الشباب والأطفال رقصوا على أنغام السمسمية تحت أشعة الشمس الحارقة ولهيب الرمال الصفراء ، تمتد سواعد رجال مصر الأوفياء لشق قناة السويس الجديدة ، يستحضرون عزيمة الأجداد الذين مهدوا أول قناة بحرية في العالم لتربط بين البحرين الأبيض المتوسط والأحمر وتفتح زراعيها أمام حركة التجارة العالمية لتكون أهم ممر ملاحي بالعالم. ففي نهار بالغ الحرارة تجولت « الأخبار « بموقع مشروع حفر قناة السويس الجديدة من البلاح شمالاً وحتي الدفرسوار جنوباً بطول 35 كيلو مترا. مع بدء الرحلة ، تشعر أن قناة السويس تتحرك طرباً وتحتضن شهداءها القدامي المتناثرين علي طرقات التاريخ ومسالك الأزمنة سواء في حفرها أو دفاعاً عنها ، فهو شعور بالنشوة ، ينتشيها الفرد المتأمل لمستقبل بلاده في واحدً من أهم المشروعات القومية خلال القرن ال 21. شباب مصر العمل يجري علي قدم وساق في جميع مواقع المشروع ، الذي يشهد انتشار للآليات العملاقة يقودها شباب ورجال مصر بعزيمة يكسوها الإصرار والأمل في سرعة إنجاز المشروع لتحقيق الوعد الذي قطعوه علي أنفسهم أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي في إنهائه خلال عام واحد بدلاً من 3 سنوات. ففي جنوب البلاح بدأت ملامح المشروع في التكوين وظهر جلياً التخطيط لمسار القناة الجديدة ، فالموقع يعج بالعمال والسيارات والكاسحات يقومون بتنفيذ أعمال الحفر ، كما تواجدت الكراكات التابعة لهيئة قناة السويس والتي تقوم حالياً بالتكريك لتعميق التفريعات القديمة والبحيرات لتصل إلي عمق 66 قدماً. ومن خلال التخطيط لمسار القناة فإن المنطقة سيتواجد بها أكبر جزيرة علي طول المجري الملاحي لقناة السويس يصل عرضها لنحو 5 كيلو مترات ، وهي المنطقة التي ستشهد بناء عدد من المناطق السكنية والترفيهية. وخلال الجولة ألتقت « الأخبار « بعدد من العاملين بالمشروع. يقول أحمد عبد العاطي 36 سنة عامل أن هناك حاله من الفخر تنتاب العاملين بالمشروع خاصة أن القناة حفرت بأيدي أجدادنا ونحن اليوم نواصل ونستكمل هذا العمل لشق قناة جديدة تكون أملاً لمصر. أما السيد جاد خليفة 40 سنة سائق لودر يقول أن الحماسة الشديدة التي تحدث بها الرئيس السيسي أنتقلت لجميع العاملين بالمشروع ويكفي أنه قام بجولتين لم يكن أحد يعلم بهما لمواقع العمل ومطالبه بتقديم جميع الرعاية للعاملين جعلت الجميع يقسمون علي تسليم المشروع في الموعد الذي طلبه الرئيس. قادم من صعيد فتحي سلامة 42 سنة سائق يقول أنه قادم من صعيد مصر من محافظة سوهاج ويعلم جيداً أهمية المشروع بالنسبة للاقتصاد المصري ولمستقبل البلاد ويتمني أن يتكاتف الجميع للإنتهاء منه في موعده المحدد. مصطفي هشام شاب في العقد الثالث من عمره قادم من محافظة العريش يعمل علي لودر حفر يتبع إحدي الشركات الموجودة بالمشروع ويري اسرته كل 15 يوماً وأكد أنه سعيد بالعمل في هذا المشروع التاريخي الذي سيطور سيناء بصورة كبيرة إضافة إلي أنه فتح الباب لنا كعامل بعد أن عانينا البطالة لفترات طويلة اما مصطفي فهو أب لطفلين احدهما، يأمل أن ينتهي المشروع بأسرع وقت ليري الحلم يتحقق امامه ويصطحب اولاده علي ضفاف قناة السويس الجديدة ليروي لهم قصة الحفر ويؤكد ل«لأخبار» أنه لا توجد صعوبات تواجه العمال وتسود الروح المعنوية المرتفعة بينهم في ظل تأمين كامل من جانب القوات المسلحة التي تسهر لحماية المكان ويشير إلي ان دورية عمله تبدأ من السادسة صباحاً وحتي السادسة مساء يتخللها ساعة راحة لتناول الغداء. فرص عمل ووجه مصطفي دعوة للشباب بالعمل في المشروع حيث تتوافر فرص عمل عديدة قائلاً إن المشروع لأولادنا واحفادنا وحتي وإن كان المقابل غير كبير إلا أن لحظة العمل في حفر قناة السويس الجديدة لا تقدر بثمن. أتي مصباح حسين 37 عاما