"مستقبل وطن" يواصل لقاءاته التنظيمية استعدادًا لانتخابات مجلس النواب 2025    جولة ليلية لوزيرة التنمية المحلية لتفقد المنطقة المحيطة بالمتحف الكبير    غزة تتعرض لهجوم عنيف.. مخيم النصيرات وخان يونس تحت نيران الاحتلال    محمد صلاح يتواجد في مدرجات "آنفيلد" لدعم لاعبي ليفربول أمام كريستال    كييزا يتحدث عن طموحاته مع ليفربول    إصابة ثلاثة أشخاص في حادث تصادم سيارتين بطريق شطب بأسيوط    هطول أمطار ونشاط الرياح.. الأرصاد الجوية تكشف تفاصيل حالة الطقس خلال الساعات المقبلة    نجوى فؤاد: كنت بذاكر رقص نعيمة عاكف كما يذاكر الطفل دروسه    موسى: أقترح منح الموظفين والطلاب إجازة الأحد بسبب احتفالية المتحف الكبير    جولة تفقدية لمتابعة انتظام الخدمات بالقومسيون مستشفى العريش العام    «العامة للاعتماد والرقابة الصحية» تختتم برنامج تأهيل المنيا للانضمام للتأمين الصحي الشامل    متحدث الصحة يكشف عن موعد إطلاق المنصة الإلكترونية للسياحة الصحية    مصابة فلسطينية تهدي رسالة شكر وباقة ورد لمصر والرئيس السيسي    فرنسا والمكسيك تصعدان لدور الثمانية بكأس العالم للناشئات تحت 17 سنة    أكاديمية الفنون تقرر تأجيل افتتاح مهرجان الفضاءات غير التقليدية إلى الاثنين المقبل    وزير خارجية الصين: مستعدون لتعزيز التعاون مع الجزائر    هل يجوز للزوجة التصدق من مال البيت دون علم زوجها؟.. أمين الفتوى يجيب    اختتام دورة تدريبية بمركز بحوث الصحراء بمطروح حول الإدارة المستدامة للمياه والتربة بمشاركة دولية    وزير العمل: الدولة لا تتهاون في تطبيق الحد الأدنى للأجور وحماية الطرفين داخل منظومة العمل    مبادرة "تمكين".. لقاء تفاعلي يجمع طلاب مدرسة النور للمكفوفين وذوي الهمم بجامعة أسيوط    كيف أتخلص من التفكير الزائد قبل النوم؟.. أستاذ طب نفسي يُجيب    وزير خارجية إستونيا: بوتين يختبر الناتو ولا نتوقع اجتياح ليتوانيا    وزيرة الخارجية الفلسطينية: نحاول توجيه البوصلة الدولية حول ما دار في مؤتمر نيويورك    الشيخ خالد الجندي: الغني الحقيقي هو من يملك الرضا لا المال    الإمام الأكبر يخاطب المفكرين والقادة الدينيين فى مؤتمر السلام العالمى بروما    الإسكندرية تستعد ب22 شاشة عملاقة لنقل احتفالية افتتاح المتحف المصري الكبير    مصطفى قمر يطرح اللى كبرناه أولى أغانى ألبومه الجديد قمر 25    مجلس الزمالك.. لقد نفد رصيدكم!    مؤتمر إقليمى لتفعيل مبادرة تمكين بجامعة العريش    رئيس الوزراء القطري: نحاول الضغط على حماس للإقرار بضرورة نزع سلاحها    شاشات بميادين كفر الشيخ لنقل حفل افتتاح المتحف المصري الكبير    عبد الحفيظ: تعاقد الأهلي مع محمد صلاح؟ فكرة بعيدة غير واقعية    سقوط نصاب الشهادات المزيفة في القاهرة بعد الإيقاع بعشرات الضحايا    خلال ساعات.. موعد إلغاء التوقيت الصيفي 2025 في مصر وتأخير الساعة 60 دقيقة    انطلاق الاختبارات التمهيدية للمرشحين من الخارج في المسابقة العالمية للقرآن الكريم    انتشال جثة شاب لقى مصرعه غرقا في بحر شبين بالمحلة    ريال مدريد: رفض الطعون المقدمة بشأن دوري السوبر.. وسنطلب تعويضات من يويفا    بنك مصر يقدم مزايا وعروض مجانية خلال فعالية «اليوم العالمي للادخار»    محافظ شمال سيناء يستقبل عدداً من مواطني إزالات ميناء العريش    مصر تشارك في اجتماع مصايد الأسماك والاستزراع المائي بالاتحاد الإفريقي في أديس أبابا    الداخلية تكشف ملابسات فيديو التحرش بفتاة في الشرقية.. وضبط المتهم    هل يدخل فيلم فيها إيه يعنى بطولة ماجد الكدوانى نادى المائة مليون؟    