كانت سيناء في أغلب فترات تاريخ مصر البوابة التي يهددنا منها الأعداء . علي أرض هذه البقعة الغالية استشهد مئات الآلاف من خيرة رجال مصر، روت دماؤهم الطاهرة رمال شبه الجزيرة التي وطئتها أقدام الجيوش من كل أنحاء العالم القديم والحديث. من ناحية سيناء جاء الهكسوس والحيثيون والتتار وجاء الإسكندر الأكبر أو ذو القرنين وترك آثاره وأهمها مدينة الإسكندرية وجاء غيرهم. ومن ناحية سيناء جاءت إسرائيل التي بقيت فيها 6 سنوات تركت آثارا مدمرة نفسية ومعنوية علي أبنائها. خلال فترة وجود إسرائيل عاني المصريون في كل بقعة فيها من جبروت الاحتلال وانعكس ذلك علي جهود كبيرة قدمها أبناء سيناء للوطن من خلال التعاون التام مع الأجهزة المصرية بمختلف أنواعها ضاربين صورة من أروع صور الوطنية. شكك البعض في ولاء أبناء سيناء ووصفهم البعض بالبدو، لكن ليس كل ما يعرف يقال للناس أو ينشر، فرجال قبائل سيناء كانوا خير عون لرجالنا خلف خطوط العدو وخلال الحرب ، وربما يكونون قد تحملوا أكثر مما تحمل المواطنون في مناطق أخري من أرض مصر. بعد التحرير بدأت مسيرة التنمية، والتحم السيناويون بالوطن مرة أخري وصاروا جزءا جوهريا لا يتجزأ من كل خطط التنمية وصار نوابهم في البرلمان بمجلسيه من أقوي النواب أداء وفي الحصول علي حقوق ناخبيهم، وكانت المجالس الشعبية المحلية خير آلية في المساعدة لإقرار العديد من الخدمات والمزايا لأبناء سيناء شمالا وجنوبا . لم تترك سيناء تنمو بجهود ساكنيها وحدهم، بل بذلت جهود كبيرة للدفع بمسيرة التقدم والتنمية، من هذه الجهود، ما قامت به السيدة سوزان مبارك بزيارتها الميدانية لمحافظة شمال سيناء في نهاية يناير الماضي لتقديم المساعدات للأسر التي تضررت من السيول . في تلك الزيارة بدأ التفكير في إنشاء قري جديدة للأسر المتضررة، تتمتع هذه القري بمقومات اقتصادية متكاملة لتحقيق تنمية مستدامة بالمفهوم الشامل، أي ربط مصدر الرزق بمكان الإقامة في المجتمع السيناوي . بالفعل، أنشئت قرية رائدة نموذجية بمدينة الحسنة، كان إنشاء تلك القرية نموذجا لروح الفريق الذي تعاون فتحققت القرية في 50 يوما. ضمت القرية 48 منزلا ومشغلا وورشة نجارة وديوانا للقرية وساحة رياضية ومحطة لمياه الشرب . بلغت تكلفة إنشاء القرية حوالي 10 ملايين جنيه، كانت جمعية الهلال الأحمر التي ترأسها السيدة سوزان مبارك الداعم الرئيسي للمشروع بالتعاون مع الوزارات المختلفة ومحافظة شمال سيناء وكذلك بعض رجال الأعمال، وقد روعي في تخطيط وتنفيذ القرية تلبية احتياجات المواطن في بيئته المحلية وتفاعله مع التطور الحضاري، كما روعي توزيع المساكن بشكل متوازن بين أبناء البدو والحضر والأسر المتضررة من السيول والشباب المتزوجين حديثا، وتم كل ذلك من خلال إجراء القرعة العلنية تحقيقا لمبدأ الشفافية . بعدها تم إنشاء قرية ضمت 96 منزلا أضيف فيها إلي جانب كل المكونات السابقة، 16 محلا وكافيتريا بجانب محطة للتزود بالوقود . وتعد هذه القرية بمثابة توسعات بقرية الحسنة تنتظر قيام السيدة سوزان مبارك بافتتاحها خلال أيام . ومن جهة أخري ستنشئ القوات المسلحة 5 قري أخري في كل من الجفجافة وبغداد والخربة والميدان ولحفن. كما وافق مجلس الوزراء علي إنشاء وتطوير 82 قرية أخري بشمال سيناء بتكاليف تصل إلي 10 ملايين جنيه لكل قرية علي مدي فترة زمنية 5 سنوات وتم بالفعل اعتماد نسبة كبيرة من المبالغ المخصصة لهذا الغرض . لم تعد سيناء في معزل عن الوطن، لم يعد السيناويون غرباء في بلدهم، الاهتمام بالمواطن السيناوي جزء جوهري من الاهتمام بكل مواطن في مصر، أيضا المرأة السيناوية تلقي كل الرعاية، والأمل معقود عليها في الفترة القادمة لكي تتقدم خطوات مواكبة لتطور مجتمعها. الزيارات المتكررة للسيدة سوزان مبارك واهتمامها بسيناء يؤكد إدراكها مشاكل هذا المجتمع الحيوي والمهم علي أرض مصر .