ارتفاع مفاجئ في سعر الذهب اليوم الجمعة، عيار 21 الآن بعد الزيادة    نتنياهو يتبرأ من تصريحات إلياهو ب"محو غزة" وتحويلها إلى منطقة يهودية    رسميا، مانشستر يونايتد يمنع طباعة أسماء ثلاثة من أساطير النادي على قمصان الموسم الجديد    كنت مفستكة، منة القيعي تروي قصة إصابتها بإجهاد في حفل زفافها وماذا فعل أحمد سعد (فيديو)    طريقة عمل بلح الشام، باحترافية شديدة وبأقل التكاليف    مواعيد مباريات اليوم الجمعة.. أبرزها وديتي الأهلي والزمالك    الرابط الرسمي ل موقع تظلمات الثانوية العامة 2025    متى تنتهى الموجة الحارة ؟ الأرصاد تُجيب وتكشف حالة الطقس : «أصعب ليالى يوليو»    تركيا تشيع جثامين 5 متطوعين من ضحايا حرائق الغابات    إليسا تتصدر ترند جوجل بعد ليلة لا تُنسى في موسم جدة    سعر الذهب اليوم الجمعة 25 يوليو 2025 بعد الهبوط الكبير ل عيار 21 بالمصنعية    قانون الإيجار القديم يحسم النقاش.. ما مصير المستأجرين بعد مرور 7 سنوات من الإقامة؟    هل بيع قطعة أرض أو طرح مشروع لمستثمر يعد استثمارا أم لا؟ محمود محيي الدين يجيب    محمود محيي الدين: مستعد لخدمة بلدي فيما أصلح له.. ولن أتردد أبدًا    تايلاند: أكثر من 100 ألف مدني فروا جراء الاشتباكات مع كمبوديا    محمود محيي الدين: نجاح الإصلاح الاقتصادي بقوة الجنيه في جيب المواطن    صرع طفل وإصابة 3 شباب في تصادم موتوسيكلين بالشرقية    رسميا.. قائمة بالجامعات الأهلية والخاصة 2025 في مصر (الشروط والمصاريف ونظام التقسيط)    هل الجوافة تسبب الإمساك؟ الحقيقة بين الفوائد والأضرار    لحماية نفسك من فقر الدم.. 6 نصائح فعالة للوقاية من الأنيميا    بعد عمي تعبان.. فتوح يوضح حقيقة جديدة مثيرة للجدل "فرح أختي"    أكبر من برج بيزا، كويكب يقترب بسرعة من الأرض، وناسا تكشف تأثيره    تدهور الحالة الصحية للكاتب صنع الله إبراهيم من جديد ودخوله الرعاية المركزة    إحباط محاولة تهريب 8000 لتر سولار لبيعهم في السوق السوداء بدمياط    "الجبهة الوطنية" ينظم مؤتمراً جماهيرياً حاشداً لدعم مرشحيه في انتخابات الشيوخ بالجيزة    استمرار استقبال طلاب الثانوية العامة لاختبارات العلوم الرياضية بالعريش    خالد الغندور يكشف مفاجأة بخصوص انتقال مصطفى محمد إلى الأهلي    حفل تخرج دفعة جديدة من طلاب كلية العلوم الصحية بجامعة المنوفية.. صور    نقابة التشكيليين تؤكد استمرار شرعية المجلس والنقيب المنتخب    الأوقاف تفتتح اليوم الجمعة 8 مساجد في 7 محافظات    وزارة الصحة تنظم اجتماعًا لمراجعة حركة النيابات وتحسين بيئة عمل الأطباء    مصدر للبروتين.. 4 أسباب تدفعك لتناول بيضة على الإفطار يوميًا    تنسيق الجامعات 2025، شروط الالتحاق ببعض البرامج المميزة للعام الجامعي 2025/2026    الخارجية الأردنية: نرحب بإعلان الرئيس الفرنسي عزمه الاعتراف بالدولة الفلسطينية    أحمد سعد: ألبوم عمرو دياب مختلف و"قررت أشتغل في حتة لوحدي"    «هتفرج عليه للمرة الرابعة».. مي عز الدين تشيد بمسلسل «وتقابل حبيب»    ميريهان حسين على البحر وابنة عمرو دياب مع صديقها .. لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    سعاد صالح: القوامة ليست تشريفًا أو سيطرة وإذلال ويمكن أن تنتقل للمرأة    بعد تغيبه عن مباراة وي.. تصرف مفاجئ من حامد حمدان بسبب الزمالك    بعد ارتباطه بالانتقال ل الزمالك.. الرجاء المغربي يعلن تعاقده مع بلال ولد الشيخ    جوجل تعوّض رجلًا التقط عاريًا على "ستريت