خبير الجماعات الإسلامية الراديكالية الدكتور رفعت سيد أحمد من خطورة تأثير الجماعات والتنظيمات الإرهابية المتواجدة في سيناء وقرب الحدود المصرية مع ليبيا والسودان علي الأمن القومي المصري، وكشف في حوار مع "آخرساعة" أن ما يُسمي ب"الجيش المصري الحر" المتمركز في ليبيا يخطط لتنفيذ عمليات موسعة للنيل من الجيش والشرطة في مصر لإشاعة الفوضي وإعادة سيناريو اقتحام السجون وتهريب قيادات جماعة "الإخوان" وعلي رأسهم المرشد محمد بديع والرئيس "المعزول" محمد مرسي، معترباً أن الضربات الاستباقية هي الحل الأمثل لاستئصال شأفة الإرهاب. وإلي نص الحوار. معسكرات إرهابية قرب الحدود السودانية تضم 300 عنصر إخواني مصري الضربات الاستباقية أفضل وسيلة لمواجهة التنظيمات الإرهابية كيف تري العمليات الإرهابية التي تتعرض لها مصر من قبل الجماعات التكفيرية المسلحة؟ - تدخل مصر الآن مرحلة جديدة من تطورها السياسي، وهي مرحلة مفصلية، فإما أن تنتصر الدولة فيها علي تلك الجماعات والتنظيمات الإرهابية وتبقي دولة قوية مركزية أو تتفكك وينهار بناؤها الداخلي وجيشها الوطني، وتتحول تدريجيا إلي النموذج الليبي أو السوري، وخريطة التنظيمات والجماعات الارهابية في مصر التي انتشرت بعد ثورة 30 يونيو، تضم ثلاث جبهات جغرافية موسعة في سيناء وليبيا والسودان، وتنضوي تحت كل منها مجموعة من الجماعات والتنظيمات المسلحة. ما هذه الجماعات الإرهابية؟ - تضم سيناء حوالي 15 جماعة مسلحة، كانت كامنة ثم ظهرت بعد ثورة 25 يناير 2011، وهي في مجملها تعتنق فكر تنظيم "القاعدة"، ومن بينها "أنصار بيت المقدس"، التي تعد أكبر تنظيم مسلح يمارس الإرهاب المنظم في سيناء، يعود إنشاؤه إلي شخص يدعي هشام السعيدني الملقب ب"أبو اليد المقدسي"، فلسطيني من مخيم (البريج)، وكانت هناك علاقة بين هذا التنظيم وحركة حماس الفلسطينية، إلا أن هذه العلاقة شهدت فتوراً تحول إلي صدام نتج عنه هروب نحو 150 عنصراً من هذا التنظيم إلي سيناء وشكل جماعة "أنصار بيت المقدس" التي اهتمت في بدايتها بقتال الإسرائيليين، لكنها تحولت إلي قتال الجيش المصري ونفذت العديد من العمليات الإرهابية منذ ذلك الوقت والتي زادت وتيرتها بعد الإطاحة بالرئيس الإخواني "المعزول" محمد مرسي، وهناك معلومات مؤكدة بأن خيرت الشاطر كان يقوم بالاتصال ب"أنصار بيت المقدس" قبل القبض عليه وأن عبدالناصر أبوالفتوح يمثل الآن حلقة الوصل بين "أنصار بيت المقدس" والتنظيم الدولي للإخوان، وأن تركياوقطر رصدتا ملياراً ونصف المليار دولار دعما لهذا التنظيم وغيره من تنظيمات العنف الديني خلال العام 2014، وأن هناك وسائل إعلامية مثل مركز الفجر للإعلام وشبكة الفداء الإسلامية وشبكة شموع الإسلام، تمثل واجهات الإعلامية لهذا التنظيم، بل إن هذا التنظيم ينسق الآن سياسيا وليس تنظيميا مع الإخوان من زاوية إرباك المشهد السياسي المصري، والثأر للإخوان وللإسلاميين من الجيش. وماذا عن الجماعات السلفية الجهادية وعلاقتها بتنظيم "القاعدة"؟ - الجماعات السلفية الأقرب لفكر تنظيم القاعدة، سواء علي مستوي انتهاج فعل العنف المسلح ضد الجيش والشرطة أو علي مستوي الأفكار أو طريقة التنظيم العنقودية، وهي إحدي الجماعات الصغيرة المنتشرة في أرجاء سيناء، والآن بدأت هذه الجماعات تتواجد في جنوبسيناء، وعلي اتصال ببعض الجماعات السلفية الجهادية في فلسطين، وأبرزها جماعة "جيش الإسلام". هل توجد علاقة بين جماعة "جيش الإسلام" و"القاعدة"؟ - "جيش الإسلام" جماعة فلسطينية في الأساس وهي محدودة العدد، أسست في قطاع غزة علي يد ممتاز دغمش، ويعرف عنها قيامها بعملية اختطاف الجندي الإسرائيلي "جلعاد شاليط"، ويتردد انتسابها إلي تنظيم ما يسمي ب"الجهاد العالمي" التابع للقاعدة، وتتمدد في سيناء وقد حاولت أكثر من مرة اختطاف سياح إسرائيليين في سيناء، وهي الآن علي اتصال مع بعض التنظيمات التكفيرية، في سيناء. ما أبرز التنظيمات التكفيرية الموجودة في سيناء؟ - أبرزها "التوحيد والجهاد" و"التكفير والهجرة" وأصحاب الرايات السوداء و"كتائب الفرقان" و"أكناف بيت المقدس"، والأخيرة اندمجت مع "أنصار بيت المقدس" لتشكل تنظيما يمثل الجيل الثالث لتنظيم القاعدة، وينسب إلي هذه الجماعات المشاركة في عمليات قتل للجنود المصريين، مثل قتل 16 جنديا وضابطا في أغسطس 2012 وكذلك قتل 25 جنديا في أغسطس 2013، وهذه الجماعات أكثر عرضة للاختراق الإسرائيلي، ومن هنا تأتي عملياتها العشوائية العنيفة ضد الجيش والشرطة المصرية، إضافة إلي رفعها الرايات السوداء علي مبني محافظة شمال سيناء، وإعلانها تحويلها إلي إمارة مستقلة. هل توجد علاقة بين الجماعات الإرهابية في ليبيا وتلك الموجودة في سيناء؟ - ما جري في ليبيا عقب الإطاحة بحكم القذافي كان مؤامرة متكاملة الأركان من أجل النفط، شاركت فيها دول إقليمية وغربية منها قطروتركيا وفرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا وغيرها، وهناك خطر يهدد مصر يأتي من تنظيم "فجر ليبيا" الذي بايع بعض قياداته تنظيم "داعش" ويسيطر علي طرابلس ومؤسساتها وسواحلها، وأبرزها تكوين ما يسمي ب"جيش مصر الحر" الذي تشكل من عناصر إخوانية وسلفية تصل إلي 1500 عنصر هربت بعد 30 يونيو إلي ليبيا، وتتدرب الآن في 7 معسكرات قرب الحدود مع ليبيا، وهدف هذه الجماعات خلق مناطق عازلة واستنزاف الجيش المصري علي حدوده الغربية والحيلولة مستقبلاً دون الاستثمار في تلك المنطقة المهمة لأمن واقتصاد مصر. ما أهداف ما يسمي "الجيش المصري الحر"؟ - يسعي هذا الجيش المزعوم إلي إعادة إنتاج تجربة ما يسمي "الجيش السوري الحر"، الذي تشكل من مجموعات عميلة للمخابرات التركية والخليجية والغربية، والتي عملت علي زعزعة استقرار سوريا خلال السنوات الثلاث الماضية بالتنسيق مع "القاعدة" و"داعش" و"جبهة النصرة"، كذلك هناك حوالي 1500 جماعة إرهابية في سوريا، والهدف هو نفسه مع مصر، حيث يراد من الجيش المصري الحر خلق مناطق عازلة واستنزاف الجيش المصري علي الحدود الغربية، ومحاولة الانتقام لإسقاط حكم الإخوان، بإعداد وتمويل والتخطيط لعمليات إرهابية كبري مثل تدمير مؤسسات أو مشروعات مثل السد العالي، وإرسال سيارات مفخخة ضد رموز قيادات في الجيش والشرطة وبعض الوزارات المهمة، وهنا يتم التشابك والتداخل مع جماعات أخري مثل "أنصار بيت المقدس"، لتنفيذ عمليات إرهابية مؤثرة مثل تهريب قيادات الإخوان من السجون وفي مقدمتهم محمد بديع ومحمد مرسي، وغيرها من العمليات التي يتم فيها إهانة هيبة الدولة. كيف تري الجبهة الجنوبية الملاصقة لحدود مصر مع السودان؟ - الانشغال الداخلي ساهم في زيادة حدة الضغط الأثيوبي والاختلاف القبلي في أسوان بلد السد العالي المهدد بالتفجير من قبل تلك الجماعات، ورغم وضوح هذه الحقائق، إلا أن ثمة خطرا آخر مهما وقادما، وهو إنشاء ثلاثة معسكرات لجماعات العنف الديني علي الحدود مع السودان وبداخلها في أعقاب "30 يونيو"، تتواجد في ولايات "كردفان" و"كسلا" و"البحر الأحمر"، ويبلغ عدد المصريين فيها 300 عنصر، غالبيتهم ينتمون إلي جماعة الإخوان إلي جانب بعض السلفيين، ويشكلون نواة ثالثة جنوبية ل"الجيش المصري الحر"، بالإضافة للنواة الأولي في سيناء، والثانية الموجودة في ليبيا، وهنا يبرز دور التنظيم الدولي للإخوان المتواجد في 70 دولة ومنها السودان. كيف تري السبيل لمواجهة الإرهاب في مصر؟ - تحدي مواجهة خريطة الإرهاب في طورها الجديد، والتي نسميها بالجيل الثالث للقاعدة، يتطلب إدراك الرئيس السيسي ودولته الجديدة عند المواجهة لهذه الخريطة الجديدة للإرهاب ضرورة البدء بضربات استباقية لمعسكراتها، خاصة علي الحدود مع ليبيا، نظراً إلي ترابط دوائر الأمن القومي المصري بنظيره العربي، ونقصد تحديدا أهمية الالتفات إلي أن خطر الإرهاب القائم في سوريا وليبيا وبعض الدول العربية هو عينه الإرهاب في مصر، ومقاومته لابد أن تكون مشتركة وبحسم وبلا تردد.