علّقت نيجيريا، اليوم الأحد، على تهديدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالتدخل عسكريا في البلاد بسبب ما وصفه بأنه "سوء معاملة المسيحيين" في الدولة. وأكدت نيجيريا، أنها سترحب بأي مساعدة أمريكية في قتال الجماعات المتمردة الإسلامية بشرط احترام سيادتها وسلامة أراضيها. وذكر ترامب، مساء السبت، أنه طلب من وزارة الحرب الأمريكية الاستعداد لعمل عسكري سريع محتمل في نيجيريا إذا ما فشلت في اتخاذ إجراءات صارمة ضد قتل المسيحيين. ورغم وصف ترامب الدولة الواقعة غرب أفريقيا بأنها "دولة مخزية"، سعى مستشار الرئيس النيجيري بولا تينوبو للتقليل من حجم التوترات بين البلدين، قائلا: "نرحب بالمساعدة الأمريكية طالما تحترم سلامة أراضينا"، وفق تصريحات لوكالة "رويترز" البريطانية. وأردف تينوبو، بأنه متأكد من أن الرئيسين سيتوصلان إلى نتائج أفضل في مساعيهما المشتركة لمكافحة الإرهاب بحلول الوقت الذي يجتمعان فيه سويا. ومنذ سنوات تتسبب الجماعات الإسلامية في فوضى عارمة في نيجيريا التي يزيد عدد سكانها عن 200 مليون نسمة وقرابة 200 مجموعة عرقية، موزعة بين الشمال الذي تقطنه أغلبية مسلمة والجنوب الذي يغلب فيه المسيحيون. ولأكثر من 15 عاما، أحدثت الجماعات الإسلامية وفي مقدمتها "بوكو حرام" وتنظيم الدولة الإسلامية "داعش" في غرب أفريقيا، دمار كبيرا أدى إلى مقتل آلاف الأشخاص، غير أن هجماتهم اقتصرت بشكل كبير على شمال شرق البلاد ذي الأغلبية المسلمة. وبينما يشير الرئيس الأمريكي إلى مقتل آلاف المسيحيين، فإن محللين يقولون إن غالبية ضحايا الهجمات كانوا من المسلمين، وفقا لرويترز. في وسط البلاد، تكررت الاشتباكات بين الرعاة من المسلمين والمزارعين المسيحيين من أجل الوصول إلى موارد المياه والمراعي. في حين يهاجم مسلحون القرى بشكل روتيني ويختطفون السكان من أجل الحصول على فدية في شمال غرب نيجيريا. وأوضح كبير المحللين في شؤون أفريقيا في مجموعة مراقبة الأزمات الأمريكية لاد سيروات، أن الجماعات الإسلامية في نيجيريا تحرص على تقديم هجماتها على أنها معادية للمسيحية، مؤكدا أن الممارسة العملية وعنفها العشوائي يدمر مجتمعات كاملة بما في ذلك المسلمين. وتبيّن تقارير مجموعة مراقبة الأزمات الأمريكية، أن عدد الهجمات التي استهدفت المسيحيين بسبب دينهم بلغت 50 من بين 1923 هجوما على المدنيين في نيجيريا حتى وقتنا الحالي من العام الجاري. وشدد سيروات، على أن المزاعم التي يتم ترويجها في الأوساط اليمينية الأمريكية بأن ما يقرب من 100 ألف مسيحي قُتلوا في نيجيريا منذ عام 2009، لا تدعمها أي بيانات متاحة. جاء تهديد الرئيس الأمريكي بتدخل عسكري محتمل، بعد يوم من إعادة إدراج نيجيريا على قائمة "الدول المثيرة للقلق بشكل خاص" إلى جانب دول مثل الصين وروسيا وباكستان وكوريا الشمالية وميانمار، حيث ترى الولاياتالمتحدة أنها تنتهك الحريات الدينية. في المقابل، رفض الرئيس النيجيري، هو مسلم من جنوب البلاد متزوج من قس مسيحية، الاتهامات الأمريكية بالتعصب الديني في البلاد، مؤكدا أن الدولة تبذل جهودا لحماية الحريات الدينية. سعى تينوبو مثل من سبقوه، إلى تحقيق توازن في التعيينات الحكومية والعسكرية يضمن تمثيل المسلمين والمسيحيين بشكل متساوٍ؛ ففي الأسبوع الماضي أقال تينوبو قائد المؤسسة العسكرية للبلاد واستبدله بشخص مسيحي. وبينما حدد المسؤولون النيجيريون شرطا للتدخل الأمريكي، عبّر بعض المسيحيين في العاصمة أبوجا عن ترحيبهم بالتدخل العسكري الأمريكي، حيث رأوا فيه حماية لمجتمعهم، وفق ما نقلته "رويترز". وقالت سيدة أعمال تُدعى جولييت سور، خلال حضورها قدّاس الأحد: "إذا قال ترامب إنهم يودون المجئ، فعليهم أن يأتوا وليس هناك خطأ في ذلك". ورجّح خبراء أمنيون، أن أي ضربات جوية أمريكية محتملة ستستهدف مجموعات صغيرة منتشرة على مساحات كبيرة من الأراضي، وهو ما من شأنه أن يُزيد المهمة صعوبة بعد أن سحبت الولاياتالمتحدة قواتها من دولة النيجر التي تحد نيجيريا من الشمال، العام الماضي. وبينما تتحرك الجماعات المسلحة بين الدول المجاورة مثل الكاميرون وتشاد والنيجر، يشير الخبراء إلى أن الولاياتالمتحدة قد تحتاج إلى مساعدة من الجيش والحكومة في نيجيريا والتي هدد ترامب بقطع المساعدات عنها.