في رد قوي على التصريحات الأخيرة للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، التي لوّح فيها باستخدام القوة العسكرية ضد نيجيريا بحجة "حماية المسيحيين"، أكدت الحكومة النيجيرية رفضها لأي تهديد أو تدخل خارجي دون تنسيق مسبق، مشددة على أن سيادتها "ليست محل مساومة أو ابتزاز سياسي". وقال الرئيس النيجيري بولا تينوبو في بيان رسمي، إن بلاده "تتمسك بعلاقات تعاون بنّاءة مع الولاياتالمتحدة وسائر الشركاء الدوليين"، لكنه أوضح في الوقت ذاته أن نيجيريا "لن تسمح بأن تكون ساحة لتصفية الحسابات السياسية أو ذريعة لتدخلات أحادية تحت أي شعار". وجاءت هذه التصريحات بعد أن أعاد ترامب، في نهاية أكتوبر الماضي، إدراج نيجيريا ضمن قائمة "الدول المثيرة للقلق" في ما يتعلق بالحريات الدينية، مهددًا بوقف المساعدات الأمريكية، بل و"التحرك عسكريًا" ضد من وصفهم ب"الإرهابيين الإسلاميين"، بحسب منشور له على منصته الاجتماعية Truth Social. وردًّا على ذلك، قال دانيال بوالا، مساعد الرئيس النيجيري، إن تصريحات ترامب "تستند إلى معلومات قديمة ومضللة"، مشيرًا إلى أن "الوضع الأمني في نيجيريا اليوم مختلف تمامًا عمّا كان عليه قبل عقد من الزمن"، موضحًا أن "العنف الذي شهدته البلاد في الماضي كان نتيجة هجمات جماعة بوكو حرام، وليس صراعًا دينيًا بين المسلمين والمسيحيين". وأضاف بوالا أن الحكومة النيجيرية "ترحب بأي تعاون أمني دولي يهدف إلى مكافحة الإرهاب، شريطة احترام سيادة البلاد ووحدة أراضيها"، مؤكدًا أن نيجيريا "لن تنجر وراء التصريحات العدائية ولن تسمح لأي طرف خارجي بفرض أجندته على أراضيها". ويرى مراقبون أن أزمة التصريحات الأخيرة بدأت بعد أن ادعى عدد من الساسة الأمريكيين المحافظين، بينهم السيناتور تيد كروز، أن المسيحيين في نيجيريا يتعرضون ل"إبادة جماعية"، دون تقديم أدلة ملموسة. إلا أن بيانات منظمة ACLED للأبحاث أظهرت أن الحوادث ذات الدافع الديني ضد المسيحيين لم تتجاوز 50 حادثًا من أصل أكثر من 1900 هجوم على المدنيين هذا العام، ما يضعف المزاعم الأمريكية حول "اضطهاد منهجي". وتُعد نيجيريا أكبر دول إفريقيا من حيث عدد السكان، بنحو 230 مليون نسمة، ويتوزع سكانها بين المسلمين والمسيحيين بنسب متقاربة. وبينما تواصل البلاد جهودها للتصدي للتنظيمات المتطرفة، يحذر خبراء أمنيون من استغلال القوى الكبرى لأي توترات داخلية كذريعة لتبرير التدخل السياسي أو العسكري، مؤكدين أن "حماية وحدة نيجيريا تبدأ من تعزيز أمنها الداخلي واستقلال قرارها الوطني".