٫ تتضمن جهازاً يرصد الأجسام الغريبة بالمسح الضوئي و»روبوت« يفكك القنابل والألغام علي الرغم من صغر سنه إلا أن أحمد عبدالمجيد البشبيشي ابن محافظة البحيرة، نبغ منذ نعومة أظافره، وأفاده التحاقه بالمعهد الفني الصناعي في أن يبتكر العديد من الأفكار ويقدم اختراعات مفيدة للغاية، أبرزها منظومة أمنية تحبط عمليات التفجير عن بعد، وهو ما تحتاجه مصر في الوقت الذي تحارب فيه موجة الإرهاب التي تشنها جماعة "الإخوان" الإرهابية منذ عزل الرئيس السابق محمد مرسي في 3 يوليو الماضي. البشبيشي يتحدث ل"آخرساعة" في حوار عن اختراعاته، مبرراً عدم خروجها إلي النور بالعقبات الروتينية التي تواجهه في سبيل تسجيل براءات اختراعه رسمياً. التفاصيل في السياق. ❊ متي وكيف بدأت علاقتك بالاختراعات؟ - ولدتُ في 2 مايو 1990 بإحدي قري مركز دمنهور بمحافظة البحيرة، أنتمي لأسرة متوسطة الحال، تلقيت تعليمي بالمدارس الحكومية، حتي التعليم الفني بالمرحلة الثانوية، ثم التحقت بالمعهد الفني الصناعي في الإسكندرية، وأدرس الآن في كلية الآداب بدمنهور. بدأ مشواري مع الاختراعات عندما كنت في المرحلة الثانوية، حيث كنا بالقسم (الورشة) الذي ندرس فيه المواد العملية، وأثناء شرح أحد أساتذتي لمنظومة معينة استلهمت فكرة عمل "فرملة طوارئ" تعمل بالكهرباء، فالتعليم الفني أضاف لي الكثير من الخبرات، علي الرغم من بدائية المواد العلمية التي كنا ندرسها، وما دفعني لعالم الابتكار هو حبي وشغفي بالعلم والطبيعة والتأمل وإيجاد حلول للمشاكل، إلي جانب فضولي وأسئلتي عن الكون وكيف تعمل الأشياء وما هي مكوناتها، وهذه فطرة لديّ منذ سنوات الطفولة، كما كان لوالدي رحمه الله الفضل في تشجيعي علي تحصيل العلم وتولت من بعده تلك المسؤولية والدتي، حيث شجعتني علي استكمال هذا المشوار. ❊ ما أبرز الاختراعات التي توصلت إليها حتي الآن؟ - تتلخص ابتكاراتي وأبحاثي فيما يُعرف ب"الكنترول ميكانيك" وتكنولوجيا نظم الطاقة وبعض الأفكار المتعلقة بالبرمجيات، وأبرز هذه الاختراعات، هي السيارة الذكية، والسخان الكهربي، والمحطة المدمجة، ومنظومة Tema لإحباط التفجيرات، ونظارة القراءة والترجمة، ونظام الإيقاف الاضطراري، ونظام لمنع حوادث السيارات، بخلاف ما لديّ من أبحاث من بينها، الاكتفاء الذاتي بالطاقة، وتطوير محركات الاحتراق الداخلي، ومحطات الطاقة الحديثة ومشروع نقل الطاقة عبر الفضاء، وخطة لحل مشكلة الازدحام المروري. ❊ هل تسعي إلي التربح مادياً من وراء هذه الأفكار حال تطبيقها؟ - ليس هذا هو هدفي مُطلقاً، فخروج هذه الابتكارات والأبحاث إلي النور هو مبتغاي، ولك أن تعلم أنني علي أتم استعداد لأن يناقشني خبراء مختصون في هذه الابتكارات والأبحاث، ولا أنتظر مقابلاً مادياً، بل حلمي هو أن تستفيد مصر من خبراتي وأفكاري وأن يتم تطبيقها علي أرض الواقع، خصوصاً أن هذه الابتكارات مهمة وضرورية، بخلاف كونها بسيطة وتصنيعها غير مكلف وسهلة التطبيق، فحلمي هو أن أري منتجاً تكنولوجياً