فيو"    القبض على طرفي مشاجرة بالأسلحة البيضاء في الجيزة    ترامب ينعي المصارع هوجان بعد وفاته: "صديقًا عزيزًا"    الخارجية الأمريكية توافق على مبيعات عسكرية لمصر ب4.67 مليار دولار (محدث)    حزب "المصريين": جهود مصر لإعادة إدخال المساعدات إلى غزة استكمال لدورها التاريخي تجاه الأمة    الهلال الأحمر المصري يرفع قدرات تشغيل مراكزه اللوجيستية لنقل الإمدادات إلى غزة    4 أبراج «بيشتغلوا على نفسهم».. منضبطون يهتمون بالتفاصيل ويسعون دائما للنجاح    الثقافة المصرية تضيء مسارح جرش.. ووزير الثقافة يشيد بروح سيناء (صور)    ما هي عقوبة مزاولة نشاط تمويل المشروعات الصغيرة بدون ترخيص؟.. القانون يجيب    «دعاء يوم الجمعة» للرزق وتفريج الهم وتيسير الحال.. كلمات تشرح القلب وتريح البال    دعاء يوم الجمعة.. كلمات مستجابة تفتح لك أبواب الرحمة    مصرع شقيقين غرقًا في مياه ترعة كاسل بأسوان    إصابة 6 أفراد في مشاجرتين بالعريش والشيخ زويد    «كان سهل منمشهوش».. تعليق مثير من خالد بيبو بشأن تصرف الأهلي مع وسام أبو علي    فلكيا.. مولد المولد النبوي الشريف 2025 في مصر و3 أيام إجازة رسمية للموظفين (تفاصيل)    سعر الدولار اليوم أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية الجمعة 25 يوليو 2025    هل لمبروك عطية حق الفتوى؟.. د. سعد الهلالي: هؤلاء هم المتخصصون فقط    خالد الجندي: مساعدة الناس عبادة.. والدنيا ثمَن للآخرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبد الله السناوى يكتب : البحث عن منفذ سياسى
نشر في أخبار النهاردة يوم 07 - 11 - 2013


فى بحثها عن منفذ سياسى لأزمتها المستحكمة مالت جماعة «الإخوان المسلمين» لأول مرة منذ إطاحتها من الحكم إلى فكرة المصالحة والدعوة إلى حوار مفتوح يضم الأطراف المؤثرة فى المشهد السياسى المصرى. الدعوة بنصوصها فيها إقرار بإخفاق الرهانات التى تبنتها فى تقويض الدولة ووصول تظاهراتها فى الشوارع والجامعات إلى طريق مسدود بحقول ألغام يصعب تجاوزها ومرشحة أن تنفجر فيها حقلا بعد آخر. افتقدت الجماعة على نحو فادح خطابا سياسيا قادرا على اكتساب ظهير شعبى خارج نطاق حلفائها وأفضت تصرفاتها إلى ارتفاع منسوب الكراهية معها وبدت أقرب إلى طاقة غضب انطلقت من عقالها بلا عقل يفكر أو رؤية ترشد. فى ظلال إخفاق الرهانات بدا أن هناك استعدادا ما فى ثنايا مبادرتها للتخلى عن عودة «محمد مرسى» إلى الرئاسة والدستور المعطل إلى الحياة ومجلس الشورى إلى التشريع.. تخلٍّ بالامتناع عن الإشارة إلى عناوينها دون أن يمتد إلى تعهدات تلزم. شىء من المناورة لاجتذاب أطراف سياسية للحوار معها على ما تطلب بعد أسبوعين.. والمثير فى التخلى الرمزى أنه يسحب عن «تحالف دعم الشرعية»، الجهة التى تولت الإعلان عنها فى مؤتمر صحفى، مبررات وجودها أو أية إدعاءات عن «شرعية تدعم». الشرعيات ليست مادة مساومة سياسية أو ألعاب نارية أصواتها تدوى قبل أن تخفت وأضواؤها تتناثر قبل أن تندثر. المعنى فى مبادرتها أنها تطلب الحوار لذاته فى محاولة لحلحلة أزمتها ومنع خروجها النهائى من المشهد السياسى بعد تآكل قدرتها على الحشد والتعبئة. صاحبت الدعوة للحوار صياغات واشتراطات بعضها لحفظ ماء الوجه السياسى وبعضها الآخر ملغم. فيما هو لحفظ ماء الوجه السياسى: «وقف الاعتقالات» و«إعادة بث القنوات الفضائية المغلقة» و«تأمين المنشآت الحيوية بما لا يتعارض مع حق التظاهر السلمى». الصياغات تنتسب إلى قاموسها السياسى بعد (30) يونيو وتحولاته لكنها تدرك أن الحقائق على الأرض لا تدع مجالا كبيرا لفرض اشتراطات، فالموقوفون يخضعون للمساءلة القضائية ومنسوب إليهم اتهامات جنائية والكلام عن الإفراج بلا محاكمة تتوافر فيها متطلبات العدالة يعنى إهدار دولة القانون.. والكلام حول إعادة بث القنوات الفضائية المغلقة فيه إشارة ضرورية لمبدأ الحريات الإعلامية لكنها تتطلب الامتناع بصورة كاملة عن التحريض على العنف أو استخدام الخطاب الطائفى.. والتأكيد الطبيعى على حق التظاهر السلمى ينطوى على تجاهل لطبيعة تظاهرات الإخوان التى افتقدت بصورة فادحة أى طابع سلمى. الأسلحة ظهرت فيها، سقط ضحايا من بين صفوفها لكن سقط ضحايا آخرون تصادف وجودهم فى المكان من جراء عنفها، وبعض هتافاتها دعت إلى تفكيك الجيش واستدعاء التدخل الأجنبى وحاولت أن تسوغ عمليات العنف والإرهاب ضد ضباط وجنود الجيش والشرطة. الجماعة نفسها متهمة بأن لها صلات مع الجماعات التكفيرية فى سيناء. قبل الحديث المراوغ عن تأمين المنشآت العامة يتعين على الجماعة الاعتذار لمجتمعها عن استهدافها لمقار شرطة وممتلكات عامة وخاصة وصلت إلى حدود المجازر فى بعض الوقائع. إذا كانت للجماعة مظلوميتها فإنها أوغلت فى مظلوميات لآخرين وللبلد بأسره أخطر وأبشع. وفيما هو ملغم من اشتراطات وصياغات: «المعارضة السلمية هى السبيل الوحيد لإنهاء الانقلاب والعودة للمسار الديمقراطى»، فالحديث المجرد عن «المعارضة السلمية» دون توافر مقوماتها لا يكفى ولا يصح، لكن المبدأ نفسه صحيح بذاته ولا يمكن الاختلاف عليه ويستدعى لصدقيته أن تسبقه إجراءات وتصرفات فى الميادين السياسية المفتوحة لا فى قاعات المؤتمرات الصحفية. الدعوة الملتبسة إلى «العودة للمسار الديمقراطى» فيها شىء من الإقرار بخريطة الطريق واستحقاقاتها الانتخابية وتنبئ عن رغبة مبكرة فى تمكينها من خوض الانتخابات النيابية المقبلة. هذه مسألة لا يصح الخلاف عليها لكن وفق دستور جديد يضمن مدنية الدولة ويمنع «تكويش تيار واحد» على مفاصلها وإعادة صياغتها لصالحه على ما حاولت أن تفعل الجماعة. قد تساعد المشاركة فى الانتخابات وفق قواعدها الديمقراطية والدستورية فى إجراء مصالحات واسعة بلا موائد تفاوض أو إنكار حقائق أهمها أن ثورة يونيو لم تكن انقلابا عسكريا. لا أحد فى القوى السياسية مستعد أن يجلس إلى مائدة تفاوض تملى الجماعة عليها أجندتها واشتراطاتها إلا أن يكون قد فقد بدوره صلته بالواقع. ما هو إذن مصير مبادرة تفتقد إلى جدية صياغاتها وتتجاهل موازين القوى بلا أوراق تفاوضية تمتلكها؟ الطرق كلها مغلقة فى المدى المنظور وتوقيتها يطرح تساؤلات إضافية حول دوافعها فقد تلت تداعيات بيان منسوب إلى الرئيس السابق عبر مؤتمر صحفى لمحاميه يحرض فيه على العنف. من بين التداعيات تشديد القبضة الأمنية ووضع «مرسى» فى زنزانة انفرادية وهو ما لم يتعرض له سلفه «مبارك». فى التوقيت محاولة مبطنة لاسترضاء المؤسسة العسكرية دون الامتناع عن وصف ما جرى فى (30) يونيو وما بعده ب«الانقلاب العسكرى» سعيا لتفاهم ما يعيدها إلى الحياة السياسية بعد أن تقوضت قدرتها على الحشد والتعبئة وعادت الحياة إلى طبيعتها بعد إنهاء حالة الطوارئ ورفع حظر التجوال وإثبات قدرة الدولة على حفظ الأمن وإخفاق الجماعة على المستويين السياسى والأخلاقى فى اجتذاب قوى ثورية وشبابية إلى تظاهراتها بمناسبة إحياء ذكرى شهداء شارع «محمد محمود» التى ناهضت أسبابه ونددت بشبابه واتهمتهم بالبلطجة والإجرام. الأقوال البشعة المسجلة