يوم عرض مشروع التخرج بعد ساعات من إعلان الأجهزة الأمنية في وزارة الداخلية، الأسبوع الماضي، إلقاء القبض علي "علياء عواد" مصورة فيديو ما يُعرف ب"كتائب حلوان" الإرهابية، الذي تم بثه في الذكري الأولي لفض اعتصام أنصار الإخوان، 14 أغسطس الماضي، تمكنت "آخرساعة" من الوصول إلي مصادر مقربة للغاية من المتهمة التي تخضع حالياً للتحقيق بمعرفة نيابة أمن الدولة العليا، حيث حصلت المجلة علي انفراد بالصور يرصد تحوُّل علياء من فتاة جامعية كانت تهتم بأناقتها وماكياجها ومولعة بالتسوق إلي أحد أبرز الكوادر الشبابية التي تم تجنيدها في تنظيم "الإخوان" الإرهابي. علياء نصر الدين عواد (29 عاماً)، هي مراسلة شبكة "رصد" الإخبارية الإخوانية، والتي صورت مقطع الفيديو الشهير لمجموعة من المسلحين الملثمين في منطقة "عزبة الوالدة" بحلوان (جنوبالقاهرة) منتصف أغسطس الماضي، قبل أن يثير هذا الفيديو الذعر لدي قطاع عريض من المصريين، من مجرد فكرة وجود مجموعات مسلحة تتحرك بحرية مطلقة وتصور تهديداتها بالفيديو في عرض الشارع، ولم يكن يتصور أحد أن يكون وراء هذا الفيديو فتاة، لكن يبدو أن الأجهزة الأمنية كانت علي درجة كبيرة من اليقظة، بحيث ضبطت علياء في شقة سكنية بدائرة الرمل بمحافظة الإسكندرية، كانت تختبئ فيها بعد هروبها من محل إقامتها في حلوان. وفيما أكدت مصادر بوزارة الداخلية أن المتهمة سلمت نفسها للقوات فور مشاهدتهم دون محاولة للهروب، فإن مصادر مقربة من مراسلة شبكة "رصد" أكدوا أنها كتبت علي حسابها الشخصي بموقع "فيسبوك" أنها تفكر في تسليم نفسها للشرطة، قبل ساعات من إلقاء القبض عليها فعلياً، في وقت كان أصدقاؤها المنتمون إلي جماعة الإخوان، يعلقون لها علي ما تكتبه في هذا السياق برفض الفكرة، ودعوتها إلي مواصلة جهادها ضد السلطة، وعدم تسليم نفسها، لكن لأن عمر الإرهاب قصير فقد تم ضبطها بعد أيام من إلقاء القبض علي المتهمين العشرة الذين ظهروا في فيديو "الكتائب" ومن بينهم مجدي إبراهيم الشهير ب"مجدي فونيا"، الذي قام بقراءة البيان في الفيديو، متوعداً فيه قوات الجيش والشرطة ومهدداً فيه بتنفيذ عمليات إرهابية. قصة تحول علياء من فتاة عادية تحب الحياة وتستمتع بها مع صديقاتها إلي شخصية أخري تميل إلي العنف وكراهية المجتمع والانخراط وسط المجموعات المسلحة التابعة لتنظيم "الإخوان" الإرهابي، تحمل الكثير من الدهشة وعلامات التعجب والاستفهام، فكيف لفتاة كانت تقضي وقتها لساعات طويلة أمام المرآة لتضبط ماكياجها وتختار ملابسها الأنيقة بعناية وتستمتع بالتسوق في كبري "المولات التجارية" بالقاهرة مع زميلات الدراسة الجامعية - التي حرصت المجلة علي إخفاء ملامح وجوههن في الصور التي تجمعهن بعلياء وننفرد بنشرها - أن تهجر هذه الحياة وتجد متعتها في ممارسة التحريض علي القتل واستهداف قوات الجيش والشرطة! هذا ما تؤكده أقرب صديقات المتهمة، والتي جمعتهما علاقة قوية منذ أيام الجامعة، قبل أن تبدأ تصرفات علياء في التغير، وخصوصاً في أعقاب ثورة يناير 2011 حيث تقول صديقتها - التي رأت المجلة عدم