بعد تنازل مرشح «مطروح».. «الوطنية للانتخابات»: اسمه في بطاقة الترشيح ولن نتعامل معه كمرشح    البورصة المصرية تربح 50.6 مليار جنيه بختام تعاملات الأحد 9 نوفمبر 2025    وزير السياحة يشارك في فعاليات الدورة 26 للجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة للسياحة بالسعودية    "يديعوت أحرنوت": إلغاء جلسة محاكمة نتنياهو غدا بناء على طلبه    زيلينسكي يفرض عقوبات ضد مسئولين روس بينهم رئيس صندوق الإستثمار المباشر    قمة الاتحاد تشتعل.. السيتي ينهي الشوط الأول متفوقًا بثنائية على ليفربول    حزن يخيم على كفر جنزور خلال تشييع جنازة ضحايا جريمة تلا    غدًا.. انطلاق 10 ورش عمل ضمن أيام القاهرة لصناعة السينما في نسختها السابعة    عمرو سعد وعصام السقا يقدمان واجب العزاء في والد محمد رمضان    نائب وزير الصحة يتفقد مستشفى شبرا العام ويوجه بإصلاح الأجهزة خلال أسبوعين    وزير النقل: المخاطر الجيوسياسية في المنطقة تسببت في تعقيد حركة النقل والتجارة    افتتاح قمة الاتحاد الأوروبي وأمريكا اللاتينية وسط قلق بسبب التحركات العسكرية الأمريكية    حزب السادات: مشهد المصريين بالخارج في الانتخابات ملحمة وطنية تؤكد وحدة الصف    شريف عامر: لا بد من التطور والتكيف ولكن بطريقه احترافية    ننشر أسماء ضحايا حادث تصادم القناطر.. سيارة تشتعل وأخرى تسقط بالمصرف| صور    غريق مجهول الهوية بمسطرد.. تفاصيل حادث صادم بجوار معدية البترول| صور    استعدادات أمنية مكثفة لتأمين انتخابات مجلس النواب 2025    رئيس الوزراء يتابع مستجدات الموقف التنفيذي لمشروع مدينة «رأس الحكمة»    رسميًا.. بدء إجراء المقابلات الشخصية للمتقدمين للعمل بمساجد النذور ل«أوقاف الإسكندرية»    رئيس قطاع الأخبار بالمتحدة: مهمتنا تلبية احتياجات الجمهور وتقديم أفضل محتوى    بيحبوا يثيروا الجدل.. 4 أبراج جريئة بطبعها    موفدو الأوقاف بالخارج يبادرون لأداء واجبهم الوطني في انتخابات مجلس النواب    «عبدالغفار» يبحث مع ممثلي منظمة الصحة العالمية تعزيز جهود مواجهة الكوارث    الخزانة الأمريكية ترفع العقوبات عن الرئيس السوري أحمد الشرع ووزير الداخلية أنس خطاب    الشروط الجديدة لحذف غير المستحقين من بطاقات التموين 2025 وتحديث البيانات    راحة 4 أيام للاعبي الاتحاد السعودي بعد خسارة ديربي جدة    ماذا قال ياسر جلال بعد كلمته بمهرجان وهران في الجزائر؟    الشيخ خالد الجندي: ربنا بيوريك نتيجة استخارتك في تيسير الطريق أو توقفه    أخبار السعودية اليوم.. إعدام مواطنين لانضمامهما إلى جماعة إرهابية    توقيع مذكرة تفاهم لدمج مستشفى «شفاء الأورمان» بالأقصر ضمن منظومة المستشفيات الجامعية    المستشارة أمل عمار تدعو سيدات مصر للمشاركة بقوة في انتخابات مجلس النواب 2025    سمير عمر رئيس قطاع الأخبار بالشركة المتحدة يشارك في ندوات منتدى مصر للإعلام    من يحضر تنفيذ العقوبة؟.. بعد حكم إعدام قاتلة زوجها وأبنائه ال6.. إنفوجراف    زلزال قوي يضرب الساحل الشمالي لليابان وتحذير من تسونامي    المشاط: ألمانيا من أبرز شركاء التنمية الدوليين لمصر.. وتربط البلدين علاقات تعاون ثنائي تمتد لعقود    علاج مجانى ل1382 مواطنا من أبناء مدينة أبو سمبل السياحية    أحمد سعد يتألق على مسرح "يايلا أرينا" في ألمانيا.. صور    رئيس الجامعة الفيوم يستقبل فريق الهيئة القومية لضمان جودة التعليم    صينية القرنبيط بالفرن مع الجبن والبهارات، أكلة اقتصادية ومغذية    محافظ أسوان يتابع جاهزية مقار اللجان الانتخابية لمجلس النواب 2025    إبراهيم حسن: خروج أي لاعب عن النص سيكون مصيره الاستبعاد.. واختيارات المنتخب وجهة نظر فنية فقط    