قبل أن تجف دماء الضحايا، وقبل أن تتضح الصورة الكاملة للحادث المؤسف والمأساوى الذى وقع فى أحد شواطئ سيدنى فى أستراليا، كانت إسرائيل مستعدة بروايتها الزائفة بأن الاعتراف المتأخر من دول الغرب (ومن بينها أستراليا) بدولة فلسطين وحقوق شعبها فى أرضه وحريته واستقلاله هو ما يشجع الإرهاب، وأن إدانة العالم لجرائم إسرائيل هى ما ينشر العداء للسامية، وبأن إدانة العدالة الدولية لحرب الإبادة الإسرائيلية ولمجرمى الحرب الذين يقودونها هو ما يهدد العالم الذى يبشر به الجنون الإسرائيلى!! تريد إسرائيل إحياء روايتها الكاذبة التى أسقطها العالم بعد أن اكتشف وجهها الحقيقى كدولة قامت على الإرهاب وتعيش عليه. مجرمو الحرب (مثل سيموتريتش) سارعوا بالربط بين حادث سيدنى وما حدث فى 7 أكتوبر، وكأنهم يبررون مرة أخرى حرب الإبادة، ويستعدون لجولة أخرى على نفس الطريق. يتناسون الحقيقة التى عبر عنها مبكراً كل أصحاب الضمير بأن القصة لم تبدأ فى 7 أكتوبر وإنما وراءها ثلاثة أرباع القرن من الاحتلال والقهر والظلم وانتهاك كل القوانين من جانب إسرائيل، والآن تحاول إسرائيل أن تكرر أكاذيبها وهى تسارع لترديد أن الاعتراف بالحق الفلسطينى -وليس الإرهاب الإسرائيلى- هو ما ينشر الكراهية ويهدد السلام ويفتح الباب أمام كل إرهاب آخر!! أياً كان من ارتكبوا الجريمة البشعة باستهداف الأبرياء على الشاطئ فى أستراليا فنحن أمام إرهاب مرفوض ومدان لأقصى درجة لكنه ليس سبباً لتبرير جرائم إسرائيل، بل -على العكس- هو تأكيد لمسئوليتها عن تاريخ طويل من ممارسة إرهاب الدولة، ومن انتهاك القوانين الدولية وزرع الكراهية فى المنطقة والعالم. يهود العالم كله يعانون -كما يعانى الجميع- من إصرار إسرائيل على أن تبقى دولة مارقة يحكمها مجرمو حرب مطلوبون للعدالة الدولية، بينما أستراليا كانت شجاعة فى اعترافها بالحق الفلسطينى، وبإصرارها على الرفض الكامل لمحاولات زرع الفتنة الداخلية بموقف صارم يرفض العداء للسامية ويرفض أيضاً العداء للإسلام. ندين كل إرهاب أياً كان مصدره، لكن يبقى إرهاب الدولة فى إسرائيل هو أصل البلاء، ويبقى الاعتراف بالحق الفلسطينى طريقاً للنجاة وليس مصدراً إضافياً للإرهاب كما تزعم إسرائيل فى محاولتها الرخيصة لاستعادة بعض المصداقية لدولة لم تنجح إلا فى أن تكون نموذجاً لدولة مارقة تمارس الإبادة وتنشر الدمار وتدعو للإرهاب الذى يعرف العالم اليوم أنه كان عنوانها الأساسى منذ أن قامت وحتى اليوم !!