وُلدت الأممالمتحدة على وعدٍ كبير في إنقاذ الأجيال المقبلة من ويلات الحروب ،منذ تأسيسها عام 1945 لكن مع استمرار النزاعات في غزة وأوكرانيا والسودان واليمن، يزداد السؤال إلحاحًا: لماذا تبدو المنظمة الدولية عاجزة عن وقف الحروب، رغم امتلاكها الشرعية الدولية والأدوات الدبلوماسية؟ شلل مجلس الأمن.. الفيتو أولًا يُعد مجلس الأمن القلب النابض للأمم المتحدة، لكنه في الوقت ذاته نقطة ضعفها الأكبر ، فحق النقض (الفيتو) الذي تمتلكه الدول الخمس الدائمة العضوية الولاياتالمتحدة، روسيا، الصين، بريطانيا، وفرنسا . غالبًا ما يُستخدم لحماية المصالح الوطنية لا لحماية السلم الدولي ،وفي أزمات كبرى، يؤدي تضارب المصالح بين هذه القوى إلى تعطيل أي قرار ملزم، ما يحول المجلس من أداة لحفظ السلام إلى ساحة صراع سياسي ،وذلك حسب ما ذكرت الجارديان . غياب آليات التنفيذ عندما تصدر قرارات أممية تبقى المشكلة في التنفيذ ، فالأممالمتحدة لا تمتلك جيشًا خاصًا بها، وتعتمد على التزام الدول الأعضاء، وعندما ترفض أطراف النزاع أو داعموها تنفيذ القرارات، لا تملك المنظمة سوى الإدانة أو العقوبات، التي غالبًا ما تكون بطيئة أو محدودة الأثر. بعثات حفظ السلام.. بين العجز والقيود تنتشر قوات حفظ السلام في بؤر توتر عديدة، لكنها تعمل وفق تفويضات مقيدة، لا تسمح لها باستخدام القوة إلا في أضيق الحدود ، في كثير من الأحيان، تتحول هذه البعثات إلى شهود على الصراع بدلًا من أن تكون أداة لوقفه، خاصة في النزاعات الأهلية المعقدة ،وذلك حسب ما ذكرت رويترز . أزمة ثقة وتمويل تعاني المنظمة من أزمة ثقة متزايدة لدى الشعوب، التي ترى قراراتها انتقائية وغير عادلة ، كما تواجه نقصًا في التمويل، إذ تتأخر بعض الدول الكبرى في سداد مساهماتها، ما يؤثر على برامج الإغاثة والعمليات الإنسانية. دعوات إصلاح مجلس الأمن تتزايد الدعوات لإصلاح مجلس الأمن، سواء بتوسيع عضويته أو تقييد استخدام الفيتو في قضايا الإبادة وجرائم الحرب ، لكن هذه الإصلاحات تصطدم برفض الدول الكبرى التي ترى في الوضع الحالي ضمانة لنفوذها. غياب الإرادة السياسية الدولية الأممالمتحدة لا تمتلك جيشًا مستقلًا ولا سلطة تنفيذية حقيقية، وتعتمد بشكل أساسي على إرادة الدول الأعضاء ، وفي كثير من النزاعات، تفضّل الدول الكبرى إدارة الصراع بدلًا من حله، حفاظًا على نفوذها أو مصالحها الاقتصادية والعسكرية، وهو ما يفرغ القرارات الدولية من مضمونها. اقرأ أيضا :جوتيريش: الأممالمتحدة ملتزمة بدعم الشعب اليمني في مسيرته نحو السلام ازدواجية المعايير وفقدان الثقة تتعرض المنظمة لانتقادات متزايدة بسبب ازدواجية المعايير في التعامل مع الأزمات ، فبعض الحروب تحظى بتغطية وتحركات عاجلة، بينما تُترك نزاعات أخرى لسنوات دون حلول جذرية ،هذا التناقض أضعف ثقة الشعوب، خصوصًا في العالم النامي، في عدالة النظام الدولي وقدرته على حماية المدنيين. تعقّد الحروب الحديثة لم تعد الحروب تقليدية بين دولتين فقط، بل أصبحت نزاعات مركبة تشمل ميليشيات عابرة للحدود، وتنظيمات مسلحة، وتدخلات إقليمية ودولية ، هذا التعقيد يصعّب مهمات الوساطة، ويجعل اتفاقات وقف إطلاق النار هشة وسريعة الانهيار. أزمات التمويل والبيروقراطية تعاني الأممالمتحدة من نقص التمويل وتأخر مساهمات الدول، ما يحدّ من فاعلية بعثات حفظ السلام والمساعدات الإنسانية ، كما أن البيروقراطية الثقيلة تُبطئ الاستجابة للأزمات، في وقت تُحسم فيه الوقائع على الأرض بسرعة السلاح. اقرأ أيضا :رويترز: فنزويلا تطلب عقد اجتماع لمجلس الأمن الدولي بشأن العدوان الأمريكي فشل الأممالمتحدة في وقف الحروب لا يعود إلى غياب المبادئ، بل إلى هيمنة السياسة والمصالح على آليات عملها، وبينما تستمر النزاعات،و يبقى مصير المنظمة معلقًا بسؤال جوهري: هل تستطيع الدول الكبرى تتجاوز حساباتها الضيقة لإنقاذ النظام الدولي أم ستظل الأممالمتحدة شاهدًا على الحروب أكثر من كونها صانعة للسلام؟