ضبط تشكيل عصابي لتهريب المخدرات بقيمة 105 مليون جنيه بأسوان    استلام 790 شجرة تمهيداً لزراعتها بمختلف مراكز ومدن الشرقية    امتحانات الشهادة الإعدادية للترم الأول وموعد تسجيل استمارة البيانات    «زي كولر».. شوبير يعلق على أسلوب توروب مع الأهلي قبل قمة الزمالك    الأوقاف توضح ديانة المصريين القدماء: فيهم أنبياء ومؤمنون وليسوا عبدة أوثان    مئات المستوطنين يقتحمون باحات المسجد الأقصى والاحتلال يواصل الاعتقالات في الضفة الغربية    تشييع جنازة مصطفى نصر عصر اليوم من مسجد السلطان بالإسكندرية    قافلة «زاد العزة» ال 68 تدخل إلى الفلسطينيين بقطاع غزة    انتخابات مجلس النواب 2025.. اعرف لجنتك الانتخابية بالرقم القومي من هنا (رابط)    أمين الفتوى: الصلاة بملابس البيت صحيحة بشرط ستر الجسد وعدم الشفافية    على خطى النبي.. رحلة روحانية تمتد من مكة إلى المدينة لإحياء معاني الهجرة    الزمالك كعبه عالي على بيراميدز وعبدالرؤوف نجح في دعم لاعبيه نفسيًا    مواعيد مباريات الأحد 9 نوفمبر - نهائي السوبر المصري.. ومانشستر سيتي ضد ليفربول    هل يفاجئ توروب الزمالك؟.. تشكيل الأهلي المتوقع في نهائي السوبر المصري    «لعبت 3 مباريات».. شوبير يوجه رسالة لناصر ماهر بعد استبعاده من منتخب مصر    معلومات الوزراء : 70.8% من المصريين تابعوا افتتاح المتحف الكبير عبر التليفزيون    تعرف على مواقيت الصلاة بمطروح اليوم وأذكار الصباح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من رمسيس إلى توت عنخ آمون.. رحلة «آخرساعة» داخل المتحف المصري الكبير
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 01 - 11 - 2025

منذ اللحظة الأولى التي اقتربت فيها من المتحف المصري الكبير شعرت أنني لا أتجه نحو مكان بقدر ما أقترب من حكاية كبرى. المبنى نفسه يفرض هيبته من بعيد، ككتلة هائلة من الحجر والزجاج، تقف على مشارف الأهرامات كأنها تتبادل معها التحية.
◄ «مستقبل وطن» يحكم السيطرة .. و«المعارضة» تثبت حضورها
كانت الشمس تميل نحو الغروب حين وصلت، وأشعتها الذهبية تنعكس على الواجهة المائلة لتمنحها لونًا فرعونيًا خالصًا، وكأن الأجداد رسموها بأيديهم. لم يكن الأمر مجرد زيارة صحفية عادية، بل بدا لى منذ الخطوة الأولى كأننى أستعد لرحلة داخل الذاكرة المصرية ذاتها.
وقبل أن أخطو إلى الداخل، استوقفتنى المسلة المعلقة التي تتصدر ساحة المتحف. هى أول ما يواجه الزائر، وأول ما يعلن أن المكان لا يكتفى بعرض التاريخ، بل يعيد تعريفه. إنها المسلة الوردية الضخمة لرمسيس الثاني، التى استُخرجت من مدينة صان الحجر بعد أن ظلت قرونًا مدفونة فى الرمال. ثم أُعيد تجميعها قطعة قطعة لتقف اليوم معلقة فى الهواء. يمكن للزائر أن يسير تحتها ويرى للمرة الأولى نقوش الملك وكارته الملكى المحفور أسفلها، وهو المنظر الذى لم يكن ممكنًا فى أى عصر سابق.
وقفت تحتها مبهورًا. الإضاءة تبرز خطوطها الفرعونية، والفراغ من تحتها يمنحها خفة غامضة رغم ثقلها الحجرى. كان المشهد أشبه بتحية رمزية من الملك رمسيس نفسه؛ أن تعبر من تحت المسلة يعنى أنك تدخل إلى عالم الملوك. ومن هناك يبدأ الطريق إلى الداخل، إلى بهو المتحف حيث يقف رمسيس الثانى مجددًا، لكن هذه المرة ليس تمثالًا معلقًا فى الهواء، بل ملك واقف بكل فخامته.
◄ اقرأ أيضًا | افتتاح المتحف المصري الكبير| هكذا شيّدت مصر متحفها الكبير
◄ لقاء الملك
دخلت من البوابة الواسعة، فإذا بى أمام تمثال رمسيس الثانى، شامخًا، يطل على من ارتفاع عظيم. توقفت لحظة، رفعت رأسى لأقابل نظرته الحجرية الصلبة، لكننى شعرت فيها بدفء غريب، كما لو أنه يقول لى: «مرحبًا بك فى مملكتى الجديدة».
