أبلغ وصف للمكانة العظيمة للنساء فى مصر الفرعونية، ما خلده الملك العظيم رمسيس الثانى عن زوجته نفرتارى حين قال: «لا شىء يكتمل بدون نورها، ليست مجرد زوجة، بل هى سيدة الوجهين البحرى والقبلى، وروح البلاد، بنيت لها معبدًا ليكون دليلًا على حبنا، هى الإلهة حتحور المتجسدة على الأرض»، وكانت شريكته فى الحكم، وميزان الحكمة، وروح الوطن. وأنجبت مصر نساءً عظيمات جسدن القوة والعقل والجمال والسلطة، من حتشبسوت التى حكمت بإرادة الدولة، إلى نفرتيتى رمز الجمال والدهاء السياسي، وتيى صاحبة النفوذ، ونفرتارى سيدة الحكمة، وسوبك نفرو، وحتى كليوباترا رغم أخطائها الكبرى.. كلهن دليل على أن المرأة المصرية تمتعت بالعظمة والخلود. وجاء الإسلام فزاد المرأة تكريمًا على تكريم، ورفع شأنها وصان كرامتها وحفظ حقوقها، وجعلها شقيقة للرجل فى التكليف والمسئولية، كما قال النبى صلى الله عليه وآله وسلم: «النساء شقائق الرجال».. وظهرت نماذج نسائية خالدة، كالسيدة سمية بنت خياط، أم الصحابى عمار بن ياسر، التى رفضت الجاهلية والتخلف، وكانت رمزًا للتضحية والثبات، وأول شهيدة فى الإسلام. هذا هو تاريخنا وهذه هى حضارتنا، فكيف تسللت إلينا بعض النماذج النسائية المشوهة؟ كيف نسمع عن سيدات ريفيات يكرسن مفهوم ضرب الزوج لزوجته حتى تموت بين يديه؟ وكيف نرى أعمامًا يعتدون على شقيقهم المريض لأنه كتب ممتلكاته لبناته حمايةً لهن من التشرد؟ وبنتًا متعلمة تصرخ لأن عمها صاحب النفوذ يهددها بالقتل للاستيلاء على بيت تركه لها والدها؟ ونصيحتى لكل أب له بنات: اكتب لبناتك فى حياتك كل شيء، ولا تنتظر بعد موتك، فالغدر لا ينتظر، والطمع لا يعرف الرحمة، وبعضهم يبدأ التنكيل بالبنات فى حياة الأب لا بعد رحيله. وما الذى يضير فى تنظيم مسألة الطلاق وفق صحيح الدين؟ صيغة تحفظ كرامة الزوجة والأبناء، وتصون البيوت، ولا تجعل كلمة «أنتِ طالق» أو «عليا الطلاق» مثل اللبانة فى أفواه رجال منفلتين، ينطقون بها كذبًا عشرات المرات؟ وهذا العبث يهدد استقرار الأسر ويضيع حقوق النساء، ويتطلب حماية حقيقية من الإهانة وسوء المصير. لقد نسب المتطرفون للشريعة ما ليس فيها، ونسوا أن الإسلام جعل الجنة تحت أقدام الأمهات، وأمر بالعشرة بالمعروف أو التسريح بإحسان، وانتشرت فتاواهم الفاسدة كدمٍ ملوث فى جسد المجتمع، بينما تقاس حضارة الأمم بمدى إنصافها للمرأة. دهس المجتمع كثيرًا من هذه الفتاوى، وعدلت الدولة تشريعاتها، وفتحت الأبواب لإنصاف النساء، لكن المؤلم أن نجد داعيات يروجن لخطاب أكثر عداءً للمرأة، يدعين زورًا قدرة الرجل على الزواج بأربع نساء جسديًا ونفسيًا، بينما الواقع يكذبهن، فكثير من الرجال لا يوفون بحقوق زوجة واحدة، ولماذا الانتهاك باسم الدين؟ حماية النساء ليست ترفًا بل واجب حضارى وديني، وبدونها لا يكتمل نور الوطن.. العار لمن يظلم المرأة، لا شيء يكتمل بدونها.