مدونا عليه "صنع في مصر"، ولذا مثلي في ذلك مثل الكثير من المخترعين في مصر نريد نظرة واهتماماً من المسؤولين، وتوفير معامل أو شركات ننفذ فيها هذه الابتكارات، إذ لا يمكن لمصر أن ترتقي وتتقدم وتلحق بقطار الدول المتقدمة، إلا من خلال اهتتمامنا بالتعليم، وإصلاحنا للمنظومة التعليمية والاهتمام بالبحث العلمي، فالتعليم والبحث العلمي هما بوابة العبور إلي المستقبل، من أجل صنع حضارة كالتي صنعها أجدادنا. ❊ ماذا عن ابتكارك لمنظومة أمنية لإحباط العمليات التفجيرية خاصة في ضوء زيادة العمليات الإرهابية في الفترة الأخيرة؟ - تنامي العمليات الإرهابية في الفترة الأخيرة دفعني كمواطن مصري وكباحث مخترع إلي ابتكار منظومة أمنية متكاملة تعمل بطريقة مبتكرة لتأمين المنشآت والمرافق الحيوية، تعمل هذه المنظومة علي الاكتشاف المبكر للألغام والمتفجرات علي اختلاف أنواعها، ثم العمل علي تعطيلها، وذلك سواء كانت بدائية الصنع أو لاسلكية أو موقوتة، حيث قمت بالبحث والدراسة المستفيضة عن هذا الموضوع بجوانبه وأبعاده كافة، حتي توصلت إلي هذه المنظومة التي تتمثل في جهاز حساس يثبت في الشارع، وعند مرور أي جسم غريب أو به مواد متفجرة أو ألغام، يتعامل معه فوراً بطريقة علمية حديثة. ❊ هل يمكن أن توضح لنا كيف تتم هذه العملية؟ - يقوم هذا الجهاز بقراءة الطول الموجي والترددي وعمل مسح ضوئي لنوعية الجسم الغريب وتحديد مدي نشاطه ونوعيته وحجمه، حيث ترسل الأجسام إشارة بذلك إلي جهاز متابعة مركزي، الذي بدوره يستقبل هذه البيانات ويقوم بتحليلها، فيتلقي ريبوت "إنسان آلي" مخصص لهذا الغرض أمر التعطيل، وهذا الريبوت مزود بصندوق وبه غاز خامل، ويقوم الريبوت بوضع الجسم الغريب به سواء كان قنبلة أو لغما.. إلخ، ونقله إلي مكان آمن، حتي يتم تفكيكه أو يتم تفكيكه فوراً من قبل الريبوت، حسب درجة خطورة الموقف، كما أن الريبوت مزود بكاميرا ويتم التحكم فيه عن بعد، وذلك عكس الأجهزة التقليدية التي تعمل بها الجهات المعنية في الدولة، وهذه المنظومة تتسم بالبساطة وقلة التكاليف وسهولة التطبيق، وتمتاز بدرجة عالية من الكفاءة ودقة وسرعة التنفيذ، بل إنها أعلي من حيث الأمان وأكفأ من العنصر البشري المتمثل في خبراء التعامل مع المفرقعات، ولدينا في مصر كل الإمكانيات التي تساعدنا علي تصميم هذه المنظومة، ولكن لا أعرف سبب الخمول الفكري للمسؤولين، وضعف قراراتهم وهذه هي الكارثة الحقيقية. ❊ ما الذي يميز هذه المنظومة عن غيرها من وسائل منع التفجيرات والتعامل مع الألغام كما هو الحال في منطقة "حدائق الشيطان" العلمين؟ - يؤسفني أن يتم التعامل بوسائل تقليدية قديمة مع مثل هذه الأمور، فالعلم تقدم كثيراً بما يسمح لنا بتخطي الكثير من العقبات، وهناك مئات الأفكار وعشرات الأجهزة وبلاشك ملايين الحلول، فلماذا لا تفكر الحكومة في إيجاد حلول مبتكرة، وحتي يجيبني أحد علي هذا السؤال أتطرق إلي شرح ميزات ابتكاري المتوافرة في هذه المنظومة، وهي عبارة عن طائرة محملة بأجهزة مسح ضوئي چيولوچي وترددات صوتية ورنين، تعمل علي تحديد أماكن الألغام ومن ثم تحويل "حدائق الشيطان" إلي "حدائق عدن"، وتحويل منطقة "العلمين" بالصحراء الغربية إلي جنة تصلح للزراعة وإقامة مناطق سكنية ومصانع، ومنظومتي تلك تمتاز بدرجة أمان عالية، ودقة في تحديد الهدف وسرعة في تنفيذ المهمة، وتعمل بتكنولوجيا متطورة، بخلاف قلة التكاليف وسهولة التصنيع. لا شيء مع العلم اسمه مستحيل. الآن العلم يتحدث عن الفيمتو ثانية والنانو تكنولوجي، وكل يوم يشهد تقدماً جديداً لماذا لا نسخر تلك العلوم في حل مشاكلنا! ❊ وما هي تكلفة تصنيع هذا الاختراع علي وجه التحديد؟ - يعتمد ذلك علي نوعية الريبوت، وما إذا كان طائراً أم برياً، فالأول تكلفتة تتراوح من 20 إلي 26 ألف جنيه، ويمكن أن تقل هذه التكلفة حسب تيسير الإجراءات وتوافر الإمكانيات. أما الثاني فتكلفته أقل، حيث تتراوح من 7 إلي 10 آلاف جنيه، وأشير هنا إلي أن لدينا مؤسسات كبيرة قادرة علي تنفيذ هذا المشروع، مثل الهيئة العربية للتصنيع أو مصانع الإنتاج الحربي، وغيرها. ❊ إلي أي مدي تستفيد الأجهزة الأمنية في مصر من هذا الاختراع حال تطبيقه؟ - هذه المنظومة تساعد رجال الأمن في كشف الوسائل المراوغة للإرهاب ومن ثم إحباط محاولات التفجير وتفاديها وتجنب إراقة الدماء، وزيادة معدل الأمان وتحقيق التأمين الجيد للمنشآت الحيوية، ومن ناحية أخري تطهير أراضي سيناء والعلمين وغيرهما من هذه المتفجرات والمخازن المخصصة لها إن وجدت وكذلك الألغام المزروعة في أي مكان. ❊ لماذا لم تتقدم بهذه الأفكار إلي وزارة البحث العلمي للحصول علي براءة اختراع وبدء تنفيذها علي أرض الواقع؟ - سؤال جيد وجوابي هو أنه من أجل الحصول علي براءة اختراع من مصر يستغرق ذلك مدة زمنية تتجاوز ثلاث سنوات، مع العلم أنني متقدم بأكثر من طلب بشأن عدة اختراعات أخري، ولم أتلق أي رد حتي الآن، علي الرغم من أننا نعيش في سباق مع الزمن، ففي غضون شهر واحد قد يموت العشرات وربما مئات الأبرياء، سواء من المدنيين أو رجال الجيش والشرطة، لذلك مسألة البدء في تنفيذ هذه الأفكار في يد المسؤولين، ولا أظن أن هناك أي أسباب تمنع مناقشتي في هذه الأفكار وبدء تحقيقها علي الفور حال ثبوت جدواها. ❊ ألا تري أن الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها البلاد ربما تقف عائقاً أمام تنفيذ العديد من أفكار المخترعين في الوقت الحالي؟ - صحيح نحن نعاني من مشكلات كثيرة أبرزها الفقر والبطالة وتفشي الأمراض، بخلاف الصراعات السياسية، وغيرها من المشكلات الداخلية التي تستنزف قدراتنا ومواردنا، لكن يتعين علينا إذا كنا نريد الارتقاء إلي مصاف الدول المتقدمة، أن نحقق نهضة علمية حقيقية، وأن نقضي علي التعقيدات البيروقراطية التي تعرقل تقدمنا، فالعلم والتكنولوجيا هما العملة الجديدة لهذا القرن والقرون القادمة، ولن يمكن تغيير الوضع الراهن دون تحسين مستويات التعليم والمهارات واستحداث ثقافة علمية، لأن الشعارات وحدها لا تكفي.