كان التمثال فى بهو فسيح تتناثر فيه الظلال والضوء بطريقة مدروسة، تمنح المكان طاقة من الوقار والسكينة فى آنٍ واحد. تأملت النقوش على جسده، والخطوط التي رسمها النحات منذ آلاف السنين، وشعرت أن الزمن توقف قليلًا، ليمنحنى فرصة أن أستمع إلى صوته الصامت.
حول رمسيس كانت حركة الزوار تتباطأ، كأن الجميع يحاول التقاط أنفاسه أمام هذا الاستقبال المهيب. هناك شىء فى وجود التمثال عند المدخل يجعلك تتخفف من صخب الحاضر قبل أن تدخل إلى صمت الماضي.
◄ الدرج العظيم
تقدمت نحو ما يُعرف باسم «الدرج العظيم». هو ليس مجرد درج ضخم، بل ممر زمنى تصطف على جانبيه مئات التماثيل والتوابيت لملوك مصر القديمة. مع كل خطوة كنت أشعر أننى أصعد داخل تاريخ يرويه الحجر. التماثيل متراصة فى صمت فخم، كأنها فى موكب جنائزى مقدس، أو كأنها تحرس طريق الصاعدين نحو مجد مصر الأبدى.
تأملت وجوه الملوك والآلهة، فوجدت بينها اختلافًا فى الملامح لكنه تشابه فى النظرة؛ نظرة الثقة والسيطرة والخلود. الإضاءة هنا ليست مصادفة، بل جزء من السيناريو البصرى الذى صممه المعماريون بعناية. أشعة الضوء تسقط على وجوه التماثيل بزوايا محددة لتعيد إليها الحياة لحظة بعد لحظة. شعرت أننى أتحرك فى فيلم صامت يصنعه الضوء والظل.
قال لى أحد العاملين بابتسامة فخورة: «كل تمثال هنا يحكى فصلًا من قصة الملكية فى مصر القديمة، كيف بدأت بشرية، ثم أصبحت إلهية، ثم خُلّدت فى الأبدية».
تأملت قوله وأنا أتابع الصعود. خمسة وخمسون تمثالًا يتحدثون دون صوت، ومع كل تمثال كنت أكتشف معنى جديدًا لفكرة الخلود التى آمن بها المصرى القديم.
◄ بجوار الأهرام
حين وصلت إلى قمة السلم، توقفت فجأة. فمن خلف الواجهة الزجاجية الممتدة من الأرض إلى السقف، ظهرت أمامى أهرامات الجيزة بكل عظمتها. كانت المسافة بيننا قريبة جدًا حتى إننى شعرت أننى أستطيع لمسها بعينى. كانت تلك اللحظة ذروة الدهشة، مشهدًا مقصودًا ومدروسًا، كأن المصممين أرادوا أن يقولوا للزائر: «كل ما تراه هنا هو امتداد لما تراه هناك».
شعرت أن الزمن قد التحم أخيرًا؛ الأهرامات هناك، والمتحف هنا، وبينهما يقف الإنسان المصرى القديم والمعاصر يواصل الحكاية نفسها بلغة مختلفة.
◄ قصة الزمن
بعد تلك الإطلالة المذهلة، دخلت إلى القاعات الكبرى. فى البداية يخطفك اتساع المكان، ثم تباغتك الطريقة التى رُتبت بها العصور والموضوعات. شرح لى أحد المشرفين أن القاعات صُممت بحيث إذا سرت أفقيًا تتنقل بين الموضوعات: الدين، الحياة، الفن، الحرب، الموت، أما إذا تأملت رأسيًا فستراها بالترتيب الزمنى للعصور.
إنه نظام فريد يجعل الزائر يسير فى التاريخ لا على الأرض فقط، بل فى الفكرة أيضًا. فى القاعة الأولى، لم تكن القطع الأثرية مجرد معروضات صامتة، بل كانت محاطة بمؤثرات صوتية ومرئية تجعلها تنطق. صوت خافت لآلة فرعونية، إضاءة تُسلّط على النقوش فى توقيتٍ دقيق، وشاشات تفاعلية تسمح لك بأن تُقرّب الصورة وتقرأ القصة الكاملة لكل قطعة.
أدركت حينها أن المتحف الجديد لا يكتفى بعرض التاريخ، بل يرويه بأسلوب معاصر. إنه متحف لا يهمس للماضى، بل يحاوره. وهنا تنتهى الرحلة فى القاعات التى فُتحت للجمهور، ويتبقى الانتقال إلى رحلة أخرى نحو مركب خوفو وقاعة الملك الصغير توت عنخ آمون، التى تُعد قلب المتحف.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.