إنتهى إلى الآن نصف مباريات دور المجموعات من اليورو 2012 ، خرج حاملي ألقاب أعوام 1960 و 1988 و 1992 ، بالمقابل صعد بطل نسختي 1976 و 2004 .. خرج أيضاً أحد صاحبي الضيافة وصعد الأنجح في اليورو ، الناسيونال مانشافت بالعلامة الكاملة من مجموعة مفترضٌ أنها مجموعة الموت. وبعيداً عن كل هذا وبالدخول لصلب الموضوع فبصفة شخصية يُعجبني ذلك اللاعب الذي يرد على الإنتقادات بأرض الملعب ، فهذا يُكثر الكلام أو ذاك الذي يطلب من زملائه الدفاع عنه أو حتى من يُدافع عنه زملائه من تلقاء أنفسهم وبدون إنتاج حقيقي منه لا يعجبني قط ، فقط من يقوم بالفعل لا بالقول. إل بيتشو كريستيانو رونالدو بأمسية البارحة رد بشكل بليغ على منتقديه وأنا منهم ، كثيرين قالوا بأنه يلعب من أجل المال أو أنه بوجه مع الريال وبوجه آخر مع البرتغال ، لكن عمل بكد وبصمت وقدم مباراة كبيرة فصال وجال أمام وصيف بطل العالم .. سجل هدفين وضرب القوائم مرتين وكان رجل المباراة بل والأمسية كلها ، رونالدو بالأمس خطف الأضواء من الجميع بل وأمام فريق كبير أيضاً ، بالرغم من أن لتألقه الكبير بعض العوامل المساعدة ، تُضاف على إجادته ، وسنتطرق لها لاحقاً. لكني حقيقةً أقف على ذات المسافة بين رونالدو وميسي وكل لاعبي العالم ، فقط أرضية الميدان هي العامل الوحيد للمقارنة بين هذا وذاك بالنسبة لي لكنني أجد رونالدو مع منتخب بلاده أفضل بالرد بالأداء من ميسي ، ولهذا دلائل كثيرة. إل بولجا ليونيل ميسي على سبيل المثال طالته ذات أسهم النقد بكأس العالم 2010 ، فطيلة مباريات الدور الاول أمام مجموعة ضعيفة تضم نيجيريا وكوريا واليونان فشل ميسي في التهديف تماماً وترك المهمة لإيجواين وباليرمو وحتى المدافعين جابريل هاينز ودي ميكيليس ، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكتفي بصناعة هدف أو إثنين لأنه بتكنيك البيبي دي أورو مارادونا كان صانع ألعاب بحرية تامة في اللعب الهجومي ، يملك ذات الحرية الهجومية التي أمتلكها تيفيز وإيجواين لكنه كان يُعمُد للسقوط وإستلام الكرات من بعد دائرة منتصف الملعب لأن هذا إسلوب ميسي بالأساس ، هذا ما يحبه ومعتاد عليه. ميسي كانت أمامه فرصة كبيرة للرد بأولى الأدوار الإقصائية وبالدور ثمن النهائي أمام المكسيكي بآخر يونيو حزيران 2010 ، لكنه لم يرد ، كانت أمام فرصة ذهبية أمام منتخب يحلم الكثيرين بالتألق أمامه ، لكنه أيضاً لم يرد. الأمر لم يكن بكأس العالم فقط ، بل بالبطولة اللاتينية القارية التي لا يختلف الجميع أنها أقل فنياً بشكل كبير من اليورو ، وأمام منتخبات بوليفيا وكولومبيا وأخيراً كوستاريكا ، منتخبات لا تبدو من الصفوة ولكن ميسي إيضاً ، لم يكن حاضراً بالتهديف. ميسي بهذه البطولة وتحت القيادة الفنية لسيرجيو باتيستا لعب كمهاجم صريح أمام منتخبات بوليفيا وكولومبيا ولعب على الرواق الأيمن أمام كوستاريكا ، صحيح أنه قدم الإضافة بتلك المباراة ، لكن أين إضافته التهديفية يا رجل ؟ ببرشلونة ميسي نجح في إحراز 72 هدفاً في 60 مباراة بالموسم الماضي ، بموسم كأس العالم سجل 47 هدفاً في 53 مباراة وبعام الكوبا أمريكا سجل 53 هدفاً في 55 مباراة ، لكن ميسي وعلى مستوى الألبيسيلستي يغيب بشكل كبير ، للغاية ! حتى بربع نهائي الكوبا أمريكا وعقب إضافته أمام كوستاريكا أشركه باتيستا بالجناح الهجومي الأيمن أمام السيلستي الأوروجوياني ، لكنه لم يفعل شيئاً سوى إحراز ركلة جزاء تريجيحة لم تقدم شيئاً أو تؤخر لأن الأوروجواي سجلت كل ركلاتها ومرت لنصف النهائي لتحصد البطولة فيما بعد. ربما لا يلقى ميسي ذات المساعدة الكبيرة التي يلقاها مع البرسا ، لكن رونالدو أيضاً لا يمده أوزيل وتشابي ألونزو بالكرات ولا يجد بجواره مهاجمين متفانين يُنكرون ذاتهم من أجله كإيجواين وبن زيمة ، رونالدو أيضاً يجد معاناة بالنوعية مع لاعبي البرتغال ، معاناة ربما تكون أكثر من معاناة ميسي مع المنتخب اللاتيني السماوي. شتان الفارق ! أدهشني للغاية التكنيك الذي دخل به السيد بيرت فان مارفيك اليوم أمام البرتغال ، أدهشني وأدهشتني أيضاً جراءته الهجومية التي أراها مبالغا بها بشكل كبير ! فان مارفيك دخل اليوم المباراة بتكتيك 4-1-3-2 برباعي خط الدفاع وأمامهم متوسط دفاعي وحيد "سوبر مان ، أو هكذا يحسبه مارفيك" وهو نيجيل دي يونج وأمامه ثلاث صناع للعب وهم روبن وشنايدر على الرواقين وفان در فارت خلف راسي الحربة فان بيرسي وهونتيلار ، خمس لاعيبين بالتمام والكمال لا يُدافعون مطلقاً يا فان مارفيك ! بصفة عامة لا أرى أي حكمة في أن تُهاجم بخمسة مهاجمين من البداية ، لا أرى أي حكمة في أن تُهاجم بهذا العدد الضخم قبل الدقيقة 74 لأنك عندما تُهاجم بهذا الكم لن تلعب بخمسة عشر لاعباً ، بل ستلعب بذات العدد الذي يلعب به خصمك وسكيون ضربك بالمرتدات هو الأمر الأكثر سهولة بالعالم ! فان مارفيك أشرف على جرائم بحق كرة القدم ولم يُخطىء فحسب ، فالمتعة لها حدود ، والجراءة أيضاً لها خطوطٍ واضحة ، وهناك فروقاتٍ كبيرة بين الجراءة والسذاجة ، وطريقة كهذه ساذجة للغاية ولن تخدمك طيلة ال90 دقيقة ، فقط بأول الدقائق وهو ما حدث فعلاً ! الجريمة الأكبر لفان مارفيك أنه أضاع مجهودات لاعبيه سُدى بالجري طيلة الوقت بالخطوط الأمامية وأنهكهم بدون طائل ، الأهم أنه لم يضع أية حلول بدكته سوى أقلهم فنياً وهو إبراهيم أفيلاي ، ببساطة تقني فينيورد وبروسيا دورتموند السابق لم يفعل شيء سوى أنه ألقى بما في جعبته منذ البداية وقال لمتوسطه الدفاعي نيجيل دي يونج على طريقة الممثل المصري الساخر محمد سعد "أريدك أن تنتشر في المكان كله" وقال أيضاً لباولو بينتو "صل وجل بدفاعاتي كما يحلو لك .. إحفظ لي الجميل يا زميل" !