لم يكن ينهى معركة إلا ويبدأ فى أخرى، عصام سلطان نائب رئيس حزب الوسط، يراه الكثيرون الأكثر نشاطاً تحت القبة البرلمانية فى مجلس شعب لم يستمر سوى 4 أشهر، صاحب معركة لا تهدأ مع الفريق أحمد شفيق المرشح الرئاسى السابق. سلطان لم يكتفِ بملاحقة رئيس الوزراء الأسبق بل فتح جبهة هجومية جديدة ضد المستشارة تهانى الجبالى معلناً امتلاكه أدلة تثبت تفاهمها مع المجلس العسكرى بشأن قرار حل البرلمان. أكد فى حواره مع «الوطن» ثقته فى عودة قريبة للبرلمان المنحل بعد أن رفعت يد التوجيه عن القضاء على حد قوله، ووصف فى حواره المشير حسين طنطاوى رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة السابق بقائد الثورة المضادة، ووجه النصح للدكتور عصام العريان، القائم بأعمال رئيس حزب الحرية والعدالة، بأن يراجع تصريحاته حول هجومه على الأحزاب المنافسة للحرية والعدالة التى تتناقض مع المرجعية الإسلامية. * كيف قرأت هجوم الدكتور عصام العريان على تيار اليسار؟ - تصريح الدكتور عصام العريان غير موفق، لسببين: الأول أن اليسار ليس كما وصفه، وتياراته ليست متشابهة مثلما يوجد فى التيار الإسلامى، والسبب الثانى هو أن العريان أصبح الآن مسئولا ويعبر عن توجه عام للنظام الحاكم ولم يعد يعبر عن وجهة نظر حزبية، وأرى أن هناك حرباً قديمة تستهدف اليسار من داخل التيار نفسه ومن خارجه، الحرب الخارجية تمثلت فى هجوم أنور السادات الرئيس الراحل، حيث كان هناك اتجاه للقضاء على اليسار تماماً، أما الهجوم الأشد كان من داخل اليسار يقوده الدكتور رفعت السعيد، الذى استطاع بحرفية هائلة أن يقضى على الجسم الرئيسى فى اليسار، وأبعد قيادات مثل أبوالعز الحريرى وعبدالغفار شكر، كان من المفترض أنه وفق التطور أن يأتى بقامة رفيعة يلتف حوله اليساريون كلهم، لكن أعتقد أن مستقبل المعارضة سيكون للتيار الوسطى الموضوعى.«المصريين الأحرار» و«المصرى الديمقراطى» اعترضا على ضم «محيى الدين» ل«التأسيسية» بسبب «زبيبة الصلاة»! * العريان قال إن الحرية والعدالة سيبقى وأحزاب أخرى ستندثر، فما رأيك؟ - هذه المقولة مخالفة لأصول المرجعية الإسلامية، لأن الأصول تقول إن {كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام}، وليس أن يبقى الحرية والعدالة، أنا لا أستطيع أن أخالف مرجعيتى التى تقول إن الدائم هو الله، والدليل على ذلك أن الإمام الشيخ حسن البنا قال فى رسائله: «لسنا حزباً سياسياً ولن نكون»، وكان يمقت الحياة الحزبية، وفى عام 2012 أنشأت الجماعة حزبا، وهذا اجتهاد محمود، لأن كلام البنا مردود عليه، فالبنا نفسه قال: «كل أحد يؤخذ من كلامه ويرد إلا المعصوم»، وأرى أن كلام العريان يناقض المرجعية الإسلامية. * ماذا عن تيار القوى الوسطية الذى يقوده حزب الوسط؟ - أعتقد أن حزب الوسط سيقود معارضة حقيقية موضوعية، وهى معارضة تنطلق من الحديث النبوى: «انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً»، وأرفض النقد الحاد بين القوى السياسية مثلما تفعل جريدة «الوطن» مع كل ما يفعله الدكتور مرسى، وتيار الوسط سيكون له طرح مختلف عن طرح الحرية والعدالة فى القضايا الاقتصادية مثل موضوع قرض صندوق النقد الدولى، وأعتقد أن تحالف الوسط سيكون سياسيا والتنسيق الانتخابى جزء منه، ومهمته أن يكون مكافئا وندا للحزب الحاكم، ولم يحدث أى انشقاقات فى صفوف حزب الوسط بعد التقارب مع حزب مصر القوية، ولن نبنى تنظيما سريا فولاذيا لا يعلم عنه أحد، وأؤكد لك أن أعضاء من الوسط انضموا إلى مصر القوية والعكس، لأنها حركة طبيعية نرحب بها. * هل تقصد بالتنظيم الفولاذى جماعة الإخوان المسلمين؟ ولماذا لم تقنن أوضاعها؟ - هذا سبب خروجنا من تنظيم الإخوان. وهناك اتجاهان داخل الجماعة؛ الأول باعتبارها موجودة ولا داعى لقرار الحل، واتجاه آخر لتقنين أوضاعها، أنا أرى ضرورة لتوفيق أوضاعها، وإبلاغ الوزارة المختصة بتفاصيل التشكيل والتنظيم كاشتراكات الأعضاء وغير ذلك. * كيف تابعت مظاهرات 24 أغسطس الأخيرة؟ - هذه المظاهرات صحفية وليست واقعية، تبنتها وسائل إعلامية، وأرى ضرورة أن يحدث محاسبة داخل مهنة الصحافة، ومنها جريدة الوطن وكل الجرائد، نحن بصدد تكرار مشكلة 67، عندما هللت الصحافة للجيش المصرى، الصحفيون الموجودون الآن هم تلاميذ مدرسة 67، وكنت أعلم جيداً اللقاءات التى تمت قبل المظاهرات، أعلم حصول بعض المواقع والصحف على تمويل، ولم أتقدم ببلاغ بهذه التفاصيل لأننى أرى أن أكبر عقوبة هى أن يدير القارئ ظهره للجريدة. * كيف ترى فترة حكم الرئيس محمد مرسى؟ - الغريب أن النخبة التى طالبت ببقاء الرئيس مبارك هى نفسها التى تحاسب مرسى، قرار مدنية الدولة وإنهاء حكم العسكر لم يستطع أحد أن يقترب منه سوى الرئيس، حتى فى وقت وجود طنطاوى كان هو من يدير الدولة، ويتحكم فى مفاصل البلاد، هو من يقطع الكهرباء، ويدعم الانفلات الأمنى، وهو سبب أزمة البنزين، ويغل يد الداخلية فى مواجهة البلطجية، وطنطاوى كان قائداً حقيقياً للثورة المضادة، ونحن أكرمنا المشير وعنان بأننا لم نكمل الثورة ضدهم، وكان طبيعيا أن نكمل الثورة لأنها عصابة واحدة، هربت المليارات منذ تولى أحمد شفيق رئاسة الوزراء، وهربت شفيق نفسه إلى دبى، مع شريكيه شريف وعمر طنطاوى، وهما من تربيا مع جمال وعلاء، وجزء من إدارة المرحلة كان يحركه مبارك من طرة، وبعض القوى السياسية طلبت من العسكرى إصدار إعلان دستورى جديد، وطلبت أن يبقى فى السلطة 3 سنوات، وإذا توفرت دلائل جنائية ضد المشير وعنان فلن أتردد لحظة فى مقاضاتهما.مشروع ال100 يوم بدأ بعد الإطاحة ب«طنطاوى».. و«مبارك» أدار جزءاً من المرحلة الانتقالية * هل ترى أن مرسى يحقق خطوات إيجابية فى مشروع ال100 يوم؟ - أنا أرى أن مشروع ال100 يوم انطلق فى 12 أغسطس الماضى بعدما انتهت الثورة المضادة بتقاعد المشير وعنان، وبناء على الفترة القصيرة أعتقد أن مشروع النهضة يسير وفق خطوات ثابتة. * البعض يرى أن حكومة الدكتور هشام قنديل يحركها من خلف الستار مكتب إرشاد الجماعة؟ - لا ننكر أننا كحزب الوسط اعترضنا فى البداية على اختيار الدكتور هشام قنديل، خاصة أن القوى السياسية كانت تطالب برئيس وزراء سياسى بعيداً عن اختيارات التكنوقراط، ولكن دعنا نعترف أن أداءه حتى الآن مبشر ويتجه نحو شخصية رئيس الحكومة المنشودة. أما الحديث عن التخوفات من أخونة الدولة فهى لا تخرج إلا ممن يرفضون مظاهر التدين فى المجتمع، وأتذكر أن موقفا حدث أثناء اتفاقات القوى السياسية حول الشخصيات المرشحة لعضوية الجمعية التأسيسية للدستور باجتماع فى حزب الوفد، حينما اعترض حزبا المصريين الأحرار والمصرى الديمقراطى على ضم الدكتور محمد محيى الدين عضو الهيئة العليا لحزب غد الثورة للجمعية بسبب زبيبة الصلاة، والحقيقة أن هذا إرهاب وإقصاء ومعاداة لفكرة التدين داخل المجتمع المصرى سواء مسلمون أو أقباط. * هناك تخوفات حقيقية من الأخونة، خاصة حينما ترتبط قرارات الرئيس، مثل إحالة المشير والفريق إلى التقاعد، باجتماعات سابقة لمكتب الإرشاد؟ - هناك فارق كبير بين التقارير الصحفية لوسائل الإعلام والتقارير الأمنية لجهاز أمن الدولة، فكثير من الساسة ورجال الصحافة فى مصر متأثرون بالنظرة الأمنية للإعلام، ويرسلون صغار الصحفيين لمقرات الأحزاب والجماعات لمجرد رصد خروج أو دخول شخصيات عامة، ليقدموا تحليلات أمنية لا علاقة لها بالإعلام. * ماذا عن المناقشات شبه النهائية حول وضع المؤسسة العسكرية فى الدستور؟ - المناقشات تسير فى طريق إيجابى، ووضع المؤسسة العسكرية لن يختلف عن دستور 71، فغالباً لن تتغير مواده. * ماذا عن وضع المؤسسة القضائية فيما يتعلق بفكرة القضاء الموحد وفصل القضاء العسكرى عن سلطات وزير الدفاع؟ - وضع القضاء فى الدستور الجديد سيشهد نصوصاً جديدة تدعم استقلاله، والاتجاه الغالب داخل الجمعية أن يظل القضاء العسكرى تابعاً لسلطات القوات المسلحة، حيث لم تتفق غالبية الآراء حول ضمه للقضاء العادى، أما فكرة القضاء الموحد فقد نوقشت ولم تلق ترحيباً. * هناك حديث يتردد عن تضمين الدستور مادة تتيح للرئيس محمد مرسى استكمال فترته الرئاسية، هل تؤيد ذلك؟ - من الناحية السياسية والقانونية إن إرادة الشعب حينما ذهب لانتخاب رئيس الجمهورية كانت منصرفة أنه سيكون رئيساً لمدة 4 سنوات، وهذا ما يجب تطبيقه على حالة مجلس الشعب فيجب أن يظل البرلمان حتى نهاية مدته ومع الانتخابات الجديدة يراعى حكم الدستورية بالحل، ويستبعد القانون المعيب، وهو ما حدث مع البرلمان الألمانى الذى قضى بعدم دستورية قانون انتخاباته ولكن استمر البرلمان حتى نهاية مدته، احتراماً لإرادة الناخب.أحاول الحصول على دليل إثبات اتفاق «الجبالى» مع «العسكرى» على حل البرلمان * شفيق أعلن نيته تدشين حزب سياسى، هل ترى بداية لعودته إلى المشهد السياسى من جديد؟ - الفريق شفيق منذ أيام فى مداخلة مع التليفزيون المصرى، أعلن عن عزمه العودة قريباً إلى القاهرة، ولكنه فى حوار مع فضائية «سكاى نيوز» العربية أكد أنه لن يعود وبات متيقنا أن مصيره الحبس، وأقول له: يا سيادة الفريق، الأحزاب لا تؤسس فى دبى ولكنها تنشأ من القاهرة. * هل تتوقع إجراء انتخابات برلمانية قريبة أم عودة البرلمان المنحل؟ - ربما لن تجرى انتخابات، وأقصد أن برلمان الثورة لن يعود بقرار، وسيعود بحكم قضائى، وأستطيع أن أقول إن مجلس الشعب سوف يعود، فهناك عدد من الدعاوى تنظر أمام القضاء بعناية تامة، خاصة بعد أن رفعت اليد التى كانت توجه القضاء فى اتجاه معين، وأصبحنا نعيش حالة حقيقية من الاستقلال القضائى. * ماذا تقصد بعبارة «يد كانت توجه القضاء فى اتجاه معين»؟ - هناك عضو داخل المحكمة الدستورية العليا، هذا العضو أفشى مبدأ سر المداولة المتبع داخل السلك القضائى، الذى يقصد به أن المداولة القضائية محظور أن تخرج لأى مخلوق خارج غرفة المداولة، فما بالك بأننا نمتلك تحت أيدينا أن هذا العضو بالمحكمة ارتكب جريمة أكبر من إفشاء سر المداولة، وهى الاتفاق مع المجلس العسكرى على إصدار حكم حل البرلمان؟ * هل أنت تمتلك الآن وقائع مثبتة لاتفاق هذا العضو مع المجلس العسكرى؟ - الدليل المادى موجود مع صحفى يدعى «ديفيد باتريك» بجريدة نيويورك تايمز، من خلال حديث مسجل مع المستشارة تهانى الجبالى عضو المحكمة الدستورية يحوى تفاصيل ذلك الاتفاق، ونحن بصدد الحصول على هذا التسجيل لتقديمه إلى المحكمة المختصة، سواء كانت المحكمة الدستورية أو غيرها، لإثبات واقعة أن حكم حل البرلمان تم التداول فيه قبل صدوره مع أعضاء المجلس العسكرى وفقاً لنص الحديث المسجل مع الصحفى الأمريكى. * لكن المستشارة تهانى الجبالى قالت إنها ستقاضيك بتهمة السب والقذف والسعى لتشويه صورة المحكمة؟ - بالعكس، نحن الذين نخشى على سمعة المحكمة الدستورية التى باتت مهددة دولياً بسبب ذلك الحوار الصحفى، ونسعى خلال هذه الأيام إلى تصرفات قانونية للحفاظ على صورة المحكمة، وإن لم ننقذ المحكمة باتخاذ إجراءات قانونية ضد هذا العضو فالمحكمة سوف تنهار. * ما تلك الإجراءات؟ - تحقيق جنائى وإدارى معها بعد أن أفشت سر المداولة، وهو كفيل بأن يبطل الحكم الصادر، ولكن الموقف الحقيقى هو أكثر من مجرد إفشاء أسرار. * هل كانت الجبالى مستشارة قانونية للمجلس العسكرى؟ - بل كانت أكثر من هذا، فهى ليست صانعة قرار وليست أيضاً مستشارة، فلا يوجد أى ورقة مكتوبة بخط يدها يوثق حركتها، فحركتها كانت محل شك، ويحار القانونيون فى توصيف حركتها مع المجلس العسكرى. * ما رؤيتك لقانون انتخابات مجلس الشعب الجديد؟ - قانون الانتخابات الصادر عام 2011 خرج بواسطة بعض أطراف المحكمة الدستورية العليا بالتعاون مع المجلس العسكرى، وإذا كانت الأحزاب وافقت على القانون فهل معنى هذا أن المجلس العسكرى يستمع للأحزاب؟ بالتأكيد لا، فجميع القوانين الصادرة عقب ذلك خرجت بموافقة العسكرى فقط مثل قانون استقلال الأزهر الذى اعتمد فى 19 يناير 2012 قبل 4 أيام من انعقاد البرلمان، وأيضاً قانون انتخابات رئاسة الجمهورية، ومن يقول لك إن المجلس العسكرى كان يستشير الأحزاب فى القوانين فهو «تمثيل ونوع من الكذب»، الأمر كان مقصوداً بالترتيب مع بعض المستشارين فى الدستورية العليا، ومعداً، وانتظروا فقط لانعقاد البرلمان والتعرف على وجهته هل هو مجلس مشاغب أم مهاود، وهو ما اتضح بعدها، لذلك جاء قرار الحل.