الموسكي .. سوق الغلابة تحدثنا إلي إحدي السيدات اللاتي يقمن ببيع أدوات التجميل بمحل بالموسكي وتدعي »كوثر.م« وبسؤالها عن مصدر تلك البضائع قالت: »أنا ورثت المهنة من والدي، وأدوات التجميل عليها طلب كبير جداً وسوقها شغال طوال أيام السنة، كما إنني ببيع في معظم الأحيان بالجملة للمحلات الكبيرة والكوافيرات«. وتابعت كوثر: »البضاعة دي كلها تصنيع الصين وإحنا مش بنشتغل ف المضروب خالص وبعدين إحنا هنخاف ع الزبون أكثر منه كلهم بيشتروا من هنا كل يوم ولا حد جرا له حاجة، ولكن الأكيد أن هناك مصانع بتصنع المكياج المصري وتبيعه علي إنه مستورد وطبعاً ده مضر جداً ولا يباع هنا في الموسكي ولكن يباع بالمناطق الشعبية وفي المترو وكل واحد وليه زبونة«. وتلتقط منها طرف الحديث فتاة في العشرينات من عمرها ومعها صديقتها رفضوا ذكر أسمائهم وتقول: »علي فكرة المكياج هنا كويس جداً وإحنا مش هنجيب حاجة تئذينا أكيد، وبعدين ليه أروح أدفع في قلم روج 100 جنيه وأنا ممكن أجيب زيه بالضبط بس صنع في الصين«. وعن الأضرار الصحية قالت: »المكياج أصلاً لما يتحط كتير بيصيب البشرة بالتهابات وحساسية حتي لو ماركة وتضيف أنا بجيب حاجات كتير وبسعر قليل جداً«. مصانع بير السلم أما إسماعيل محمود أحد التجار كشف لنا عن الطرق التقليدية التي يصنع منها أدوات التجميل، ليؤكد أن تلك الصناعة لها رواج كبير في الأحياء الشعبية وسوق صرفها موجود وزبونها أيضاً متوفر، ويقول تلك المصانع التي تدعي بير السلم، لا تكون مصانع بالمعني الدارج بل هي ورش صغيرة يتم استخدامها لتصنيع منتجات محلية الصنع، ولكن أضرارها تفوق الخيال ، حيث يتم تصنيعها من بقايا الصابون المعطر ، وأعشاب عطرية ، وأيضاً النشا والدقيق ، بالإضافة لعدة مواد كحولية تكون بمثابة المواد الحافظة ، كما أن في بعض الأحيان يصنعون أحمر الشفاه من الجلسرين المجمد ومعه مواد صناعية ملونة ليكسبه ألوان عديدة ، وطرق الكشف عن تلك المنتجات سهل للغاية ومن الممكن اكتشافه عن طريق مسح أحمر الشفاه بقطنة ووضعه علي ورق القصدير فنلاحظ تغيير لون القصدير مما يؤكد أن هذا المستحضر يحتوي علي مواد مسرطنة. وشدد محمود علي أن تلك المصانع لا يمكن الوصول إليها حيث إن التواجد بها يكون مقتصرا علي العاملين بها فقط ، نظراً لانها غير مرخصة ويخشي أصحابها التعرض للمسألة القانونية. وكما أنها لا تلفت الأنظار فهي مجرد شقة في منطقة شعبية وفي أزقة وحواري لا تصل إليها الرقابة.. ولا يشعر العاملون فيها أنهم يرتكبون جريمة. 