الخرطوم - وكالات الأنباء: يشهد السودان تدهورًا خطيرًا فى أوضاعه الإنسانية والأمنية، مع تصاعد حدة المواجهات بين الجيش السودانى وقوات الدعم السريع فى مختلف أنحاء البلاد، لاسيما فى إقليم دارفور والنيل الأزرق وغرب كردفان، مما أدى إلى مقتل وتشريد مئات الآلاف من المدنيين وتفاقم الأزمة الإنسانية إلى مستويات غير مسبوقة.ويعيش آلاف النازحين فى إقليم النيل الأزرق جنوب شرق السودان أوضاعًا إنسانية بالغة الصعوبة، نتيجة المواجهات المسلحة المتواصلة بين الجيش السودانى وقوات الدعم السريع. ويفتقر النازحون إلى المأوى والغذاء والخدمات الصحية، وسط تزايد أعداد الوافدين إلى المناطق الحدودية بحثًا عن الأمان. وقالت صحيفة لوتان السويسرية إن إقليم دارفور يشهد كارثة إنسانية جديدة منذ سيطرة قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر، حيث أكدت تقارير حقوقية وقوع مجازر جماعية ذات طابع عرقى ضد السكان المحليين، خصوصًا من قبيلة الزغاوة بعد أن كانت قبيلة المساليت الهدف الرئيسى فى المناطق الغربية.وبحسب المجلس النرويجى للاجئين، فإن أكثر من 100 ألف شخص ما زالوا محاصرين داخل الفاشر بعد أسبوعين من سقوطها، فيما تمكن عشرات الآلاف من الفرار إلى مناطق مجاورة، لكن قلة منهم وصلت إلى أماكن آمنة. وتشير شهادات الناجين إلى تنفيذ القوات المهاجمة عمليات قتل ودفن جماعى، وحرق للجثث فى الشوارع لإخفاء الأدلة، بينما وصل كثير من الأطفال إلى المخيمات دون ذويهم. وأكدت صور الأقمار الاصطناعية التى حللتها جامعة ييل الأمريكية هذه الروايات، فيما ذكرت شبكة الأطباء السودانيين أن المشاهد فى الفاشر تذكر بمجازر غرب دارفور التى صنفتها منظمات دولية على أنها إبادة جماعية. ونقلت الصحيفة شهادات مروعة لنساء وناجين تحدثوا عن القتل والاغتصاب والابتزاز المالى والضرب أثناء محاولات الفرار. وفى ظل انقطاع الاتصالات وصعوبة الوصول إلى المحاصرين، تتواصل موجات النزوح نحو بورسودان ومناطق أخرى. من جانبها، نددت الأممالمتحدة بانتهاكات جسيمة للقانون الدولى، محذرة من خطر وقوع إبادة جماعية جديدة فى دارفور. وفى بورسودان، أوضح وزير الخارجية السودانى محيى الدين سالم أن ما يجرى فى السودان هو «غزو مباشر» يتضمن أعمال قتل ونهب وسحل، داعيًا المجتمع الدولى إلى تسمية الأمور بمسمياتها الحقيقية. فيما وصف وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشئون الإنسانية الوضع فى السودان بأنه «فى مستوى الخطر»، مشيرًا إلى استعداد المنظمة للعمل فى جميع أنحاء البلاد. وحذر مكتب الأممالمتحدة لحقوق الإنسان من أن نحو 25 مليون سودانى يعانون من انعدام حاد فى الأمن الغذائى، مشيرًا إلى أن الحرب تسببت فى أزمة إنسانية غير مسبوقة وأكبر موجة نزوح فى العالم، إذ تجاوز عدد النازحين 12 مليون شخص منذ أبريل 2023. من جانبها، وصفت المتحدثة باسم المفوضية الأوروبية للشئون الإنسانية مدينة الفاشر بأنها «مقبرة للإنسانية»، مشيرة إلى نزوح 1.5 مليون سودانى إلى تشاد. وفى السياق ذاته، كشفت هيئة الأممالمتحدة للمرأة عن شهادات مروعة لنساء نازحات من الفاشر تحدثن عن عمليات قتل واغتصاب وخطف أطفال، مؤكدة أن الاغتصاب يستخدم سلاحًا ممنهجًا فى الحرب. وحذرت المنظمة الدولية للهجرة من انهيار شبه كامل لعمليات الإغاثة فى شمال دارفور بسبب نقص التمويل والإمدادات وغياب الأمن، مشيرة إلى أن النزوح خلال أسبوعين فقط تجاوز 90 ألف شخص، وسط تحذيرات من «كارثة أكبر» فى حال استمرار الوضع الراهن.