عاجل- التجاري الدولي للتمويل CIFC تسجل انطلاقة قوية بمحفظة عمليات تتجاوز 4.1 مليار جنيه خلال أول 12 شهرًا من التشغيل    رويترز: الغرب يدرس نشر قوات أوروبية بقيادة الولايات المتحدة في أوكرانيا    الإعلان عن حكام بطولة كأس العالم للناشئين    القبض على شخصين بالغربية لسرقتهما بطاقات ائتمانية بأسلوب "المغافلة"    «صيف بلدنا» يواصل فعالياته ببورسعيد بعروض الغردقة للفنون الشعبية    وكيل صحة شمال سيناء يحيل المتغيبين عن وحدات الرعاية الأولية ببئر العبد للتحقيق    "قضيت وقتًا عصيبًا".. مرموش: جيمس أصعب خصم واجهته في البريميرليج    خبر في الجول - الشناوي يتدرب في الأهلي منفردا    قاضي قضاة فلسطين: المسجد الأقصى سيبقى إسلاميًا وعلى العالم الإسلامي حمايته    محافظ القليوبية يستعين بخبرات طبية لمتابعة مصاب حريق الشدية ببنها    دون ذكر اسمه.. صنداونز يصدر بيانا بشأن واقعة ريبيرو    تنفيذا لقرار نقابة المهن التمثيلية .. درية طلبة تمثل أمام لجنة مجلس تأديب من 5 أعضاء    مواكب المحتفلين تجوب شوارع الأقصر في ختام صوم العذراء (صور)    لم يرحمهم السيسي .. قانون الإيجار القديم يهدد بتشريد سكان المقابر فى الشوارع    خلافات أسرية تتحول إلى مأساة بالدقهلية: مقتل سيدة وإصابة ابنتها طعنًا    مصدر ب"التعليم" يوضح موقف معلمي المواد الملغاة في الثانوية العامة    تراجع جماعي للبورصة المصرية وخسائر 5 مليارات جنيه    السيسي يصدر قانونًا بتعديل بعض أحكام قانون الرياضة    تصعيد إسرائيلي واسع في غزة.. وضغوط تهجير مضاعفة في الضفة الغربية    خبراء سوق المال: قطاعا الأسمنت والأدوية يعززان النمو في البورصة    الداخلية تكشف ملابسات محاولة سرقة مواطن بالجيزة    تُطلقها السكة الحديد اليوم.. ما هي خدمة ""Premium"؟    مفاجأة في تحليل المخدرات.. قرار عاجل من النيابة بشأن سائق حادث الشاطبي    وزير الإسكان يستقبل محافظ بورسعيد لبحث ملفات العمل والتعاون المشترك    أسعار سيارات ديبال رسميا في مصر    تنسيق الجامعات.. برنامج متميز بكلية التربية جامعة حلوان يؤهلك لسوق العمل الدولي    خالد الجندي: الإسلام لا يقبل التجزئة ويجب فهم شروط "لا إله إلا الله"    هل يستجاب دعاء الأم على أولادها وقت الغضب؟.. أمين الفتوى يجيب    سلوت: نيوكاسل من أفضل فرق البريميرليج.. وهذه مزايا ليوني    قصور القلب- دلليك الشامل للتعرف عليه    متصلة: بنت خالتي عايزة تتزوج عرفي وهي متزوجة من شخص آخر.. أمين الفتوى يرد    رحيل الشاعر الكبير مصطفى السعدني صاحب «ياست الناس يامنصوره»    الإسماعيلي يتلقى ضربة جديدة قبل مواجهة الطلائع في الدوري    قمة الإبداع الإعلامي تناقش تحديات صناعة الأخبار في عصر الفوضى المعلوماتية    محافظ شمال سيناء يبحث مع نائب وزير الصحة تعزيز تنفيذ خطة السكان والتنمية    رئيس المعاهد الأزهرية يتفقد المشروع الصيفي للقرآن الكريم بأسوان    لا أستطيع أن أسامح من ظلمنى.. فهل هذا حرام؟ شاهد رد أمين الفتوى    القدس للدراسات: الحديث عن احتلال غزة جزء من مشروع «إسرائيل الكبرى»    «العربية للعلوم » تفتح أبوابها للطلاب بمعرض أخبار اليوم للتعليم العالي    نجاح أول عملية استئصال ورم بتقنية الجراحة الواعية بجامعة قناة السويس    7 عروض أجنبية في الدورة 32 من مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي    لو كنت من مواليد برج العقرب استعد لأهم أيام حظك.. تستمر 3 أسابيع    أحمد سعد يتألق في مهرجان الشواطئ بالمغرب.. والجمهور يحتفل بعيد ميلاده (صور)    مصدر ليلا كورة: أعمال استاد الأهلي مستمرة والتربة الصخرية لا تعيق الحفر    نقيب الأطباء: نرحب بجميع المرشحين ونؤكد على أهمية المشاركة بالانتخابات    195 عضوًا بمجلس الشيوخ يمثلون 12 حزبًا.. و3 مستقلين يخوضون الإعادة على 5 مقاعد في مواجهة 7 حزبيين    "جهاز الاتصالات" يصدر تقرير نتائج قياسات جودة خدمة شبكات المحمول للربع الثاني    وكيل مجلس النواب: زيارة الرئيس السيسي للسعودية تعكس عمق العلاقات بين البلدين    أحكام ب8 سنوات حبس.. استمرار التحقيقات مع رجب حميدة بكفر الشيخ    الجيش الروسي يحرر بلدة ألكسندر شولتينو في جمهورية دونيتسك الشعبية    الرئيس اللبنانى: ملتزمون بتطبيق قرار حصر السلاح بيد الدولة    الجامعة المصرية الصينية تنظم أول مؤتمر دولي متخصص في طب الخيول بمصر    هبوط جماعي لمؤشرات البورصة في نهاية تعاملات الخميس    الزمالك يناشد رئيس الجمهورية بعد سحب ملكية أرض أكتوبر    غلق الستار الأليم.. تشييع جثمان سفاح الإسماعيلية    مدبولي: نتطلع لجذب صناعات السيارات وتوطين تكنولوجيا تحلية مياه البحر    الداخلية: تحرير 126 مخالفة للمحال المخالفة لقرار الغلق لترشيد استهلاك الكهرباء    توسيع الترسانة النووية.. رهان جديد ل زعيم كوريا الشمالية ردًا على مناورات واشنطن وسيول    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبد الله السناوى يكتب : المسألة الأمنية .. تحديات ومنزلقات
نشر في أخبار النهاردة يوم 23 - 12 - 2013


فى الطريق إلى موعد الاستحقاق الدستورى يضغط سؤال الأمن على أعصاب الحياة السياسية الملتهبة، فالرهان على أوسع مشاركة شعبية فى الاستفتاء المرتقب يتداخل فيه «السياسى» و«الأمنى» على نحو غير مسبوق. «السياسى» يطلب شرعية دستورية جديدة وتحولا إلى مجتمع ديمقراطى لكنه يفتقد بفداحة إلى بنية مستقرة لها قواعدها الجماهيرية وبرامجها التى تقود.. و«الأمنى» ضروراته تستدعى احتياطات مشددة تؤمن وتحمى الحق فى الاقتراع دون خوف من عنف أو وجل من إرهاب لكنه قد ينزلق فى الفراغ السياسى إلى كمائن تدفع به مرة أخرى إلى المربعات القديمة. بشكل أو آخر فإن المؤسسة الأمنية تستعيد عافيتها بصورة مضطردة بينما المؤسسة السياسية تتعثر على تضاريس خريطة الطريق. الضرورات الأمنية تلاحقها تساؤلات متضاربة بعضها يستفسر عن مدى تعافيها وحدود قدرتها على حفظ سلامة المجتمع وتأمين الحياة السياسية فى أن تمضى على خريطة طريقها وحسم قضية الشرعية الدستورية فى صناديق الاقتراع بشفافية ونزاهة.. وبعضها الآخر تقلقها تصرفات منفلتة خارج القانون وما هو مستقر من مبادئ العدالة وحقوق الإنسان تعيد إلى الذاكرة ما كان جاريا ومعتمدا من انتهاكات على مدى عقود طالت. التساؤلات الأولى تنطوى برهاناتها على تضامن صريح مع الشرطة وشهدائها الذين يسقطون بصورة شبه يومية فى مواجهات مع جماعات تكفيرية.. والتساؤلات الثانية تنطوى بمخاوفها على خشية صريحة من إعادة إنتاج «الدولة الأمنية» وخطاياها التى جعلت من الثورة عليها ضرورية لاستعادة معنى الكرامة الإنسانية. فى