٫ السبت القادم.. بداية العام الرابع علي انطلاق مظاهرات 25 يناير التي قادت الشعب المصري إلي ثورة "الخامس والعشرين من يناير".. لتمر الأعوام الفائتة مشحونة بالتوتر والشد والجذب والطرد كأن هناك عدة مجالات مغناطيسية تداخلت وأربكت صدمة التغيير للجميع ما بين سعادة الانتشاء بنشوة الحرية وبين قلق وخوف علي استقرار الوطن وكأن حياتنا لم تعد قائمة علي بُعدي الزمان والمكان فقط بل أصبح التشويش داخلنا بُعداً آخر أشد تأثيراً لأنه بُعد نفسي أصبح مُعرضاً خاصة العام الماضي كاملاً لحالة من الإحباطات المتوالية والهبوط المعنوي اليومي في ضغط مستمر علي أعصاب وأمان شعب مصر.. وفي ظل هذا المناخ النفسي للإنسان والوطن طوال ثلاثة أعوام من الزمان كان طرح الفنون التشكيلية جزءاً من هذا القلق في تداخل وكل حدث صادم طوال الوقت.. لذلك حين أقدم لأعمال فنية أُنجزت خلال الثلاثة أعوام سأقدم نماذج منها أي أنني سأقدم طرح الثورة أو طرح ما في جوف الحركة التشكيلية خلال أعوام ثلاثة بكل ما تحمل اللوحات والمنحوتات من طيات لمشاعر صادقة وإن كانت مشوشة إلا أن تعبيرها جاء واقعياً أو تسجيلياً أو تعبيرياً أو رمزياً. ونلاحظ أن لوحة الثورة حملت مظهرها المتمثل في المظاهرات الشعبية دون الاقتراب أو حتي محاولة طرح فكر الثورة فكانت معظم الأعمال الفنية معبرة عن مظهر أو حالة بلد به ثورة وليس عن الثورة ذاتها.. وهذا أدي لاعتماد معظم الفنانين إما علي التسجيل البصري الحرفي بل والنقل من الصورة الفوتوغرافية حرفيا.. أو اعتماد البعض علي الرمز وهؤلاء كثيرون ممن اعتمدوا علي العلم المصري أو استسهلوا رسمه للتعبير عن الثورة بينما علم مصر هو سيرة ذاتية للوطن غير مرتبط فقط بالثورات فهو رمز مطلق وعقيدة انتمائية راسخة لذلك استخدموه كرمز يسهل علي المشاهد البسيط إدراك مضمون العمل الفني من وجود العلم.. وآخرون اعتمدوا علي رسم أكف رافعة علامة النصر أيضاً للتعبير عن الثورة.. وفنانون شباب اعتمدوا بتقنياتهم الحديثة علي المزج بين الصورة الفوتوغرافية كولاجياً والكلمات والجمل المنقولة نصاً من ملصقات أو أعمال جرافيتية ظهرت علي جدران ميدان التحرير مضيفين إليها تقنيات جرافيكية عالية القيمة التعبيرية فجاءت أعمالهم جامعة بين الصورة الواقعية والرمز.. وفنانون آخرون اعتمدوا علي التعبير عن الثورة برسم وجوه شهدائها تكريماً وتذكيراً بهم وقدم الفنانون وجوههم بأساليب فنية تبعا لمنهج كل فنان لكن بذات المعني التسجيلي دون المفاهيمي في شكل متراص للوجوه دون رؤية وبُعد حقيقي لما قدمه شخوص هذه الوجوه ثمناً للحرية. وبدت الحركة التشكيلية مزدحمة بالأعمال المُسماة بلوحات الثورة خاصة في العام 2011 من فيض ما فاض داخل كل فنان تبعا لرؤيته للحدث في ظل عواطف متأججة.. وقد ندر أن ظهرت أعمال فنية تحمل صورة لرؤية مستقبلية أو رؤية لما يهدد الوطن.. وهذا ليس انتقاصا من قيمة العمل أو دور الفنان الذي لم يظهر جليا ومؤثرا حتي الآن في مسار الثورة .. وهذا ما اعتدنا عليه من العجلة الانفعالية لدي الانسان المصري سواء كان فنانا أم لا .. فقد اعتدنا أن يتخذ الفن صورة رد فعل متعجل في حالة سباق عن الفعل.. أو أن يكون شاشة عرض خارجية وليس مادة العرض ذاته. ولاحظنا وجود فنانين لازالوا ينتظرون اكتمال مقولة الثورة التي لم تكتمل وظهورها بكامل أبعادها ليقدموا فناً لا يكون مبتور الرؤي ولا منقوص الرؤية ..وهناك فنانون ينتظرون أن تهدأ الفورة الحماسية داخلهم حتي تتضح الرؤية ويمكنهم تقييم النقلة الفكرية لروح الثورة وأفكارها اعتمادا علي أن اللوحة المعبرة عن الثورة تطرح أفكارا أكثر من مجرد مشهد بصري عابر والتي قد تدوم طويلاً كما في عمر الثورات.