التطور المتسارع لشبكة الإنترنت في عمليات التواصل بين الجماعات الإرهابية، ومنحها العديد من المزايا التي تعينها علي نشر أفكارها المتطرفة، واستقطاب عناصر جديدة إلي صفوفها، فمن خلال الوسائل التكنولوجية الحديثة تمكن الإرهابيون من اختراق حسابات إلكترونية تابعة لمصالح حكومية، واستطاعوا تدريب الشباب وتجنيدهم لترويج أفكارهم والتدريب والتخطيط علي تنفيذ العمليات الإرهابية وقد يكون هذا الإرهابي داخل منزلك. كل ذلك يعرف بالإرهاب الإلكتروني.. حول تعريفه وأهدافه وكيف تقوم وزارة الداخلية بمواجهته تتحدث قيادات وزارة الداخلية في التحقيق التالي. لواء عشماوي: جريمة عابرة للدول ويصعب إثباتها منحت التطورات الإلكترونية المتسارعة هامشاً مهماً لجماعات التطرف والعنف بما قدمت لهم من فرص النشر والإتصال بصور لم تكن متاحة سابقاً لأي جماعة أو تنظيم خارج علي القانون، وسهّلت لكوادر وقيادات الجماعات الإرهابية وصول أفكارها ورسائلها إلي جمهور أوسع بكثير من أي وقت مضي فلا وسيط أو رقيب بينها وبين المتلقي. حول تعريف الإرهاب الإلكتروني يقول مدير مركز بحوث الشرطة بأكاديمية الشرطة اللواء محمد عشماوي: لم يستقر المتخصصون والباحثون علي تعريف معتمد للإرهاب الإلكتروني، فله تعريفات عديدة منها أنه "استخدام التقنيات الرقمية لإخافة وإخضاع الآخرين أو القيام بمهاجمة نظم المعلومات علي خلفية دوافع سياسية أو عرقية أو دينية"، وهناك تعريف آخر له وهو "هجمات غير مشروعة أو تهديدات بهجمات ضد الحاسبات أو الشبكات أو المعلومات المخزنة إلكترونياً، توجه من أجل الانتقام أو الابتزاز أو الإجبار أو التأثير في الحكومات أو الشعوب أو المجتمع الدولي بأسره لتحقيق أهداف سياسية أو دينية أو اجتماعية معينة، ولكي يعتبر الشخص إرهابيا علي الإنترنت وليس فقط مخترقاً فالهجمات التي يشنها يجب أن تؤدي إلي عنف ضد الأشخاص أو الممتلكات أو علي الأقل تحدث أذي كافياً من أجل نشر الخوف والرعب". ويشير اللواء عشماوي إلي أن الإرهاب الإلكتروني يتميز عن غيره من أنواع الإرهاب بالطريقة العصرية المتمثلة في استخدام الموارد المعلوماتية والوسائل الإلكترونية التي جلبتها حضارة التقنية في عصر المعلومات، فمن خصائص هذا النوع من الإرهاب أنه لا يحتاج في ارتكابه إلي العنف والقوة، فقط يتطلب وجود حاسب آلي متصل بالشبكة المعلوماتية ومزود ببعض البرامج، ويتسم بكونه جريمة إرهابية عابرة للحدود وغير خاضعة لنطاق إقليمي محدود، ويصعب إثباته نظراً لسرعة غياب الدليل الرقمي وسهولة إتلافه وتدميره، وأبرز أهدافه تتمثل في نشر الخوف والرعب بين الأشخاص والدول والشعوب المختلفة، والإخلال بالنظام العام والأمن المعلوماتي وتعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر. ويوضح مدير الإدارة العامة للإعلام والعلاقات بوزارة الداخلية اللواء عمرو شاكر أن مخاطر الإرهاب الإلكتروني تتمثل في تداول المعلومات الخاصة بتكدير الأمن العام والدعوة إلي القيام بأعمال الإرهاب والعنف والشغب واستهداف رجال الشرطة والجيش والقضاء والتحريض عليهم واستهداف مؤسسات الدولة، والتلقين الإلكتروني الذي يقوم علي حشد المؤيدين والمتعاطفين مع الإرهابيين الذين يستغلون المنابر الإلكترونية للتواصل مع أعوانهم ومموليهم للتظاهر والاعتصام والإضراب غير القانوني، والدعوة إلي الخروج علي الثوابت المجتمعية وتشجيع التطرف والعنف والتمرد، والتخطيط للأعمال الإرهابية والتنسيق بين المنظمات الإرهابية وخلاياهم لتنفيذ عملياتهم الإرهابية، ومن المخاطر بالغة الخطورة أيضاً التعريف بطرق تصنيع المتفجرات وقنابل المولوتوف وبتكتيكات الاعتداء علي قوات الأمن وإثارة القلاقل والدعوة للقيام بأعمال الشغب وتخريب المنشآت العامة والخاصة، بالإضافة إلي نشر وترويج الأفكار المتطرفة واستقطاب وتجنيد الشباب للانضمام إليهم. ويشير اللواء شاكر إلي أنه وفقاً للمخاطر التي سبق الإشارة إليها