تضارب التساؤلات تتنازع المشاعر أصحابها، فهناك من هو مستعد برهاناته على عودة الدولة إلى عافيتها أن يغض بصره عن أية انتهاكات منسوبة للأمن وهناك بالمقابل من هو مستعد بمخاوفه من عودة «الدولة الأمنية» أن يغض بصره هو الآخر عن أية استهدافات تجرى للشرطة وضباطها. فى ازدواج المعايير بالمعنيين الحقوقى والأخلاقى حالة «حَول سياسى» تنظر إلى المشهد وتعقيداته بعين واحدة وتغمض الأخرى. المعادلة الصعبة التى تواجه التحولات المصرية: كيف يستعيد الأمن عافيته دون أن يتغول على حقوق مواطنيه أو يتجاوز الخطوط الحمراء التى تنتسب إلى قيم العدالة والكرامة الإنسانية؟.. وهذه معادلة بالغة التعقيد، فالأمن وهو يستعيد عافيته تعوزه إعادة هيكلة لمنظومة قيمه وممارساته وأساليبه ويفتقد فى الوقت نفسه إلى أعادة تأهيل على وسائل مختلفة فى الحصول على المعلومات. يلجأ فى تحدياته أمام انفلات امنى غير مسبوق وتظاهرات مسلحة إلى ما اعتاد عليه وتبدو الخيارات أمامه ضيقة، لكن الاستسلام لهذه الحالة يدخل البلد كله إلى منزلقات تأخذ منه قواعد ضرورية فى الحكم الرشيد أو أن تكون هناك دولة قانون حقا. مراحل الانتقال تنجح أو تخفق بقدر ما ترسى من قواعد يحتكم إليها وتؤسس لما بعدها. عودة الأمن مسألة دولة بمعنى أن ترنحه يقابله ترنح آخر فى بنية الدولة كلها والهاجس الرئيسى للمصريين هو الدولة ومستقبلها. ما جرى فى (30) يونيو بحشوده الاستنثائية التى لا مثيل لها فى التاريخ الحديث كله يلخصه طلب عودة الدولة إلى حضورها ورفض تفكيكها أو الهيمنة عليها من أى تيار سياسى «يكوش» على مفاصلها ويسخر قدراتها على ما يرى من اعتقادات ورؤى.. وقدرة الأمن على تحقيق درجة ملموسة من الاستقرار مسألة مصير، فالأوضاع الاقتصادية تنذر بانهيارات محتملة، وقد كان هناك رهان لدى أطراف إقليمية حاضرة فى المشهدالمصرى على «إفلاس متوقع» فى غضون أسابيع قليلة من تحولات يونيو. بحسب تعبير شخصية خليجية مثيرة للجدل تدعم جماعة الإخوان المسلمين وتراهن عليها، جرى إطاحتها من منصبها دون أن تفقد نفوذها: «مصر دولة مفلسة»، وقد كرر عبارته أربع مرات فى جلسة واحدة كأنه يريد أن يقول لمستمعيه إن كل شىء منتهى ومحكوم عليه بالإخفاق لكنه بوغت بحجم المساعدات من دول خليجية أخرى أرادت أن تستثمر استراتيجيا فى مصر لمنع تصدع نظمها أو درء أية مخاوف إقليمية محتملة فى ضوء التفاهمات الغربية الإيرانية. أرادت دول المساعدات أن ترى مصر أمامها قادرة على الوقوف على أقدامها وألا تسقط تحت ضغط مشاكلها الاقتصادية أو الضغوطات الغربية عليها، غير أنه يصعب أن تستمر المساعدات إلى ما لا نهاية، وقد يجد الرئيس الجديد نفسه أمام معضلة اقتصادية متفاقمة، ويشير بعض التقديرات الرسمية غير المعلنة إلى أن البلد يحتاج إلى مساعدات واستثمارات بقيمة 50 مليار دولار على الأقل فى غضون عام 2014. فوق ذلك كله فإن عودة الأمن مسألة مجتمع منهك ضربت الفوضى جنباته وتزعجه زيادة معدلات الجريمة المنظمة وتمركز جماعات تكفيرية فى الداخل المصرى عند مثلث الإسماعيلية الصالحية بلبيس وفى مناطق أخرى ويحتاج إلى درجة أكبر من الطمأنينة على سلامته. فى الحرب على الإرهاب تتبدى إشكاليات أخرى، فالأمن السياسى يطغى على الأمن الجنائى لكنه لم يتعاف تماما ويفتقد بدرجة ما إلى معلومات ضرورية عن الجماعات