فى لحظة سحل أحلام جيل جديد بمجتمع أكثر حرية وعدلا تسحب عن الجماعة أية أحقية أخلاقية أو سياسية بإحياء ذكرى ناهضتها بقسوة قول وانتهازية سياسة نافقت المجلس العسكرى السابق.. ومع الإخفاق فى الرهان على ذكرى محمد محمود تراجعت عن الذهاب إلى مواقع أحداثها، وكان التراجع إجباريا لكنها حاولت أن تضفى على التراجع ما يحفظ ماء الوجه بمبادرة طلب الحوار. فى التوقيت تلوح فى الأفق احتمالات حل حزب الحرية والعدالة بحسب توصية هيئة مفوضى الإدارية العليا فى منتصف فبراير المقبل بما قد يحول دون خوضها الانتخابات النيابية المقبلة. التوصية بانقضاء الحزب ومصادرة أمواله لصالح الدولة تتماشى بصياغاتها القانونية مع كون الحزب نفسه ذراعا سياسية لجماعة تفتقد إلى أى أساس قانونى. الفرع لحق بالأصل والذراع تبع مصير جسده. لم يكن «الحرية والعدالة» حزبا حقيقيا له بنيته المستقلة وآلياته التى تخصه فى صناعة قراراته بنفس القدر الذى لم يكن فيه الدكتور «مرسي» رئيسا حقيقيا فيما يصدره من قرارات أو يتبناه من توجهات. فى المساحة الغامضة بين ما هو شرعى وما هو غير شرعى تصادمت الجماعة مع الدولة بمؤسساتها العسكرية والأمنية والقضائية والإعلامية واتسعت فجوات الكراهية معها وخسرت معركة السلطة. خطاب المبادرة هو نفسه خطاب الأزمة. فهو يحاول أن يخفض مستوى أخطارها دون أن يقدم نقدا لتجربة الجماعة فى الحكم وفشلها فيه وتنكرها للقيم الديمقراطية والإنسانية فى إعلانات دستورية لم يكن من حق الرئيس السابق أن يصدرها وفى تصرفات توعدت على لسانه بإحالة الإعلاميين إلى محاكم عسكرية وتقويض السلطة القضائية ووضع الأجهزة الأمنية تحت تصرف تنظيم سرى يتحكم فى الرئاسة والجهاز التنفيذى بالإضافة إلى السلطة التشريعية. يصعب تصور أن تنجح الجماعة فى اختراق القوى والتيارات السياسية والشبابية بمبادرة ملتبسة وملغمة، أو أن يستجيب أحد لاشتراطاتها. الحوار قيمة سياسية لكن قواعده تسبقه.. والجماعة دأبت على الحديث عن الحوار الوطنى عندما كانت فى سلطة الحكم دون أن تبدى جدية فى تحديد أجندته ومدى الالتزام بنتائجه. لهذا السبب بالذات قاطع بانتظام معارضوها دعواتها للحوار ولم يأخذوها على محمل الجد فى أى وقت. دعوتها للحوار الوطنى الآن من موقع مختلف وفى ظروف جديدة ينطوى على الرؤية نفسها. صياغات معلقة فى الهواء بلا التزامات جدية كأنها تطلب صورا لاجتماع يفك عزلتها، يناقش موضوعات حددت أجندتها للبحث عن منفذ سياسى لمستقبلها دون أن تلزم نفسها بنبذ العنف نهائيا والاعتذار لمجتمعها عن خطاياها التى دعت للثورة عليها فى مشهد لا مثيل لزخمه المليونى فى التاريخ الحديث كله. لا منفذ سياسيا للجماعة بغير دفع استحقاقاته.. غير أن البلد كله يحتاج إلى تأمل الصورة بطريقة مختلفة وطرح سؤال التيارات الإسلامية على خرائط مستقبله، فالكلام عن الاجتثاث الأمنى والسياسى لتيار جوهرى فى المجتمع المصرى مثل التيارات القومية والليبرالية واليسارية رهان على فشل مؤجل. حديث الاجتثاث بمنطقه وصياغاته لا هو صحيح ولا هو ممكن، والدمج السياسى للمكونات المختلفة للمجتمع المصرى فى قواعد لعبة سياسية واضحة ومحددة قضية مستقبل. بعد وقت يطول أو يقصر تجد الأزمات السياسية الكبرى منفذا سياسيا ما، وفى الحالة المصرية فإن من أهم متطلباته أن يتسق مع إرادة مجتمعه وتطلعه لبناء دولة ديمقراطية حديثة. إنها القواعد التى عندما تصح تفتح الطرق المغلقة أمام حركة المستقبل.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.