الكشف عن هويتها حفاظاً عليها من بطش إرهابيي التنظيم إنها تعرفت علي علياء في العام 2007 حينما التحقتا بمعهد الألسن العالي للسياحة بمدينة نصر (شرق القاهرة)، وتضيف: كنا مجرد زملاء وبعدها صرنا أصدقاء.. نحضر المحاضرات ونأكل ونشرب ونخرج سوياً، وحتي بعد تخرجنا في قسم السياحة عام 2011 ظلت العلاقة قوية بيننا. وبطريقتها التلقائية في الكلام تتابع صديقة المتهمة: كانت علياء بالنسبة لي بنتا عادية جداً زي أي واحدة في شلة أصدقائنا، لكنها كانت مهتمة بنفسها أوي وبماكياجها زيادة أوي، يعني كانت حريصة إنها تحط "Full Makeup".. ولم يكن لديها اهتمام بالقراءة أو السياسة.. كانت أكبر منا بحوالي 3 سنين، وأعتقد أنها كانت تدرس في مكان آخر قبل أن تلتحق بالمعهد، وبعد التخرج كنا نتقابل كلنا من وقت لآخر في مول "سيتي ستارز" بمدينة نصر.. نتمشي ونهرج ونتغدي، وكمان كنا بنفطر في شهر رمضان مع بعض ونقعد شوية في أي "كافيه" وبعدين نمشي، بعد ما نتفق علي موعد اللقاء القادم، اللي دايماً كان لازم يتغير أكتر من مرة، لكن عموماً كنت أتواصل مع علياء من حين لآخر علي الموبايل. تضيف: أسرة علياء مكونة من والدتها التي كانت تقيم معها في المنزل، وشقيقة أخري أكبر منها متزوجة ولديها طفلان (ولد وبنت) كانت مشغولة بهما وبالتالي لم يكن لديها وقت كاف لمراعاة الأم، ولها أيضاً شقيقان أحدهما متزوج أيضاً ومشغول بحياته ونادراً ما كان يزورهم، والثاني متزوج ومقيم في السعودية، وبحسب ما علمت من علياء كان يرسل لوالدته "فلوس" شهرياً للمصاريف، لأن علياء كان والدها متوفياً قبل أن أعرفها بسنوات. وبحسب رواية مصدرنا فإن علياء كانت فتاة وديعة ومتدينة بشكل عادي، وغير متشددة في طباعها أو تدينها، بل وكانت مهتمة بمتابعة ومراعاة والدتها المريضة التي لم تكن تقدر علي الحركة، حيث تقول صديقتها: علياء كانت مسؤولة بشكل كامل عن أمها.. تشيلها وتلبسها وتأكلها.. إلخ، وكثيراً ما كانت تشكو لي تجاهل إخوتها لوالدتهم، ورمي الحمل كله عليها، وكانت بتتضايق منهم وتقول إنهم "بيعاملوني كأنهم جايبنّي شغالة لماما". ويبدو أن علياء لم تكن تعاني من مشكلات مادية، فقد كانت تمتلك سيارة أثناء الدراسة، وهو ما بدا من ثنايا القصة التي روتها صديقتها: "ماكانتش بتيجي المعهد بانتظام، لأنها كانت عاملة حادثة كبيرة بعربيتها ورجلها انكسرت وركّبت مسامير وشرائح، فكان أي مجهود تعمله بيتعبها، وبعد الحادثة كانت بتيجي المعهد وتروح حلوان بتاكسي. وربما يكون الفراغ العاطفي سبباً وراء اهتمامات علياء الغريبة ورغبتها في الانتقام من المجتمع بالانضمام إلي جماعة إرهابية مثل "الإخوان"، حيث تقول صديقتها: كانت مخطوبة وهي في سنة ثانية معهد، وفسخت الخطبة بعد سنة تقريباً، لأنها كانت عايزة تقيم بعد الزواج مع أمها في منزلها، بينما خطيبها كان يرتب أموره علي شقة خاصة، وكانت هذه نقطة الخلاف، ثم تمت خطبتها للمرة الثانية قبل حوالي سنتين ولم تستمر معه سوي فترة بسيطة وانفصلا أيضاً. وتتذكر صديقة علياء آخر لقاء جمعهم كشلة أصدقاء قبل ثمانية أشهر: كنا متعودين دايماً لما بنتقابل نتغدي مع بعض وبعدين نقعد في أي كافية نشرب أي مشروبات عادية، لكن آخر مرة كانت عايزانا نقعد في كافيه معين اسمه "خان الخليلي" في مول "سيتي ستارز"، وفوجئنا إنها بتطلب شيشة ودي كانت أول مرة نشوفها بتشرب شيشة، وقعدت تقول لنا "أنا باحب طعم الكنتالوب أكتر من التفاح لأنه أخف بكتير".. بصراحة أنا وأصحابي الأربعة اللي كانوا معانا في اليوم ده اتضايقنا من شكلها بالشيشة وكنا مكسوفين وإحنا قاعدين معاها لأن دي ماكانتش سلوكياتنا أبداً. أما انضمام علياء لجماعة "الإخوان" فله قصة أخري ترويها صديقتها: علياء ساكنة في حلوان، وقبل ثورة يناير 2011 حكت لي ذات مرة أنها كانت ماشية في أحد شوارع حلوان وبالصدفة رأت مقرا لجمعية خيرية تابعة للإخوان، دخلت وعرفت أن لهم أنشطة لمساعدة المحتاجين، وبعدها قالت لي إنها انضمت لهذه الجمعية علشان أعمال الخير اللي بيعملوها، لتساعد فيها علشان تأخد ثواب فعل الخير اللي هاتعمله معاهم، وكمان علشان إخواتها يعرفوا إنها مشغولة ومش فاضية أوي زي ما هم متخيلين فيخلوا عندهم شوية دم ويراعوا مامتها معاها. وهكذا قادت الصدفة وحدها علياء إلي طريق "الإخوان"، حيث بدأت أفكارها تتغير في أعقاب الثورة ووصول الإخوان إلي الحكم، حيث تعاطفت كثيراً معهم، لدرجة أنها كانت حريصة علي التواجد في اعتصام أنصار الإخوان في ساحة "رابعة العدوية"، عقب عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي، وهنا تقول صديقتها المقربة: بدأت تدخل معنا في نقاشات حادة علي موقع "فيسبوك" وأثناء حديثها معنا علي الموبايل.. بدأت أبعد عنها لأن الاختلاف في وجهات نظرنا أصبح كبيراً جداً، ورغم ذلك ظللت أتابع أخبارها من الفيسبوك، وأضافت: "ما قدرتش أعملها (بلوك) لأنها كانت صاحبتي وبصراحة قلبي ماطاوعنيش"، وكنت مستاءة منها ومن كلامها وتصرفاتها كلها، لكن في نفس الوقت كنت مشفقة عليها، لأني كنت حاسة إنها إنسانة ضايعة في الدنيا دي، وماحدش مهتم بيها وكمان شايلة هم والدتها. وتواصل الصديقة المصدومة في صديقتها: «كنت حاسة إنها عايزة تعمل لنفسها وضع ومعني وقيمة، لكن للأسف مشيت في سكة اللي يروح مايرجعش.. كانت بتتكلم علي الفيسبوك عن المظاهرات وتنظيم المسيرات وتحكي عن تحركاتهم وتنزل لهم صور لهم ولمسيراتهم وتكتب أخبار عن العناصر الإخوانية اللي كان الأمن بيلقي القبض عليهم.. كانت متخيلة نفسها بطلة أو فدائية.. وآخر مرة كلمتني علي الموبايل من حوالي أربع شهور كان في فرح واحدة صاحبتنا وكانت بتأكد عليا إنها تشوفني هناك، لكن أنا ماقدرتش أروح لأن الفرح كان في فيلا علي طريق مصر - الإسماعيلية». وأخيراً تقول صديقة الدراسة: أعتقد أن علياء لجأت إلي الإسكندرية للاختفاء فيها قبل القبض عليها لسبب بسيط هو وجود كل خالاتها هناك، وربما كانت تختبئ عند واحدة منهن، مشيرة إلي أن كل زملاء علياء صدمهم خبر إلقاء القبض عليها، ولم يكن أحد منهم يتصور أنها المتهم الذي يقف وراء تصوير فيديو "كتائب حلوان" الإرهابية، التي كان يبحث عنها الأمن طوال الفترة الماضية.