المحكمة تقضي بعدم الاختصاص في قضية علياء قمرون    كليتى العلوم وتكنولوجيا التعليم ببنى سويف يحصلان على جائزة مصر للتميز الحكومى    مصرع طفلة صدمتها سيارة أثناء عودتها من الحضانة فى البدرشين    حبس المتهم بقتل شاب بسبب معاكسة الفتيات ببنها في القليوبية    "أتوبيس الفن الجميل" يصطحب الأطفال في جولة تثقيفية داخل متحف جاير أندرسون    بينها «طبق الإخلاص» و«حلوى صانع السلام» مزينة بالذهب.. ماذا تناول ترامب في كوريا الجنوبية؟    سفيرة قبرص لدى مصر: المتحف الكبير.. الهرم العظيم الجديد لعصرنا الحديث    "ADI Finance" توقع اتفاقية تمويل إسلامي بين البنك الأهلي لدعم أنشطة التأجير والتمويل العقاري    أسقفا الكنيسة الأنجليكانية يزوران قبرص لتعزيز التعاون الإنساني والحوار بين الكنائس    وزير الخارجية المصري يبحث مع نظيره السوداني الأوضاع في الفاشر    كيف تُعلّمين طفلك التعبير عن مشاعره بالكلمات؟    الدكتور أحمد نعينع يكتفى بكلمتين للرد على أزمة الخطأين    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 29-10-2025 في محافظة الأقصر    مصر تتسلم رئاسة المنظمة الدولية للأجهزة العليا للرقابة المالية «الإنتوساي» ل3 سنوات (تفاصيل)    كونسيساو يُكرّس «عقدة» الإقصائيات أمام جيسوس    ناجي حكما لمباراة الزمالك والبنك في الدوري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قيود الوهم والبروباجاندا الرخيصة
نشر في آخر ساعة يوم 07 - 05 - 2017


أعطني حريتي أطلق يديّ
إنني أعطيت ما استبقيت شيا
آه من قيدك أدمي معصمي
لِمَ أبقيه ؟ وما أبقي عليا
ما احتفاظي بعهود لم تصنها؟
وإلام الأسر والدنيا لديا...
هكذا كانت تصدح أم كلثوم برائعة الأطلال لإبراهيم ناجي ورياض السنباطي بينما أتطلع لبحر الاسكندرية الغاضب كما كل السكندريين علي أحوالها وغرائب محيطنا السياسي العام. استوقفتني الكلمات عن ذلك القيد الذي أدمي معصمها وتساؤلها: لمَ تبقيه وهو لم يبق عليها؟ رغم أنها أعطت الكثير بما لم تستبق معه لنفسها شيا واحتفظت بوعود تبرها وهو لم يصنها ولا يعطيها حريتها ويطلق يديها فإلام الأسر والدنيا لديها.. لعلها حبست نفسها طواعية في هذا القيد الوهمي الذي كان بمقدورها التحلل منه توقفت وأمعنت التفكير وسرحت طويلاً بعد أن رفعت »إبرة البيك آب الكلاسيك»‬ الذي أهدنيه عصام السعدني من إحدي رحلاته في »‬بادوفا الإيطالية» وأوقفت إسطوانة »‬صوت القاهرة» التي ماعادت تنتج الفن الراقي كما كانت أيام عبد الناصر.
قادني تفكيري إلي قصة تراثية - مشيها تراثية - فلعلها كانت من مفارقات و»افتكاسات» أبا الغصن نصر الدين بن دجين الفزاري الملقب بجحا العربي أو لعله جحا المصري أو أياً من جحوات تاريخ الإنسانية القديم. جحا وحماره حواديت عبقرية ربما اخترعتها قريحة الناس لتقدم من خلالها فكاهة ساخرة من مفارقات الحياة والحكم والقصور العالية. ولعلك واجد في تاريخ الاجتماع والعمران لمعظم بلاد الحضارات القديمة جحاها ستجده في الدولة الأموية واسطنبول والأناضول وروما وقونية تحت حكم المغول وبغداد وإيران وأرمينيا وبلغاريا وكردستان ويوغوسلافيا والهند والصين وأينما وجدت ديكتاتوريات سلطوية وحكام مستبدون ربطوا الناس ودجنوهم بقيود وهمية أدمت معاصمهم ونغصت عليهم حيواتهم ومعايشهم.