التكفيرية الجديدة بينما الحرب تداهمه بتفجيراتها ومخازن سلاحها وعملياتها الانتحارية واستهداف جنوده وضباطه. الأمر يحتاج إلى وقت يمضى وخبرة تكتسب ومستويات تأمين مرتفعة لجنوده وضباطه فى حرب ضارية يهدد أحد تنظيماتها التكفيرية ب«ذبح الضباط كالخراف فى بيوتهم إذا ما مر الاستفتاء بالموافقة على الدستور». الحرب على الإرهاب مرشحة أن تمتد من عام إلى عامين، وهى حرب ضارية تستهدف وجود الدولة نفسها. «المؤسسة الأمنية» تكتسب فى مواجهتها الدامية ثقة بنفسها من يوم إلى آخر لكن شبه غياب «المؤسسة السياسية» يفضى إلى منزلقات. لا أمن بلا سياسة توفر الغطاء اللازم والرقابة الضرورية وإلا فإن الكلام كله يتحول إلى أمنيات معلقة فى الفضاء السياسى عن الكرامة الإنسانية. إعادة هيكلة «المؤسسة الأمنية» شىء وسيناريوهات تفكيكها شىء آخر تماما.. التشهير المجانى بتضحيات ضباطها وجنودها قضية والنقد الضرورى لتجاوزاتها وخطاياها قضية أخرى تماما. لا تعنى ضرورات عودة الأمن تجاهل ضرورات أخرى لإعادة هيكلته ليتوافق مع المعايير الدولية والوثيقة الدستورية الجديدة التى تنص فى مادتها (55): «كل من يقبض عليه، أو يحبس أو تقيد حريته يجب معاملته بما يحفظ كرامته ولا يجوز تعذيبه ولا ترهيبه ولا إكراهه ولا إيذاؤه بدنيا أو معنويا ولا يكون حجزه أو حبسه إلا فى أماكن مخصصة لذلك لائقة إنسانيا وصحيا.. ومخالفة شيء من ذلك جريمة يعاقب مرتكبها وفقا للقانون». النص الدستورى بذاته تحول تاريخى والدستور عند المواطن العادى يعنى أن يجد قوت يومه وحقه فى الصحة وأن يدخل أقسام الشرطة باطمئنان ويغادرها بكرامة. هناك خطر حقيقى أن تسحب بالتدريج الثقة العامة التى حازها الأمن فى تحولات (30) يونيو وأن يجرى تصادما ما بين حق المجتمع فى الأمن وحق المجتمع ذاته فى الكرامة الإنسانية. هناك فى التصرفات الأمنية ما يقلق ويدعو للتساؤل عما إذا كنا على أبواب عملية استعادة للماضى. التصرفات ماثلة فى وقائع محددة جرى فيها تنكيل بمتظاهرين ومتظاهرات سلميين أمام «مجلس الشورى» دون مقتضى، وجر نشطاء لعبوا أدوارا جوهرية فى (30) يونيو مثل «أحمد دومة» إلى السجون، أو اقتحام مركز حقوقى بخشونة بالغة واعتقال بعض من فيه.. تلاه بحسب شهادات اعتداءات بدنية. هناك من هو مستعد لتبرير الخشونة الأمنية بالضغوط التى يتعرضون لها لكن التبرير نفسه يفقد الدولة اعتبارها. سلامة الإجراءات ضرورية فى أى دولة تنسب نفسها للقانون والدول لا تتحكم فيها مشاعرها وإلا ان محت الفواصل ما بين القوانين والغرائز. الانتهاكات تطرح أسئلة العدالة والكرامة الإنسانية بذات درجة الحدة التى كانت عليها على عهد الرئيسين السابقين «مبارك» و«مرسى»، كأن ثورة لم تقم ولا تغييرا حدث. عدم تجاوز القانون قضية لا تفريط فيها والأمن يحتاج إلى رؤية مختلفة يستقيها من تجربته المريرة التى أفضت فى يناير إلى توفير غطاء شعبى للانقضاض عليه فقد كانت المظالم أكثر مما يطاق. الغطاء الشعبى نفسه حمى الأمن بعد تحولات يونيو، ولو لا هذا الغطاء لتكرر سيناريو (28) يناير (2011) بحذافيره. احترام المواطن العادى من ضرورات دعوته للذهاب إلى صناديق الاستفتاء وحسم سؤال المستقبل، أن يشعر حقا أن الأمن أمنه والدولة دولته والمصير يصنعه وحده.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.