لأن سقوط هشام عشماوي في أيدي القوات الليبية في مدينة درنة حدث شديد الأهمية، كان من الطبيعي أن ننشغل بتفاصيل وأسرار هذا السقوط، خاصة وأن عشماوي كان يرتدي حزاما ناسفا لم يتمكن من استخدامه، وتم الإمساك به قبل أن يهرب من مدينة درنة التي اقتحمتها من قبل قوات الجيش الليبي، فضلا عن أن هذا السقوط سيوفر كنزا من المعلومات المهمة حول الجهات والحكومات وأجهزة المخابرات المتورطة في تمويل ودعم التنظيمات الإرهابية التي تستهدف مصر وليبيا معا.. ولذلك سعينا لنعرف كيف تم الإمساك بهذا الإرهابي الخطير الذي أسس التنظيم الإرهابي الأخطر في سيناء وهو تنظيم أنصار بيت المقدس الذي بايع أبو بكر البغدادي وانضم إلي تنظيم داعش، ثم انفصل عنه وهرب إلي ليبيا ليؤسس تنظيما جديدا هو تنظيم المرابطين الذي ارتبط بتنظيم القاعدة الذي نافس تنظيم داعش في ساحة الإرهاب.. كما سعينا أيضا لنعرف كيف سيتم التعامل مع هذا الصيد الثمين، وهل يحاكم في ليبيا التي استهدفها بإرهابه، أم سيتم تسليمه إلي مصر التي تورط في الكثير من العمليات الإرهابية فيها بدءا من محاولة اغتيال وزير الداخلية الأسبق محمد إبراهيم، وحتي عملية كمين الواحات. ولكن في ظل انشغالنا بذلك لم نتنبه إلي علاقة هذا الضابط السابق الذي لفظته القوات المسلحة المصرية بالإخوان، سواء إخوان مصر أو إخوان ليبيا.. فهو ولج إلي عالم التطرّف الديني والتكفيري من بوابة جماعة الإخوان التي جندته. وعبرها قرر أن يؤسس هو تنظيمه الخاص ( أنصار بيت المقدس ) الذي كان يحظي بدعم أيضا من الإخوان كشف عنه الرئيس الإخواني مرسي بمقولته الشهيرة الخاصة بحماية الخاطفين والمخطوفين.. أما عندما انشق عن داعش وأسس تنظيمه الآخر ( المرابطين) في ليبيا واتخذ من درنة الليبية مقرا له، فقد احتضنه إخوان ليبيا وقدموا له كل الدعم ابتداء من الملاذ الآمن إلي المال والسلاح والخدمات اللوجيستية. وهكذا فإن هشام عشماوي هو نموذج ينطق بتلك العلاقة التي ربطت بين جماعة الإخوان وكل التنظيمات الإرهابية الأخري.. إنها علاقة وثيقة جدا.. فإن جماعة الإخوان هي التي خرج من رحمها كل هذه التنظيمات الإرهابية مع تعدد أسمائها وتنوع أهدافها.. وهي أيضا التي تسهم في دعم هذه التنظيمات الإرهابية بشريا بالكوادر والعناصر التي تجندها وتغرر بها.. وهي كذلك التي ترعي الإرهابيين وتقدم لهم الدعم والحماية أيضا. لذلك لا يصح أبدا أن نعتبر الإخوان فصيلا وطنيا، كما روج لهذا بعض النخب السياسية، وإنما هم جماعة إرهابية، منذ أن أسسها حسن البنا وهي تنهج نهجا تكفيريا وتنشر التطرّف الديني، وعندما اشتد عودها بدأت تُمارس العنف ومازالت تُمارس العنف حتي الآن داخل وخارج مصر، كما أنها ترعي غيرها من التنظيمات والجماعات الإرهابية الأخري وتحتفظ بعلاقات تعاون معها.