ولقد طفرت إلي ذهني واحدة من هذه الحكايا لعلها لجحا قديم أو ربما جديد - لافارق هنا - إلا دلالتها ومغزاها. تقول الحكاية: أن فلاحاً ذهب لجحا يطلب منه حبلاً لكي يربط حماره أمام البيت. لم يكن لدي جحا حبل لكنه أعطي الفلاح نصيحته الماضية العجيبة قائلاً: عليك أن توهم الحمار بأنك تلف عنقه بالقيد وتظاهر بأنك تربطه وسوف لن يبرح مكانه هكذا فعلت مرات عديدة مع حماري الذي انطلت عليه الحيلة وخالت عليه الكذبة واستمرأ القيد الوهمي واستجاب له.عمل الفلّاح بنصيحة جحا وفي صباح اليوم التالي وجد حماره كما تركه في مكانه تماماً!ربت الفلاح علي حماره ليذهب به للحقل لكن الحمار رفض التزحزح من مكانه حاول الرجل بكل قوته أن يحرك الحمار ولكن دون جدوي ما أصابه باليأس والإنفعال فعادلجحا يطلب النصيحة فسأله: »‬هل تظاهرت للحمار بأنك تحل رباطه؟» أجاب الفلاح باستغراب:»ليس هناك رباط».
وهنا أجابه جحا: »‬هذا بالنسبة لك أما بالنسبة للحمار فالحبل موجود» عاد الرجل وتظاهر بأنه يفك الحبل فتحرك معه الحمار دون أدني مقاومة.
هنا لمعت في مخيلتي الفكرة وارتسمت عندي تلك المقابلة المجحفة بين قيد »‬الأطلال» وقيد »‬حمار جحا». ماذا أريد أن أقول؟ ببساطة مايحدث في مملكة الحيوان قد يحدث مثله في عالم الإنسان فلا يأخذنا الخبثاء والمتنطعون إلي حيث لانريد ولا نقصد بالمقابلة بين الحمار والإنسان والحيوان والأمم والشعوب غاية الأمر أن الناس ربما يقعون تحت طائلة قناعات وهمية تقيد عقولهم وتثقل هممهم وتستولي علي وجدانهم فتجلب لهم اليأس والاحباط والقعود ربما بحكم عادات خاطئة أو وعي مفقود أو بفعل فاعل يكرس في مخيلاتهم كل يوم أن ليس في الإمكان أبدع مما كان وتغسل الحكومة يدها من المواطن المطحون بينما تواصل انحيازها للرأسمالية المتوحشة بالتدليل والإعفاءات الضريبية والسياسات المالية والقوانين التي يسنها النواب من التجار ورجال الأعمال لصالحهم وما قانون الاستثمار الجديد ببعيد حين يعيد المناطق الحرة الخاصة التي تضيع علي الدولة حصيلة مليارات الضرائب والجمارك التي تصب في جيوبهم بينما البروباجندا بغباء تضر النظام بأكثر مما تساعده حين تسلب مسامع الشعب وتقض ضمائر الناس بأن هذا »‬من أجلك أنت» بينما قيد المواطن أدمي معصمه ولا أبقي عليه وهو الذي أعطي ما استبقي لنفسه شيا.. هل يعي إعلام البروباجندا الرخيصة جريمة أفعاله إذ يكرس في أذهان الناس ليل نهار أنهم لايعدو أن يكونوا إلا حمار جحا في قيده الوهمي وأن أمة تتوارث أجيالها الحديث عن ضعف الدولة وخرابات مؤسساتها وعدم كفاءة مسئوليها ومفارقة سياساتها للمنطق والعقل والواجب لايمكن إلا أن تبقي متأخرة ومفككة يائسة حتي تفك قيودها وتنطلق من أوهامها. هل يتصور إعلام البروباجندا الرخيصة أن الناس وهم يطالبونهم بالصبر والتحمل وشظف العيش وحياة الكفاف لا يعرفون الملايين التي يتقاضاها تايكونات الإعلام وباروناته ومايرفلون فيه من نعيم مقيم ورفاهة فاجرة؟.
ياسادة فكوا قيود الناس واعطوهم الأمل وخففوا عليهم وحرروهم من أوهام الخوف ودعاوي الفقر والضعف وقلة ذات اليد فمصر أبداً لاتموت ولا تعدم السبل لحياة أفضل ولا تصموا الدولة بالهوان وأنها عرضة للتفكك ولا تقارنوا مصر بالعراق واليمن وسوريا وليبيا وإذا كان لابد فلتقارنوها بألمانيا واليابان بعد الحرب العالمية اطلقوا طاقات الناس وحققوا لهم بعضاً من الاحترام والتقدير.
مصر بخير رغم كل دعاوي المتخلفين والأوغاد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.