فإن ذلك يحتم أهمية وجود أجهزة أمنية لمتابعة ما يبث علي شبكة الإنترنت لحماية الأمن القومي وإجهاض المخططات الإرهابية التي يتم التخطيط لها أو ارتكابها باستخدام الإنترنت، وهذه المتابعة ليست رقابة أو انتقاصاً من الخصوصية، لأن الخصوصية تفرض علي الشيء سريته وعدم عموميته، فكل ما يبث علي مواقع التواصل الاجتماعي ومواقع الإنترنت بصفة عامة يحق لأي إنسان متابعته وقراءته وتحليله فإذا ما وجد ما يهدد الأمن القومي جاز للسلطة المختصة اتخاذ الإجراءات القانونية لمواجهة هذا الخطر. ويضيف اللواء شاكر: جهات وزارة الداخلية التي تختص بالمواجهة الأمنية لجرائم الإنترنت تتمثل في إدارة مكافحة جرائم الحاسبات الآلية بالإدارة العامة للمعلومات والتوثيق وهي من أهم آليات الوزارة لمواجهة الإرهاب الإلكتروني وتقوم بالمتابعة الفنية لكثير من الجرائم والعمل علي كشفها وضبط مرتكبيها باستخدام أحدث البرامج، كما أنه تم إنشاء قسم إداري يتبع إدارة نظم المعلومات بالإدارة العامة للإعلام والعلاقات لمنع استغلال شبكة الإنترنت من قبل الجماعات المتطرفة، ووزير الداخلية اللواء مجدي عبدالغفار يقدم كل الدعم لهذه الإدارات ويحرص علي متابعة مجهودها بنفسه ويطالب القائمين عليها بتكثيف جهودهم ، ولقد قامت الوزارة بإغلاق 254صفحة تحريضية للمتطرفين ضمت 254متهماً، وتم رصد 3343صفحة خلال عامي 2014 و2015، ووفقاً للمعلومات المتاحة لدينا فإن داعش والجماعات الإرهابية يستخدمون 90 ألف صفحة باللغة العربية و40ألف صفحة بلغات أجنبية. يؤكد مساعد أول وزير الداخلية رئيس أكاديمية الشرطة اللواء عمرو الأعصر أن وزارة الداخلية لا تعتمد علي المواجهة الميدانية فقط لمواجهة ظاهرة الإرهاب الإلكتروني وإنما تضع ضمن استراتيجياتها المواجهة العلمية والتدريبية التي يضطلع بها الذراع العلمية للوزارة المتمثلة في أكاديمية الشرطة، فكلية الشرطة تختص بتعليم وتدريب الطلاب وصقل مهاراتهم وقدراتهم للعمل كضباط مؤهلين لمواجهة الجريمة بشتي صورها وتحقيق الأمن بمفهومه العصري، وتتضمن المناهج القانونية والشرطية معلومات عن الجرائم المعلوماتية وخصائصها وسبل مواجهتها، كما يتم التدريب العملي للطلاب علي الحاسب الآلي للتعامل مع الاستخدام غير المشروع للإنترنت والجرائم الإلكترونية بصورها وأشكالها كما يتم تكليف الطلاب بأبحاث متخصصة في الجرائم المعلوماتية. ويشير اللواء الأعصر إلي أن مركز بحوث الشرطة يضطلع بالجانب البحثي الأمني وهو يقوم بإجراء العديد من البحوث والدراسات الأمنية للمواجهة الأمنية الفعالة للإرهاب الإلكتروني ويعقد المركز العديد من الندوات والمؤتمرات في مجال المواجهة الأمنية للإرهاب الإلكتروني ، كما تم استحداث دبلومة متخصصة في الجريمة المعلوماتية يتم تدريسها بكلية الدراسات العليا، وتقوم كلية التدريب والتنمية بتدريب الضباط وتزويد معارفهم ومهاراتهم. ويؤكد مساعد أول وزير الداخلية رئيس المجلس الأعلي للشرطة اللواء دكتور علي عبدالمولي أن مكافحة الإرهاب تتم بالتوازي مع حماية واحترام حقوق الإنسان، مدللاً علي ذلك بأن عمليات القبض علي الإرهابيين تتم بشكل قانوني ويتم تقديمهم للنيابة العامة ولا يتم الانتقام منهم، وأي خروج علي منظومة حقوق الإنسان وحرياته الأساسية يُعد أمرا مرفوضا تحاربه وزارة الداخلية، لأن احترام المواطن وصون كرامته هو الدافع والمعين في محاربة الإرهاب، وهذا ما أكده القانون الذي نص علي التزام الدولة بمواجهة الإرهاب بكافة صوره وأشكاله سواء التقليدية أو غير التقليدية وتعقب مصادر تمويله مع ضمان الالتزام بحقوق الإنسان. ويضيف اللواء عبدالمولي: من بين العقوبات التي نص عليها قانون الإرهاب هو تغريم من يقوم بالترويج لبيانات مغلوطة وغير حقيقية غرامة لا تقل عن 200 ألف جنيه وذلك لأنها تؤثر علي الحالة الاقتصادية والسياسية والأمن القومي، وبعقوبة لا تقل عن 7سنوات سجنا لمن يقوم بالتدريب علي الإرهاب.