نفت الدكتورة رشا إسماعيل مديرة المركز القومي للترجمة التابع لوزارة الثقافة، تطبيع المركز مع إسرائيل، واصفة ترجمة بعض الأعمال من اللغة العبرية إلي العربية بأنها "محدودة للغاية" لم يحصل المركز علي حقوق ملكيتها من دور نشر داخل إسرائيل، مؤكدة أن أحداً من المترجمين لم يُقدم مقترحاً بترجمة أعمال في هذا السياق منذ تولت منصبها الجديد في أبريل 2013، وفي حوارها مع "آخر ساعة" تطرقت إلي خطتها لتطوير المركز وسعيها إلي نشر الثقافة العربية لدي الغرب عبر "الترجمة العكسية"، وكذا جهودها لافتتاح قاعة للفعاليات الثقافية مُلحقة بالمركز قريباً. بداية نود تعريف القارئ بأبرز المحطات في مسيرتك العلمية؟ - أنا أستاذة اللغة والآداب الإسبانية في كلية الآداب جامعة القاهرة. حصلت علي درجة الدكتوراة عام 1999 من جامعة "مدريد كمبلوتنسي"، وتخصصي الدقيق هو "الأدب الإسباني الحديث والمعاصر"، وذلك بعد منحة دراسية من الحكومة الإسبانية، ثم عُدتُ إلي كلية الآداب جامعة القاهرة، وبدأت في التدرج الطبيعي داخل الجامعة، وفي 2007 كنت أقدم الأساتذة المساعدين ثم مشرفاً علي قسم اللغة الإسبانية لمدة عامين حتي 2009، إلي أن حصلت علي درجة أستاذ عام 2011، ثم عُينت رئيساً للقسم حتي أبريل 2013، وهو تاريخ شغلي للمنصب الحالي. كيف تنظرين إلي مهمتك في إدارة هذا الصرح الثقافي المهم؟ - بالتأكيد هي مهمة صعبة. لقد عملت في وظيفة إدارية في الجامعة، لكن علي الرغم من ذلك فإن الإدارة هنا أمر مختلف، ولذا حينما توليت إدارة المركز بدأت أقرأ عنه وعن إصداراته ودوره المهم في خدمة الأدب والثقافة والفكر. بالتأكيد لديّ آمال عريضة، إلا أن الصعوبة تكمن في التطبيق علي أرض الواقع، ولكن عموماً هذا الصعب لا يُعد مستحيلاً، فالمسألة فقط بحاجة إلي وقت. حدثيني عن إنجازات المركز منذ إنشائه عام 2006 وحتي الآن؟ - المركز أنشيء في العام 2006 بقرار جمهوري وكان استكمالاً للمشروع القومي للترجمة الذي بدأه الدكتور جابر عصفور حين كان الأمين العام للمجلس الأعلي للثقافة، بمعني أن المركز هو ابن المشروع القومي للترجمة، وتولي رئاسة المركز الدكتور جابر عصفور، ثم الدكتور فيصل يونس ثم الدكتورة كاميليا صبحي، قبل أن يجيء دوري أخيراً، وقد صدر في عهد المشروع والمركز حتي الآن حوالي 2200 عنوان، وخلال عام سيصدر حوالي 600 عنوان جديد، كما أن المركز بصدد إصدار "كتالوج" يضم حوالي 2500 عنوان، بعضها تحت الطبع، ليصبح متاحاً بحلول معرض القاهرة الدولي للكتاب المزمع افتتاح دورته الجديدة خلال يناير المقبل. إلي أي مدي يحرص المركز علي المشاركة في معارض الكتب الدولية؟ - لدينا سلاسل عِدة منها "الإبداع القصصي والشعري" و"الطفل" وميراث الترجمة"، و"العلوم الاجتماعية للباحثين" و"المسرح"، ونحرص علي المشاركة بالعناوين المختلفة التي تصدر عن هذه السلاسل، في كبري المعارض، مثل "الدوحة" و"أبوظبي" و"الشارقة" و"ليبيا" و"المغرب" وغيرها في الدول العربية، بالإضافة إلي المعارض الداخلية في جامعات مصر المختلفة. هل لديك خطة لزيادة أعداد الكتب العلمية المترجمة إلي العربية؟ - هذه من الأمور التي سنوليها اهتماماً في الفترة المقبلة، إذ إن 70٪ من إصدارات المركز في المجال الأدبي، وبالتالي هناك قصور بالمقارنة في الإنتاج العلمي، وباعتبارنا جزءاً من وزارة الثقافة فقد حددنا العام 2014 ليكون عاماً للثقافة العلمية في المركز، وبناء عليه سنختار عدداً من العناوين العلمية المهمة لنقلها إلي العربية. ماذا عن الجوائز التي تمنح في المركز تشجيعاً للمترجمين. - إيمانا بالدور الذي تلعبه الترجمة، كجسر تواصل بين الشعوب، وإتساقا مع رؤية المركز في تكريم المترجم، باعتباره المؤلف الآخر، فقد أعلنا هذا العام عن جائزة "رفاعة الطهطاوي" للترجمة في دورتها الخامسة، وجائزة "الشباب" في دورتها الثانية، وذلك تقديراً لدور المترجم، ومن ناحية أخري تشجيعاً لجيل واعد من شباب المترجمين، ويُمنح الفائز بجائزة رفاعة الطهطاوي، مكافأة قدرها مائة ألف جنيه، ودرعا تذكاريا، وشهادة تقدير، كما يمنح الفائز بجائزة الشباب مكافأة قدرها 25 ألف جنيه، ودرعا تذكاريا، وشهادة تقدير. من المعروف أن الحصول علي حقوق الطبع والنشر من الناشرين الأجانب مكلف للغاية. كيف تتعاملون في هذه المسألة؟ - مسألة الحصول علي هذه حقوق الكتب من ناشريها الأصليين غاية في الأهمية ولا نغفلها إطلاقاً، فهذا قانون دولي يلزم احترامه، ولذا لدينا إدارة خاصة بالملكية الفكرية والعلاقات الدولية، منوط بها مراسلة الناشرين الأجانب للحصول علي حقوق هذه الكتب التي نترجمها ويصدرها المركز. بعضها يكون الحصول عليه صعباً أو نظير مبالغ مالية ضخمة وفي هذه الحالة يقوم العاملون في هذه الإدارة بالسفر إلي معارض مثل فرانكفورت ولندن، إذ تكون الفرصة سانحة لمقابلة مسؤولي دور النشر الأجنبية وعقد صفقات معهم لشراء حقوق بعض الكتب المهمة التي نسعي إلي نقلها إلي العربية. ما حقيقة ما يتردد عن ترجمة المركز لكتب عبرية بما يُعد تطبيعاً مع إسرائيل؟ - المركز ترجم بعض الأعمال عن اللغة العبرية، وهي أعمال محدودة للغاية، تعتبر كتبا تراثية قديمة، أي سقطت حقوق ملكيتها الفكرية، وبالتالي متاح ترجمتها دون الرجوع إلي دور نشر داخل إسرائيل. هذا يعني أنه وبكل تأكيد لا تطبيع مع إسرائيل، حيث لا يقوم المركز بالتواصل مع أي دور نشر إسرائيلية، وخلال فترة عملي منذ توليت مهامي بالمركز لم يُطرح أي عمل في هذا السياق، لكن يمكن أن نترجم أعمالاً لبعض المؤرخين الإسرائيليين الجدد المنتقدين للسياسات الإسرائيلية والفكر الصهيوني، والذين تنشر كتبهم في دور نشر أوروبية وأمريكية، وبالتالي نحصل علي حقوق ملكيتها الفكرية من هذه الدور، وعلي سبيل المثال صدر لدينا بالتعاون مع "عالم المعرفة" في الكويت، كتاب بعنوان "مشكلة اللاجئين الفلسطينيين" للمؤلف بيني موريس، وهو كاتب إسرائيلي لكنه مدافع عن الفلسطينيين. ما الآلية المتبعة داخل المركز لقبول أو رفض أي عمل؟ - مسألة إصدار أي عمل لا تتم بقرار منفرد للقبول أو الرفض، بل تمر بعدة مراحل، تبدأ بتقديم المترجم لمقترح بترجمة كتاب ما إلي المكتب الفني بالمركز، وهناك عِدة لجان تنظر في المقترحات وتُقر العمل المهم الذي يجب ترجمته، وهذه اللجان هي المنوط بها إجازة المقترح. هل هناك ترجمات لأعمال عبرية ستصدر قريباً عن المركز؟ - (مُستعينة بمستندات من المركز). منذ عام 2000 صدرت ستة عناوين فقط مترجمة عن اللغة العبرية، هي "شخصية العربي في المسرح الإسرائيلي"، و"العلاقات بين المتدينين والعلمانيين في إسرائيل" و"تاريخ يهود مصر في الفترة العثمانية" و"تاريخ نقد العهد القديم: من أقدم العصور حتي العصر الحديث" و"العربي في الأدب الإسرائيلي" و"قصص اليهود". وهناك تحت الطبع ثلاثة عناوين هي "تفسير التوراة بالعربية" و"بستان العقول" و"الحجة والدليل في نصر الدين الذليل". برأيك ما أبرز المعوقات التي تواجه الأدباء في مصر علي مستوي النشر؟ - لدينا في مصر كتاب أدباء ومترجمون متميزون، وربما لا توجد مشاكل جوهرية في نشر أعمالهم من خلال المؤسسات التابعة لوزارة الثقافة والتي تقوم بدور تثقيفي وتعليمي مهم في المجتمع، لكن أعتقد أن ما ينقصنا هو القدرة علي التسويق الجيد لهذه الأعمال. لماذا برأيك لا يوجد اهتمام بترجمة الأعمال العربية إلي اللغات الأخري؟ - ما يحدث في دول العالم كافة، حين تصدر رواية في أي دار نشر، تكون الأخيرة هي صاحب حقوق الطبع والنشر، وبالتالي تكون هي المعنية بترجمتها إلي اللغات الأخري. للأسف هذا لا يحدث في مصر. ربما يحدث بشكل فردي، لكن لا يعد الأمر سمة عامة، فلو أن دور النشر لدينا تتبني هذا التوجه، لبات من السهل التعريف بالثقافة العربية، وتطبيق هذه الفكرة في المركز القومي للترجمة تتطلب وضع معايير ومراجعة قرار إنشاء المركز وما إذا كانت الترجمة العكسية وارده فيه أم لا، كما أن البعض يري أن دور المركز مقتصر علي نقل العلوم والمعارف الأجنبية إلي العالم العربي، بينما آخرون يرون ضرورة أن يقوم المركز في الوقت ذاته بنقل المنتج الثقافي العربي إلي اللغات الأخري. وبدوري أدرس هذه المسألة في المركز. أخيراً ماذا عن قاعة "طه حسين" التي سيتم افتتاحها داخل المركز قريباً؟ - هي أول قاعة ملحقة بالمركز وسيتم افتتاحها قريباً، وسيتم فيها عقد الفعاليات المختلفة التابعة للمركز من ندوات ومؤتمرات أو معارض للفن التشكيلي أو حفلات توقيع الكتب، وتم تزويد القاعة بمكان مخصص للترجمة الفورية.