من محافظة الشرقية ليعمل علي «تريلا» النقل الرمل من المواقع التي سيتم شق القناة بها ويعتبر المشروع بمثابة معركة ينبغي ان تنتصر مصر فيها لأنه ليس مشروعا عادياً بل انه حالة وطنية فالجميع يسعي إلي إنجاز هذا المشروع في التوقيت الذي وعد به الرئيس وطالب حسين بتوفير المزيدمن المعدات والعمال حتي ينتهي المشروع في توقيته المحدد وحث جميع شباب الوطن علي التطوع للعمل في مشروع القرن. «نفسي اساعد مصر» هكذا بدأ مشاري أحمد سيف من محافظة المنوفية كلامه وأكد أن ما دفعه الي العمل بالمشروع هو رغبته الشديدة في مساعدة بلاده مشيرا إليأن لديه طاقة للعمل أكثر من 22 ساعة يومياً. ويضف أن ابنه وابنته فخور وان بعمله في المشروع مما يعطيه دافعاً معنوياً كبيراً للاستمرار في العمل ويشير إلي أن روح الحب تسود بين جميع العاملين وتختلف عن العمل في أي مشروع آخر. ويؤكد محمود سهمود شعبان صاحب شركة حفر أن العمال يعملون علي مدار 24 ساعة بدورتين لا يتوقف العمل خلالها الا لساعتي راحة مؤكداً ان حفر الكيلو متر مكعب يستغرق فترة تتراوح بين 3 و 4 شهور للشركة الواحدة واضاف أنه لديه 120 معدة تشارك في المشروع ويعمل عليها أكثر من 400 عامل مؤكدا ان المشروع سيتم انجازه في الموعد الذي حدده الرئيس. وبدء موقع المشروع في استقبال الوفود الشبابية والحزبية والطلابية التي تقوم بزيارة لتفقد الأعمال الجارية، حيث قامت قافلة من شباب الجمهورية الثالثة والتي تضم بعض من النشطاء السياسيين وأعضاء الأحزاب السياسية بزيارة للموقع وصرح طارق الخولي الناشط السياسي ومؤسس الجبهه أن الزيارة تهدف إلي حث المصريين بجميع طوائفهم وإنتماءاتهم علي تشجيع المشروع والعاملين به ، كذلك المساهمة في الإكتتاب المزمع طرحه لتمويل المشروع. من جانبه يؤكد المهندس خالد خليل عضو حزب الدستور ، أن المشروع هو رسالة للشعب المصري مفادها أننا قادرون علي التنمية بسواعدنا وبدون أي مساعدة من أي دولة أو مؤسسة أجنبية ، كما أنها رسالة للغرب والقوي المعادية لنا ، أن مصر تمتلك إرادتها وقرارها التي لن يستطيع أحد سلبهما منها. يوضح مسعد حسن علي عضو بحزب التحالف الشعبي الإشتراكي أن هناك رسالة للداخل والخارج بأن مصر لا يستطيع أحد مسها بسوء ، ففي الوقت الذي تعاني منه الدول المجاورة من تفكك وانهيار ، فإن مصر تتطلع لمستقبل يحظي بخطي ثابتة وعمل عظيم يمثل مشروعا قوميا. المهندس محمد حسن عضو الهيئة العليا بحزب المصريين الأحرار يقول : أنني أحمد الله الذي أحياني لأعيش مثل هذا اليوم العظيم ، فالمشروع علي أرض سيناء الغالية التي أرتوت بدماء شهدائنا دفاعاً عنها وقناة السويس التي تناثرت جثث أجدادنا لشقها بسواعدها . التلاميذ بالموقع من ناحية أخري شهد المشروع توافد عدد من الرحلات المدرسية حيث نظمت مدرسة المستقبل التجريبية للغات رحلة لطلابها ويقول أحمد الشامي مدير المدرسة أنه حرص علي تنظيم مثل تلك الرحلة علي الرغم من أننا في العطلة الصيفية وذلك بهدف غرس روح الإنتماء لدي الطلاب. وأضاف أنه سيقوم بتوسيع نشاط التوعية المجتمعية بالمدرسة لتضم موضوع تعميق القناة والقناة الموازية في ندوة مع طلاب المدرسة مع تنظيم رحلات دورية لموقع المشروع. من ناحيتهم عبر طلاب وطالبات مدرسة المستقبل التجريبية للغات عن سعادتهم البالغة بزيارة الموقع وحرص عدد من طلاب المدارس في إلتقاط الصور التذكارية مع العمال رافعين الأعلام المصرية ومرددين الشعارات والأغاني الوطنية ، وتقول رشا عزب 11 سنة أن التاريخ سوف يذكر تلك المرحلة الهامة وأنها سعيدة بوجودها في هذا التاريخ والتي ستتحاكي به أمام جيلها والأجيال القادمة. من جانبه قام العميد محمد أبو السعود رئيس النادي الإسماعيلي بتنظيم رحلة لفريق الموهوبين بالنادي.