"لا صوت يعلو فوق صوت العمل".. هذا هو الحال هنا بأرض المعارك "الإسماعيلية".. الشمس الحارقة و«لهاليب» الرمال الصفراء وحرارة الجو المرتفعة، كلها صعاب لم تمنع عمالنا الأبطال من مواصلة الليل بالنهار في ملحمة تجسد قدرة المصريين علي التحدي والإنجاز مهما بلغت شدة الصعاب.. قناة السويس الجديدة، مشروع مصر العملاق للعبور نحو المستقبل، الذي دشنه الرئيس عبدالفتاح السيسي ليعلن معه أمام العالم كله قدرة المصريين علي صنع المعجزات. وسط معدات الحفر وسيارات النقل والكاسحات العملاقة يقف عمال مصر المخلصون ليعملوا بإصرار وعزيمة لإنجاز المشروع الضخم قبل مدته المحددة ب12 شهر فقط. "آخرساعة" كانت هناك وسط العمال شاركتهم الحلم، ورأت العزيمة النابضة المنبعثة من وجودهم وهم ينفذون مشروع مصر العظيم. البداية كانت عبور المجري الملاحي لقناة السويس ومنه انتقلنا من غرب القناة لشرقها، تشعر وكأن القناة تتراقص فرحاً وهي تحتضن جثث الأجداد، فأبناء اليوم يستكملون عمل الأجداد بشق قناة جديدة تحقق طموحاتهم نحو خلق مستقبل أفضل لهم ولوطنهم. القوافل الحزبية ورحلات طلاب المدارس المتجهة نحو المشروع تلتهم الطريق وكأنها في رحلة نحو المستقبل. مع بداية التواجد بالموقع الذي يشهد حركة غير عادية من العمال والمهندسين والشركات العاملة التي وصلت حتي الآن ل33 شركة مدنية، بدأت ملامح المشروع في الظهور كمخطط عام، فالتفريعة الجديدة التي سيتم شقها من البلاح شمالاً وحتي الدفرسوار جنوباً بطول 35 كيلو مترا تساهم في اندماج جميع التفريعات علي طول القناة لتشكل قناة جديدة تساهم في تقليل زمن عبور السفن للقناة مما يزيد من الدخل المادي للقناة. بدأت الكراكات التابعة لهيئة قناة السويس في أعمال التكريك لتعميق التفريعات والبحيرات للوصول لغاطس 66 قدماً، وعقب الانتهاء من التفريعة الجديدة سيكون هناك أكبر جزيرة بالقناة بعمق 5 كيلو مترات سيتم استغلالها في إنشاء وحدات سكنية ومناطق ترفيهية.. التقينا بعدد من العاملين بالمشروع لنتعرف منهم علي طبيعة عملهم ونظرتهم للمشروع بجانب الإجراءات التأمينية والمعيشية من مأكل ومشرب وخلافه. أحمد عبدالعاطي، 36 سنة، عامل، يقول: إن هناك حالة من الفخر تنتاب العاملين بالمشروع، خاصة أن القناة حفرت بأيدي أجدادنا ونحن اليوم نواصل ونستكمل هذا العمل لنشق قناة جديدة تكون أملاً لمصر. أما السيد جاد خليفة، 40 سنة، سائق لودر، فيقول: إن الحماسة الشديدة التي تحدث بها الرئيس السيسي خلال تواجده بالمشروع انتقلت لجميع العاملين، ومطالبته بتقديم كافة الرعاية للعاملين جعلت الجميع يقسمون علي تسليم المشروع في الموعد الذي طلبه. فتحي سلامة، 42 سنة، سائق، يقول إنه قادم من صعيد مصر من محافظة سوهاج ويعلم جيداً أهمية المشروع بالنسبة للاقتصاد المصري ولمستقبل البلاد ويتمني أن يتكاتف الجميع للانتهاء منه في موعده المحدد. أنور عبدالغني، 38 سنة، عامل، يقول إن توجيهات الرئيس بتوفير حياة كريمة لجميع العاملين كانت محل تقدير من الجميع، حيث تقوم السيارات بإحضار مياه الشرب في "تنكات" كبيرة يتم استخدامها علي مدار اليوم، كما أن الشركات تقوم بتوفيرالتغذية اللازمة لجميع العاملين.. موقع المشروع بدأ في استقبال الوفود الشبابية والحزبية والطلابية التي تزوره لتفقد الأعمال الجارية، حيث قامت قافلة من شباب الجمهورية الثالثة، التي تضم نشطاء سياسيين وأعضاء بالأحزاب السياسية بزيارة للموقع. الناشط السياسي، طارق الخولي، كان ضمن أعضاء الوفود التي زارت المشروع، وأكد أن زيارته استهدفت حث المصريين بجميع طوائفهم وانتماءاتهم علي تشجيع المشروع والعاملين به، كذلك المساهمة في الاكتتاب المزمع طرحه لتمويل المشروع. من جانبه، أكد المهندس خالد خليل، عضو حزب الدستور، أن المشروع هو رسالة للشعب المصري مفادها أننا قادرون علي التنمية بسواعدنا وبدون أي مساعدة من أي دولة أو مؤسسة أجنبية ، كما أنها رسالة للغرب والقوي المعادية لنا بأن مصر تمتلك إرادتها وقرارها الذي لن يستطيع أحد سلبهما منها. ويشهد المشروع توافد أعداد كبيرة من الرحلات المدرسية، فنظمت مدرسة المستقبل التجريبية للغات، رحلة لطلابها، ويقول أحمد الشامي، مدير المدرسة، إنه حرص علي تنظيم مثل تلك الرحلة رغم العطلة الصيفية، وذلك بهدف غرس روح الانتماء لدي الطلاب. أضاف، أنه سيقوم بتوسيع نشاط التوعية المجتمعية بالمدرسة لتضم موضوع تعميق القناة والقناة الموازية في ندوة مع طلاب المدرسة مع تنظيم رحلات دورية لموقع المشروع. وعبر طلاب وطالبات مدرسة المستقبل التجريبية للغات، عن سعادتهم البالغة بزيارة الموقع وحرص عدد من طلاب المدارس علي التقاط الصور التذكارية مع العمال رافعين الأعلام المصرية ومرددين الشعارات والأغاني الوطنية.