أصبح الداعية السعودى الدكتور محمد العريفى مثيراً للجدل فى تصريحاته وفتاواه التى لا تستند إلى عقل أو شرع، بدءاً من إباحته الجهاد فى سوريا وكأنها وقعت تحت الاحتلال الأجنبى، ضارباً عرض الحائط بنصوص القرآن فى الإصلاح بين الفئتين المؤمنتين المتخاصمتين «وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التى تبغى حتى تفىء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين» (الحجرات 9).. فبدأ ربنا الإصلاح أولاً، ثم إن لم يكن الإصلاح مجدياً فلتكن مقاومة الجميع للمعتدى ، عبر الدولة الشرعية والسلطات الشرعية، لا عبر جهاد الأفراد الذى يحكمه الهوى والغرض، ولا عبر جماعات تهديدية وتكفيرية تجيز قتل الآمنين وتبيح دماء الأبرياء. ولكن لأن الكل يصفق له ويهلل فمرت فتواه تلك دون حساب، ودون مسائلة، وكان ينبغى للمسئولين السعوديين أن يسألوه، كيف يبيح الجهاد خارج المنظومة الشرعية؟.. وهل يصبح دور الدعاة إعلان الحرب والسلم؟ موقف مريب، من كلا الطرفين، فالداعية كأنه يدعو إلى هدم الدول ورفع الجماعات المسلحة فوق السلطات الشرعية عبر دعوته تلك، والسلطات السعودية استغشت ثيابها بآذانها وكأنها لم تسمع. ثم تستمر فتاوى الرجل المريبة والمثيرة، حيث أفتى مؤخراً بضرورة ضرب الرجل لزوجته لتأديبها وتربيتها، وليت الأمر يتوقف عند ذلك، بل إنه شبه المرأة بالحيوانات التى لا تفهم، وكما يُضرب الحيوان تُضرب المرأة!.. ولا أدرى، أما وصله قوله سبحانه «ولقد كرمنا بنى آدم»! ثم تابعه آخرون، موتورون على نفس المنهج وبذات الطريقة، فقال آخر: «إن الله كرّم المرأة بعقوبة الضرب».. وقال ثالث: «إذا فعلت المرأة شيء فاضربها، كسر دماغها كما يقولون، فالمرأة لا تصلح لقيادة سيارة فضلاً عن قيادة بيت».. وقبل الرد على هؤلاء أسأل أين الرقابة على الإعلام؟!.. وأين دور الأزهر باعتباره الراعى الرسمى لوسطية الإسلام؟ فهؤلاء استندوا فى تبرير الضرب إلى قوله تعالى: «الرِّجَال قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ» (النساء 34). والقرآن فى هذا بليغ أشد البلاغ، حكيم أعظم الحكمة، لأنه لم يوضح كيفية الضرب، لأن المنهج العام للقرآن هو الرفق واللين والرحمة «وَمَا أَرْسَلْنَاك َإِلَّارَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ» فالمفترض أن الجميع سيفهم هذا الأمر فى ضوء السياق العام للقرآن، فى ضوء مبادئ الرحمة والتراحم. إن للمرأة مكانتها العظيمة فى الإسلام، حيث أفرد لها القرآن سوراً باسمها كاملة مثل النساء ومريم والطلاق، وحفظ لها مكانتها جيداً، فهى أول من آمنت، وأول من آزرت، ألا تذكرون عندما نزل الوحى على رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاء إلى بيته خائفاً مذعوراً، ثم وقفت إلى جواره السيدة الجليلة خديجة رضى الله عنها وطمأنته ورفعت من شأنه وقالت: «والله لن يخزيك الله أبداً إنك لتحمل الكّل وتصل الرحم وتعين على نوائب الدهر».. ثم شهد لها النبى بتلك المواقف الجليلة والأيادى النبيلة فقال عنها: «إنها أعطتنى حين حرمنى الناس وصدقتنى حين كذبنى الناس وواستنى بمالها ونفسها». ثم هل تذكرون الدور العظيم لأم موسى وهى امرأة، ولمريم ابنة عمران وهى امرأة!. خلد القرآن ذكرهم لعظم دورهم وصدق يقينهم! أبعد هذه المكانة نقول بضرورة ضرب المرأة لتأديبها!.. ثم يشبهها الدعاة بالبهائم التى لا تفهم! رحم الله شوقى: الأم مدرسة طيبة إذا أعددتها أعددت شعباً طيب الأعراق هذه الفتاوى فى حاجة إلى مجابهتها على المستويين، القانونى والفكرى، وإلا فما خفى كان أعظم، والله وحده أعلم بما يضمرون.