في لحظة طال انتظارها منذ عقود، تستعد أنظار العالم لتتجه نحو هضبة الأهرامات، حيث تفتح مصر أبواب المتحف المصري الكبير في افتتاح عالمي يخلد اسمها مجددا كأرض للحضارة والدهشة، الحدث الأبرز هو العرض الكامل لأول مرة في التاريخ لمجموعة الملك الذهبي توت عنخ آمون، التي ظلت رمزاً للخلود والغموض على مدار أكثر من قرن. اقرا أيضأ|«طموحات كبيرة».. صحف العالم تترقب افتتاح المتحف المصري الكبير أعلن مركز المعلومات بمجلس الوزراء المصري أن المتحف المصري الكبير سيشهد يوم السبت المقبل افتتاحا تاريخيا يعرض خلاله مجموعة الملك توت عنخ آمون الكاملة للمرة الأولى منذ اكتشاف مقبرته في وادي الملوك عام 1922، داخل قاعات عرض حديثة تم تجهيزها وفق أحدث التقنيات العالمية في الإضاءة والحفظ والعرض المتحفي. وفي نفس السياق وأوضح الدكتور عيسى زيدان، مدير عام الترميم ونقل الآثار بالمتحف، أن المجموعة الذهبية للملك الشاب تتألف من 5398 قطعة أثرية جمعت بعناية من عدد من المتاحف المصرية، من بينها المتحف المصري بالتحرير ومتحف الأقصر والمتحف الحربي، وأشار إلى أن التصميم الداخلي للمتحف يمنح الزائر تجربة تفاعلية فريدة تمزج بين الأصالة الفرعونية وروح الحداثة. من جانبه، أوضح الدكتور رضا سيد أحمد، أستاذ الآثار والحضارة المصرية بجامعة المنصورة، أن توت عنخ آمون يعد من أشهر ملوك الأسرة الثامنة عشرة رغم قصر فترة حكمه، حيث اعتلى العرش طفلاً ورحل عن الحياة في التاسعة عشرة من عمره، وأضاف أن افتتاح المتحف الكبير سيتيح للعالم مشاهدة جميع مقتنياته البالغ عددها 5398 قطعة، وعلى رأسها القناع الذهبي الأسطوري، وكرسي العرش الملكي، والأسلحة والمجوهرات والأسِرة الجنائزية التي صاحبت الملك في رحلته إلى العالم الآخر. وأكد أستاذ الآثار أن المتحف المصري الكبير يعد من أضخم المشروعات الثقافية في القرن الحادي والعشرين، إذ يمتد على مساحة شاسعة تطل على الأهرامات الثلاثة، ويضم تصميمه المعماري مزيجا فريداً من الفن المصري القديم والهندسة الحديثة. أما الدكتور أيمن وزيري، رئيس قسم الآثار المصرية القديمة بجامعة الفيوم، فأكد أن المشروع لا يمثل مجرد متحف، بل منارة حضارية عالمية تحمل رسالة ثقافية وإنسانية، وستسهم في تعزيز السياحة الثقافية وجذب ملايين الزوار سنوياً، وأضاف أن التقديرات تشير إلى أن المتحف سيستقبل نحو خمسة ملايين زائر سنوياً، ليصبح مركزا رئيسيا للأبحاث والدراسات الأثرية، ومورداً اقتصادياً مهماً لمصر. ويضم المتحف أكثر من 100 ألف قطعة أثرية تغطي مختلف عصور التاريخ المصري القديم، من عظمة الدولة القديمة حتى العصور اليونانية والرومانية، في عرض متكامل يعكس رحلة الحضارة المصرية منذ فجر التاريخ وحتى لحظات ازدهارها الأخيرة. بهذا الافتتاح المرتقب، تعلن مصر عن فصل جديد من فصول مجدها الخالد، وتعيد إلى العالم ذكرى الفرعون الذهبي الذي لم تفقد أسراره بريقها رغم مرور أكثر من ثلاثة آلاف عام، وبين جدران المتحف المصري الكبير، تتجسد روح التاريخ في ثوب معاصر يربط بين الماضي العريق والمستقبل الواعد، لتظل مصر كعادتها ،قبلة للحضارة وملهمة للعالم.