70٪ مضروب ويؤكد الحاج إسماعيل توفيق أحد كبار تجار الجملة، أن المنتجات التي يتم بيعها علي الأرصفة غالبا تكون مستوردة من الصين، أما المقلدة فيشتريها بائعو الجملة من مصانع غير مرخصة، وتكون تقليدا لماركات عالمية ويتم بيعها بأسعار رخيصة للسيدات، ويتم ذلك عن طريق جمع العبوات الفارغة من أدوات التجميل العالمية وإعادة حشوها بمواد مقلدة وضارة وبالتالي يكون مستوي الربح فيها مرتفعاً. ولفت توفيق إلي أن سوق المستحضرات المضروبة يبلغ 70 ٪ من صناعات التجميل بمصر، فمستحضرات التجميل المغشوشة تصنع من مواد ضارة ملونة وغير صالحة للاستخدام الآدمي، لتصبح العبوة الصغيرة قنبلة موقوتة قابلة للانفجار في وجه من يستخدمنها، فهناك العديد من المواد الكيميائية التي يتم استخدامها في صناعة المكياج مثل: "الدايوكسين" ومادة ال»إيثانول أمين« التي تعتبر مسرطنة خصوصا في المستحضرات التي تحتوي علي مواد حافظة. سرطان الجلد... مؤكد من جانبه أكد الدكتور أسامة طه أستاذ الأورام بقصر العيني أن العديد من المواد المسرطنة يستخدمها المصريون وعلي رأسها مستحضرات التجميل الضارة التي تدخل البلاد بشكل غير شرعي أو تصنع فيما تسمي بمصانع"بير السلم" والتي قد تؤدي إلي الإصابة بسرطان الجلد. ويضيف: خطورة هذه المستحضرات مرعبة لأنها لا تصنع وفق معايير وضوابط محددة، وتحتوي علي العديد من المواد الكيميائية غير المنضبطة، كمادة البنزوديازبين والرصاص الذي يدخل في تركيبها بنسب كبيرة، فضلا عن الأصباغ والمواد الحافظة التي تضاف إليها. كل هذه المواد يمتصها الجلد وتفتك به لأنها تترسب داخل الخلايا، وترتفع هنا احتمالية تحولها إلي خلايا سرطانية. الكارثة كما يوضح دكتور أسامة لاتتوقف عند حد مستحضرات التجميل الضارة فحسب ، بل تمتد لتشمل كثيرا من المنتجات الواردة إلينا خاصة الواردة من الصين، كالذهب الصيني الذي منع في كثير من دول العالم وبخاصة دول الاتحاد الأوروبي ولكننا مازلنا نستورده. ويؤكد أن العديد من الأبحاث التي أجريت علي الذهب الصيني أوضحت اشتماله علي مواد معدنية مسرطنة ، نظرا لتعرضها إلي جرعات عالية من المواد المشعة، كما يستخدم لطليه باللون الذهبي مواد كيميائية وأصباغ خطيرة جدا تتفاعل مع الجلد ويمتصها مما يزيد من نسب الإصابة بسرطان الجلد. انتهاء الصلاحية واتفق معه في الرأي الدكتور كرم محمد أخصائي أمراض جلدية ، أن المنتجات التي تستخدمها السيدات دون معرفة مصدرها وكيفية تصنيعها تتسبب في الإصابة بأمراض الجلد كالتشوهات والسرطان، مشيراً إلي أن تلك الأضرار ناتجة عن احتوائها علي مواد مسرطنة غير صحية أو طريقة التصنيع الخاطئ الذي يؤدي لوقوع خلل في نسب مكوناتها فالعديد من المصنعين يستخدمون بقايا أدوات أو يخلطونها بالدقيق ، كما أن في بعض الأحيان يصنعون "كريمات التفتيح" في المنزل بعد إضافة نشا ودقيق ورائحة للجلسرين ، وأؤكد أن 5 ٪ من السيدات سيصيبن بسرطان الجلد مع استمرار استخدامهن لتلك المستحضرات. ولفت كرم إلي أن تلك المستحضرات في الغالب تكون مجهولة الهوية ولا تخضع في إنتاجها للإشراف الطبي وليست معتمدة من قبل الجهات الرسمية، وجزء منها يكون محلي الصنع وبعضها تم تهريبه من الخارج بطرق غير رسمية، فضلاً عن تلك المنتجات من الوارد جداً أن تكون منتهية الصلاحية.