد أكثر من 15 مليار متر مكعب سنويا، وهذا الوضع ينطبق علي السد الأثيوبي فعند ملء خزانه سيصل منسوب الماء إلي 150 مترا وبالتالي فإن ضغط المياه الشديد سيحرك دولا أفريقية بأكملها أو يخفيها نهائيا وتلك الدول تعتمد في المقام الأول علي مياه بحيرة فيكتوريا التي هي في الحقيقة خسوف أرضي خزن مياه الأمطار مثلها مثل بحيرة تانا بأثيوبيا منبع النيل الأزرق كما سيجرف معه الطمي الذي سيغمر مصر والسودان اللتين ستختفيان من خريطة العالم ولك أن تعلم أن الشركة الإيطالية التي تشرف علي بنائه شيدت سدا في كينيا علي نهر «الأومو» لكنه انهار بعد استكمال بنائه وملء خزانه بخمسة عشر يوما فقط. إذا كان الوضع هكذا فلماذا تصر أثيوبيا علي الاستعانة بالشركة ذاتها؟ - إصرار أثيوبيا علي استكمال البناء ليس لأهداف اقتصادية وتوليد كهرباء كما تروج وسائل إعلامهم إنما هدف سياسي وعدائي ضد مصر فرؤساء الدول لا يحكمون سوي العاصمة فقط وهناك دول أفريقية تضع علم إسرائيل علانية جنبا إلي جنب مع علم دولتها إنما المتحكم الأساسي في الدول هي القبائل التي تدير ملف السد والنيل عموما ويكمن ولاؤها كله لإسرائيل التي تمدهم بالأسلحة والأموال في صراعاتهم وحروبهم التي لا تنتهي وقد وطن الكيان الصهيوني أقدامه هناك، فأثيوبيا تعد وكر المخابرات الإسرائيلية بأفريقيا، كما أن القروض الصينية والايطالية قدمت بإيعاز منهم كما أن الشركة التي ستتولي توليد كهرباء السد إسرائيلية، وكل هذا يعد ضغطا علينا لنبيع لهم الماء كما طالبوا مرارا بفتح ترعة من النيل لتمر بأراضيهم عند توقيع اتفاقية كامب ديفيد أما إصرارهم علي مكاتب استشارية فرنسية فالمكتب الفرنسي ينفذ العديد من المشروعات الكبري لمدة تزيد علي 18عاما. ماذا عن السدود الأخري التي تشيدها أوغندا وتنزانيا هل تفتقد هي الأخري لمواصفات الأمان؟ - تقوم دول حوض النيل بهجمة شديدة علي مصر في ظل ابتعادنا عنهم وتعالينا أيام الرئيس الأسبق حسني مبارك، فبعد محاولة اغتياله بأثيوبيا عام 1995 قرر مقاطعتهم دون أن يعي أن حياتنا في أيديهم ناهيك عن أحداث ثورة يناير والتخبط الذي عشناه جعل السلطات الأثيوبية تقوم برفع سعة خزان السد من 14 مليار متر مكعب الي 74 مما تطلب زيادة ارتفاع البنيان الخرساني من 85 مترا إلي 170مترا أي ضعف الارتفاع الأول وقد كان بناء سد «الخراب» الأثيوبي بمثابة دافع لتحديهم السافر لنا في ظل مساندة الولاياتالمتحدةوالصين لهم والتي قدمت عروضا لأوغندا لإنشاء سدهم لاستغلال ملايين الأفدنة لزراعة محاصيل وتصديرها لدول أفريقية أخري مما يهدد قوتنا الاقتصادية إضافة إلي أن العمالة الماهرة في أثيوبيا من الصين ولكن قدراتهم في توليد الكهرباء محدودة وتتسم بصغر سعتها وحجمها كما يفتقد لمواصفات الأمان والجودة. ماذا عن الموقف السوداني؟ - السودان تسعي لتوطيد علاقتها مع أثيوبيا لأنها تقدر قوة علاقة أديس أبابا مع الدول الغربية وأمريكا والكيان الصهيوني فبعد انفصال الجنوب وتوقف إنتاج البترول اتفقت مع شركة إسرائيلية لتوليد الكهرباء بسعر زهيد لذا غيروا موقفهم من مفاوضات السد إضافة إلي أن الفيضان يستمر لمدة 4 شهور فقط ولا تستفيد منه السودان جيدا ولكن في حال انهياره فإن السودان أول المتضررين ولا ننسي أن هناك أحكاما صدرت من محكمة العدل الدولية ضد عمر البشير لذا يحاول كسب رضا الدول المهيمنة لوقف تنفيذ القرار. ما آليات مصر لحل تلك الأزمة؟ - هناك حلان أولهما اللجوء إلي اتفاقية المبادئ التي وقعها السيسي مع رئيس وزراء أثيوبيا والتي تنص علي وجوب احترام القانون الدولي بين مصر وأثيوبيا وأحد نصوصه يقول إن من حق دولتي المصب «مصر والسودان» وقف بناء أي سد يقام علي نهر النيل ويضر بهما. أما الحل الأكثر فعالية فهو الحل العسكري بتوجيه ضربة للسد قبل فترة تخزين السد في يونيو، وكان الرئيس عبدالناصر يعي ذلك جيدا مما جعله يوجه خطابا شديد اللهجة لهيلا سلاسي أثناه عن تلك الفكرة كذلك السادات الذي قال إنه سيرسل طائراته لضرب السد حال بنائه، كما هددهم مبارك بإنشاء قاعدة عسكرية في السودان لضرب أي طوبة تبني، ولا ننسي أن القانون الدولي يدعم ذلك الحل. لماذا لا تلجأ مصر للاتفاقيات الدولية؟ - أثيوبيا ضربت عرض الحائط بتلك الاتفاقيات ولا تقيم لها وزنا كما أن دول حوض النيل تشيع بأن مصر ترفض إقامة تلك السدود لتقف عقبة أمام تنميتها كما أن هناك جدلا حول فريق المفاوضات المصري فمستشار وزير الري المصري كان يعمل بوزارة الري الأثيوبية ويعلم نواياهم المبيتة ضد مصر. يري خبراء أن قناة جونجلي وبحر الغزال ومشار ستساهم في حل الأزمة؟ - تعتبر تلك القنوات أحد البدائل المطروحة للتعامل مع الأزمة، فقناة جونجلي توفر أكثر من 7.5 مليار متر مكعب من المياه، تقسم بين مصر وجنوب السودان، أما قناة بحر الغزال ومشار فستوفر أكثر من 5 مليارات متر مكعب من المياه لكنها بمثابة مجرد «فُتات» لن يسد حاجتنا من الماء ناهيك علي كونها مناطق صراعات تتحكم فيها قبائل بعينها تهيمن عليها إسرائيل. ما البديل الأمثل لهما من وجهة نظرك؟ - يعتبر مشروع نهر الكونغو الحل الأمثل، وقد عرضته علي الرئيس السيسي عندما كان وزيرا للدفاع ورحب به كثيرا وتم تصميمه علي أن يسير داخل حدود الكونغو إلي جنوب السودان، ثم إلي الشمال السوداني وإلي حدود مصر الجنوبية وميزة هذا النهر أن مياهه ستكون ثابتة طوال العام بحيث لا نحتاج إلي تخزين وبهذا سيصل الطمي إلي الأراضي الزراعية الجديدة وتعد الكونغو الدولة الوحيدة التي لم توقع علي اتفاقية عنتيبي إلي الآن وقد وافق عليها وزير الري السابق الدكتور محمد عبدالمطلب. لكن الوزارة الحالية وضعت أكثر من 22 سببا لرفضه، فما تعليقك؟ - حسام مغازي رجل خبير بإدارة الملف ويستعين بمجموعة من المستشارين الجهلاء الذين يوافقونه علي جميع آرائه دون دراسة وهذا ظهر جليا أثناء سير المفاوضات مما جعلهم يستعينون بوزارة الخارجية لتتولي الملف ككل. هل تعد المياه الجوفية أحد الحلول المطروحة؟ - بالفعل فالصحراء الغربيةوسيناء تعومان علي بحيرة من المياه الجوفية إلا أننا نعاني من قلة الدراسات والأبحاث التي تحدد فعليا أماكن تواجدها وأثناء عملي بسيناء بعد حرب التحرير اكتشفت وجود كميات من المياه تكفي لاستزراع آلاف الأفدنة بمنطقة جبل المغارة بسيناء فقمت بتصميم سد «الروافعة» لتخزين أكثر من 5 ملايين متر مكعب من المياه ولحماية سيناء من مياه السيول. كما قمت بتصميم 8 سدود في منطقة الصانب وسدين في (جبل المغارة) وسد في (خشم الطارف) وسد في منطقة (نخل) لتلك الأهداف ولكن لم يتم الاستفادة منها إلي الآن. ما أهم مشروعاتك الحالية؟ - أعكف حاليا علي دراسة مشروع سأتقدم به للجهات المعنية ويقوم علي زراعة ملايين الأفدنة من الشعير ومزارع عيش الغراب بالساحل الشمالي علي بعد 30 كيلومترا من البحر في مساحة 75 كيلو مترا تقريبا، وقد أعلن البنك الدولي نيته تمويل المشروع . وهو يختلف اختلافا كليا عن مشروع منخفض القطارة الذي ماهو إلا بدعة يصعب تنفيذها فالمياه التي ستصل إليها غير متجددة كما أن تكلفته باهظة.